تعليقات على الإسلام

بقلم:

أحد تلاميذ الرب

مقدمة

 

منذ حوالي خمسة أعوام، شرعت في دراسة القرآن والعقائد الإسلامية، وذلك بمساعدة أحد خدام الرب من الأساتذة الدارسين، والذين لهم باع طويل في علم مقارنة الأديان. وبعد حوالي أربعة أعوام من الدراسة، رغبتُ أن أقوم بخدمة منتجة دائمة الأثر للدارسين من بعدي في هذا المجال، ففكرت في تأليف كتاب يضمُّ كل ما تعرض له القرآن من الآراء والانتقادات منذ بداية الوحي لمحمد حتى آخر سورة الناس(114). ففكرت، وفعلاً بدأت العمل فيه، وبينما أنا مستمر في العمل اكتشفت بمكتبة كلية الآداب بإحدى الجامعات العربية أن القس Rev.E.M.Wherry. قد قام بتأليف موسوعة نقدية للقرآن تقع في أربعة مجلدات، كل مجلد حوالي أربعمائة صفحة، واسم الموسوعة A Comprehensive Commentary On The Quran طُبِعَت بلندن عام 1896م. ولم يمض على اكتشافي لتلك الموسوعة النقدية أسبوعان، حتى اكتشفت أن أستاذي وضع مؤلفاً عربياً في هذا المجال اسمه »هل القرآن معصوم؟!«، فعدلت عن فكرة نقد القرآن، وفكرت أن أضع كتاباً لنقد الأحاديث والسُّنَّة، ولكن سوء حظي كان يلازمني كظلي، فبعد حوالي نصف ساعة من طروء وخطور هذه الفكرة على بالي، أعطاني أستاذي كتاباً آخر في هذا المجال عنوانه »تعليقات على الحديث«، فكلما هممتُ بشيء أكتشف أن أحد المؤلفين قد سبقني. ففكرت في وضع كتاب نقد لبعض العقائد والمعتقدات اُلإسلامية، وتسليط الضوء على مواضيع ذُكِرَتْ في بعض الكتب، ولكن لم تُعَالَج باستفاضة وتحليل كامل. ففعلت ذلك مسمّيا إياه »تعليقات على الإسلام«.

فوضعت بحثي هذا تحت إشراف أساتذة أجلاّء وكبار في عِلْم النقد الأدبي بكلية الآداب بإحدى الجامعات العربية؛ فجاء هذا البحث على حسب ما يتطلب أصول البحث العلمي، فجاء غير مجافٍ للروح العلمية، بل على العكس يمتاز بتعدد عناصر التوثيق والمصادر. فكنت لا أكتفي بمجرد ذِكْرِ الحديث مرة واحدة، بل أكثر من مرة، ومن أكثر من مصدر ومرجع؛ حتى تأخذ القضية والموضوع الذي نحن بصدده صفة الشيوع والشهرة.

هذا حديث ليس من أجل جيل الحاضر التي من واجبها أن تعرف وتتعرَّف، تعلم وتتعلَّم، تفكر وتتكلَّم، بل من أجل أجيال سوف تأتى في الغد، وسوف تعرف لنا قدرنا وإن أنكرنا المنكرون، وسوف تنصفنا إن أداننا المدينون، وسوف تذكر لنا أننا لم نجبن ولم نقصِّر، وإننا بقدر ما أفزعنا بقدر ما دفعنا البشرية إلى الأمام، وبقدر ما أقلقنا بقدر ما استقرت الأجيال أيامهم، بقدر ما واجهنا بقدر ما توجَّهوا هم إلى المستقبل. هذا حديث قارئ يعيش القرن العشرين، وينتمي إليه عن أحداث بعضها يعود إلى الوراء أربعة عشر قرناً أو يزيد، ومن هنا يبدو الحديث صعباً على من يعيشون وينتمون بفكرههم لواقع ما قبل أربعة عشر قرناً، ويقيّمون من خلال معايشتهم وتبيّنهم لذلك الواقع أحداث حاضر القرن العشرين. هو في النهاية حديث قد يخطيء عن غير قصد، وقد يصيب عن عمد، وقد يؤرق عن تعمُّد، وقد يفتح باباً أغلقناهُ كثيراً وهو حقائق التاريخ، وقد يحيي عضواً أهملناهُ كثيراً وهو العقل، وقد يستعمل أداة تجاهلناها كثيراً وهي المنطق. وهو حديث في النهاية موجز أشد ما يكون الإيجاز، ولا يهتم بالحدث في ذاته بقدر ما يهتم بدلالاته. وليس أبلغ من التاريخ حجة، ومن الوقائع سنداً، ومن الأحداث دليلاً. وليس لهم من البداية أن ينكروا علينا ما رجعنا إليه من مصادر، وما استندنا إليه من مراجع، فهي ذات المراجع التي يحتجون بها على ما يرون أنه في صالحهم. ولو أهملنا معاً هذه المراجع، لما بقي من تاريخ الإسلام شيء، ولما بقيت في أيديهم حجة، ولما استقر في كتاباتهم دليلٌ، ولما وجدوا لمنطقهم سنداً أوصلاً أو توثيقاً!!

المؤلف