الباب التاسع شفاعة محمد يوم القيامة
جاء في صحيح البخاري الرابع صفحه 234 ما يلي ]قال الرسولe عن يوم القيامة في ذلك اليوم يُضرب الصراط ين ظهري جهنم فأكون أنا وأُمَّتي أول من يجتازها، وفى جهنم كلاليب مثل شوك السعدان لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأرد أن يُخْرِجُ برحمته من أرد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا منها من كان لا يشرك بالله شيئا، من أراد الله أن يرحمه من شهد أن لا إله إلاَّ الله فيعرفونهم في النار بأثر السجود حرَّم الله على النار أن تأكل أجسادهم فيخرجون من النار ويدخلون الجنة[.
وفى رواية أُخرى :]عن همام بن يحي عن أنس قال: قال النبي e :" يحبس المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون له :"أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسكنك الجنة أتيناك لتشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا". فيذكر خطيته بأكله من الشجرة ويقول لهم :"إيتوا نوحاً". فيأتون نوحاً ويستشفعونه، فيذكر خطيته التي أصاب وهى سؤاله ربه بغير علم ويقول لهم :"إيتوا إبراهيم الخليل". فيأتون إبراهيم ويستشفعونه فيذكر لهم ثلاث كلمات كذبهن ويقول لهم :"إيتوا موسى". فيأتون موسى ويستشفعونه فيذكر لهم موسى خطيته التي أصاب وهي قتله النفس التي حرَّم الله قتلها ويقول لهم :"إيتوا عيسى روح الله وكلمته". فيأتوا عيسى ويستشفعونه فيقول لهم :" إني لست هنا لكم"، إيتوا محمداً e عبداً غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني فاستأذن على ربي بالدخول في داره فيُأذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجداً فيدعني فيقول :"ارفع يا محمد وقل يسمح واشفع تشفع وسل تُعْطَى". فارفع رأسي فأثنى على ربي ثم اشفع فيحدُّ لي حداً فأخرج وأُدخلهم الجنة. وهكذا كما يروى في القصة كان محمد يكرر الاستئذان على الله بالدخول إليه والاستشفاع بالناس والله يحدُّ له الحد بعد الحد وهو يذهب ويخرج من النار ما أحدَّ له الله حتى ما يبقى في النار إلاَّ من حسبه القرآن أو وجب عليه الخلود في جهنم[.
وفى رواية أُخرى]إن محمداً لا يزال يشفع ويقول أُمَّتي أُمَّتي حتى يخرج الله من النار كل من قال لا إله إلا الله[.
أيصدق يا ترى عقلاء المسلمين هذه الروايات أنها قول محمد؟ لا أرى عقلائهم يعيرونها شيئا من الاعتبار، وذلك لما تتضمَّنه من الأمور الداكة إلى الحضيض كدعواه نبي الله. أما غير المسلمين فلا يرتابون أنها قوله، لتشابهها كثيراً بأقواله وادعاءاته ولا سيما قصة الإسراء والمعراج. ولدى إمعان النظر في هذه الأقوال لنا خمسة تعليقات
.
التعليق الأول: |
التناقض مع أقواله السابقة في وسائل دخول الجنة . |
التعليق الثاني : |
سقوط جميع الأنبياء في الخطية إلاَّ يسوع المسيح . |
التعليق الثالث : |
كون العذاب في جهنم سابق لرحمة الله . |
التعليق الرابع : |
إن الخطية ولو مرة واحدة مانعة لعدم قبول شفاعة . |
التعليق الخامس: |
عصمة ربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح من التلوث بالخطية . |
التعليق الأول:
التناقض مع أقواله السابقة في وسائل دخول الجنة.
نبدأ بالكلام عن قول محمد :]وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم[. إنك ترى الحق في هذه الجملة مسكوباً بقالب خرافي. والحق فيها أن الخطاة الفجار يؤخذون يوم القيامة بأعمالهم وفق ما جاء في الكتاب والقرآن ]وسيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون[ وهذا يتناقض على خط مستقيم مع أقواله في وسائل دخول الجنة كما رأينا في الباب الثالث، فترى من قرأ دبر كل صلاة ...الخ، وما من مسلم يتوفى له ثلاثة أولاد ...ويدخل النار من كان اسمه ...الخ
ففي هذا الباب نجد أن الخطاة يهبطون جهنم بأعمالهم الرديئة كالقتل والزنى والسرقة والظلم، وفي الباب الثالث نجد أن الخطاة يدخلون الجنة بتمتمات عقب كل صلاة، وببرِّ غيرهم، أفليْس الأمران نقيضين لا يجتمعان؟! لأنه إن كان الخاطئ يُعاقب بخطاياه فالأمر الثاني باطل! فأي القولين حق وأيهما باطل؟! وهل لمرسَل من الله أن يقول قولين متناقضين متضاربين؟!
