مقدمة لسفر الخروج
تخبرنا الأصحاحات الأخيرة من سفر التكوين كيف أن يعقوب ذهب مع أسرته ليعيشوا في مصر في الفترة التي كان فيها يوسف هو الحاكم الأعلى على مصر بعد فرعون. في ذلك الوقت كانت أسرة يعقوب تتكون من 70 شخصا. وإكراما ليوسف أعطى فرعون للإسرائيليين أرض جاسان وهي من أكثر الأراضي خصوبة في مصر. وبعد موت يوسف فقد الإسرائيليون تدريجيا النفوذ الذي كانوا يتمتعون به قبلا في مصر.
ويكمل سفر الخروج قصة مواليد أبناء يعقوب الاثني عشر. والأصحاح الأول من سفر الخروج - والذي يعني "الرحيل" (عبرانيين 22:11) - يغطي في عددين قصيرين السنوات العديدة بين موت يوسف وبين زمن موسى (خروج 6:1-7).
الأصحاحات 1-11 تغطي الفترة التي كان فيها الإسرائيليون عبيدا للمصريين والتي فيها تحملوا الكثير من العذاب. وقد قاد الله موسى أن ينطق بسلسلة من اللعنات على مصر تتكون من تسع ضربات؛ وأخيرا في الضربة العاشرة والأكثر دمارا أرسل الله ملاك الموت عبر الأمة العاصية.
الأصحاحان 12-13 يهيئان الطريق للخروج المعجزي للإسرائيليين من مصر. وقد كانت الوسيلة لذلك هي الطاعة عندما رشّوا الدم بالإيمان على قائمتَي الباب وأكلوا بعَجلة من خروف الفصح ومن الفطير مستعدين للرحيل كما أمرهم موسى.
عندما تحرر بنو إسرائيل من العبودية كان عددهم 600 ألف. وهذا العدد لا يشمل النساء والأطفال والأغراب الذين انضموا إليهم (37:12-38). أما العدد الإجمالي فلقد تم تقديره بأكثر من 2 مليون شخصا.
الأصحاحات 14-18 تسجل رحلة بني إسرائيل من البحر الأحمر إلى جبل سيناء، والتي استغرقت 50 يوما.
الأصحاحات 19-40 تجري أحداثها في جبل سيناء أثناء فترة قصيرة مدتها 11 شهرا، فيها أعطى الله الوصايا العشر والتعليمات التفصيلية لبناء خيمة العبادة وتقديم الذبائح.
كانت خيمة العبادة تصور حياة المسيح وقصده. فمنذ لحظة دخول الكاهن من أسوار الخيمة حتى دخوله إلى المكان المقدس، تشير كل العمليات إشارة رمزية إلى المسيح وإلى العلاقة بين المؤمن والرب.
مرت حوالي 430 سنة منذ أن أعطى الله العهد لإبراهيم حتى إعطاء الناموس على جبل سيناء (غلاطية 16:3-17).
ويتكلم سفر الخروج عن الحماية والرعاية التي يوفرها الله لشعبه وسط أقسى الصعوبات وألد الأعداء
لك أن تتخيل كيف أن موسى، وهو ابن أحد العبيد، يتربى وسط بهاء القصر الملكي في مصر! وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى إخوته لينظر في أثقالهم فرأى رجلا مصريا يضرب رجلا عبرانيا من إخوته. فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل (خروج 11:2-12).
كان هذا هو حقه الشرعي، حيث أنه كان تاليا لفرعون فقط في إقامة العدل. وكان ذلك أيضا معبرا عن غيرته على شعب الله؛ ولكنها لم تكن غيرة حسب المعرفة (رومية 2:10). فلم يكن وقت الله قد حان لتوقيع القضاء على مصر وتحرير بني إسرائيل.
بعد أن قضى موسى 40 سنة مكرما في مصر، كان عليه أن يقضي 40 سنة أخرى وحيدا في البرية يرعى الغنم. ولكن كلتا الفترتين كانتا ضروريتين لإعداده ليصبح الشخص الذي يستطيع الله أن يستخدمه ليقود شعبه عند خروجهم من مصر ويعبر بهم البرية حتى حدود أرض الموعد.
كان موسى في الأربعين من عمره عندما قتل المصري. كان في مقتبل العمر، وكانت أمامه أجود سني حياته وأكثرها إنتاجية. وبالطبع كان هذا هو الوقت الأمثل لله لكي يستخدم موسى في تحرير شعبه من الألم والعبودية. ولكن كل حكمة المصريين لم تقدر أن تؤهل موسى لقيادة شعب الله عبر البرية.
كان على موسى أن يتعلم أولا أنه من الضروري أن يقترب إلى الله وأن يخلع حذاءه من رجليه لأن الموضع الذي يقف عليه أرض مقدسة ... فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله (خروج 5:3-6). لم يكن في استطاعة موسى أن يتعلم كيف يقترب إلى الله في مصر. فلقد كان مشغولا للغاية، ومهما للغاية، ومشهورا للغاية. كان عليه الدور لأن يصبح فرعونا. لذا كان ما وراء البرية (1:3) ضروريا له لكي يتعلم التواضع والاعتماد على الله.
يحتاج جميع خدام الله الأمناء أن يتعلموا معنى ما وراء البرية (1:3). قد يبدو للإنسان الطبيعي أنه مضيعة للوقت أن يصرف موسى 40 سنة لا يعمل فيها شيئا سوى أن يرعى بعض الغنيمات القليلة في البرية؛ ولكنه كان بعيدا عن أنشطة مصر الكثيرة ووحيدا مع الله، وهذا الوقت لا يكون أبدا وقتا ضائعا.
الإنسان الروحي هو وحده الذي يستطيع أن يفهم معنى الكلمات اخلع حذاءك... لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة. فعندما ندرك قدسية خدمة الله العلي، وجلال هذه المسئولية، والنتائج الأبدية لتحقيق الهدف، وعدم جدوى قدراتنا الطبيعية في معرفة مشيئة الله، والضرورة الحتمية لانتظار قيادة الرب، فإننا نفهم عندئذ أن مزايا قوة وشهرة العالم لا تفيد شيئا في إتمام مشيئة الله.
إن كل العلم والفصاحة التي من العالم لا تفيد شيئا بدون قيادة الله. فإن القيمة الحقيقية تكمن في مسحة الروح القدس للكلام الذي نقوله - وليس في الطريقة التي نتفوّه بها. لأن حكمة هذا العالم جهالة عند الله (1 كورنثوس 19:3). إن مفتاح الحياة النافعة هو في قراءة وفهم كلمة الله - إذ أنها الطريقة الوحيدة للثقة الكاملة في الرب وليس في ذواتنا أو في أي شخص آخر. ليس أننا كفاة (أي مؤهلون) من أنفسنا أن نفتكر شيئا كأنه من أنفسنا بل كفايتنا (أي قوتنا وقدرتنا) من الله (2 كورنثوس 5:3).
إعلان عن المسيح:
بصفته أهيه الذي أهيه الذي أرسل موسى (خروج 13:3-14؛ قارن مع يوحنا 58:8؛ عبرانيين 8:13).
طلب الله من فرعون أن يطلق شعبه أحرارا. ولكنه على العكس أساء إليهم أكثر وأضاف إلى بؤسهم بؤسا. فبحسب جميع المقاييس الظاهرية كان فرعون هو المتحكم في الأمور وليس الله.
