أوّلا: ما يدلّ على أنّ
البسملة
آية من سور القرآن
عن عبد اللّه بن عباس قال: (بِسْمِ اللّهِ
الرَّحمنِ الرَّحِيمِ)، آية.
الدرّ المنثور 1 / 7.
عن طلحة بن عبيداللّه قال : قال رسول اللّه
: ((من ترك (بِسْمِ اللّهِ الرَّحمنِ
الرَّحِيمِ) فقد ترك آية من كتاب اللّه)).
الدرّ المنثور 1 / 7. تذكرة الحفاظ ص 90، وهدية
العارفين 1 / 75. جوامع السيرة ص 281؛ وتذكرة
الحفاظ ص 109؛ تقريب التهذيب 1 / 379.
عن الصحابي أنس، قال: بينا رسول اللّه ذات
يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثمّ رفع رأسه
متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول اللّه؟ قال:
أنزلت عليّ آنفا سورة، فقرأ: (بِسْمِ اللّهِ
الرَّحمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا
أَعْطَينَاكَ الكَوثَر..). صحيح مسلم، كتاب
الصلاة، باب (حجة من قال: أنّ البسملة آية من
كلّ سورة سوى براءة) الحديث 53، وسنن
النِّسائي، كتاب الافتتاح، باب قراءة
البسملة؛ وسنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب
من لم ير الجهر بالبسملة 1 / 208؛ ومسند أحمد 3 /
102؛ وسنن البيهقي 1 / 43.
عن ابن عمر، قال: نزلت (بِسْمِ اللّهِ
الرَّحمنِ الرَّحِيمِ) في كلّ سورة. الدرّ
المنثور 1 / 7. هدية
العارفين 2 / 692.
عن ابن عمّ النبيّ؛ ابن عباس: أنّ النبي
كان إذا جاءه جبريل فقرأ (بِسْمِ اللّهِ
الرَّحمنِ الرَّحِيمِ)، علم أنّها سورة.
عن ابن عباس قال: كان النبيّ لا يعرف فصل
السورة، وفي لفظٍ، خاتمة السورة حتّى ينزل
عليه (بِسْمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ).
زاد البزار والطبراني: فإذا نزلت عرف أنّ
السورة قد ختمت واستقبلت أو ابتدأت سورة
أُخرى. مستدرك الحاكم 1 / 231، الدرّ المنثور 1
/ 7، سنن أبي داود،
كتاب الصلاة، باب من جهر بها 1 / 209؛ وسنن
ومستدرك الحاكم 1 / 232، و1 / 231 ـ 232؛ مجمع
الزوائد للهيتمي 6 / 310؛ و 2 / 43؛ الدرّ
المنثور 1 / 7؛ ومصنف
عبد الرزاق 2 / 92. تذكرة الحفاظ ص 76 ـ 77؛
وتقريب التهذيب 1 / 292.
بعد إيراد روايات وجوب قراءة البسملة
نستعرض في ما يأتي الروايات المناقضة لها.
الروايات المناقضة
روايات
وجوب قراءة البسملة
مع كلّ الروايات التي دلت أنّ النبي
والخلفاء وجمعا من الصحابة والتابعين
أجهروا بقراءة البسملة في الصلاة ، نجد في
كتب صحاح الحديث روايات تناقض الروايات
السابقة مثل رواية مسلم في صحيحه
والنِّسائي في سننه وأحمد في مسنده عن
قتادة عن أنس بن مالك، قال: صلّيت مع رسول
اللّه وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا
منهم يقرأ (بِسْمِ اللّهِ الرَّحمنِ
الرَّحِيمِ). صحيح مسلم، كتاب الصلاة،
الحديث رقم 50 و52؛ وسنن النِّسائي، باب ترك
الجهر بالبسملة من كتاب افتتاح الصلاة 1 / 144؛
ومسند أحمد 3 / 177 و 273 و 278.
عن أنس أنّه قال: صلّيت خلف النبيّ (ص) وأبي
بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد
للّه ربّ العالمين لايذكرون (بِسْمِ اللّهِ
الرَّحمنِ الرَّحِيمِ) في أوّل قراءة، ولا
في آخرها.
عن
يزيد بن عبد اللّه، قال: سمعني أبي وأنا
أقول (بِسْمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ)،
فقال أي بني إياك. قال: ولم أر أحدا من أصحاب
رسول اللّه كان أبغض إليه حدثا في الاسلام
منه، فإنِّي قد صلّيت مع رسول اللّه ومع أبي
بكر وعمر ومع عثمان فلم أسمع أحدا منهم
يقولها فلا تقلها. إذا أنت قرأت فقل: الحمد
للّه ربّ العالمين. صحيح مسلم، كتاب
الصلاة، الحديث 52؛ وسنن النِّسائي، كتاب
افتتاح الصلاة، الباب 20؛ ومسند أحمد 3 / 203 و
205 و 223 و 255 و 273 و 278 و 286 و 289 و 4 / 85
. راجع سنن الترمذي 2 / 43؛
والمصنف لعبد الرزّاق 2 / 88.
اختلاف
الفقهاء في شأن
البسملة
من الطبيعي أن يؤدِّي تناقض الروايات
الانفة في شأن البسملة إلى اختلاف في وجوب
قراءة البسملة أو عدمه، وفي الجهر بها أو
عدمه. فقد قال الشافعي : إنّها آية من أوّل
سورة الفاتحة ويجب قراءتها معها. وقال مالك
والاوزاعي: انّه ليس من القرآن ولا يقرأ لا
سرّا ولا جهرا إلاّفي قيام شهر رمضان.
