كان الناموس يتطلب حضور جميع الرجال اليهود في ثلاثة أعياد رئيسية كل سنة إلى أورشليم وهم: عيد الفصح والذي يشمل أيضا عيد الفطير؛ وعيد الخمسين؛ وعيد المظال (تثنية 16:16؛ لوقا 41:2). وكان عيد الفصح، الذي أتي باليهود الأتقياء أمثال مريم ويوسف إلى أورشليم، هو التذكار لدم خروف الفصح الذي به نجا بنو إسرائيل من العبودية في مصر منذ مئات السنين. ولكن بالنسبة ليسوع، الذي كان قد بلغ من العمر 12 سنة أي بداية الرجولة، فلقد كان يذكره بذبيحته العظمى الآتية - أي موته على الصليب من أجل خطايا العالم. وهذا يشرح سبب اهتمامه الخاص بأن يكون فيما لأبيه - جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم (لوقا 46:2).
وأثناء الاستعداد للرجوع إلى الناصرة، ظنت مريم ويوسف أن يسوع مع الصبية الآخرين الموجودين في القافلة. وحتى هذه اللحظة من حياة يسوع - لكونه كاملا في كل شيء - لم يكن لدى يوسف ومريم أي سبب لكي يشكوا في طاعته الكاملة وخضوعه لهما وتعاونه معهما. وظلا يعتقدان أنه بين الرفقة إلى أن حل المساء واكتشفا أنه ليس معهما.
فقالت له مريم: لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين (لوقا 48:2)، ومن الواضح أن مريم أرادت بهذه الكلمات أن تشير إلى الإهمال والطياشة من جانب يسوع. ولكن هذا لم يكن صحيحا. فإن سبب بقائه في الهيكل هو أنه قد أصبح الآن مسئولا عن عمل مشيئة أبيه الحقيقي. فأجابهما قائلا: لماذا كنتما تطلبانني؟ ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟ (لوقا 49:2-50). إن هذا الولاء يتفق مع شهادته فيما بعد عندما قال: لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني (يوحنا 30:5).
كان هذا هو السلوك النموذجي ليسوع في كل مراحل حياته - أن يعمل مشيئة أبيه. إن إخلاصه في إتمام عمل الآب هو الذي جذبه إلى الهيكل، وفي نفس الوقت فإن خضوعه لمشيئة أبيه هو الذي جعله يعود إلى الناصرة ويكون طائعا لوالديه الأرضيين (لوقا 51:2). فالشخص الذي له تخضع كل الأشياء كان خاضعا لوالديه الأرضيين.
في عصرنا المتمرد هذا، نجد عددا متزايدا من الشباب لا يخضع لسلطة الوالدين المرتبة من الله والتي هي أول وصية بوعد (أفسس 2:6). وأيضا آباء عديدون يتمردون على السلطة الموضوعة عليهم في العمل أو الكنيسة أو المجتمع. هؤلاء الأشخاص ينخدعون إذ يظنون أنهم يستطيعوا أن يستقلوا عن السلطة المرتبة من الله. وبهذه الطريقة انزلق الكثيرون من تحت حماية الله وبركاته ظانين أنهم قد اختاروا الحرية والاستقلال. ولكن مثل هذه التصرفات لا تجلب سوى الإحباط والحزن والألم.
لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله. حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة (رومية 1:13-2).
شواهد مرجعية: لوقا 23:2 (انظر خروج 2:13،12)؛لوقا 24:2 (انظر لاويين 11:5؛ 8:12)؛ لوقا 32:2 (انظر إشعياء 6:42؛ 6:49)؛ لوقا 4:3-6 (انظر إشعياء 3:40-5).
أفكار من جهة الصلاة: إن الله يريد أن يتمجد من خلالك (مزمور 10:46).