عن سورة الأحزاب
أخرج
أحمد بن حنبل في مسنده :" حدثنا عبد الله
ثنا خلف بن هشام ثنا حماد بن زيد عن عاصم بن
بـهدلة عن زر عن أبي بن كعب أنه قال : " كم
تقرؤون سورة الأحزاب ؟ قلت : ثلاثا وسبعين
آية . قال : قط ! لقد
رأيتها وأنّها
لتعادل سورة البقرة وفيها
آية الرجم ! قال زرّ : قلت
وما آية الرجم ؟ قال : (
الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة
نكالاً من الله
والله عزيز حكيم ) ".مسند
احمد 5/123 حديث 21245 . والاتقان 2/25 .
هذه
الرواية صريحة في أن الأحزاب التي عرفها
سيد القرّاء أبي بن كعب كانت ثلاثة أضعاف
الموجود ، وأنه لم يعهد السورة بـهذا العدد
القليل من الآيات فتعجب من سقوط أكثرها ،
وكما ترى لو كان للضياع أصل يعوّل عليه لما
خفي عن مثل سيد القراء أبي بن كعب ، وإلا فما
معنى أن الرسول أمر الصحابة أن يستقرئوه
القرآن بعد عبد الله بن مسعود ؟!
وهنا
رواية أشكل من سابقتها : " عن عروة بن
الزبير عن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب
تقرأ في زمن النبي مائتي آية فلما كتب
عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن
".الاتقان 2/25 .
فإن
بين طياتـها اتـهاما لعثمان بتحريف
المصاحف وحذف أكثر من مئتي آية من سورة
الأحزاب وهذا الكلام موافق للروايات
الصحيحة التي أخبرت أن عثمان حذف ستة أضعاف القرآن .
عن زر بن حبيش قال : قال لي أبيُّ بن كعب :
كم تقدّرون سورة الأحزاب؟ قلت : إمّا ثلاثاً
وسبعين آية ، أو أربعاً وسبعين آية . قال :
إنْ كانت لتقارن سورة البقرة ، أوْ لهيَ
أطول منها!!
وعن حذيفة قال: قال لي عمر بن الخطاب: كم
تعدّون سورة الاحزاب؟ قلتُ: إثنتين أو
ثلاثا وسبعين آية. قال: إن كانت لتعدل بسورة
البقرة وإنْ كان فيها لاية الرجم. الدرّ
المنثور 5 / 180،
قال ابن حزم في المحلّى عن إسناد هذه
الرواية : «هذا إسناد صحيح لا مغمز فيه»
راجع : المحلّى ، لابن حزم 11 : 234 مسألة 2204 .
والإتقان 3 : 82 . ومعالم التنزيل 1: 136. وفواتح
الرحموت 2 : 73.
نقل السيوطي في تفسير الدّر المنثور عن
تاريخ البخاري، عن حذيفة أنّه قال: قرأت
سورة الاحزاب على النبيّ، فنسيت منها سبعين
آية ما وجدتها. الدرّ المنثور 5 / 180، في أوّل
تفسير سورة الاحزاب. جوامع السيرة ص 277؛
وتقريب التهذيب 1 / 156؛
عن زر عن أُبيّ بن كعب قال: كانت سورة
الاحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها (الشيخ
والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة).
المستدرك وتلخيصه 2 / 415، تفسير سورة
الاحزاب؛ والاتقان، النوع السابع
والاربعون في ناسخه ومنسوخه 2 / 25.تذكرة
الحفاظ ص 1405؛ وكشف الظنون 1 / 1624.
وإذا ما علمت أنّ في سورة البقرة (286) آية ،
وفي الأحزاب (73) آية فإنّه سيكون المقدار
الناقص من آياتها بموجب هذه الرواية (صحيحة
الإسناد !!) هو (213) آية أو أكثر من ذلك « أو
لهي أطول منها» أمّا مقداره في قول عائشة
فهو (127) آية ، بينما نجد ابن حبّان في صحيحه
يروي عن أبيُّ بن كعب بأن سورة الأحزاب
توازي سورة النور، وسورة النور (64) آية .