وكان الاختبار الأصعب بالنسبة لموسى ليس في رفض فرعون لإطلاق سراح الإسرائيليين ولكن في النقد المرير الذي تلقاه من شعبه إذ قالوا له: لأنكما أنتـنتما رائحتنا في عينَي فرعون وفي عيون عبيده حتى تعطيا سيفا في أيديهم ليقتلونا (خروج 21:5). فمع أن الإسرائيليين كان لديهم احتياج خارجي للتحرر من العبودية، إلا أنهم كان لديهم احتياج داخلي أعظم وهو أن يمارسوا الثقة في كلمة الله.
وكان رد الفعل الفوري من موسى هو إلقاء اللوم على الله: لماذا أسأت إلى هذا الشعب؟ لماذا أرسلتني؟ ... وأنت لم تخلص شعبك (خروج 22:5-23). ولكن الله جدد وعده بتحريرهم في سبع نقاط. قبل النقطة الأولى قال أنا الرب، وبعد النقطة السابعة كررها مرة أخرى أنا الرب (خروج 2:6-8). إن الرقم سبعة في الكتاب المقدس كله يشير إلى الكمال. فليس الله فقط كاملا ولكن وعوده أيضا كاملة، فهو لم يفشل ولا مرة في إتمام كلمته.
وظل فرعون ممسكا بعبيده الإسرائيليين بقبضة من حديد. وكما تنبأ موسى فلقد سكب الله غضبه على فرعون. وامتلأت أرض مصر بطولها وعرضها بالظلام والمرض والخراب.
هكذا سيكون في المستقبل القريب عندما يسود ضد المسيح على العالم، بالتعاون مع الكنيسة العالمية الموحدة. فسوف يتسلح بقوة شيطانية ليسحق أولاد الله تحت قدم كبريائه (مزمور 11:36). ولكن الله سيحفظ وعده ويتمم إرادته. وستنقلب قوات العالم وتخرب بواسطة الضربات السبع الأخيرة. وأخيرا سيُطرح ضد المسيح والشيطان في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت (قارن مع رؤيا 8:17؛ 10:20).
إن الله القدير الذي يحكم الكون قادر تماما أن يعتني بشعبه. فيمكننا أن نطمئن إلى أنه يرى ويعرف احتياجاتنا ويستطيع أن يقوي ويحمي ويقود جميع الذين يضعون ثقتهم فيه.
لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها: بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم (متى 28:10).
إعلان عن المسيح:
كالمنقذ من قيود الخطية. أخرجكم... وأنقذكم... وأخلصكم (خروج 6:6). المسيح افتدانا من لعنة الناموس (غلاطية 13:3؛ أيضا 1 بطرس 18:1-25).
في الوقت الذي اختاره الله لكي يحرر بني إسرائيل من العبودية، كانت مصر هي أعظم ممالك الأرض وكانت أصنامها وآلهتها عظيمة كعظمتها. لذا عندما طلب موسى أن يسمح لبني إسرائيل بأن يعبدوا الله الواحد الحقيقي، كانت هذه بمثابة إهانة لفرعون الذي كان هو نفسه يُعتبر أحد الآلهة العظيمة في مصر.
لم يرفض فرعون طلب موسى بأن يقدم الشعب العبادة لله يهوه، ولكنه اعترض على الطريقة التي سيعبدونه بها.
يرمز فرعون إلى الشيطان، وحيث أن مقاومة الشيطان لا تزال اليوم كما هي، فإننا نحتاج أن نتأمل في مطالب فرعون من جهة طريقة العبادة. فإذا لم ينجح الشيطان من خلال الازدراء والمقاومة، فإنه سيحاول أن يقنعنا بالتفاوض. كان أمر الله لبني إسرائيل هو بأن يمضوا سفر ثلاثة أيام في البرية ويذبحوا للرب (خروج 18:3). ولكن فرعون كان يريدهم أن يذبحوا لإلههم في هذه الأرض (خروج 25:8)، وأن لا يتركوا مصر بل يظلوا وسطها. هذه هي الطريقة التي بها يخدع الشيطان أولئك الذين يعبدون الرب بدون أن يتخلوا عن عاداتهم العالمية.
ينادي العالم بأن كل إنسان حر في ديانته بشرط أن نتفق على أن جميع الأديان مقبولة ومتكافئة. ولكن بمجرد أن نصمم على أن المسيح وحده هو مخلص العالم وأن جميع الديانات الأخرى كاذبة، يبدأ الصراع في الحال.
لقد أمر الله بني إسرائيل بأن يمضوا سفر ثلاثة أيام - أي انفصال كامل عن مصر. ولكن فرعون كان يريدهم أن لا يذهبوا بعيدا (خروج 28:8). وهذا معناه: لا تندمجوا بشدة في خدمة الرب. يظن الكثيرون أنهم يستطيعون أن يعبدوا الله في يوم الأحد، وفي باقي أيام الأسبوع يعيشون مثل العالم. ولكن العبادة لا تكون مقبولة إلا إذا كانت معبرة عن الخضوع الكامل للمسيح الذي هو منهج لحياتنا.
بدا فرعون موافقا على طلب موسى عندما قال: اذهبوا اعبدوا الرب إلهكم: ولكن من ومن هم الذين يذهبون؟ فقال موسى نذهب بفتياننا وشيوخنا، نذهب ببنينا وبناتنا بغنمنا وبقرنا لأن لنا عيدا للرب (أي أننا كلنا وكل ممتلكاتنا نخص الرب). ولكن فرعون اعترض بشدة، وبغضب شديد طُردا من لدن فرعون (خروج 8:10-11).
ومرة أخرى قال فرعون: اذهبوا ... غير أن غنمكم وبقركم تبقى (خروج 24:10). فإذا كان قد فشل في إقناعهم بأن يذبحوا في الأرض، فليطلقهم بدون ذبائح. ولكن رد موسى كان قاطعا: تذهب مواشينا أيضا معنا، لا يبقى ظلف، لأننا منها نأخذ لعبادة الرب إلهنا (خروج 26:10). فلا تنازلات ولا مساومات. إن الخضوع الكامل للمسيح والأمانة التامة له كثيرا ما تبدو كما لو كانت ضيقاً في التفكير، فالعالم لا يفهمها أبدا. فالشيطان يريدنا أن نقتنع بأن العبادة لا تتداخل مع أعمالنا الزمنية وحياتنا الاجتماعية، وأنه ليست هناك حاجة للتضحية من أجل الرب. فهو يعرف أن ما قاله يسوع صادق: لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا (متى 21:6).
إعلان عن المسيح:
كالنور لشعبه. كان ظلام دامس في كل أرض مصر... ولكن جميع بني إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم (خروج 22:10-23). قال يسوع: أنا هو نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في الظلمة (يوحنا 12:8). الرب يضيء ظلمتي (2 صموئيل 29:22).
كان المصريون والإسرائيليون على السواء خطاة بطبيعتهم. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله (رومية 23:3). والإله القدوس لا يستطيع أن يتجاهل الخطية. لقد صدر حكم الموت على الجميع في مصر، على الإسرائيلي كما على المصري (خروج 5:11).