وقال أبو حنيفة: تقرأ ويسرّ بها، ولم يقل:
إنّها آية من السورة أم لا. قال يعلى: سألت
محمّد بن الحسن عن (بِسْمِ اللّهِ...) فقال ما
بين الدفتين قرآن، قال: قلت فَلِمَ تسرّه ـ
أي تقرأه سرّا ـ قال فلم يجبني. في بحوث من
تفسير الرازي 1 / 194؛ وكتاب الاُم للشافعي 1 /
107؛ ومختصر المزني ص 14؛ والعدّة للصنعاني 2 /
410؛ والاتقان في علوم القرآن ـ طبعة بيروت 1 /
78 ، 79؛ والبيان للسيِّد الخوئي ط. 3، ص 467 ـ 468
و 552؛ والمنتقى 1 / 151؛ وسُبل السلام في شرح
بلوغ المرام للكحلاني 1 / 172.
سؤالنا هنا هو : اذا كان المسلمين قد
اختلفوا في البسملة أن كانت من القران أم لا
. ماذا نقول نحن الغير مسلمين ؟ إلا يحق لنا
التشكيك بها كما شكك الصحابة والتابعين رضي
الله عنهم وأرضاهم ؟ .
لنفرض
أن فريقا من العلماء قطعوا بجزئية جملة من
القرآن ، فمن ينفي جزئيتها من القرآن سيكون
في نظرهم مخطئا لأنه أنقص من القرآن ما هو
منه ، وكذلك من نفى جزئية تلك الجملة من
القرآن يرى من أثبتها للقرآن قد زاد فيه ما
ليس منه .
فالنافي
يعتقد أن المثبت محرّف بالزيادة والمثبت
يعتقد أن النافي محرّف بالنقص والحذف منه ،
والمعلوم بديهيا أن تلك الجملة إما أن تكون
من السور فيلزم التحريف بالنقص لمن أنكرها
لأنه يرى عدم جزئيتها منها، وإما ألا تكون
جزءًا من السور فيلزم التحريف بالزيادة لمن
ألحقها ، وذلك لاستحالة كون الجملة جزء من
سور القرآن وليست منها في آن واحد ، فلا
يخلو الأمر من ثبوت التحريف لأحد من
الطرفين سواء بالزيادة أو النقص .
أو
قل إن تلك الجملة إما قرآن وإما غيره فإن
كانت قرآنا في الواقع فمن نفاها كان محرفا
بالنقص والحذف وإن لم تكن قرآنا فإن من
أثبتها كان محرفا بالزيادة .
نستخلص
مما سبق أن من ذهب إلى عدم كون البسملة في
أوائل السور من القرآن هم الإمام مالك وأبو
حنيفة وأصحابـهما والأوزاعي وداود وأحمد
ين حنبل على رواية .
والصحابة
الذين قالوا أنـها جزء من أوّل كل سورة عدا
براءة هم ابن عباس وابن عمر وابن الزبير
وأبو هريرة وعلي ومن التابعين عطاء وطاوس
وسعيد بن جبير ومكحول والزهري وعبد الله بن
المبارك وكذلك الإمام الشافعي وأحمد بن
حنبل على رواية أخرى، وإسحاق بن راهويه
وأبو عبيد القاسم بن سلام .
وعلى
هذا الاختلاف بين أكابر علمائهم بالإثبات
والنفي ، يتضح أن صغرى القياس : ( حصل
الاختلاف بين علمائهم في جزئية جملة ما
لسور القرآن بالإثبات والنفي ) صحيحة ، وتلك
الجملة هي البسملة (وحصول الاختلاف
بالإثبات والنفي في جزئية جملة ما لسور
القرآن يلزم منه التحريف بالنقص أو
بالزيادة ) فيستنتج
تلقائيا وبالضرورة :
(
حصول الاختلاف بين علمائهم في جزئية
البسملة لسور القرآن يلزم منه التحريف
بالنقص أو بالزيادة ) ،
فإما أن تكون من القرآن في أوائل السور
فيثبت التحريف بالنقص لمن نفاها من علمائهم
، وإما أن لا تكون منه فيثبت التحريف
بالزيادة لمن أثبتها منه ، وعليه لم تتضح
الحقيقة الكاملة للقرآن عند المسلمين ، فهم
في ريب وشك في آيات منه .
صحيح مسلم، كتاب الصلاة، الحديث 52؛ وسنن النِّسائي، كتاب افتتاح الصلاة، الباب 20؛ ومسند أحمد 3 / 203 و 205 و 223 و 255 و 273 و 278 و 286 و 289 و 4 / 85 . راجع سنن الترمذي 2 / 43؛ والمصنف لعبد الرزّاق 2 / 88.وسنن النِّسائي، باب ترك الجهر بالبسملة من كتاب افتتاح الصلاة 1 / 144؛ ومسند أحمد 3 / 177 و 273 و 278. بحوث من تفسير الرازي 1 / 194؛ وكتاب الاُم للشافعي 1 / 107؛ ومختصر المزني ص 14؛ والعدّة للصنعاني 2 / 410؛ والاتقان في علوم القرآن ـ طبعة بيروت 1 / 78 ، 79؛ والبيان للسيِّد الخوئي ط. 3، ص 467 ـ 468 و 552؛ والمنتقى 1 / 151؛ وسُبل السلام