أولاً : مصادر البحث
جاء في مسند أحمد، باقي مسند المكثرين، حديث رقم 10564 }حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا فَخْرَ{*.
جاء في صحيح البخاري، باب الرقاق، حديث رقم 6037 } حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْعَقُ النَّاسُ حِينَ يَصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ قَامَ فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ فَمَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {.
جاء في الترمذي، مناقب، حديث رقم 3543 }حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ لَيْثٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلا فَخْرَ قَالَ أَبمو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ{.
إن دعوى محمد هذه دعوى كبيرة جداً لم إليها أحدٌ من أنبياء اللَّه ورسله، ولكنها كما يخفي على الباحث الأمين دعوى مكسورة في القرآن والسنّة. فتراه ادَّعى حسب الراوين عنه من أصحابه أنه أوَّل من ينشق عنه القبر، فيكون أوَّل من قام من الأموات، ثم لا يلبث أن يكسر دعواه هذه وينقضها بقوله:}حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ فَقَالَ لا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَامَ فَلَطَمَ وَجْهَهُ وَقَالَ تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا فَمَا بَالُ فُلانٍ لَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ فَذَكَرَهُ فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَمْ بُعِثَ قَبْلِي وَلا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى {*بخاري، أحاديث الأنبياء، حديث رقم 3162. وفي رواية أخرى }حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَةً لَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَهُ شَكَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ لا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام عَلَى الْبَشَرِ قَالَ فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ قَالَ تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام عَلَى الْبَشَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَالَ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا وَقَالَ فُلانٌ لَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ قَالَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام عَلَى الْبَشَرِ وَأَنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ أَوْ فِي أَوَّلِ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام آخِذٌ بِالْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَوْ بُعِثَ قَبْلِي وَلا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلام و حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ سَوَاءً {*مسلم، الفضائل، حديث رقم 4376
فتأمل عزيزي القارئ، إذا كان موسى يُبعث من الموت قبله، فكيف يكون أوَّل من تنشق عنه الأرض؟! وأوَّل من يقوم؟! وإذا كان لا يدري سبب قيام موسى قبله، فكيف دري أنه أوَّل من ينشق عنه القبر؟! وأوَّل الناس خروجاً إذا بُعِثوا؟! وقائدهم إذا وفدوا؟! وحيث أنه قد أبطل دعواه أنه أوَّل من يُبعث بما قاله عن موسى دلَّ ذلك على أنه لا يدري هذا أو ذاك، وما قاله قاله لغرض ازدياد تعلُّق أصحابه به حتى يهوِّن عليهم الموت في سبيل نصرته وإعلاء شأنه، كما رأينا في انتحاله حق عيسى المسيح البار في الشفاعة. وأغرب ما في الأمر هو كيف رضي أئمَّة المسلمين بكتابة هذين النقيضين عن لسان من يعتبرونه نبي اللَّه؟! ألم يروا أن ذلك يحطّ من قدره ويقدح في نبوَّته؟! وألا يُرجَّح أن هذا الحديث هو في الأصل دسيسة من بعض أعداء اليهود بغرض إسقاطه في عيون المفكِّرين؟!
أما دعواه أنه أوَّل شافع مشفع، وإنه سيد ولد آدم يوم القيامة، وإن المفاتيح يومئذٍ بيده، وإنه أكرم ولد آدم على ربّه، فهذه أيضاً أبطلها بما قاله على عيسى المسيح –كما رأيت في الباب التاسع، وستراه في الفصل الثاني من الباب الرابع عشر- ولما كان بالإعادة إفادة نأتي على ذكر ثلاثة أمور، اثنين من القرآن، وواحد من الحديث. فقد جاء في القرآن أن عيسى كلمة من اللَّه وروح منه، وقد دُعي في بعض كتب الإسلام روح اللَّه، فأي أعزّ وأكرم على اللَّه من روحه؟! فالقرآن يقول عن محمد إنه عبد اللَّه ورسوله، ومما لا شك فيه أن كلمة اللَّه وروحه أعظم بما لا يُقاس من عبده ورسوله، وأكرم ولد آدم على اللَّه، والذي يزيد ذلك بياناً الأمر المُشار إليه في الحديث ألا وهو إخفاء أمر ولادة المسيح عن الشيطان، وصدَّه بجيش من ملائكته حتى لا يدنو منه، مستثنَى بذلك عن كافة ذرية آدم[1]. أفلا يعني ذلك أن المسيح أكرم ولد آدم على اللَّه؟! فإن كان محمد أكرم ولد آدم على ربّه فلماذا لم يكرمه ربّه كرامته المسيح؟! ولماذا سمح ربه أن ينخسه الشياطين حين ولادته؟! عزيزي القارئ أيٌّ أكرم على اللَّه عندك، الذي هو كلمته، وروحه، ولم يكن للشيطان سبيل إليه لأن اللَّه حرسه بجيش من ملائكته، أم الذي هو عبده ورسوله (حسب القرآن) وقد نُخِسَ من الشيطان حين ولادته. وقد اتضح أن أكرم الناس على اللَّه هو المسيح وهو سيد ولد آدم اليوم ويوم القيامة، ودليل ذلك أيضاً في الإسلام النبأ بمجيئه ثانيةً إلى العالم وإهلاكه المسيح الدجَّال، وملكه على العالم.
