في يوم الاثنين السابق للصلب، وهو اليوم التالي لدخوله منتصرا إلى أورشليم، دخل يسوع إلى ساحة الهيكل وابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام، ولم يدع أحدا يجتاز الهيكل بمتاع [إذ كانوا يتخذون من ساحة الهيكل طريقا مختصرا للمرور] (مرقس 15:11-16).
فاغتاظ رؤساء الكهنة وأرسلوا وفدا ممثلا للفئات الثلاث في السنهدريم - رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ. فاقتحموا الحديث،إذ كان يسوع يعلم، وطلبوا منه أن يفسر سلوكه: بأي سلطان تفعل هذا ومن أعطاك هذا السلطان؟ (متى 23:21). كانوا يشيرون إلى دخوله الانتصاري وقبوله لهتافات الشعب القائلين أوصنا وتسبيحهم له كالمسيا. فلقد سمح لنفسه أن يتقبل التحية الجهارية بصفته المسيح ابن داود. وقد أعطى نفسه أيضا السلطة العليا على الهيكل إذ طرد الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل. فبأي سلطان كان يسلبهم حقهم في السماح للصيارفة بممارسة عملهم وللتجار أن يعرضوا بضائعهم في رواق الأمم؟ لقد كان يعطل مصالحهم!
كان العابدون قادمين إلى أورشليم من مسافة بعيدة، وحيث أنهم كانوا تحت السلطة الرومانية، فلم يكن لديهم سوى العملة الرومانية. وكان ينبغي أن يستبدلوا النقود التي لديهم بالعملة اليهودية مقابل نسبة إضافية معينة حيث أنه لا ينبغي تقديم نقود وثنية في خزانة الهيكل. ومن أجل "راحة" الناس القادمين من مختلف الأماكن، سمح الكهنة ببيع الحيوانات اللازمة من أجل الذبائح وأيضا الدقيق والبخور والملح وسائر الأشياء المطلوبة لعيد الفصح وعيد الفطير.
ولكن يسوع لم ينخدع بجشعهم، ومرة أخرى اقتبس من العهد القديم بصفته المرجع الذي يتصرف على أساسه، فقال: أليس مكتوبا بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الأمم؟ وأنتم جعلتموه مغارة لصوص (مرقس 17:11؛ إشعياء 7:56؛ إرميا 11:7). لقد أتى السيد بغتة إلى هيكله، طبقا للنبوة، ليطهره (ملاخي 1:3-3).
لقد أصبح من الواضح أن الرؤساء الدينيين كانوا يتجاهلون عمدا الأدلة النبوية العديدة المتحققة، وأيضا المعجزات التي كانت تحدث في الهيكل. لقد أعماهم تعصبهم وكبرياؤهم ونفوذهم ومركزهم، ولذلك كان اهتمامهم الأول هو حماية مصالحهم المادية. إن هذه الحادثة تعلمنا درسا بأن كل من يقف إلى جانب الحق كما فعل المسيح عندما طهر الهيكل لا بد أن يتعرض للمقاومة.
يوجد احتياج اليوم إلى تطهير الهيكل، إلى شخص يقوم ويصنع سوطا من حبال ويطرد به التقاليد والأساليب العالمية المنتشرة في وسط الخدمة المسيحية. واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في برغامس: هذا يقوله الذي له السيف الماضي ذو الحدين: ... أن عندك هناك قوما متمسكين بتعليم بلعام.. أن يلقي معثرة.. ويزنوا.. فتب، وإلا فإني.. أحاربهم بسيف فمي (رؤيا 12:2-16؛ أيضا عدد 1:25-2؛ 16:31).
شواهد مرجعية: مرقس 6:10 (انظر تكوين 27:1؛ 2:5)؛ مرقس 7:10-8 (انظر تكوين 24:2)؛ مرقس 19:10 (انظر خروج 12:20-16؛ تثنية 16:5-20)؛ مرقس 9:11 (انظر مزمور 26:118)؛ مرقس 17:11 (انظر إشعياء 7:56؛ إرميا 11:7).
أفكار من جهة الصلاة: صل إلى الرب على الدوام إلى أن تحصل على إجابة (لوقا 1:18،7-8).