إن المعجزات العجيبة والخدمة التي أجريت في المدن القريبة من بحر الجليل جعلت شهرة يسوع تذيع في كل منطقة الجليل (لوقا 16:4). بعد ذلك جاء إلى الناصرة حيث كان قد تربى، ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت (لوقا 16:4). كانت هذه هي عادته طوال حياته.
وفي خدمة السبت كان يُقرأ درسين. الأول يؤخذ دائما من أسفار موسى الخمسة، والثاني من الأنبياء. وبالطبع دُعي يسوع للكلام حيث أنه كان معروفا في بلده وذائع الصيت كونه المعلم والشافي. فقام ليقرأ. فدُفع إليه سفر إشعياء النبي ... روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين ... وأكرز بسنة الرب المقبولة (لوقا 16:4-21؛ إشعياء 1:61-2).
ولم يكن بالمصادفة أن الكلمات الافتتاحية التي قرأها الرب كانت تحتوي على إشارة واضحة للأقانيم الثلاثة: الروح القدس، والآب، وهو نفسه الابن الممسوح. إنه يقدم البشارة للمساكين، والشفاء للمنكسري القلوب، والحرية من الخطية للمأسورين، والبصر للذين يتخبطون في الظلام، والحرية لجميع المأسورين بقيود شيطانية. لقد كان الطبيب العظيم بنفسه في وسطهم، مستعدا أن يحرر جميع المنسحقين (لوقا 18:4).
فذهل السامعون، وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه (لوقا 20:4). وبعد أن أغلق الكتاب، قال لهم: إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم (لوقا 21:4). فتعجبوا لكلماته المباركة وعرفوا أنه يتكلم عن نفسه كالمسيا الذي سبق وأنبأ عنه إشعياء.
ولكنهم كانوا يتوقعون أن يكون المسيا ملكا غالبا مثل داود، يحررهم من حكم الرومان الطغاة، ويُدخلهم إلى عصر ذهبي ومزدهر. فتخيّلْ مدى تعجب الجمع عندما أخبرهم يسوع أنه هو، ابن النجار، المسيا الذي ينتظرونه.
وإذ شعر الرب بأفكار الازدراء وعدم الإيمان لديهم، قصد أن يذكرهم بأنهم إذا رفضوه فإنه سيرفضهم بسبب عدم الإيمان - تماما كما رفض اليهود بسبب عدم إيمانهم - في أيام إيليا في الوقت الذي فيه حصلت امرأة فينيقية تعيش بالقرب من صيداء على بركة وعظيمة (1 ملوك 9:17-24)، وحصل نعمان السرياني الأبرص على شفاء من برصه (2 ملوك 1:5-14). لقد كان المسيا يمدح رجلا سريانيا وامرأة صيدونية - وكلاهما أمميين. فقام الجمع كرجل واحد من وسط خدمة العبادة وأمسكوا المعلم محاولين قتله بإلقائه من فوق حافة الجبل (لوقا 29:4). أما هو فجاز في وسطهم ومضى (لوقا 30:4). وفي حدود علمنا فإنه لم يعد مرة أخرى إلى الناصرة.
إن عدم الإيمان يحد من فرصة تحقيق المعجزات. فإن الله يعمل عندما يكون الشعب مؤمنا به. لأن الشك وعدم الإيمان الذي أظهره أهل الناصرة كان يتناقض على خط مستقيم مع الثقة البسيطة التي أبدتها أرملة صرفة صيداء والطاعة التي تحلى بها نعمان الأبرص.
ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة.. وتعجب من عدم إيمانهم (مرقس 5:6-6).
شواهد مرجعية: لوقا 4:4 (انظر تثنية 3:8)؛ لوقا 8:4 (انظر تثنية 13:6)؛ لوقا 10:4-11 (انظر مزمور 11:91-12)؛ لوقا 12:4 (انظر تثنية 16:6)؛ لوقا 18:4-19 (انظر إشعياء 1:61-2)؛ لوقا 14:5 (انظر لاويين 49:13).
أفكار من جهة الصلاة: أطع الرب واستمر بالصلاة والشكر على كل شيء (1 تسالونيكي 17:5-18).