ولكن الله أوجد طريقة لنجاة الإسرائيليين بسبب عهده مع إبراهيم. وبالطبع لم تكن من خلال أعمال البر - فهي كانت تنقصهم. إن حكم الموت كان ينبغي أن ينفّذ، ولكن كان من الممكن تقديم بديل لجميع الذين يؤمنون بالله الواحد الحقيقي. ووقع حكم الموت على الذبيحة البريئة، الشاة التي بلا عيب (خروج 5:12)، وتم وضع الدم بحسب تعليمات الله.
ربما قال أحدهم: "لست بحاجة إلى الدم، فأنا من نسل إبراهيم، وكذلك فإني مختتن في اليوم الثامن، والجميع يعرفون أني أتمتع بأخلاق طيبة". ولكن هذه الأعذار جميعها ما كانت تستطيع أن تمنع ملاك الموت من تنفيذ الحكم على ذلك البيت. فإن الإيمان الشخصي بدم الحمل المسفوك هو وحده الذي يفصل بين الحياة والموت.
عندما رأى ملاك القضاء الإلهي الدم على بيوت الإسرائيليين عبر حسب الوعد: فأرى الدم وأعبر عنكم (خروج 13:12). وذلك لأن الموت كان قد تم بالفعل والبريء مات نيابة عن المذنب.
لقد مضت الحياة القديمة في مصر بكل ما كانت تعنيه. هذا الشهر يكون لكم رأس الشهور هو لكم أول شهور السنة (خروج 1:12-2). هذا ينطبق أيضا على المؤمنين اليوم، فإن الأِشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدا (2 كورنثوس 17:5). فكل الأشياء التي كانت تجذب انتباهنا في الحياة القديمة - الشهرة والغنى واللذة، أو ما يسمى بجاذبيات الحياة - ليست لها أي قيمة روحية، ولا تعني شيئا بالنسبة للحياة الأبدية. فالذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة (يوحنا 36:3).
لقد بدأت هذه الحياة الجديدة للإسرائيليين عند وضع الدم على قوائم أبوابهم. وبعد ذلك أكلوا الخروف مع خبز غير مختمر (فطير). في الكتاب المقدس يشير الخمير إلى الخطية. وبأكل الخروف والفطير تقوى الإسرائيليون للخروج من مصر والتحرر من عبودية فرعون. هذه كلها رموز للمسيح - حمل الله الذي بلا عيب الذي يقدم لنا كلمته، خبز الحياة. هكذا يكون أيضا مع المؤمنين اليوم الذين يأكلون من الخروف ومن الفطير، عندئذ ينالون قوة للانفصال عن العالم والتحرر من الشيطان.
كان الحمل رمزا للرب يسوع المسيح، فصحنا الذي ذُبح لأجلنا (1 كورنثوس 7:5-8). وكان إبراهيم أبو المؤمنين هو أول من أعطي له إعلان كامل عن هذا الحق، عندما سأله إسحاق: أين الخروف للمحرقة؟ فقال إبراهيم: الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني (تكوين 7:22-8). وكما يعلن كاتب سفر العبرانيين عن المسيح أنه أظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه (عبرانيين 26:9).
إن الانتماء للكنيسة وعمل الأعمال الصالحة والإحساس بالفرح والسلام، هذه كلها أمور عظيمة، ولكن يقين الخلاص يؤسس فقط على كلمة الله.
لأن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لأجلنا: إذا لنعّيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق (1 كورنثوس 7:5-8).
إعلان عن المسيح:
من خلال تقديم الحملان التي بلا عيب، والتي عظما لم يكسر من أي منها (خروج 5:12،46). لقد افتدينا بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح (1 بطرس 19:1).سبق وأنبئ هذا عن المسيح: يحفظ جميع عظامه: واحد منها لا ينكسر (مزمور 20:34؛ قارن مع يوحنا 36:19).
لم يكن بنو إسرائيل قد ابتعدوا كثيرا في خروجهم إلى أرض الموعد حتى أبصروا مركبات جيش فرعون العظيم تسرع نحوهم. لقد غيّر فرعون رأيه فسعى وراءهم مع ستمائة مركبة ... وجنودا (خروج 7:14) في محاولة يائسة لاسترداد عبيده. فصرخ الإسرائيليون في الحال إلى الرب في رعب وعدم إيمان وألقوا اللوم على موسى لأنه أخرجهم من مصر.
كان ينبغي على الإسرائيليين أن يؤمنوا بالله ويثقوا في رعايته لأنهم أبصروا المعجزات التي أجراها في أرض مصر ليطلقهم أحرارا. ولكن في مواجهة هذا الخطر الداهم فشل إيمانهم في أول اختبار له. لقد نظروا إلى ظروفهم بدلا من أن يثقوا في الله الذي سينقذهم. ولكن موسى على العكس كان له إيمان بالله. فعلى الرغم من أنه لم يكن يعلم كيف سيخلصهم الله، إلا أنه خاطب الشعب بكل ثقة قائلا لهم: الرب يقاتل عنكم (خروج 14:14).
يتمنى الكثيرون، كما فعل الإسرائيليون، أن يعبروا إلى أرض الموعد متجنبين جميع تجارب الطريق؛ ولكن ذلك يتضمن خسارة كبيرة. فلقد كان في استطاعة الرب أن يقود إسرائيل عبر البحر الأحمر بعيدا عن متناول يد فرعون قبل أن تصل جيوشه إلى شاطئ البحر. ولكن ذلك لن يعلن انكسار قوة الحياة القديمة بمثل هذه الكيفية. فإن الأزمات هي التي تجعلنا ندرك رحمته ونعمته وعونه الذي يأتي في حينه (عبرانيين 16:4).
عندما كانت الأمور تسير على ما يرام لم يكن هناك فرق واضح بين إيمان موسى وإيمان الشعب. ولكن نفس التجربة التي كشفت عن عدم إيمان الإسرائيليين هي أيضا كشفت عن إيمان موسى بكلمة الله. هذا ينطبق أيضا على المسيحيين اليوم. فإننا قد تحررنا من قوة الخطية لنعيش بالإيمان (متى 33:6؛ رومية 17:1؛ يعقوب 17:2؛ 1 يوحنا 4:5). وكل تجربة وخيبة أمل هي بمثابة فرصة لنا إما أن نثق في الرب ونحمده على صلاحه - أو أن نتذمر ونشعر بالإحباط ونعبّر عن خوفنا من النتيجة.
لقد كانت هذه الأحداث التي مر بها الإسرائيليون هامة جدا لدرجة أن الكتاب المقدس سجلها لجميع المؤمنين - كمثال لمسيرتنا الشخصية في طريق الإيمان. لذلك نقرأ هذا الكلام: فإني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة وجميعهم اجتازوا في البحر وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر (1 كورنثوس 1:10-2). ويختم بولس كلامه بالقول: هذه الأمور حدثت مثالا لنا (1 كورنثوس 6:10).
والدليل على إيمان الإسرائيليين هو أنهم لم يبقوا في مصر بل ساروا وراء موسى عابرين البحر الذي فصل بينهم وبين الحياة القديمة. وأيضا فيما يختص بمعموديتنا بعدما نقبل الرب يسوع المسيح كالمخلص، فإننا نقوم معه لكي نسلك نحن أيضا في جدة الحياة (رومية 4:6-5).