التعليق الثاني :
إن كثيرين من المسلمين ينزهون أنبياء الله من الخطأ بسيرتهم وألسنتهم، ويكفِّرون من نسب لأحدهم خطية ما ارتكبوها، وهم بذلك يخطِّئون ويكذِّبون الكتاب المقدَّس، والقرآن، والسُّنَّة المبيَّن فيهم سقطات كثيرين من الأنبياء، وذلك منتهى الجهل والحماقة. فالحق أن أنبياء ومرسليه معصومون من الخطاء في أمر إعلانهم إرادة الله وإبلاغهم الملأ ما أُرسِلوا به إليهم من ربهم، وليسوا معصومين قط من الخطأ والذلل في سيرتهم وسريرتهم، إلاَّ مسيح الله الذي أقرَّ أنه ما أصاب خطية ولا ذنب، بل كل ما قاله: ]أنا لست هنا لكم[. ما سبب ذلك؟! وعلام يدل؟![1]
التعليق الثالث :
هل يُعقل أن الله يؤخِّر رحمته عمن أراد أن يرحمهم حتى يهبطوا جهنم ويذوقوا عذابها؟! هل الرحمة في الله محدثة؟! فقد علم أن من يرحم قبل أن يوجد ذلك المرحوم فيه، وإذا تقرر ذلك، هل يصح.القول إن الله الراحم عبده يؤخر ظهور رحمته حتى يذوق نار جهنم؟ أيدع الله عذاب النار يسبق فعل رحمته؟ أليس ما يُعقل أنه تعالى إذا رَحِمَ عبداً رحمة الغفران والعفو أن يرحمه رحمة كاملة تليق بكماله الإلهي ووجوده غير المتناهي؟ أليس أن أُمراء وملوك هذا العالم الدنيوي من ذوي الكرامة وشرف النفس إذا رَحِمَ مجرماً رحمة العفو أثناء مثوله أمام القاضي أو الأمير لا يدعه يدخل السجن، ولا أن يُهان أقل إهانة، كما هو الحال بين الخليفة المأمون وعمه إبراهيم الذي كان قد خرج عليه وسمى نفسه بالخليفة، وحين قُبِضَ عليه عفا عنه إشفاقاً وكرماً، ولم يمسه بأذى بل طيَّب قلبه وصرفه مكرماً...((والقصة معلومة)). فإن كان ذلك شأن الحاكم الأرضي الكريم فكم بالأحرى شأن الرحمن ذي الجلال والكمال الذي أراد أن يرحم عبداً لا يدع نار جهنم تمسه.
وخلاصة ما تقدم ينتج لنا بطلان القول :]حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يُخرِج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا منها من لا يشرك بالله شيئا الخ[. وغير خافٍ على الباحث الأمين أن مثل هذا القول يتضمن الإعزاء إلى الله سبحانه الندم على قضائه بطرح أمثال هؤلاء في النار، وإن إرادته الرحمة بهم محدثة!! جل وعلا الله عن ذلك
التعليق الرابع :
قد رأيت في حديث همام عن محمد، إن آدم، وموسى، ونوح، وإبراهيم، رفضوا استشفاع الله بمستشفعيهم بداعي أنهم أخطأوا إلى ربهم؛ مبينين أن خطيتهم لم تبقِ لهم سبيلاً إلى استشفاع الله بغيرهم من الخطاة، وبذلك يعلنون أن من تعدى حدَّاً من حدود الله مرة لاحقَّ له أن يشفع بمتعديين مهما كان عزيز المكانة عند الله سواء كان خليلاً أم كليما، ومعلوم لدنيا أن المذنب لا يشفع بالمذنب وليس للخاطئ حق الوساطة بين الله والخطاة، ذلك إعلان الله الصريح في الكتاب المقدس بخصوص الخطية والنعمة والحق. إن الخطية عمَّت بني آدم كافة، وألقتهم تحت قصاص هائل من الله، فأصبحوا بافتقار عظيم إلى من هو بلا خطية ولا ذنب يتوسط لهم لدى الله ويشفع فيهم. ولسان حالهم يقول : "ألا من بار من الناس لم يخطئ إلى ربه فيتوسط أمرنا لديه، ويشفع لنا عنده؟". نعم هذا لسان حال كل إنسان يشعر بثقل خطاياه، ورداءة تصورات قلبه، وإن الله من فرط رحمته بعباده، ورأفته بخلقه، هو كلمته الأزلية وابنه الوحيد المتأنس من عذراء، والمشهود له ببره من كل إثم وخطية، فضلاً عن مقدرته الخارقة في إجراء المعجزات وإعراضه عن الدنيا[2].
