أنهى بولس رحلته التبشيرية الثانية وعاد إلى أنطاكية، بعد أن توقف أولا في أفسس حيث ترك أكيلا وبريسكلا. وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة (أعمال 20:19).
سأل بولس المؤمنين في أفسس: هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم؟ (أعمال 2:19). فلقد كان بولس يعرف أنه بدون ذلك يكون المؤمنون في خطر كبير أن يرتدوا أو أن يحيوا حياة عديمة الثمر وعديمة القوة. وبمجرد أن سمعوا عن هذه البركة المختصة بحضور الروح القدس في حياتهم أبدوا في الحال استعدادهم للحصول على ملئه.
إن مسألة سكنى الروح القدس يجب أن تكون لها أهمية جوهرية لدى أي شخص يريد أن يكرم الرب بحياة الخدمة. فإن الروح القدس كان يشغل مكانا حيويا في حياة الرسل. فلم يكن مسموحا لهم أن يبدأوا خدمتهم إلا بعد أن يمتلئوا من الروح القدس (أعمال 4:1-8؛ لوقا 13:11؛ 49:24). وكان الروح القدس بارزا في الكنيسة الأولى. فلقد قيل للمتجددين الأوائل: فتقبلوا عطية الروح القدس. لأن الموعد [أي موعد الروح القدس] هو لكم.. كل من يدعوه الرب إلهنا (أعمال 38:2-39؛ يوئيل 28:2-29).
ومن أفسس، شعر بولس بتوجيه الروح القدس له بأن يذهب إلى أورشليم قائلا إني بعد ما أصير هناك ينبغي أن أرى رومية أيضا (أعمال 21:19). وفي وقت لاحق اجتمع بولس مع شيوخ الكنيسة وقال لهم: ها أنا أذهب إلى أورشليم مقيدا بالروح لا أعلم ماذا يصادفني هناك، غير أن الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا إن وثقا وشدائد تنتظرني. ولكنني لست أحتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع (أعمال 22:20-25).
إن سكنى الروح القدس هي وعد الآب لكل مؤمن، فإنه يقوينا لكي نتحمل التجارب والآلام والاضطهادات كتلك التي حدثت مع بولس. وقد وعدنا يسوع قائلا: وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد (يوحنا 16:14). فهو لم يفترض فينا أن نعيش الحياة المسيحية بدونه بل أرسل الروح القدس لكي يحيا هو من خلالنا! كم هو مفرح أن نعرف أننا لسنا وحدنا وإنما نحن مؤيدون بالقوة بروحه في الإنسان الباطن (أفسس 16:3).
عندما ندرك أن روحه القدوس الساكن فينا يعطينا القدرة على إتمام مشيئته بغض النظر عن الظروف المناوئة (فيلبي 13:4)، فإننا سنقدر أن نحب الشخص الذي يسبب لنا الألم. فلا توجد مقاومة على الأرض تستطيع أن تسلبنا السلام الذي يعطيه لنا الله عندما نسمح للمسيح الملك بأن يملك زمام أمورنا. إن السلام الحقيقي لا يتأتي من غياب الصراع أو الألم بل من حضور المسيح وسيادته على أذهاننا.
فسواء كان مصدر المشقات هو من الأعداء أو عدم وفاء الأصدقاء أو الظروف التي لا نستطيع أن نفهمها، فهي من شأنها أن تحفزنا على المزيد من الخضوع لإرادة الروح القدس الساكن فينا. وإذ نفعل ذلك، سوف نسبح الرب ونقدم ذواتنا بالكامل لعمل إرادته عالمين أنه هو الذي أوجدنا هنا ويقدر أيضا أن يعبر بنا وسط جميع الضيقات (فيلبي 6:1).
ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح [أي الروح القدس] (أفسس 18:5).
أفكار من جهة الصلاة: صل بجهاد مع الآخرين (رومية 30:15).