بغض النظر عن حجم المواهب أو القدرات أو الممتلكات التي لدينا، فإننا كوكلاء صالحين نستثمر هذه كلها في ملكوت الله، بدلا من أن نحتفظ بها لأنفسنا بطريقة أنانية. إننا كثيرا ما نحتاج أن نتذكر تحذير الرب القائل: تحفظوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته في أمواله (لوقا 15:12).
بعد ذلك ضرب لهم الرب مثلا عن خطورة الانخداع بالممتلكات، قائلا: إنسان غني أخصبت كورته. ففكر في نفسه قائلا: ماذا أعمل؟ ... وقال: أعمل هذا: أهدم مخازني وأبني أعظم وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي (لوقا 16:12-18). بالعمل الشاق والتخطيط الجيد في مجال الزراعة الذي هو مجال شريف وجدير بالاحترام، أصبح هذا الرجل غنيا. فليست هناك أي إشارة إلى أنه قد جمع ثروته بطرق غير شريفة. ولكن خطيته القاتلة كانت أنه قضى عمره في الجمع لنفسه. لقد وصفه الله بالغباء، ثم أضاف قائلا: هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنيا لله [أي ليس غنيا في علاقته بالله] (لوقا 20:12-21).
أراد يسوع أن يقول أن القيمة الحقيقية للإنسان لا تتحدد بحجم الممتلكات المادية المختزنة، بل باكتناز الكنوز في السماء (متى 20:6). ولا بد أن المهتمين بالعالم سيختلفون معنا في هذا الرأي، وذلك لأنهم يقيسون النجاح بحجم الثروة والشعبية والنفوذ.
إن رسالة ربنا يسوع تتناقض تماما مع الطموح العالمي من جهة اكتناز المزيد والمزيد من الممتلكات كوسيلة للرفاهية اليومية والأمان المستقبلي. فلا ينبغي للمسيحي أن يهتم لحياته بما يأكل ولا للجسد بما يلبس. لأن الحياة أفضل من الطعام [أي ليست مجرد طعام] والجسد أفضل من اللباس ... بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم (لوقا 22:12-23،31). وهذا لا يعني أننا لا يجب أن نخطط للمستقبل، لأن هذا أيضا خطية إذ نكون مثل العبد الذي دفن وزنته. فهو لم يبذرها مثل الابن الضال، ومع ذلك فإنه في النهاية سمع السيد قائلا له: أيها العبد الشرير والكسلان! ... العبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية ... إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته (متى 24:25-46). وهذا يعني أننا ينبغي أن نسعى ونجاهد ونطلب ملكوت الله بكل قلوبنا تماما مثلما يفعل الرياضي الذي يبغي الفوز إذ يكون له هدف واحد أسمى وهو على استعداد أن يتحمل كل شيء من أجل تحقيق هذا الهدف.
إن الطريقة التي بها نشارك الآخرين في وقتنا ومواهبنا هي تعبير عن إيماننا المسيحي. فلقد علمنا المسيح أن الحياة تكون ممتلئة عندما نعمل على امتداد وبناء ملكوته بالمحبة والخدمة والعطاء للآخرين. فنحن أيضا يجب أن نعد أنفسنا لنكون بحسب ما يريدنا الله أن نكون لنتمم الأهداف التي خلقنا من أجلها. وأما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة وغبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك ... لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة (1 تيموثاوس 9:6-10).
شواهد مرجعية: لوقا 27:13 (انظر مزمور 8:6)؛ لوقا 35:13 (انظر مزمور 26:118).
أفكار من جهة الصلاة: استرح في الرب؛انتظره بصبر (مزمور 7:37).