وهاك قطرة عن محيط مما جاء عنه في الكتاب المقدس.
(1)"مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شُفينا كلنا كغنم ظللنا ملنا كل واحد إلى طريقه ، والرب وضع عليه إثم جميعنا ... أنه ضرب من أجل ذنب شعبي على أنه لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش ... حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين " إش 35: 5،8،12
(2)“أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلاَّ بي" يو6:14.
(3)"إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله متبررين مجاناَ بنعمته بالفداء بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفَّارة بالإيمان بدمه" رو 3: 23،24،25
(4)"يا أولادي أكتب هذا إليكم لكي لا تخطئوا ، وإن أخطأ أحدٌ فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفار لخطايانا" ايو 2:1،2
ومما يستحق الاعتبار المطابقة الكلية بين الكتاب المقدس والمذهب الإسلامي في شيئين مما نحن بصدده
(1) بر السيد المسيح من كل خطية . (2) وساطته وشفاعته لدى الله بالخطاة
أما من حيث بر السيد المسيح من كل خطية فإن القرآن كما ترى وإن لم يصرِّح بذلك كالكتاب المقدس ففيه الدليل الراهن على خلو السيد المسيح له المجد من شائبة الإثم والخطأ، إذ إنه يذكر لأعاظم الأنبياء خطايا كموسى، وداود، توبة واستغفار، وكذلك يذكر القرآن لمحمد أن “الله غفر له من تقدَّم من ذنبه وما تأخر، وإنه رفع عنه وزره الذي أتقض ظهره”. مبيِّناً أن محمداً كان مثقل القلب بالأوزار والذنوب، ولكنه لا يذكر للمسيح ذنباً ولا توبة ولا استغفار؛ وهذا دليل على كمال برِّ المسيح وطهارته من كل دنس، وهل من دليل أقطع من هذا الدليل؟
أما من حيث وساطة وشفاعة السيد المسيح لدى الله بالخطاة، فلنا في القرآن دليلٌ وهو كلمة الملائكة للعذراء مريم حين بشَّروها بولادتها ]وجيها في الدنيا والآخرة[ (آل عمران 45:3) من لا يرى هذه الكلمة العظيمة الإشارة إلى وحدة وساطة عيسى المسيح الكلمة التي بها ميَّزه القرآن عما سواه من الأنبياء والمرسلين. مع أن الحديث الذي نحن بصدده دال كالقرآن على عدم اقتراف المسيح بخطية حيث أنه لم يُذكر لمستشفعيه ذنباً أتاه يمنعه من الاستشفاع بهم، فقط امتنع عن ذلك بقوله }أنا لست هنا لكم{ ولم يقدم سبباً يمنعه من ذلك، وحوَّلهم إلى محمد كما رأينا. ومحمد باعتبار المبدأ المُشار إليه باعتذار موسى، وداود، ونوح، وإبراهيم، وهو إن الخطية ولو مرة واحدة مانعة فاعلها من الاستشفاع بالخطاة، وكيف للسيد المسيح البار أن يمتنع عن استعمال حق شفاعته بقاصيديه؟! إن ذلك يتعارض من الكتاب المقدس والقرآن. فالكتاب المقدس يقول: "من يقبل إليَّ لا أُخرجه خارجاً" (يو 37:6) والقران يقول: ]وجيها في الدنيا والآخرة[ (آل عمران 45:3). وكيف يحوِّل عيسى قاصديه إلى رجل ممنوع أصلاً من الشفاعة بسبب