كان الرجل العبراني يلبس رداء طويلا وواسعا يشبه العباءة، ولتثبيته حول الجسم كان يشده بحزام من جلد يسمى "منطقة". وكان كل من إيليا ويوحنا المعمدان يرتديان منطقة من جلد (2 ملوك 8:1؛ متى 4:3؛ أيضا أعمال 8:21-11؛ 2 صموئيل 40:22؛ خروج 11:12).
والمنطقة المصنوعة من كتان التي كان الكاهن يرتديها تشير إلى العلاقة الوثيقة التي بين يهوذا وأورشليم وبين الرب - لأنه كما تلتصق المنطقة بحقوي الإنسان هكذا ألصقت بنفسي كل بيت إسرائيل وكل بيت يهوذا يقول الرب (إرميا 11:13). فكان ينبغي على بني إسرائيل أن يكونوا مقدسين مثل الكهنة ويعبدون الرب. وكنتيجة لذلك فإن قوة الله المعجزية ستسدد جميع احتياجاتهم وتوفر لهم الحماية. عندئذ سيكتشف جميع الشعوب ضرورة التخلي عن آلهتهم الوثنية ليعبدوا الرب. ولكنهم تخلوا عن الرب وتنجسوا فلم يعودوا صالحين لخدمته المقدسة.
وقد أرشد الرب إرميا أن يشتري منطقة من كتان ويرتديها، وقال له: لا تدخلها في الماء (إرميا 1:13). كان عليه أن يترك هذه المنطقة البيضاء الجميلة تتسخ جدا. وفي النهاية قال له: خذ المنطقة التي اشتريتها التي هي على حقويك، وقم انطلق إلى الفرات، واطمرها هناك في شقّ صخر ... وبعد أيام كثيرة ... إذا بالمنطقة قد فسدت لا تصلح لشيء ... هكذا قال الرب: هكذا أفسد كبرياء يهوذا وكبرياء أورشليم العظيمة (إرميا 4:13-9).
كان على إرميا أن يقطع رحلة طويلة وشاقة إلى أرض السبي التي أخذ إليها حزقيال، ودانيال، وشدرخ، وميشخ، وعبدنغو، وغيرهم الكثيرين الذين أخذهم البابليون أسرى.
كانت المنطقة قد دفنت لأيام كثيرة إلى أن أصبحت غير صالحة للاستعمال. بعد ذلك كان ينبغي على إرميا أن يرتدي هذه المنطقة المتعفنة ويعود بها إلى أورشليم لكي يجعل الشعب يفهمون أنهم لم يعودوا نافعين لخدمة الرب ولذلك سوف يؤخذون إلى بابل حيث "يدفنوا" هناك "لأيام كثيرة" - هي بالتحديد 70 سنة.
ربما كانت رحلة إرميا تبدو مضيعة للوقت والجهد، ولكن طاعته المطلقة كانت دليلا على رغبته في تحقيق قصد الله. وقد أعطى تشبيها لما كان على وشك أن يحدث- وما هو سبب حدوثه.
وربما كان غريبا في نظر الشعب أن يروا هذا النبي الكاهن يرتدي منطقة قذرة. ولا بد أن ذلك كان موضع كثير من التعليقات. وعندما عاد من بابل بنفس هذه المنطقة، بعد أن أصبحت في هذه المرة متعفنة وفاسدة، فلا بد أن ذلك قد جعل رسالته أعمق تأثيرا.
لقد نالت الأمة اليهودية العديد من البركات حتى أن شعبها تجاهلوا كلمة الله فتخللتها شرور عديدة بالإضافة إلى عبادة الأوثان. ولكن بعد أن خرب الهيكل وقاسى بنو إسرائيل الذل والهوان كعبيد للبابليين، عندئذ فقط أدركوا معنى الكلمات: أفسد كبرياء أورشليم العظيمة (إرميا 9:13).
لقد كانت مشكلتهم الرئيسية هي الكبرياء. وكما هو الحال في وقتنا الحالي فإن البعض قد انتفخوا بالكبرياء ففقدوا امتياز كونهم آنية مختارة. لأنه بعد أن باركهم الرب وأعطاهم النجاح، نجدهم يصابون بالغرور، وينجرفون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية. وللأسف، فإنهم يكتشفون بعد أن يتقدم بهم العمر أن الفرص التي كانت قبلاً متاحة لهم لخدمة الرب لم تعد موجودة.
لأن الناس يكونون محبين لأنفسهم، محبين للمال، متعظمين، مستكبرين (2 تيموثاوس 2:3).
إعلان عن المسيح: بصفته رجاء وخلاص شعبه (إرميا 8:14-9). فلا اليهود ولا الأمم يستطيعون أن ينالوا السلام إلا بقبولهم المسيح، ملك السلام، مخلصا لهم (لوقا 24:21-28).
أفكار من جهة الصلاة: اعترف بكل خطية وتخلى عنها (إشعياء 12:59-13).