إعلان عن المسيح: كالخبز (المن) النازل من السماء (خروج 15:16). قال يسوع: أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء (يوحنا 51:6؛ أيضا 35:6،41،48).
أفكار من جهة الصلاة: افرح بالرب وابتهج على الدوام (مزمور 11:32).
وصل بنو إسرائيل إلى مارة حيث لم يستطيعوا أن يشربوا الماء لأنه كان مرا. وفي الحال بدأ الشعب يتذمر على موسى: ماذا نشرب؟ وكأن الله الذي شق البحر الأحمر ودمر جيش فرعون لم يكن قادرا على توفير الماء في وقت العطش (خروج 24:15).
وبعد هذه التجربة تكررت الشكوى المحزنة من الإسرائيليين بدون مبرر. فمع أن الله كان قد أظهر لهم أنه قادر على كل شيء، ظل بنو إسرائيل يتشككون باستمرار في قدرته على توفير احتياجاتهم اليومية. وظهر عدم إيمانهم بشكل مطلق في السؤال: هل يقدر الله أن يرتب مائدة في البرية؟ (مزمور 19:78). ومرة أخرى، خلال فترة قصيرة، واجهت إسرائيل تجربة جديدة لإيمانهم واعتمادهم على الله. وهذه المرة لم تكن في شكل عدو يطاردهم، ولا مسألة مياه مرة، ولا نقص الطعام - بل عدم وجود ماء بالمرة. وهو بالطبع أمر مؤسف ألا يوجد ماء للشرب. ولكن الكتاب المقدس لا يذكر أن إسرائيليا واحدا مات من العطش. كان بنو إسرائيل قد ارتحلوا على موجب أمر الرب ونزلوا في رفيديم (خروج 1:17). وكان الرب يعلم أنه لا يوجد ماء في هذا المكان ومع ذلك قادهم إلى هناك. وهذا يصور الحقيقة أن الله يعمل دائما على اختبار وتقوية إيماننا. لإن الله يريد أن يأتي بنا إلى الموقع الذي لا نكون فيه متكلين على الموارد المادية والبشرية - ولا حتى على "أحكامنا السديدة" الشخصية أو المشورة الجيدة من "أشخاص روحيين" معينين : وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء (يعقوب 5:1).
فمع أننا نحتاج كثيرا إلى مشورة الآخرين، إلا أننا يجب أن نقارنها دائما بكل دقة مع الكتاب المقدس: امتحنوا الأرواح هل هي من الله: لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم (1 يوحنا 1:4).
عندما نواجه صعوبة معينة أو نصل إلى نقطة محبطة فإننا كثيرا ما نميل إلى توجيه اللوم إلى أنفسنا أو إلى إخوتنا المؤمنين. فلنحذر إذا لئلا نكون نحن أيضا متهمين بتوجيه اللوم والإدانة لشخص ما على أوضاعنا الأليمة مثلما فعل الإسرائيليون مع موسى وكأنه هو السبب فيما يحدث لهم. فالذين ينقادون بروح الله يجب أن يتوقعوا ضيقات كثيرة بهدف اختبار ثقتهم في أمانة الله.
وهذا يرينا أهمية الرحلات التي قطعها بنو إسرائيل في البرية لأجل إظهار ضعف إيمانهم. ومن اختباراتهم نتعلم أن قلوبنا تميل إلى فقدان الثقة في الله عندما نكون متوقعين موارد معينة فلا نجدها أمامنا.
ودعونا أيضا نتعلم من موسى درسا في الوداعة. فبدلا من أن يجاوب بحدة الذين اتهموه ظلما وكانوا على وشك أن يرجموه، صرخ موسى إلى الرب (خروج 4:17) - أي توجه إليه بصلاة مكثفة. لقد كان واثقا أن الرب سيوجد المخرج.
إن خيبة الأمل والإجهاد العملي أو العاطفي وعدم الرضى والميل إلى الشكوى والكراهية والغيرة ونوبات الغضب - جميعها تعبر عن متطلبات الذات. ولكن الأخطر من ذلك إنها تعبر عن عدم الثقة في حكمة وصلاح الله. من السهل أن نحمد الله عندما تُلبّى طلباتنا واحتياجاتنا بسرعة. ولكن الإيمان المسيحي لا يؤسس على الظروف المواتية بل على شخص - هو الرب يسوع المسيح - رئيس خلاصنا (عبرانيين 10:2).
إعلان عن المسيح: كالصخرة والماء الذي خرج منها (خروج 6:17). لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم: والصخرة كانت المسيح (1 كورنثوس 4:10).
أفكار من جهة الصلاة: سبح الرب من أجل رحمته (مزمور 8:145).
من المهم جدا أن نفهم الطابع والهدف الحقيقي من الوصايا العشر، التي نطق بها الخالق مباشرة، وبعد ذلك " كتبت بإصبع الله " (خروج 18:31). أربعة من هذه الوصايا تعلن عن كمال الله المطلق وطبيعته القدوسة، بينما تقدم الوصايا الستة الأخيرة مقاييس الله من جهة أفكارنا وسلوكنا في تعاملنا الآخرين. وهذه الوصايا معا تكشف بشاعة الطبيعة الخاطئة لدى الجنس البشري.
لا يوجد إنسان، سوى المسيح، عاش دون أن يكسر الناموس - الجميع بلا استثناء - ليس بار ولا واحد (رومية 10:3). الجميع قد وُلدوا وهم يحملون صفات الطبيعة الساقطة - ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد (رومية 12:3).
منذ أيام قايين، والناس يبتغون أن يصلوا إلى السماء بالأعمال الحسنة. ولكن عندما ننظر إلى أنفسنا في ضوء الناموس، تنكشف حقيقتنا كأناس واقعين تحت دينونة الناموس. فالناموس يطالب بحياة البر على الدوام بدون استثناء. لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرما في الكل (يعقوب 10:2). هذا يعني أن كل الجنس البشري ساقط - لأن الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله (رومية 23:3). فهو مثل المرآة التي تكشف حقيقتي بمنتهى الدقة ولكنها لا تستطيع أن تغيّرني. إذاً، قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان (غلاطية 24:3).
وكما يقول الرسول بولس: لم أعرف الخطية إلا بالناموس: فإنني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته (رومية 7:7). فبدون الناموس أكون جاهلا تماما بشأن طرقي الشريرة. لأن بالناموس معرفة الخطية (رومية 20:3).
لا يوجد شيء يخدع الإنسان مثل الالتزام بحرفية الناموس أي الاعتقاد بأني إذا حفظت الناموس سأنال التبرير أمام الله.
والمقياس في العهد الجديد أعلى بكثير. فلقد قال يسوع: إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله (يوحنا 3:3). وقبول المسيح كالمخلص معناه قبول "طبيعة جديدة" - أي روحه القدوس الذي يسكن في الإنسان ليجعل منه خليقة جديدة في المسيح يسوع (2 كورنثوس 17:5).
حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح ... فكل الذين يسلكون بحسب هذا القانون عليهم سلام ورحمة (غلاطية 14:6-16). لاحظ العبارة " بحسب هذا القانون ". فلو كان الناموس هو القانون الذي ينبغي أن يسلك بموجبه المؤمنون لكان الرسول قد قال: "الذين يسلكون بحسب قانون الوصايا العشرة". قال يسوع أن الناموس كله يتلخص في وصيتين: تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك .. وتحب قريبك كنفسك (متى 36:22-40).