ولنا هنا وقفة، وهي أن سيد ولد آدم، وسيد الناس جميعاً هو اللَّه لا الإنسان. كما جاء في التوراة في سفر يشوع بن نون :"ويكون حينما تستقر بطون أقدام الكهنة حاملي تابوت الرب سيد الأرض كلها" (يش 3: 13). وقول اللَّه عن ذاته مراراً في رؤيا حزقيا النبي:"هكذا قال السيد الرب" (حز 2: 4، 3: 11 و27، 6: 3، 7: 2 و5). ولم يجيء في الكتاب المقدَّس عن نبي من أنبياء اللَّه أنه سيد البشر أو سيد الأرض أو السيد (بأل التعريف)، ولا واحد منهم ادَّعى بشيء من ذلك، إلاَّ المسيح مرَّة واحدة إذ قال بعد غسله أرجل تلاميذه :"أنتم تدعوني معلِّماً وسيداً، وحسناً تقولون لأني أنا كذلك فإن كنت أنا السيد والمعلِّم قد غسلت أرجلكم، فأنتم جب علكم أن غسل بعضكم أرجل بعض، لأني أعطيتكم مثالاً حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً". (يوحنا 13: 13-15). وهل كان حقٌّ ليسوع المسيح بهذه الدعوى لو لم يكن ابن اللَّه وكلمته وروحه الدَّالة على كونه جوهراً إلهياً؟
أمَّا دعواه بالشفاعة بالناس يوم القيامة بقوله :"أنا أول شافع ومشفَّع يوم القيامة"، وقوله:"أنا شفيعهم إذا حُبسوا". فهي ساقطة لسببين
السبب الأول : لأنها دعوى بلا بيِّنة، لأن لا نص في القرآن يؤيِّدها.
السبب الثاني : لأن القرآن ينص على أن الشفاعة في الدار الآخرة خاصة بعيسى المسيح، بقوله عنه على لسان الملائكة :"وجيهاً في الدنيا والآخرة" (سورة آل عمران45:3). وقد تكلمنا عن ذلك بما فيه الكفاية في الباب التاسع (فليراجع في مكانه) فلماذا انتحل محمد لنفسه وجاهة المسيح في الآخرة؟! وهل أخطأت الملائكة بهذا القول؟! خلافاً للنص المبين، أترك النظر في ذلك إلى ذوي العقول الثاقبة من المسلمين.
وقد قيل إن محمداً لم يخيِّر نفسه على أنبياء اللَّه وقد خيَّر بعضهم عليه كما في هذا الحديث }حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ جَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ فَقَالَ مَنْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ ادْعُوهُ فَقَالَ أَضَرَبْتَهُ قَالَ سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ قُلْتُ أَيْ خَبِيثُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى {*البخاري، كتاب الخصومات، حديث رقم 2235. فلم يكذِّب محمد ذلك اليهودي ولم يخطِّئه، فلم يقل له كذبت يا فلان بقولك:"إن اللَّه اصطفى موسى على البشر" بل تركه وشأنه، ونهى أصحابه أن يخيِّروه على أنبياء اللَّه، ثم لا يلبث أن أبان بسياق حديثه أفضلية موسى عليه، إذ سبقه بالقيامة من الأموات، والأخذ قبله بعرش اللَّه.