كثرة خطاياه وذنوبه؟! أليس أن امتناع السيد المسيح عن استعمال حق شفاعته يخفق نبوَّة أعلنها القرآن بوجاهته في الآخرة؟! كيف يفعل المسيح هذا وإن إنجيلنا المقدس يعلن لنا أن يسوع المسيح يشفع في المؤمنين به وهم أحياء في هذا العالم حتى يؤهلهم للملكوت السماوي، أما في اليوم الأخير يوم القيامة لا توبة مقبولة ولا شفاعة بالذين ماتوا ولم يتوبوا، وما أجمل العبارة القائلة :"عجِّل بالتوبة قبل الموت" فلو كانت هناك توبة وشفاعة بعد الموت فقد نقض محمد بهذا الحديث نفس المبدأ الذي قرره، وانتحل لنفسه حق السيد المسيح، ولم يحسب لأولى النقد حساباً، وهل للملائكة أن تقول عنه وجيها في الدنيا والآخرة عبثاً؟ وما أجمل قول الرسول بولس :" إذاً هو حيٌّ ليشفع فيهم " عب 25:7
إن هذه القصة والدعوى التي لا نص في القرآن يعضدها، فإما إنها تقوُّل على لسان محمد لازدياد تعظيمه، أو إنه قال هو ذلك لغاية ازدياد تعلُّق القوم به واعتمادهم عليه وشفعيهم غير المردود. فسواء كانت تقوُّلا عليه، أو هو قالها ينشأ عنها اعتراضان :
الاعتراض الأول : إذا كان الله أنبأ العذراء مريم بلسان ملائكته أن المولود منها هو وجيه في الدنيا والآخرة، النبأ الذي لم يكن لنبي سواه فلا يصح بالعقل أن هذا الوجيه في الدارين يرفض استعمال وجاهته، وخاصة حين كان في دار الدنيا لم يردّ طالبا، ولم يرجئ سائلا سأله، بخلاف محمد الذي تولَّى عن الأعمى كما هو مذكور في سورة عبس (80 :1-10) فإذا كان هكذا في العالم يبرى الأكْمة والأبرص، ويشفى المرضى، ويحيي الموتى، ويشبع الجياع "1" فمن يستطيع أن يقدِّر ما يفعله بهم حين يلجأون لهم في الآخرة، وإن لم يكن كذلك فآية القرآن باطلة لا محل لها من الصحة، بيد أن المفهوم عند شرَّاح القرآن أن عبارة ]وجيه في الدنيا والآخرة[ تعني أن السيد المسيح يشفع بالمؤمنين به يوم القيامة. وهاك شرح الفخر الرازي لهذه الآية:}وجيه في الدنيا والآخرة : أولا: في الدنيا بسبب النبوة، في الآخرة بسبب علو المنزلة عند الله. ثانياً : في الدنيا أنه يُستجاب دعاؤه ويُحيي الموتى ويبرئ الأكمة والأبرص وفي الآخرة بسبب أنه تعالى يجعله شفيع أُمته ويقبل شفاعته فيهم. ثالثاً : وجيه في الدنيا بسبب أنه كان مبراءاً من الذنوب والعيوب التي وصفه اليهود بها، ووجيه في الآخرة بسبب كثرة ثوابه وعلو درجته عند الله تعالى(تفسير الفخر الرازي ج3، صفحة 676)[3].
لقد أحسن الإمام في ما قاله، ولا يحتمل النص أكثر من هذا، ولكن نسأل من هي أمَّة المسيح؟ أليست كافه المؤمنين به وباسمه حسب إنجيله من يهود وأُمم وعرب وعجم، وكما قال الإنجيل" أما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه " يو 12:1 فكل إنسان تائب مؤمن بالمسيح حسبما جاء عنه في الإنجيل هو من أُمته ، ويحق له شفاعته فيهم ومن لا يؤمن به فليس من أُمته وبالتالي يكون محروماً من شفاعته.
