عندما وصل بولس إلى أورشليم، أهاج القادة اليهود الجمع ضده بحجة أنه قد أحضر تروفيمس، وهو مسيحي أممي من أفسس، وأدخله معه إلى الهيكل (أعمال 27:21-29).
إن وجود تروفيمس في أورشليم قد أغضب اليهود ولكن الذي أغضبهم أكثر هو وجود بولس في الهيكل. فلقد كانوا يعتبرون بولس هو العدو الأول للديانة اليهودية، لذلك أخذوا يصيحون قائلين: خذ مثل هذا من الأرض! لأنه كان لا يجوز أن يعيش!... وكانوا يصيحون ويطرحون ثيابهم ويرمون غبارا إلى الجو (أعمال 22:22-23). عندئذ ألقي القبض على بولس.
وعندما فشلت المظاهرة وأيضا فشل مجمع السنهدريم في إصدار الحكم على بولس بالرجم، قرر اليهود الثوار أن ينفذوا الحكم بأنفسهم ويقتلوا بولس أثناء نقله من المعتقل في أورشليم إلى سجن قيصرية (أعمال 11:23-15). ولكن ابن أخت بولس سمع بالمؤامرة وأخبر القائد الروماني الذي قام سرا بتحويل بولس ليلا إلى فيلكس، الحاكم الروماني على اليهودية في قيصرية (أعمال 16:23-24).
مضت على الأرجح سنتان، وبعد ذلك أمر نيرون إمبراطور روما بإقالة فيلكس وتعيين فستوس بدلا منه.
وعندما أتى اليهود إلى قيصرية لعرض التهم التي يوجهونها لبولس، يبدو أن الحاكم الجديد أراد أن يجاملهم بتسليم بولس لأيديهم لكي يحاكموه في أورشليم؛ ولكن نظرا لأن بولس كان مواطنا رومانيا فلقد رفض أن يحاكم من اليهود ورفع دعواه إلى قيصر (أعمال 11:25-12).
وكان الملك هيرودس أغريباس الثاني (أعمال 1:12)،وهو الحفيد الأصغر لهيرودس الكبير وابن الملك هيرودس أغريباس الأول، حاكما على المنطقة الممتدة من الضفة الشرقية لنهر الأردن حتى دمشق شمالا. وكان من حسن اللياقة أن يزور الملك الحاكم الجديد. وانتهز فستوس فرصة وجود أغريباس ليطلب منه أن يستمع إلى دفاع بولس (أعمال 13:24-27).
وكم هو مؤسف حقا أنه لا توجد إشارة إلى أن أي من المسيحيين في كنيسة أورشليم قد فعل شيئا لتشجيع بولس أو تعزيته أو الدفاع عنه طوال مدة سجنه في قيصرية التي امتدت إلى سنتين. ولكننا نعلم أن الرب وقف بجواره (أعمال 11:23).
لقد حوكم بولس أمام ثلاثة حكام أقوياء في الإمبراطورية الرومانية وقد استمعوا إلى أقواله بشأن إيمانه بالمسيح. وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف الدينونة العتيدة أن تكون (أعمال 25:24)، كان لكل من هؤلاء القضاة رد فعل مختلف: لقد ارتعب فيلكس مرة أمام الكلام عن الدينونة العتيدة أن تكون؛ أما فستوس فلقد كان عنيدا فقال بصوت عظيم: أنت تهذي يا بولس! الكتب الكثيرة تحولك إلى الهذيان! وقال أغريباس لبولس: بقليل تقنعني أن أصير مسيحيا (أعمال 24:26،28). فسواء كانت كلمات الملك أغريباس صادقة أم بهدف التهكم، كما يظن البعض، فهذا لا يهم كثيرا إذ أن النتيجة كانت واحدة. ففي حدود علمنا لم يقبل أي من هؤلاء الرجال المسيح ربا ومخلصا له.
ومثل أغريباس وفيلكس (أعمال 24:23 - 27:24) فإن أناسا كثيرين تبكتوا بشدة بل أيضا اقتنعوا بأن يقبلوا المسيح مخلصا لهم. لقد وبختهم ضمائرهم ولكن إرادتهم العنيدة ترفض الخضوع. أناس كثيرون ينتظرون فرصة مناسبة للرجوع عن خطاياهم، غير عالمين أن رفضهم للفرصة المتاحة معناه أنهم قد اختاروا بالفعل الجحيم الأبدي. فلا يوجد سوى وقت مناسب واحد: هوذا الآن وقت مقبول، هوذا الآن يوم خلاص! (2 كورنثوس 2:6).
شواهد مرجعية: أعمال 5:23 (انظر خروج 28:22).
أفكار من جهة الصلاة: اعلم أن إرادة الله كثيرا ما تكون مختلفة عن رغباتنا الشخصية (2 كورنثوس 8:12-9).