الفصل الخامس
التناقض بين أقوال محمد وأفعاله
أولاً : مصادر البحث
1. جاء في »صحيح مسلم« الجزء الخامس، صفحه 249 ما يلي{عن أم الدرداء قالت سمعت أبا الدرداء يقول:"سمعت رسول الله يقول لا يكون اللَّعانون شهداء ولا شفعاء"}.
2. جاء في »صحيح مسلم« الجزء الخامس صفحه 250 {عن أبى هريرة عن الرسول قال إني لم أُبعَثُ لعَّاناً وإنما بُعثت رحمة}.
3. جاء في كتاب »إحياء علوم الدين« للغزلي، الجزء الثالث صفحه 127{عن النبي ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان}.
4. جاء في كتاب »المستدرك« الجزء الأول صفحة 110 ما يلي {عن النبي قال:"لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعَّاناً}. لقد أقرَّ محمد شرِّ اللعن وعدم جدارته به وبالمؤمنين كما رأيت، ثم ناقض ذلك بسبه ولعنه رجلين مسلميْن (على ذمة الراوي)
5. جاء في »صحيح مسلم« الجزء الخامس صفحه 250 ما يلي.{روى أن عائشة قالت":دخل على رسول الله رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه، فلعنهما وسبَّها، فلما خرجا قلت له:"يا رسول الله لمن أصاب من الخير شيئاً ما أصابه هذان وما ذاك قلت لعنتهما وسببتهما"، قال:"أما علمت ما شارطتُ عليه ربي قلت اللهم إنما أنا بشرٌ فأي المسلمين سببته ولعته فاجعلهُ لهُ زكاةً وأجرة"}. وفي رواية أخرى »بصحيح مسلم« الجزء الخامس، صفحة 250{فأيُّما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة}.
ثانياً : التعليق على ما سبق
بين الكتاب المقدس والأحاديث
بعض الدعاوي المشبوهة يحتاج إلى دحضها شهادة من الخارج، وبعضها مدحوضة من نفسها كما رأيت في هذا الموضوع. فهي كما رأيت طاعنة نفسها بنفسها، ألم ترَ نبي الإسلام كيف سبق فصرَّح أن الدُّعاء على الناس ليس من أخلاق المؤمنين، وليس المؤمن بالطعان ولا باللعان، وإنه هو ما بُعِثَ لعَّاناً، وإن اللعَّانين لا يكونون شفعاء يوم القيامة. فما أحسن هذا القول منه وأقربه إلى قول المسيح :»باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضكيم وصلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم« ((مت 44:5)) وقول بولس الرسول:»باركوا ولا تلعنوا« ((رو14:12)) وقول الرسول بطرس:»غير مجازين عن شرٍّ بشرٍّ أو شتيمةٍ بشتيمةٍ« ((1بط 9:3))
كيف أنه بعد هذا القول سبَّ ولعن، وأفتى لنفسه ما أفتى!! عزيزي القاريء: هل يناجيك العقل لدى وقوفك على هذه الأمور المرويَّة عن محمد؟ فإن كان الدعاء على الناس باللعن ليس من أخلاق المؤمنين، أيكون من أخلاق الأنبياء المشرِّعين؟! أليس إذا لم يكن من أخلاق عامة الناس فبالأولى لا يكون من أخلاق الأنبياء المرسلين؟ وكيف أنه ما بُعِثَ لعَّاناً وقد سبَّ ولعن؟ وكيف هو رفض أن يلعن المشركين، وقد سبَّ ولعن مسلميْن موحديْن؟! أليس هذا تناقضاً بين القول والفعل؟!
الخروج من المأزق
ثم إذا كان قوله :{لا يكون اللعَّانون شهداء أو شفعاء يوم القيامة}، ألا يكون بذلك قد جرح دعواه بالشفاعة يوم القيامة جرحاً مميتاً. هل من حجة تحاكى غرابة احتجاج نبي الإسلام عن لعنه وسبِّه المسلمين بقوله لزوجته عائشة بعد أن أمسكته من كلامه وأنكرت عليه ما فعل-وكم هو مؤلم ومخزي أن أولاد العالم يوبِّخون الأنبياء ويعلِّمونهم الاستقامة-{أو ما علمت ما شارطتُ ربي عليه. الخ} أهذا كلام الأنبياء؟! أيسلِّم عقلك بمثل هذا الاحتجاج؟ أعوض أن يستغفر الله ذنوبه ويتوب إليه عن إثمه، يشترط عليه عزَّ وجل أن يجعل لعنه للمسلم زكاة وأُجرة. أليس ذلك أغرب وأعجب ما سُمِعَ؟، لأنه مؤكداً أن من احتمل بالصبر و شُتِمَ ظُلْماً مع مقدرته على المقاومة بالمثل، ثم عفا عن شاتمه، فقد أتى فضيلة يؤجر عليها،.ولكن الشاتم لا يُبرأُ من ذنبه. ثم يلوح لك من القصة أن عائشة قد سمعت من محمد يقول بحضرة أصحابه "إن الدعاء على الناس ليس هو من أخلاق المؤمنين،ومانع للشفاعة، وإنه ما بُعِثَ لعَّاناً. الخ. لذلك رفض أن يلعن المشركين إجابة لطلب أحد أصحابه، رأته عائشة بعد ذلك يسبُّ ويلعن رجلين، أنكرت عليه ذلك، ولم يسعها إلاَّ أن تقول ما يُشْتَمُّ منه رائحة التبكيت، وكأني بها تقول له:يا رسول الله أأنت رأس المسلمين وإمامهم، ألم تصرِّح أن لا شفاعة للعَّان يوم القيامة؟! أفلا يكون لعنك للناس قادحاً بدعواك أنك شفيع المسلمين يوم القيامة؟ فما هو مخرجك من ذلك يا رسول الله؟!
مداعبة من نوعٍ لطيف
أما محمد فقد رأى حقاً أنه وقع في يد الفتاة عائشة، وحُجَّ منها، لجاء إلى تلك الدعوة الغريبة لما يعلمه من بساطة قلبها وشدة يقينها به كرسول الله. فدار بينهما هذا الحوار الأدبي الخيالي:
·*محمد :"أما علمت يا عائشة ما شارطتُ ربي عليه".
·*عائشة :"لا يا رسول الله ، وما هو؟!".
·* محمد :"قلت اللهم أنا بشرٌ، فأي المسلمين سببته أو لعنته فاجعله له زكاة وأجراً".
·*عائشة :"صحيح يا رسول الله ؟ أراك تمزح معي".
·*محمد :"لا يا عائشة ليس ذلك مني بمزحٍ، بل أقول الحق والجد". ولكن أيُشَارَطُ الله من العبد؟! انظر لما أُمسك من امرأته -وأي مسكة- ضاق زرعاً عن الدفع المقبول، ولم يعدم من حذقه حجة يتنصَّلُ بها من يد الفتاة الساذجة، فبادرها وردَّ عنها سهام لومها خائباً.
خلاصة الأمر :
إن هذه القضية هى من أوليات نُكَت نبي الإسلام وغرائبه القادحة في دعواه النبوَّة والرسالة من عند الله. وكل عاقل منا يرى أنه لو أجاب عائشة حين أُمسِكَ منها:"فما أنا يا عائشة إلا بشرٌ ضعيف، وإن كنت نبياً، وليس النبي معصوم من الخطأ في السيرة بل في إبلاغه الرسالة للناس، فقد أخطأتُ بلعني الآخرين واستغفر الله لذنبي وأتوب إليه". لكان ذلك أفضل تخلُّصٌ له وأحسن دفع!!.