فعندما أحب شخصا، لا أسرق ممتلكاته، ولا أرتكب الزنى مع امرأته، ولا الفسق مع ابنته. وسوف أحمي الأشخاص الأعزاء لديه، لأنهم هم وغيرهم أيضا ملك لله.
فعندما يصبح المسيح مخلصنا، ننال طبيعته وروح الله يسكن فينا (رومية 9:8). عندئذ تصادق أرواحنا على أن كلمته صادقة ومقدسة وعادلة، فنشتهي أن يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح (رومية 3:8-4).
إعلان عن المسيح: طبيعة المسيح وصفاته معلنة في الوصايا العشر (خروج 1:20-17). فلقد كان المسيح كاملا وبلا خطية (عبرانيين 15:4). وقد أعطانا وصية جديدة - أن تحبوا بعضكم بعضا؛ كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضا بعضكم بعضا (يوحنا 34:13).
من المهم جدا أن ندرس خيمة العبادة بدقة لأنها المفتاح لفهم المسيح. فخيمة العبادة، وأثاثاتها، والذبائح التي تقدم فيها،هذه كلها تمثل وتصور شخص الرب يسوع المسيح وعمله. لذا علينا أن نهتم جدا بفهم معنى خيمة العبادة التي أعلن عنها الرب لموسى قائلا: فيصنعون لي مقدسا لأسكن في وسطهم، بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن ومثال جميع آنيته هكذا تصنعون (خروج 8:25-9).
وبعد ذلك يصف الرب خيمة العبادة وأثاثاتها معطيا أدق التفاصيل بشأن تابوت الشهادة الذي سيحتوي على كلمته - الوصايا العشر ... وأنا أجتمع بك هناك وأتكلم معك (21:25-22). فبحسب الشكل الخارجي لم تكن خيمة العبادة جذابة. ولكنها من الداخل كانت في منتهى الجاذبية حيث أنها كانت المكان الوحيد في كل الأرض الذي قال الله عنه أنه سيلتقي فيه بشعبه ويتكلم معهم.
كان فناء خيمة العبادة مستطيلا بعرض 50 ذراعا (75 قدما) وطول 100 ذراعا (150 قدما) وله مدخل واحد (16:27-18). وكان هذا الفناء مفصولا عن خيام بني إسرائيل بواسطة ستائر من الكتان الأبيض النقي بارتفاع 5 أذرع (7.5 أقدام) محمولة على 60 عمودا على مسافات متساوية على طول المحيط الذي يبلغ 450 قدما. هذا الجدار الأبيض يرمز إلى قداسة الله. وهو يبين أن الشعب كان بالطبيعة مستبعدا - فالخطية فصلت الجنس البشري عن محضر الله القدوس . ليس بار ولا واحد (رومية 10:3).
وكانت خيمة العبادة تستبعد جميع الأمم وأيضا اللفيف المختلط - ويرجح أنهم اليهود الذين تزاوجوا مع المصريين. فلم يكن من حقهم ولا حتى أن ينظروا من فوق الستائر ليشاهدوا ما يحدث داخل الفناء. وكان الحاجز الكتاني يرمز أيضا لبر المسيح الذي يفصل الذين يأتون إلى المسيح عن العالم غير المؤمن. فعلى الرغم من أن الإنسان غير المؤمن قد يذهب إلى الكنيسة ويستمع إلى العظة ويرنم الترانيم ويقرأ الكتاب المقدس، إلا أن المؤمن الحقيقي هو وحده الذي يعرف كيف يعبد الله ويختبر الشركة معه. يوجد وسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح (1 تيموثاوس 5:2).
منذ لحظة دخول الكاهن إلى ما وراء سور الفناء (أو الدار الخارجية) وإلى أن يدخل المكان المقدس (القدس)، كل عمل يقوم به يرمز إلى المسيح وإلى العلاقة التي تنشأ بين المؤمن وبين الرب.
كان هناك باب واحد فقط يستطيع العابد أن يدخل منه لتقديم ذبيحته - داخل الفناء الخارجي مباشرة. ولم تكن هناك بدائل - فلا يوجد طريق من فوق الستائر أو من تحتها. فالوصول إلى الله يتحقق فقط من خلال المسيح. قال الرب يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة: ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي (يوحنا 6:14).
ولتوضيح هذه النقطة، شرح الرب يسوع لتلاميذه كيف أن الرعاة يأخذون أغنامهم في الليل إلى حظيرة مسوّرة - ذات مدخل واحد - لحمايتها من اللصوص والذئاب. وأثناء الليل ينام الراعي عند مدخل الحظيرة. فقال لهم يسوع أيضا ... إني أنا باب الخراف ... إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى ... أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف (يوحنا 7:10-11).
إعلان عن المسيح: كالسيد الذي أحب عبده حبا فائقا حتى أن العبد ارتضى أن يربط نفسه بسيده على الرغم من أنه كانت له مطلق الحرية أن يعمل ما يريد (خروج 5:21-6). هنا نرى ولاء المؤمن للرب - مقدما جسده ذ بيحة حية مقدسة مرضية عند الله (رومية 1:12).
أفكار من جهة الصلاة: اتجه إلى الله بجراءة وثقة في الصلاة باسم يسوع (أفسس 12:3).
تتضمن خيمة العبادة مذبحان مصنوعان من خشب السنط، إلا أنهما مغطيان بمعدنين مختلفين. المذبح الأول، وهو داخل الفناء مباشرة، يسمى المذبح النحاسي وهو مغطى بنحاس. والنحاس يرمز للقضاء الإلهي. هذا يتضح فيما بعد عندما رفع موسى الحية النحاسية في البرية لكي ينجو الإسرائيليون من الحيات المحرقة المميتة (خروج 30:38؛ عدد 6:21-9؛ يوحنا 14:3-16).
كان على الخاطئ أن يدخل من الباب الواحد إلى الدار الخارجية ومعه الحيوان الطاهر الذي سوف يقدمه، ويقترب من المذبح النحاسي ولكنه لا يستطيع أن يتقدم أكثر من ذلك. ثم يضع يديه على الذبيحة اعترافا منه بأن ذنبه قد انتقل إلى الحيوان البريء. ثم يرش الدم للتكفير عن خطاياه بواسطة الكاهن الذي أعد الذبيحة.
وبالإيمان يرى الخاطئ خطاياه وقد تحولت إلى رماد عند المذبح النحاسي. إن المؤمن لديه سلام كامل وضمان بأن خطاياه قد أزيحت عنه بواسطة يد المحبة والرحمة والنعمة الإلهية التي قدمت له الفداء. فلقد جعل المسيح، الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه (2 كورنثوس 21:5). إن خطايا المؤمن قد أدينت وتطهرت بالفعل في الصليب، وعندما نعترف بخطايانا، فإن الله يكون أمينا وعادلا حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم (1 يوحنا 9:1). والنتيجة هي: سلام ... يفوق كل عقل (فيلبي 7:4) لا يعرف العالم عنه شيئا.
