التراث العربي المسيحي
2
مجموعة نصوص وأبحاث |
|
بإدارة المطران ناوفيطوس أدلبي |
مقالة في التوحيد
للشيخ يحيى بن عدي
حققها
عن المخطوطات وقدم لها
الأب سمير خليل اليسوعي
أستاذ الأدب العربي المسيحي
في المعهد البابوي الشرقي برومة
المكتبة البولسية |
|
المعهد البابوي الشرقي |
1980
كلمة شكر
قد أسهم في تمويل طبع هذا الكتاب كل من غبطة البطريرك مكسيموس الخامس حكيم ، ومؤسسة جورج ومتيلد سالم الخيرية بحلب ، والاتحاد الكاثوليكي في سويسرا ، والسيد موريس باسيل عبجي من حلب ، والأب كسافيه عيد من القاهرة . فلهم منا أجزل آيات الشكر.
المطبعة البولسية
جونيه – لبنان
هذه المجموعة الجديدة
يسعدني ويشرفني أن أقدم لكتاب صديقي العزيز ، الأب سمير خليل اليسوعي ، عن يحيى بن عدي ، بكلمة مقتضبة أعرض فيها على النخبة المثقفة من أبناء العروبة ومن المستشرقين ، الغاية التي نتوخاها من نشر هذه المجموعة الجديدة ، وقد أطلقنا عليها اسم "التراث العربي المسيحي" ، والأساليب العلمية التي ننوي العمل بموجبها والسير عليها .
قد يتساءل البعض من المستشرقين ، بل من العرب أنفسهم : هل للمسيحيين العرب من إنتاج أدبي وعلمي مميز ، أم يجب الأخذ بالقول المأثور : "أبت العربية أن تتنصر ..."
الواقع هو أن قبائل عربية برمتها ، في شبه الجزيرة العربية وفي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ، كانت قد تنصرت منذ ما قبل الاسلام ، كما أن الكتابة العربية بوجه التخصيص مدينة في نشأتها للمسيحيين العرب .
وبعد الاسلام والفتح العربي ، تأقلمت الجماعات المسيحية المختلفة في المشرق ، وحتى في الاندلس ، مع البيئة الثقافية الجديدة ، فاستعربت بسرعة غريبة ، وأغنت الثقافة العربية بما نقلته عن تراثها القديم : اليوناني منه والسرياني والقبطي ، وحتى اللاتيني . ثم أقدم أبناؤها على التعمق في ما نقلوه وعلى تطويره .
فالمسيحيون إذا ليسوا غرباء عن الثقافة العربية أو دخلاء عليها ، بل هم ، إذا جاز هذا التعبير ، حجر زاويتها ، وهمزة الوصل بينها وبين ثقافة العالم المشرقي القديم . فقد اسهموا في نشأتها وتطويرها وانتشارها إسهاما لا ينكره إلا الجاهل أو المغرض .
إن البعض من هؤلاء المؤلفين العرب المسيحيين معروف لدى العرب والمستشرقين ، من مثل حنين بن اسحق (المتوفي سنة 873) ، وهو أكبر
"النقلة" المسيحيين من اليونانية والسريانية إلى العربية ، أو ابن العبري ، المؤرخ
الشهير (المتوي سنة 1286) ، او جبران خليل جبران ، صاحب كتاب "النبي" (المتوفي سنة
1931) ، والقليلين غيرهم .
على ان العدد الاكبر من المؤلفين العرب المسيحيين ، يكاد الجمهور المثقف في بلادنا يجهلهم تماما ، مع أنهم خلفوا لنا آثارا جديرة بالفخار والاعتزاز في شتى الميادين ، كالطب والفلك والرياضيات والكيمياء والفلسفة وعلم الكلام والتاريخ والقانون والعلوم الطبيعية والشعر وغيرها.
وإن هذه المجموعة الجديدة ، مجموعة "التراث العربي المسيحي" ، إنما أنشئت لكي تطلع جمهور المثقفين على ما انتجه الفكر العربي المسيحي من آثار أدبية وعلمية ، وما أسهم به في نشأة الثقافة العربية على وجه العموم وتطويرها ، علما بأن الكتبة العرب المسيحيين ليسوا قلة ، بل يعدون بالمئات ..
ولا بد لنا هنا من شرح الكلمات الثلاث التي اخترناها للدلالة على مجموعتنا هذه الجديدة . فالتراث هو ما آل الينا من أسلافنا المسيحيين منذ القرن السادس الميلادي حتى العصر الحديث ، وإن كنا نركز ، في هذه الحقبة الطويلة من تاريخ إنتاجنا الفكري ، على ما نسميه العصر الذهبي للأدب المسيحي في الشرق ، وهو يمتد من نحو سنة 750 الى نحو سنة 1350 .