الاعتراض الثاني: إن محمداً أخطأ إلى ربه حسب القرآن والسُّنَّة والحديث الذي نحن بصدده سبق وصرَّح بذلك، وصرَّح أيضاً أن الخطية ولو مرة واحدة تمنعه من حق الشفاعة ولو كان نبياً ورسولاً، وعليه فمحمد ممنوع من ذلك بحسب ما جاء عنه في القرآن}استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم{ (سورة التوبة 80:9) فكيف صحَّ له الاستشفاع؟ وإن قيل إن الله غفر له. قلنا : ألم يغفر لموسى، وإبراهيم، ونوح، وداود، فلماذا لم يحق لهم شفاعة؟ وإنهم ليسوا كمحمد الذي كان يئنّ من ثقل خطاياه وذنوبه. وإن صحت لمحمد شفاعة فبالأولى تصح لإبراهيم خليله ولموسى كليمه.الذين كانا متمتعان بسلام الله وقربة منهم، وإذا كان لا يجوز لهم بسبب ما اقترفوه من خطية فبالأولى لا يجوز لمحمد الكثير الذنوب إذ ليس هو كخليله أو ككليمه ومن لا يرى أن البار أحقَّ بالشفاعة من الخاطئ !!
والخلاصة إن محمداً بعدما صرَّح لأصحابه أن الخطية تمنع الشفاعة عن الأنبياء مهما كانت مكانتهم، رأى نفسه قد تجرَّد من كل شئ حتى شفاعته، وحشر كل شئ في عيسى. فتدارك هذا الأمر وقال على لسان عيسى :}أنا لست هنا لكم{ فمن لا يرى عدم جدوى هذا الاستدراك بعد أن تبيَّن لنا أنه لا شفاعة له كما في (سورة التوبة 80:9)، وإنه ليس هو إلاَّ كوضع الدواء بفم الميت، ومما يثير الدهشة هو أنه لا يوجد من أصحابه من يمسكه من كلامه ويدخل معه في الجدال ويقول له : أغفر اللهُ لك يا محمد وحدك؟! أليس أن تكرار الشافع الاستئذان بالدخول إلى الحاكم الأرضي العادل وتواتر تشفعه بمجرمين محكوم عليهم شرعاً بالقصاص فوق ما كان قد حدد لهم مأوف منه، ولا يقبل ذلك إلاَّ حاكمٌ ظالمٌ، فكم بالأحرى لا يقبله الله عز وجل الذي يجزى كل نفس بما فعلت.
التعليق الخامس :
لابد لكل متعقل من المسلمين بعد وقوفه على النصوص العديدة في القرآن والسُّنَّة الدالة على بِر السيد المسيح من الخطية دون أنبياء الله ومرسيله كافة من خطور السؤال الآتي على باله : ما سبب بِرُ السيد المسيح من كل عيب وذنب؟ فإن المسيح مستثنى بذلك.عن معشر الأنبياء والرسل، ها قد ذُكِرَ ذنوب لأعاظم الأنبياء واستغفار وتوبة حتى محمد كان يستغفر الله حتى نزل علية القول:}غفر لك ما تقدم من ذنبك، ووضعنا عنك وزرك{ ولكنه لم يذكر مثل ذلك للسيد المسيح لا توبة ولا استغفار. هل ذلك بدون علةٍ موجبةٍ؟ وما هي يا ترى هذه العلة؟ ومهما أجهدنا أنفسنا باكتشاف هذه العلة في كتب الإسلام لا يُرى لهذا السؤال جوابٌ سديدٌ يروى الغليل سوى تفرُّده في الولادة، وعدم مس الشيطان، ونسبة السني بكلمه الله وروحه.
أخيراً عزيزي القارئ لقد نظرت إلى ربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح من وجة نسبه لله (روح الله) ومن وجه كماله الأدبي، ومن وجه أعماله الباهرة الخيرية، رأيت لظهوره في العالم أهمية تفوق جداً أهمية ما عداه من الأنبياء والرسل وغاية ما وراءها من غاية، أين تجد ذلك بياناً في القرآن؟! كلا… لا تجده إلاَّ في الكتاب المقدس الذي أنزله الرحمن نوراً وهدى للناس وعلى التي هي أحسن. فهل لك أن تطالعه بالتدبر والاحترام الواجبين لتقف فيه على هذه الغاية الإلهية التي عليها لا سواها تتعلق السعادة الحقَّة في الدنيا والآخرة
[1] راجع كتاب “خطايا الأنبياء و عصمة الوحي” سلسلة الهداية، العدد الأول LIGHT OF LIFE. VILLACH. AUSTRIA.
[2] “MIRACLES OF CHRIST”, BY: MENES ABDUL NOOR . CALL OF HOPE. STUTTGART. W. GERMANY
[3] يجدر بالقارئ أن يقتنى نسخة من كتاب : THE person of christ in the gosple and the KORAN. BY: abd al-fadi .the good way . RIKON. SUISSE.