كان المذبح النحاسي هو المكان الوحيد على الأرض الذي يمكن أن تقدم فيه ذبائح مقبولة عن الخطايا. والذي أوقد ناره هو الله وهي لم تنطفئ أبدا. وقد كانت ذبائح الخطية، والقرابين، وذبائح السلامة، وذبائح المحرقة تقدم أيضا على هذا المذبح.
وكما أنبأ المسيح فلقد دُمّر الهيكل مع مرحضته ومنارته ومائدته ومذبح بخوره. وقد فُقد تابوت الشهادة وكرسي الرحمة منذ السبي البابلي. واستخدم الله الرومان لتدمير كل ما كان ضروريا للعبادة اليهودية. فهذه الأشياء كانت مجرد رموز وظلال تشير إلى المسيح، وقد أدت غرضها على أكمل وجه (عبرانيين 1:9- 22:10؛ 10:13-12). كان الرب يسوع هو حمل الله الذي بذل حياته من أجل خطايانا (يوحنا 29:1). ومنذ صلب المسيح وقيامته وصعوده لم يعد أمام اليهود والأمم سوى طريقة واحدة حددها الله للتطهر من الخطية.
وبعد أن يقدم الكاهن الذبيحة، كان يقترب من المرحضة النحاسية وهي تحتوي على الماء الذي يستخدمه الكهنة لغسل أيديهم وأرجلهم قبل أن يقوموا بالخدمة في المكان المقدس (القدس). وهذه المرحضة كانت عبارة عن حوض كبير مصنوع من المرايا النحاسية التي قدمتها النساء. والمرحضة تشير إلى كلمة الله التي تكشف خطايانا والتي لها قوة التطهير في حياتنا. لقد أعطى المسيح نفسه للكنيسة لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة (أفسس 26:5). قال أيضا يسوع: أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به (يوحنا 3:15).
إعلان عن المسيح: من خلال المذبح النحاسي حيث كان يتم تقديم الذبيحة (خروج 1:27-8). إن المسيح هو الذبيحة (أفسس 7:1).
أفكار من جهة الصلاة: ارفع صلاة تشفعية من أجل الذين يهملونك أو يتخلون عنك (2 تيموثاوس 16:4).
بعد أن يغسل الكاهن يديه ورجليه في المرحضة، يتقدم إلى خيمة العبادة ويدخل عبر حجاب سميك من الكتان - وهو الباب الوحيد المؤدي إلى المكان المقدس. على اليسار كانت توجد المنارة ذات الفروع السبعة والمصنوعة من الذهب الخالص، وهي على شكل شمعدان يحمل سبع شعلات. وكانت هذه المنارة هي المصدر الوحيد للضوء في المكان المقدس. وكلمة "منارة" في معناها العبري تعني حاملة الضوء.
إن المنارة ترمز إلى المسيح الذي قال: أنا هو نور العالم؛ من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة (يوحنا 12:8؛ أيضا رؤيا 12:1-20). وقد قال أيضا: النور معكم زمانا قليلا بعد، فسيروا ما دام لكم النور... آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور (يوحنا 35:12-36).
المنارة تخبرنا عن عطية النعمة التي يقدمها الرب لجميع المؤمنين. فإن الكنيسة تعمل كنور للعالم بقوة وطاقة الروح القدس. فلنسلك في النور، كما هو في النور (1 يوحنا 7:1). وقد أعطانا كتابا واحدا كمصدر للنور ولتمييز معرفة مشيئته (مزمور 105:119،130؛ أمثال 23:6).
وعلى اليمين كانت توجد مائدة خبز الوجوه وعليها 12 رغيفا من الخبز غير المختمر والمرشوش باللبان النقي. وبعد سبعة أيام يأكل الكاهن وأسرته هذا الخبز، ولكنه لا يؤكل إلا في المكان المقدس (لاويين 16:6-26؛ 5:24-9). فلا يسمح بنقله وأكله في أي مكان آخر. والخبز يوحي بأكثر من مجرد الغذاء الجسدي. فهو يحمل معنى الحصول على البصيرة الروحية التي لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى.
إن خبز الوجوه هو لك. ومكانك هو على مائدته المقدسة للتغذي بالمسيح، الكلمة الحية، في نور الروح القدس.
قال يسوع: أنا هو خبز الحياة - الخبز الحي الذي نزل من السماء، إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد (يوحنا 29:6-38، 48، 51). وبينما نواظب على قراءة كلمته بالاعتماد على الروح القدس، ستتغير حياتنا وتصبح معبرة أكثر فأكثر عن حياته. إن خبز الوجوه يشير بطريقة فريدة إلى قيمة الكتاب المقدس الفائقة التي لا تقدر بثمن. فإنه بطريقة تفوق الوصف يقوم الروح القدس بتنوير وتقوية وتغيير حياة الذين يواظبون بروح الصلاة على التغذي بكلمة الله، خبز الحياة.
إن الاحتياج الأعظم في هذه الأيام هو إلى إعلان جديد عن أهمية كلمة الله لتغذية شعبه بهدف التحقق بدقة من إرادته في حياتهم.
قال يسوع: مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله (متى 4:4).
إعلان عن المسيح: من خلال المرحضة، فالمسيح هو مصدر الماء الحي وهو الذي يقدمه لنا (خروج 18:30؛ يوحنا 10:4؛ قارن مع 1 كورنثوس 4:10؛ عبرانيين 22:10).
أفكار من جهة الصلاة: ثق في الرب، إنه لن يتخلى عنك أبدا (مزمور 10:9).
لقد كانت أنظارنا متجهة إلى خيمة العبادة وكيف أنها تشير بشكل رائع إلى المسيح في شخصه المجيد وخدمته الكاملة للجنس البشري. ولكن في ذلك الوقت كان هناك أمر مأسوي يحدث وسط الإسرائيليين. فلقد عاد موسى إلى المعسكر ليرى كيف أن الإسرائيليين قد تحولوا بهذه السرعة وابتعدوا بعيدا عن الله الحي الحقيقي.
فلما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون وقالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا، لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه (خروج 1:32). وسرعان ما صنعوا العجل الذهبي. وبنى هارون مذبحا أمامه ... وقال: غدا عيد للرب (خروج 2:32-5).
لقد تخيلوا أن العجل الذي يبصرونه أفضل من الله غير المنظور. منذ ستة أسابيع فقط كان الشعب كله قد تعهد قائلا: كل ما تكلم به الرب نفعل (8:19). ونحن أيضا عندما نحتاج إلى شيء يذكرنا بالرب، فإننا كثيرا ما نختار تزييفا منظورا ليحل محل الحقيقة غير المنظورة.
والعجيب أننا لم نسمع صوت اعتراض من الشيوخ ولا حتى من مريم. وبالطبع لم يكن القرار متفقا عليه بالإجماع. ولكنهم ربما فعلوا مثل ما يحدث معنا عندما يعلو صوت الأغلبية المضلة منادين بما نعلم أنه ضد إرادة الله ولكننا لا نجرؤ أن نعترض. ولكن في مثل هذه الأحوال يكون الصمت خطية.
فعندما يحتل أي شخص أو أي شيء المكان الذي ينبغي أن يحتله الله في حياتنا يصبح ذلك تمردا وخطية. والكتاب المقدس يحذرنا من أن محبة العالم عداوة لله (يعقوب 4:4). إن القلب البشري يحب كل ما هو مرئي - كل ما يشبع ويمتع الحواس. ولكن الإيمان وحده هو الذي يستطيع أن يتشدد ... ويرى من لا يُرى (عبرانيين 27:11).
