كان
عبد الله بن مسعود أحد
أئمة القراءة من أصحاب النَّبِي
وكان أول من جهر بالقرآن بين المشركين
في مكة، وكان أحد الأربعة الذين أمر
النَّبِيّ بأخذ القرآن عنهم.
فعَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنُ عَمْرٍو أنه ذَكَرَ
عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لاَ
أَزَالُ أُحبُّهُ؛ سَمِعْتُ النَّبِيَّ
يَقُولُ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ
أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ
مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، وَمُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
فلمَّا
جمع عثمان القرآن،
ونسخه في المصاحف، وأرسلها إلى الأمصار،
كَرِه ذلك ابن مسعودٍ، فقد كان يكره أن
يُمنع أحدٌ من قراءة شيء سمعه من رَسُول
اللهِ
عن
أبي الشعثاء قال: كنا جلوسًا في المسجد،
وعبد الله يقرأ، فجاء حذيفة، فقال: قراءة
ابن أم عبدٍ، وقراءة أبي موسى الأشعري!
والله إن بقِيتُ حتى آتِيَ أمير المؤمنين (يعني
عثمان) لأمرتُهُ أن يجعلها قراءةً واحدةً.
قال: فغضب عبد الله، فقال لحذيفة كلمةً
شديدةً. قال: فسكت حذيفة.
ولَمَّا
أرسل عثمان المصحف
إلى الكوفة مع حذيفة بن اليمان كره ذلك ابن
مسعود، وكان يرى أنه أحق بأن يقوم بجمع
القرآن، لما له من المكانة في القراءة،
والتلقِّي عن رَسُول اللهِ .
عن
عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنه قَالَ:
عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُونِّي
أَقْرَأُ؟ لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ
اللهِ بِضْعًا
وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَإِنَّ زَيْدًا
لَصَاحِبُ ذُؤَابَتَيْنِ يَلْعَبُ مَعَ
الصِّبْيَانِ.
لَمَّا
أمر عثمان بانتزاع
المصاحف المخالفة وإحراقها، رفض ذلك ابن
مسعودٍ، وأمر الناس بأن يغلُّوا المصاحف..
وقَالَ
الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ
بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ
عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَرِهَ
لِزَيْدِ ابْنِ ثَابِتٍ نَسْخَ
الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ
الْمُسْلِمِينَ، أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ
كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ، وَيَتَوَلاَّهَا
رَجُلٌ، وَاللهِ، لَقَدْ أَسْلَمْتُ
وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ رَجُلٍ كَافِرٍ،
يُرِيدُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَلِذَلِكَ
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يَا
أَهْلَ الْعِرَاقِ اكْتُمُوا
الْمَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُمْ
وَغُلُّوهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ:}
وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ { فَالْقُوا اللهَ
بِالْمَصَاحِفِ.
قَالَ
الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ
كَرِهَهُ مِنْ مَقَالَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ
رِجَالٌ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ.
رواه
ابن ماجه في سننه كتاب المقدمة، باب فضل عبد
الله بن مسعود (1/49) ح 138، و كتاب
المصاحف،لابن أبو داود الجستستاني باب
كتابة المصاحف ص 152-153.