ومن بين مخلفات هذا الانتاج الفكري الشامل المتنوع ، اخترنا ما كتب منه باللغة العربية ، دون اليونانية او السريانية او القبطية ، سواء أكان منقولا منذ القدم عن اللغات الاجنبية ، أم وضع أصلا باللغة العربية . وغني عن القول أن العروبة التي نعنيها في مجموعتنا هذه تقتصر على عروبة اللغة والبيئة الثقافية والحضارية .
ثم اننا نحصر هذا الانتاج الفكري في ما وضعه المؤلفون المسيحيون في مضمار علم الكلام او الفلسفة او الطب او الادب وما شاكل . فالعبرة إذا في اختيارن ليست لمضمون الكتاب ، بل لمجرد كون واضعه من المسيحيين العرب القدماء .
وبمختصر الكلام ، فان مجموعتنا هذه إنما تعتزم نشر التراث الثقافي العربي
الذي خلفه لنا الكتاب المسيحيون في العالم العربي ، أيا كان مضمون مؤلفاتهم ، وأيا
كانت الجمعة المذهبية التي ينتمون اليها .
اننا بنشرنا هذه المجموعة نقصد القارئ لعربي قبل غيره من المولعين بالثقافة الشرقية عموما ، والعربية خصوصا . لكن هدفنا هذا لا يعني بالنسبة لنا الاكتفاء بطبعات مبسطة او غير ذي طابع علمي . فالتطور الثقافي في العالم العربي المعاصر يفرض علينا اسلوبا علميا دقيقا . لذلك أخذنا على عاتقنا ألا ننشر النصوص التي نختارها إلا بعد تحقيق دقيق ومقارنة حثيثة بين اكبر عدد ممكن من المخطوطات ، واكثرها أمانة للأصل ، فنضع بين أيدي القراء العرب نصا أقرب ما يكون الى الأصل الذي وضعه المؤلف ، متحاشين في الوقت عينه التعقيد الذي يميل اليه بعض المستشرقين ، ممن يوردون في حواشي الصفحات ما قيمة له وما لا قيمة له من مختلف اخطاء الناسخين ، فيجعلون النص صعب القراءة ، مبهم المعنى .
في كل مجلد من مجلدات هذه المجموعة — وقد يناهز عددها المئة ، ان شاء الله — سوف يجد القارئ نصا او اكثر لأحد المؤلفين العرب المسيحيين ، مع مقدمة مسهبة عن سيرة حياة المؤلف وتآليفه ، وتحليل منطقي للنصوص المنشورة ، تتبعها فهارس مفصلة تسهل عمل اللغويين وسواهم من الباحثين . نضيف الى ذلك مقدمة مختصرة في إحدى اللغات الاجنبية ، مع ذكر المصادر المطبوعة باللغة العربية واللغات الاجنبية ، تسهيلا لاستعمال الكتاب على الذين لا يجيدون اللغة العربية قدر ما ينبغي .
أما الهدف الذي نتوخاه من وراء نشر هذه المجموعة فهو مثلث :
الهدف الاول ثقافي علمي ، يرمي إلى إطلاع المثقفين العرب والمستشرقين على جزء كبير من الانتاج الفكري العربي ، بقي حتى الآن غامضا عليهم او مجهولا .
والهدف الثاني هو ديني ، يرمي إلى حمل المسيحيين في العالم العربي على اكتشاف ينابيع فكرهم الاصيل ، علما بأن الكثيرين منهم قد يجنحون الى تجاهل ذاك التراث العربي المسيحي الذي هو تراثهم . وبذلك نسهم ، قدر
امكاننا ، في مساعدة المسيحيين على فتح حوار مع اخوانهم المسلمين ، تكون له جذور عميقة في تراثهم العربي المشترك .
والهدف الثالث والاخير هو اجتماعي ، يرمي الى تسليط الاضواء على الدور الهام الذي قام به المسيحيون في نشأة الحضارة والثقافة العربية . وبهذا ايضا نساعد المسيحيين والمسلمين على استيعاب تلك الحقيقة الرانية ، وهي كونهم اعضاء في جسم المجتمع العربي الواحد عينه .
وهكذا يتضح جليا ان لهذه المجموعة الجديدة أبعاد الحوار الهادئ البناء على جميع المستويات : على مستوى الحوار بين المسلمين والمسيحيين ، وعلى مستوى الحوار بين المسيحيين أنفسهم ، وعلى مستوى الحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة . فلا بد لهذه الحضارات والثقافات من ان تلتقي يوما وتتعاون في تقدير متبادل واحترام عميق لما تمثله كل واحدة منها من نور ومن خير ، لعالمنا العربي وللعالم أجمع .