راجع : البرهان في علوم القرآن ، للزركشي 2 :
41 ـ42 .
ومن مراجعة صحيح مسلم ، والبرهان للزركشي
، والدر المنثور في تفسير سورة البينة ،
يعلم أنّ إحصاءهم ـ أو قل : تقديرهم لعدد
آيات سورة البينة ـ ينقص عما هو عليه اليوم
(121) آية ؛ لاَنّهم رووا عن أبي موسى
الاَشعري وغيره ، بأنَّها في الطُّول كسورة
براءة _التوبة_ أي : (219) آية ! بينما المصحف
يشهد على كونها ثمان آيات فقط . راجع :
صحيح مسلم 2 : 726. والبرهان في علوم القرآن 1 :
43 . والدر المنثور 8 : 587.
على أنّ ما قدمناه أهون بكثير من إحصاء
عمر بن الخطاب لحروف القرآن الكريم كما في
رواية الطبراني ، وقد شهد على ذلك السيوطي
في الاِتقان ، وإليك نص ما نسبه إلى عمر من
أنَّه قال : «القرآن ألف ألف حرف ، من قرأه
صابراً محتسباً كان له بكل حرف زوجة من
الحور العين» . راجع : الاتقان في علوم
القرآن : 242 ـ 243. كنز العمال 1 / 460، الحديث 2309
و ص 481، الحديث 2427؛ والاتقان 1 / 72 في آخر
النوع التاسع عشر في عدد سور القرآن وآياته
وكلماته وحروفه؛ والدرّ المنثور 6/ 422.تذكرة
الحفاظ ص1118؛ وكشف الظنون 1 / 2 وذيله ص 648؛
وهدية العارفين 1 / 648.
وهنا
لابدّ من وقفة قصيرة فنقول : إنّ المنقول في
إحصاء حروف القرآن هو : عن ابن مسعود : ( 322670 )
حرفاً .
وعن ابن عباس قولان : أحدهما : (323621) حرفاً .
والآخر
: (323670) حرفاً .
وعن مجاهد : (320621) حرفاً .
وعن إبراهيم التيمي : (323015) حرفاً .
وعن عبد العزيز بن عبدالله : (321200) حرفاً .
وعن غير هؤلاء (321000) حرفاً .
بينما نقل الزركشي: أنّهم عدّوا حروف
القرآن فكانت ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألف
وسبعمائة وأربعون حرفا. البرهان في علوم
القرآن 1 / 249،
وبناء على ما روي عن الخليفة عمر، فقد ذهب
ثُلثا القرآن
وكلّ هذه الاستقراءات ذكرها الفقيه أبو
الليث نصر بن محمّد السمرقندي
في كتابه بستان العارفين ، مطبوع بذيل
كتاب تنبيه الغافلين في الموعظة بأحاديث
سيد الأنبياء والمرسلين: 457 الباب 149.
بيد أنّ المنقول عن أكثر القراء هو : (323671)
حرفاً .
ولكنّ
الإحصاء الكومبيوتري يشير إلى أن عدد حروف
القرآن يساوي (330733) حرفاً ، ومنه يعلم كم
يبلغ مقدار ما فقد من القران .
وهذا يعني أنّ القرآن كان أكبرَ من
الموجود بثلاثة أضعاف، فإنّ الموجود حروفه
(323671) كما هو رأي ابن عبّاس أيضا (الإتقان 1/
231). فهل نصدّق برواية عمر الذي جعل الله
الحق في قلبه وعلى لسانه ؟ .
الاختلاف كبير جدّا في عدد الآَيات بين
العلماء، قال السيوطىّ تعديد الآي من
معضلات القرآن ونقل عن الموصلي: اختلفَ في
عدّ الآَي أهلُ المدينة ومكّة والشام
والبصرة والكوفة، ولأهل المدينة عددان (الإتقان
1/1-232).