كان الفريسيون هم أكبر فئة دينية في أيامهم وكانوا يؤكدون إيمانهم بالمكتوب. ولكن الرب يسوع كشف رياءهم بقوله: باطلا يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس (مرقس 7:7). وكما أشار يسوع، فإن خطأهم كان أخطر من مجرد جعل تقاليدهم مساوية في أهميتها للكتاب المقدس. قال لهم: رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم (مرقس 9:7). بل وأخطر من ذلك: مبطلين كلام الله بتقليدكم الذي تسلمتموه (مرقس 13:7). فإن كلمة الله، على سبيل المثال، توصي بالرحمة، وبمحبة الأعداء، وبتطهير القلب من الشهوات العالمية والطموحات الخاطئة. ولكن الفريسيون كانوا مكتفين بالطقوس الخارجية فقط.
ولا بد أن وقعت كلمات يسوع وقع الصاعقة على القادة الأبرار في عيني أنفسهم عندما قال لهم: ويل لكم أيها ... المراؤون! لأنكم تعشرون ... وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان. كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك (متى 23:23).
لا يوجد اليوم فريسيون، ولكن لا زال كثيرون يتجاهلون الحقيقة أن الرب يسوع وضع لأتباعه مستوى للسلوك أرفع بكثير من التطبيق الخارجي للناموس، إذ قال: قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن، وأما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه (متى 27:5-28).
إننا نخدع أنفسنا إذا اعتقدنا بأنه لا ضرر من الأفكار الخاطئة طالما أنها لا تخرج إلى حيّز التنفيذ. ولكن حتى العهد القديم يخبرنا أنه: كما شعر في نفسه هكذا هو (أمثال 7:23).
إن كل واحد منا مسئول وقادر أن يستأسر كل فكر إلى طاعة المسيح (2 كورنثوس 5:10). وعندما نخضع أنفسنا لإرادة المسيح المعلنة في كلمته عندئذ تصبح حياتنا تعبيرا عمليا ويوميا عن المسيح الساكن فينا.
يعتمد الإيمان - لنوال الخلاص، وأيضاً لنمونا المسيحي - على سماع كلمة الله (رومية 17:10). وهذا يحدث نتيجة لعمل مزدوج للروح القدس. فهو يعطينا روحه القدوس عند التجديد، وهو يقدسنا يوميا وبتزايد عندما نميت بالروح أعمال الجسد [أي الأعمال التي يحثنا بها الجسد] (رومية 13:8).
يهتم الشخص المرائي بالسلوك الخارجي فقط وبالكلام الذي يبدو متدينا أمام الآخرين. أما المسيحي الحقيقي فعنده الرغبة الصادقة في إرضاء الرب. فالمسيحيون الحقيقيون يرفضون الأفكار الشريرة والإغراءات الشهوانية، ويحزنون بسبب الكبرياء أو عدم القناعة. إنهم يبتغون التحرر من قساوة القلب، ولا يرضون بشيء أقل من التقوى الداخلية. فإن الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون، ولكن الذين حسب الروح فبما للروح (رومية 5:8).
شواهد مرجعية: مرقس 6:7-7 (انظر إشعياء 13:29)؛ مرقس 10:7 (انظر خروج 12:20؛ 17:21؛ لاويين 9:20؛ تثنية 16:5).
أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الرب أن تكون رغبتك هي الأمور التي تسره (مزمور 4:37).