اختلف علماء المسلمين في ترتيب سور
القران على أقوال: فمنهم الذي قال : ان
ترتيب سور القران توقيفي من النبي وكما
انزل عليه ، واصحاب هذا الرأي هم : ابي بكر
الانباري، ابو جعفر النحاس، الكرماني،
والطيبي وغيرهم
ومنهم الذي قال : ان ترتيب سو، ر القران
اجتهادي من الصحابة . وممن جنح إلى هذا
القول كل من : الامام مالك، ابو بكر
البلاقاني، ابو الحسين احمد بن فارس.
ومما استدل به أصحاب هذا القول:
ان
مصاحف الصحابة كانت مختلفة في ترتيب
سورها مثال على ذلك : ان مصحف علي بن ابي
طالب كان مرتب السور بحسب ترتيب نزولها
على محمد : فكان أوله سورة العلق، قم
المدثر، ثم ن ، ث/ المزمل، ث/ تبت، ثم
التكوير، وهكذا إلى آخر السور المكية
، ثم السور المدنية بحسب ترتيب
نزولها.
ومصحف عبد الله بن مسعود ، وآبى لن كعب ،
كانا مبدوءين بسورة البقرة، ثم النساء،
ثم آل عمران والأنعام
وهكذا. راجع الإتقان 1/ 83. ومباحث في
علوم القران 148.
وقد اخرج السيوطي في إتقانه حديثاً بان
تأليف سور القران كتقديم السبع الطوال
وتعقيبها بالمئين قد تولته الصحابة .راجع
اتقان 1/82.
واستدل لذلك اختلاف مصاحف السلف في ترتيب
السور فمنهم من رتبها على النزول وهو
مصحف علي، كان أوله اقرأ ثم المدثر ثم نون
ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير وهكذا
إلى آخر المكي والمدني ، وكان مصحف ابن
مسعود البقرة ثم النساء ثم آل عمران على
اختلاف شديد، وكذا مصحف ابي بن كعب وغيره
.
واخرج ابن اشتة في المصاحف من طريق
إسماعيل بن عباس 000
عن آبى محمد القرشي قال: آمرهم عثمان ان
يتابعوا الطول، فجعلت سورة الأنفال
وسورة التوبة في السبع ولم يفصل بينهما
ببسم الله الرحمن الرحيم .راجع اتقان 1/82.
واخرج احمد والترمذي وآبو داود والنسائي
وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال: قلت
لعثمان : ما حملكم على ان عمدتم إلي
الأنفال وهي من المثاني والى براءة وهي
من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا
بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم
ووضعتموهما في السبعة الطوال؟ فقال
عثمان: كان رسول الله تنزل عليه السورة
ذات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا
بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات
في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا،
وكانت الأنفال من أوائل ما انزل في
المدينة وكانت براءة من آخر القران نزولا
وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها
منها ، فقبضرسول الله ولم يبين لنا أنها
منها ، فمن اجل ذلك قرنت بينهما ولم اكتب
بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم
ووضعتها في السبع الطوال. راجع الاتقان
1/80.
وقد اخرج آبى داود في المصاحف من طريق
محمد بن إسحاق عن يحي بن عباد بن عبد الله
بن الزبير عن
أبيه قال: أتى الحارث بن خزيمة بهاتين
الآيتين من أخر
سورة براءة فقال اشهد
أني سمعتهما من رسول الله ووعيتهما ،
فقال عمر: انا اشهد لقد سمعتهما ثم قال: لو
كانت ثلاثة آيات لجعلتها سورة على حدة،
فانظروا أخر سورة من القران فألحقوها في
أخرها. قال ابن حجر ظاهر هذا انهم كانوا
يؤلفون آيات السور باجتهادهم راجع
الاتقان 1/81 .
لماذا غير عثمان ترتيب
سور القران ؟ أما كان من الأمانة
للوحي وللحقيقة وللتاريخ ان يبقى القران
على تاريخ نزوله فنعرفه مرتبا وكما انزل
ولا كما جمعه نعثله ولجنته؟. - نعثله لقب
أطلقته عائشة على عثمان. راجع :
كتاب المصاحف ص 20و 18. انظر أيضا تأويل
مشكل الآثار (4/193)، راجع : تأويل مشكل
الآثار للطحاوي ، باب
بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ
رَسُولِ اللهِ مِنْ قَوْلِهِ: أُنْزِلَ
الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.
(4/193). وذكره الحافظ في الفتح (8/633). البخاري
في صحيحه: كتاب فضائل القرآن باب جمع
القرآن (8/626) ح 4987. الإبانة عن معاني
القراءات ص 48-49. المصاحف ص 28-29. أحمد في
مسنده: (5/232) ح17364.