ولكن قبل أن نبدأ في إلقاء الحجارة وأن نرفع أصواتنا بالإدانة، دعونا نقارن مشكلة الإٍسرائيليين بمشكلتنا نحن في القرن العشرين. فإن معظمنا لن ينحني أمام صورة منحوتة، ولكن ما أسهل أن يتحول المال أو الذات إلى أصنام مشابهة. فعندما نستخدم عشور الرب للاستعمال الشخصي أو ننغمس في الملذات في يوم الرب بدلا من عبادته، فإننا لا نعطيه مكانه اللائق كالرب على حياتنا. وبالنسبة للآخرين قد يكون الصنم هو النجاح أو الممتلكات. فعندما نسعى للحصول على المزيد والمزيد.. تقل محبتنا للرب وتكريسنا له إذ تبدأ الممتلكات تأخذ مكانه.
وربما هناك خطر آخر يكمن في إحاطة أنفسنا بأصدقاء أو شركاء في العمل غير مؤمنين. وسرعان ما يصبح المحور الذي تدور حوله حياتنا الاجتماعية هو غير المؤمنين. وقد يؤدي هذا إلى تناقص الشركة الروحية مع المؤمنين بل وإهمالها بالكامل.
إن العجل الذهبي يرمز إلى التفكير البشري، الذي يخترع أسلوبا للعبادة بالانفصال عن الإرشاد الإلهي. وهو يجسم الحقيقة بأن الناس عندما يتحولون عن الرب ويتجاهلون كلمته، فإنهم يعبدون أعمال إيديهم (أعمال 14:7؛ رومية 21:1-23،25).
إن العبادة الحقيقية تأتي فقط عندما نعيش ونعبد الرب بالطاعة لكلمته. قال يسوع: لماذا تدعونني يا رب يا رب وأنتم لا تفعلون ما أقوله؟ (لوقا 46:6).
إعلان عن المسيح: كمن هو دائم الحضور. وجهي يسير فأريحك (خروج 14:33؛ قارن مع متى 28:11؛ 20:28).
أفكار من جهة الصلاة: صل إلى الرب صباحا وظهرا ومساء، فإنه سيستمع إليك (مزمور 17:55).
أمام مدخل قدس الأقداس مباشرة كان يوجد مذبح البخور الذهبي. كان ارتفاعه 3 أقدام، وعرضه 1.5 قدم، وعمقه 1.5 قدم (خروج 2:30). وكان مذبح البخور مصنوعا من خشب السنط. وهو أصغر كثيرا من المذبح النحاسي، ولكنه كان مكسوا من الداخل ومن الخارج بالذهب (خروج 3:30).
وكان مذبح البخور هذا المغطى بالذهب مخصصا فقط لإيقاد البخور صباحا ومساء. وهكذا كانت تتم العملية: يتم تقديم الذبيحة، ثم يليها الاغتسال في المرحضة، ثم يدخل الكاهن إلى المكان المقدس (القدس) وفي ضوء المنارة ذات الفروع السبعة يؤكل الخبز. ولا يسمح لأحد سوى الكاهن بأن يقدم البخور نيابة عن الشعب. ففي كل صباح يأخذ جمرة نار من على المذبح النحاسي ويضعها على مذبح البخور ثم يضع فوقها بخورا. عندئذ فقط تصبح الصلوات مقبولة أمام الله. فلقد كان الله هو مصدر هذه النار. وأي محاولة أخرى للاقتراب إلى الله تكون مرفوضة. هذا ما نراه في ناداب وأبيهو، وهما من الكهنة، عندما أخذ كل منهما مجمرته ... وقرّبا أمام الرب نارا غريبة ... فخرجت نار من عند الرب وأكلتهما فماتا أمام الرب (لاويين 1:10-2). فالنار الغريبة هي النار التي لم تؤخذ من على المذبح النحاسي بل من مصدر آخر. كان هذان الكاهنان مدركين تماما لمشيئة الله، لذلك كانت نارهما تبدو صالحة.
وكما كان في القديم، كان ينبغي للنار التي على المذبح أن تأتي من السماء، كذلك اليوم فإن المسيح وحده هو الذي يمكننا من الاقتراب من الآب السماوي في الصلاة. لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح (1 تيموثاس 5:2). المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضا الذي هو أيضا عن يمين الله الذي أيضا يشفع فينا (رومية 33:8-34). هذا يتضح أيضا في سفر العبرانيين حيث يقول: من ثم يقدر أن يخلص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم (عبرانيين 25:7). نهارا وليلا يتشفع المسيح رئيس كهنتنا في الصلاة من أجل المؤمنين. فمع أن صلواتنا معيبة، وتسبيحنا ضعيف، وعبادتنا تقل كثيرا في مستواها عما ينبغي أن تكون عليه - إلا أن مذبح البخور الذهبي يبين لنا أن جميع المؤمنين الحقيقيين كهنوت ملوكي (1 بطرس 5:2،9) أمام الله ولهم الامتياز بالتساوي في تقديم صلواتهم أمام الله.
الروح أيضا يعين ضعفاتنا لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها (رومية 26:8). لذا عندما نصلي باسم يسوع، فإن صلاة كل مؤمن إلى الآب السماوي تكون متوقّعة منه ومقبولة ومرضية أمامه.
وكما أن البخور كان ينطلق كرائحة عطرة ويصعد إلى الله، كذلك فإن الصلوات والتسابيح من أقل المؤمنين شأنا تتحول إلى رائحة عطرة ثمينة في نظر الله. هذا ما أكده الرب للرسول يوحنا عندما أبصر ملاكا عند مذبح البخور معه مبخرة من ذهب وأعطى بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي أمام العرش (رؤيا 3:8).
إعلان عن المسيح: من خلال المنارة (خروج 14:35). المسيح هو نور العالم (يوحنا 5:9؛ قارن مع لوقا 78:1-79).
أفكار من جهة الصلاة: اطلب نعمة من الرب في أوقات الاحتياج (عبرانيين 16:4).
كان تابوت الشهادة (خروج 22:25) يسمى أيضا تابوت العهد (عدد 33:10). وهو عبارة عن صندوق خشبي طوله حوالي 4 أقدام، وعرضه 2.25 قدم، وارتفاعه 2.25 قدم. وكان الخشب مغشّى بالذهب من الداخل ومن الخارج. والتابوت يشير إلى المسيح - المتمم للعهد الإلهي - الذي كان هو الله والإنسان في آن واحد. فالخشب والذهب يشيران إلى الطبيعة الثنائية للرب يسوع كالله والإنسان. والعناصر الستة الأخرى المسجلة في هذا الفصل تعبر عن بعض جوانب عمل المسيح، ولكن التابوت يشير إلى شخصه هو. وقد كان التابوت مصنوعا من خشب السنط الذي كانت تنمو أشجاره في الصحراء القاحلة التي ارتحل فيها بنو إسرائيل. فهو يصور الطبيعة البشرية للرب يسوع كما تنبأ عنها إشعياء قائلا: نبت قدامه كفرخ وكعرق من أرض يابسة (إشعياء 2:53). وكان غطاء التابوت يسمى "كرسي الرحمة" وكان مصنوعا بالكامل من الذهب مشيرا إلى كمال عظمة الله.
