إن أول عظة سجلها الكتاب المقدس للرسول بولس كانت في رحلته التبشيرية الأولى. فبعد الكرازة بالإنجيل في العديد من المدن، دعي بولس من قادة المجامع في أنطاكية بيسيدية لكي يتكلم. وفي خطابه قدم بولس ملخصا مختصرا لتاريخ إسرائيل، ثم ذكرهم بيوحنا المعمدان الذي كرز بمعمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل (أعمال 24:13) لكي يستعد الناس لقبول غفران الخطايا ونوال الحياة التي جاء المسيح كي يهبها لنا. لقد أعد يوحنا الطريق ليسوع الناصري الذي أشار إليه معلنا أنه حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يوحنا 29:1).
فإذا قبلنا يوحنا نبياً من عند الرب، يجب أن نقبل يسوع أنه المسيح. كان هذا هو جوهر عظة بولس. وقد اختار بولس كتابات نبوية معينة لكي يثبت أن يسوع هو المسيا الذي تحققت فيه جميع تفاصيل النبوة، قائلا: ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا، إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني، أنت ابني أنا اليوم ولدتك (أعمال 32:13-33).
وقد أشار بولس إلى أن ناموس موسى كان عاجزا عن إعطاء البر الحقيقي وأن غفران الخطايا هو بفعل رحمة الله ونعمته في تبرير الخاطئ أمام الله القدوس. والتبرير معناه أنه من خلال بر المسيح وحده يستطيع الخاطئ الذي يلجأ إليه ويتطهر من خطاياه مع استيفاء مطلب الناموس.
وأضاف بولس قائلا: فليكن معلوما عندكم أيها الرجال الإخوة أنه بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا، وبهذا يتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى (أعمال 38:13-39).
لقد انقاد الرسول بولس بالروح القدس لكي يركز انتباهنا بالكامل على يسوع المسيح كالشخص الوحيد الذي فيه كل الكفاية لتبرير الخاطئ التائب.
التوبة هي أكثر من مجرد أن نختار أسلوبا أفضل لحياتنا، فهي تشمل الإدراك لبشاعة الخطية لكونها إهانة ضد الله، والحزن من أجل هذه الخطية، والرغبة الصادقة في التحرر منها، والقرار الحازم بشأن تجنبها ومقاومتها. إنها الشعور بأننا نحتاج يوميا أن نستمد من خالقنا الغفران والتطهير. فالخلاص الحقيقي مرتبط ارتباطا وثيقا بالتوبة (متى 20:11-21؛ 41:12؛ مرقس 15:1؛ لوقا 32:5؛ 13:10؛ 32:11؛ 3:13،5؛ 7:15،10؛ 30:16؛ 3:17-4؛ 47:24). ومع أن الخلاص يبدأ بالتوبة إلا أنه لا ينتهي عندها، فهو احتياج يومي. لقد كتب يوحنا إلى القديسين: إن قلنا أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا ...إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ... إن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذبا وكلمته ليست فينا (1 يوحنا 8:1-10).
ولما انفضت الجماعة تبع كثيرون من اليهود والدخلاء المتعبدين بولس وبرنابا اللذين كانا يكلمانهم ويقنعانهم أن يثبتوا [يستمروا في التمسك] في نعمة الله [البركة التي لا يستحقها الإنسان] (أعمال 43:13).
شواهد مرجعية: أعمال 22:13 (انظر مزمور 20:89)؛ أعمال 33:13 (انظر مزمور 7:2)؛ أعمال 34:13 (انظر إشعياء 3:55)؛ أعمال 35:13 (انظر مزمور 10:16)؛ أعمال 41:13 (انظر حبقوق 5:1)؛ أعمال 47:13 (انظر إشعياء 6:49).
أفكار من جهة الصلاة: اعترف بأخطائك إلى الرب وإلى الذين أسأت إليهم، واطلب الغفران (متى 23:5-24).