فان كنا نسهم اسهاما متواضعا في خلق هذا الجو الجديد من الانفتاح والمحبة ، في عالمنا وفي العالم ، نكون قد بلغنا أعز أمانينا ، وحققنا أحلى أحلامنا .
واننا ندرك تمام الادراك ما سوف يعترض طريقنا من عراقيل وصوبات . لكننا نثق ، بعد الله سبحانه وتعالى ، بتضافر جهود عدد كبير من الاصدقاء ، وتفهمهم مسعانا . فمشروعنا لا يخلو من طموح ، ولعله لا يخلو أيضا من بعض الغرور ... لكن الامل يحدونا بأن مثل هذا المشروع الضخم سوف يهيب بالاصدقاء والمحبين ، وهم كثر والحمد لله ، فيتعاونون معنا على تحقيقه ، ولا بد ان يقوم من بينهم من يحمل المشعل معنا ومن بعدنا ، اذا ما هوى يوما من يدنا ، فيتابع المسيرة في خدمة هذا الوطن العربي العزيز . والله حسبنا ونعم الوكيل .
حلب في 8 كانون الاول 1979 |
|
المطران ناوفيطوس ادلبي |
فهرس الكتاب |
|
|
|
|
الصفحة |
|
مقدمة الناشر |
13-156 |
مقدمة المطران ناوفيطس ادلبي |
5-8 |
|
تصدير |
|
19-22 |
|
1- يحيى بن عدي فيلسوف منسي |
19-20 |
2- إحياء ذكرى يحيى بن عدي |
20-21 |
|
3- أهمية المقالة في التوحيد |
21-22 |
|
|
4- كلمة شكر |
22 |
الفصل الأول : حياة أبي زكريا يحيى بن عدي |
25-37 |
|
|
1- نشأته |
25-28 |
2- يحيى طالب في بغداد |
28-30 |
|
3- يحيى رئيس فلاسفة العالم العربي |
30 |
|
4- تلاميذ يحيى بن عدي |
31-33 |
|
5- مؤلفات يحيى المؤرخة |
34-36 |
|
6- وفاة يحيى بن عدي |
36-37 |
|
الفصل الثاني : أبو زكريا يحيى بن عدي والكتب |
38-44 |
|
|
1- يحيى بن عدي ناسخ |
38-39 |
|
|
2- يحيى بن عدي واقتناء الكتب |
39-41 |
3- مكتبة يحيى الفلسفية |
41-44 |
|
الفصل الثالث : مؤلفات يحيى بن عدي |
45-57 |
|
|
1- تقدم الأبحاث في هذا المجال |
45-47 |
2- ذكر مؤلفات يحيى |
47-57 |
|
الفصل الرابع : مخطوطات المقالة في التوحيد |
61-69 |
|
|
1- مخطوطات النص الكامل |
61-63 |
2- وصف المخطوطات المعتمد عليها في تحقيقنا |
63-68 |
|
3- علاقة المخطوطات بعضها ببعض |
68 |
|
4- الملحق ومخطوطاته |
69 |
|
الفصل الخامس : مختصر المقالة وملحقها ، للصفي بن العسال |
70-78 |
|
|
1- الصفي بن العسال وإنتاجه |
70-71 |
2- مخطوطات المختصر |
71-73 |
|
3- مقارنة نص يحيى الكامل بنص الصفي المختصر |
73-78 |
|
4- الخلاصة |
78 |
|
الفصل السادس : منهجنا في تحقيق النص |
79-91 |
|
|
المقدمة : الغاية من نشر المخطوطات |
79-80 |
أولا - تبليغ القارئ نص المؤلف الصحيح |
80-86 |
|
|
1- اختيار النسخة أو النسخ المخطوطة |
|
|
2- موقف المحقق من لغة النسخ المخطوطة |
|
|
3- الإشارة إلى حرف المخطوط |
|
|
ثانيا - تبليغ القارئ فكر المؤلف ومنطقه |
86-91 |
|
1- تقسيم النص إلى أقسام ووضع العناوين |
|
2- ترقيم النص بأرقام مسلسلة |
||
|
خلاصة الفصل |
91 |
الفصل السابع : خطة "المقالة في التوحيد" ومنطقها وتحليلها |
95-106 |
|
|
أولا - العناصر المنطقية المذكورة في المقالة |
96-98 |
ثانيا - تقسيمنا للمقالة في التوحيد |
98-99 |
|
ثالثا - الفكرة الأساسية للمقالة |
99-100 |
|
رابعا - تحليل المقالة |
100-106 |
|
الفصل الثامن : يحيى والبحث عن معنى التوحيد |
107-116 |
|
|
1- الاختلاف في معنى وحدانية الخالق |
107-108 |
2- رأي علي في وحدانية الخالق |
109-110 |
|
3- تحليل الكندي لمعاني الواحد في الخالق |
110-112 |
|