كان تابوت الشهادة موضوعا وراء الحجاب، في قدس الأقداس - وهو المكان الوحيد للشركة بين الله وموسى (خروج 22:25). وبدون التابوت ومحضر الله، تصبح جميع الخدمات المقدمة في خيمة العبادة بلا معنى. وكذلك أيضا عندما تصبح كلمة الله جزءا عارضا في خدمة عبادتنا أو عندما تكون ممتزجة بالفلسفة البشرية لا يستطيع الرب أن يعلن ذاته لشعبه وتصبح الخدمة بلا معنى.
كان مسموحا للكهنة أن يدخلوا بالنيابة عن العابدين إلى الغرفة الأولى فقط من خيمة العبادة، وهو الجزء المسمى بالمكان المقدس أو القدس. وفي يوم واحد في السنة كان الله يقود هارون رئيس الكهنة للدخول من المكان المقدس إلى قدس الأقداس. وأنا أجتمع بك هناك وأتكلم معك من على الغطاء من بين الكروبين اللذين على تابوت الشهادة (خروج 22:25).
وصنع كروبين من ذهب صنعة الخراطة صنعهما على طرفَي الغطاء، كروبا واحدا على الطرف من هنا وكروبا واحدا على الطرف من هناك، من الغطاء صنع الكروبين على طرفيه. وكان الكروبان باسطين أجنحتهما إلى فوق مظللين بأجنحتهما فوق الغطاء ووجهاهما كل الواحد إلى الآخر. نحو الغطاء كان وجها الكروبين (7:37-9). كان الغطاء المصنوع من الذهب الخالص يحجب تماما عن الأنظار لوحي الشهادة - أي الكلمة المقدسة التي تطالب بموت الخاطئ. وكان الكروبان ينظران إلى الدم الذي يقع بين الله من أعلى والناموس من أسفل.
في يوم الكفارة، كان رئيس الكهنة يرش دم الذبيحة البريئة على كرسي الرحمة سبع مرات (لاويين 14:16). وفقط بعد رش الدم قال الله وأنا أجتمع بك هناك وأتكلم معك (خروج 22:25). كم نشكر الله أن المسيح حمل الله الكامل قد افتدانا بدمه. وقد دخل رئيس كهنتنا إلى قدس الأقداس في السموات كوسيط لنا، إذ أوجد لنا فداء أبديا (عبرانيين 9:9-24).
متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح ... بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السابقة (رومية 24:3-25).
إعلان عن المسيح: من خلال المذبح الذهبي والبخور - الذي يشير إلى الصلوات المرفوعة إلى السماء - نرى المسيح مصليا لأجلنا (خروج 38:39؛ أيضا يوحنا 9:17).
أفكار من جهة الصلاة: لا تحاول أن تؤثر على الآخرين بصلواتك، وإنما صل بما في قلبك (متى 7:6-8).
تعتبر محتويات تابوت الشهادة سجلا عن أمانة الرب. فلوحي الشريعة الأولين كان موسى قد كسرهما عندما رأى العجل الذهبي. وهذا يصور كيف أن الجنس البشري بأكمله قد كسر كلام الله. ولكن اللوحين الآخرين كانا مكتوبين بإصبع الله وكانا ينبئان عن الزمن الذي قال عنه الله: أجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها على قلوبهم (إرميا 33:31).
وبالإضافة إلى لوحي الشريعة، كان تابوت العهد يحتوي على إناء من الذهب يحتوي على المن (خروج 32:16-34؛ عبرانيين 4:9) - وهو الطعام اليومي الذي اقتات به الإسرائيليون طوال الأربعين سنة التي ارتحلوها في البرية. لقد كان غذاء كاملا. لم تكن هناك حاجة لطعام آخر بجواره. قال يسوع أنه هو المن الحقيقي، وأننا ينبغي أن نحيا بكل كلمة من الله. هذا هو خبز الحياة - كل ما نحتاجه للإرشاد والقوة والشبع أثناء رحلتنا في برية هذه الحياة. فبواسطة كلمته، يكتشف شعب الله الشبع الكامل بينما يعيشون لعمل مشيئته. عندما نأكل الخبز الأرضي فإنه يصبح جزءا منا ويقوينا، وهو لا يبقينا فقط على قيد الحياة بل ينمينا أيضا. فكم بالحري خبز الحياة السماوي إذ يصبح جزءا منا ويقوينا وينمينا روحيا.
والعنصر الوحيد الآخر الموجود في تابوت العهد هو عصا هارون التي أفرخت - للتذكرة بأن الله له السلطان المطلق في توجيه أمور حياتنا. ففي البرية اصطدم موسى وهارون بابن عمومتهما قورح الذي جمع حوله قوما وتمردوا ضد سلطتهما في تدبير أمور حياتهم اليومية (عدد 16-17). ولإرساء موضوع السلطة، جمع رؤوس الأسباط بمن فيهم هارون عصيهم معا - كرمز للسلطة السبطية. وقد كانت جميع العصي ميتة، مجرد قطع من الخشب. ولكن في صباح اليوم التالي كانت عصا هارون قد أنبتت براعم بطريقة معجزية. إننا نحتاج أن نعترف بأن سلطاننا غير مؤسس على الرأي العام بل على كلمة الله وحدها.
وحيث أن سلطان الله معلن في كلمته، فلا يمكن للمؤمن أن يتجاهل أي جزء من الكتاب المقدس بدون أن يتكبد خسائر: كل الكتاب ... نافع للتعليم (2 تيموثاوس 16:3). لأن كل ما سبق فكُتب (أي العهد القديم) كُتب لأجل تعليمنا (رومية 4:15).
كان ينبغي أن تابوت العهد يرافق الشعب في جميع رحلاتهم. فلقد اجتاز أمامهم في وسط نهر الأردن. وكان بمثابة التعبير عن حضور الله وقدرته في قيادتهم عبر البرية.
وبمجرد أن كمل كل شيء، غطت السحابة (الشكينة المنظورة لمجد حضور الله) خيمة الاجتماع ... وعند ارتفاع السحابة عن المسكن كان بنو إسرائيل يرتحلون ... وإن لم ترتفع السحابة لا يرتحلون إلى يوم ارتفاعها (خروج 34:40-37).
بعد أن ارتفع يسوع إلى السماء، جاء الروح القدس ليسكن في كل من تاب عن خطاياه واعترف بالمسيح مخلصا له. الآن نحن مسكن الله وهيكله المقدس.. مخصصون ومقدسون له. ونحن فيه وفي علاقتنا مع بعضنا البعض، مبنيون معا مسكنا لله في الروح (أفسس 21:2-22). نعم، إن جسدكم هو هيكل للروح القدس (1 كورنثوس 19:6).
لهذا السبب، فإن أبناء الله الحقيقيين يعيشون حياة مختلفة تماما عن العالم. وإنما أقول اسلكوا بالروح فلا تكمّلوا شهوة الجسد (غلاطية 16:5).
إعلان عن المسيح: من خلال رئيس الكهنة (خروج 13:40). ولكن المسيح صار رئيس كهنة ... ليظهر أمام وجه الله لأجلنا (عبرانيين 7:9-24).
أفكار من جهة الصلاة: ادع الرب في وقت الضيق فسينقذك (مزمور 15:91).