وجاءت هذه الأحاديث لتحسم لنا هذا الموقف }حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْمُخْتَارِ ح و حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ أَخْبَرَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلام{ صحيح مسلم، كتاب الفضائل، حديث رقم.4367. }حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْمُخْتَارِ ابْنِ فُلْفُلٍ قَال سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ قَالَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ أَبمو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ{*الترمذي، كتاب تفسير القرآن، حديث رقم3275. }حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ يَذْكُرُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ{*سنن أبي داود، كتاب السُّنَّة، حديث رقم4052. }حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ قَالَ فَقَالَ ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلام {*مسند أحمد، باقي مسند الكثيرين، حديث رقم12361. }حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ قَالَ ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلام {*مسند أحمد، باقي مسند الكثيرين، حديث رقم12440. }حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ قَالَ ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ أَبِي { *مسند أحمد، باقي مسند الكثيرين، حديث رقم 12441. لماذا اعترف محمد بأفضلية إبراهيم وخيرته عليه؟ وإذا كان إبراهيم خليل اللَّه خير البرِّية فهو لا محالة أكرم الناس على اللَّه، فأين إذاً قول محمد :"أنا سيد ولد آدم … أنا أكرم ولد آدم على ربِّي".
وخلاصة الأمر أن محمد قد أفصح بما قاله في القرآن والسُّنَّة عن أفضلية المسيح على كافة أنبياء اللَّه، وفي السُّنَّة عن أفضلية إبراهيم وموسى عليه.
فكيف له بعد هذا البيان منه أن يعود فيدَّعي الأفضلية عليهم والسيادة بقوله:" أنا سيد ولد آدم، أنا أوَّل الناس خروجاً إذا بُعثوا، أنا أنا أنا أنا" ولماذا لم يكن قدوةً لأتباعه ويلتزم بقوله:"من قال أنا فهو شيطان". وألا ترى عزيزي القارئ أن هذه الدَّعوى منه بهذه الأنانية كانت بعد فوات الأوان، وهل تؤخذ دعوى لسانه بمحمل الجديَّة بعد أن صرَّح بأفضلية السابقين عليه، أليس أن مثَل نبي الإسلام مثَل إنسان شهد بلسانه وإمضائه أن ذلك البيت الذي في المكان الفلاني، المؤلَّف من طبقات كذا وغرف كذا وكذا، هو ملك فلان الفلاني إرثاً له من أبيه فلان الفلاني، ثم بعد ذلك يقوم ويدَّعي أن هذا البيت ملكاً له لأنه اشتهاه لنفسه! فمن لا يرى بطلان دعوى كهذه وجورها، ومن لا ينذهل عجباً من نبي الإسلام كيف ينقض هكذا قوله بقوله، وينفي بادِّعاءاته ما قد سبق فقرره؟ أيخلق ذلك بالأنبياء؟! وهل أتى نبيٌ مثل ذلك؟!
وننتقل هنا إلى نقطة أخرى وهي كيف أخذ أصحاب محمد بتعظيمه وإعلاء شأنه على الأنبياء، حتى اضطر إلى نهيهم عن ذلك بقوله:"لا تخيِّروا بين أنبياء اللَّه، وإن خير البرية لا أنا بل إبراهيم، وهذا يرجح للعقل بأن معظم الأحاديث في شأن تعظيم محمد موضوعة ومختلقة من أتباعه المغرمين به، كأنهم بذلك يبغون منافسة اليهود والمسيحيين من حي موسى والمسيح، على أن الطائفتين المذكورتين لا يعظِّمون هذين أكثر مما أبان اللَّه في كتابه.
وفي النهاية تبقى كلمة تعجب من أئمّة الإسلام وعلمائهم، كيف هم بعدما لهم في قرآن محمد من الدلالة الراهنة على عظمة شخصيه المسيح، ونسبه الكريم، وسموّه الفائق على كل نبي، يرفعون محمد بن عبد اللَّه فوقه بألسنتهم وأقلامهم داعينه أنه أوَّل خلق اللَّه وخاتم الأنبياء والمرسلين. أليس ذلك نوعاً من امتهان للقرآن والسُّنَّة، ونبذاً لما يعتقدونه كلام اللَّه؟!