4- تحليل يحيى لمعاني الواحد في الخالق |
112-114 |
|
|
الخاتمة |
114-116 |
الفصل التاسع : مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن عدي |
117-134 |
|
|
أولا - أهمية المقالة في التوحيد" |
117-120 |
|
1- مقالتنا ورد يحيى على الكندي وعلى أبي عيسى الوراق |
|
|
2- مقالتنا والمقالة في وجوب التأنس |
|
3- مقالتنا والجواب على مسألة ابن داديشوع الأولى |
|
|
|
ثانيا - "المقالة في التوحيد" مدخل فلسفي إلى علم التثليث |
120-126 |
|
1- المقالة في التوحيد مقالة فلسفية محضة |
|
2- المقالة في التوحيد تعتمد على أرسطو ومفسريه |
|
|
3- المقالة في التوحيد أساس فلسفي للأبحاث اللاهوتية |
|
|
4- الخلاصة : المقالة في التوحيد مدخل إلى علم التثليث |
|
|
|
ثالثا - تطور فكر يحيى الفلسفي في تفهم معنى الثالوث |
126-129 |
|
1- ثلاثية الجود والحكمة والقدرة |
|
2- أصل هذه الثلاثية |
|
|
3- تطور نظرية يحيى في الثالوث |
|
|
|
رابعا - هل "التوحيد" مقالة كلامية ؟ |
129-134 |
|
1- آراء يحيى في المتكلمين ، على ما رواه أبو سليمان السجستاني |
|
2- رأي يحيى في أبي هاشم الجبائي ، على ما رواه القفطي |
|
|
3- رأي يحيى في المتكلمين ، على ما جاء في رده على المصري |
|
|
4- يحيى "على طريقة الرازي" ، حسب المسعودي |
|
|
الخاتمة |
134 |
الفصل العاشر : أهمية يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي |
135-149 |
|
|
أولا - أهمية فلسفية يحيى بن عدي في الفكر العربي |
135-141 |
ثانيا - أهمية "المقالة في التوحيد" في الفكر العربي |
141-149 |
|
|
1- أقسام الواحد في مؤلفات يحيى نفسه |
|
2- "المقالة في التوحيد" عند تلامذة يحيى |
|
|
3- "المقالة في التوحيد" عند تلامذة تلامذة يحيى |
|
|
4- "المقالة في التوحيد" في العصر الذهبي للفكر العربي القبطي |
|
|
|
الخلاصة |
149 |
خاتمة البحث |
150-153 |
|
المراجع المذكورة باختصار |
154-155 |
|
رموز المخطوطات |
156 |
|
مقدمة الناشر |
|
|
خلاصة المقدمة |
|
|
|
الصفحة |
تصدير |
|
19 - 22 |
الجزء الأول : حياة يحيى ومؤلفاته |
23 - 57 |
|
1- |
حياة أبي زكريا يحيى بن عدي |
25 - 37 |
2- |
أبو زكريا يحيى بن عدي والكتب |
38 - 44 |
3- |
مؤلفات أبي زكريا يحيى بن عدي |
45 - 57 |
الجزء الثاني : نص المقالة في التوحيد |
58 - 91 |
|
4- |
مخطوطات المقالة في التوحيد |
61 - 69 |
5- |
مختصر الصفي بن العسال |
70 - 78 |
6- |
منهجنا في تحقيق النص |
79 - 91 |
الجزء الثالث : دراسة المقالة في التوحيد |
92 - 149 |
|
7- |
خطة المقالة في التوحيد : منطقها وتحليلها |
95 - 106 |
8- |
يحيى بن عدي والبحث عن معنى التوحيد |
107 - 116 |
9- |
مكانة المقالة في التوحيد في فكر يحيى بن عدي |
117 - 341 |
10- |
أهمية يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي |
135 - 149 |
خاتمة البحث |
150 - 153 |
|
المراجع المذكورة باختصار |
145 - 155 |
|
رموز المخطوطات |
156 |
نص مقالة يحيى بن عدي في التوحيد |
157-277 |
المقدمة |
160-164 |
الجزء الأول : إثبات بطلان الأقوال الأربعة الأولى |
165-194 |
الجزء الثاني : إثبات أن البارئ واحد من جهة ، وكثير من جهة أخرى |
195-221 |
الجزء الثالث : إيضاح معنى أن البارئ واحد من جهة ، وكثير من جهة أخرى |
222-241 |
الجزء الرابع : صفات البارئ ثلاث فقط : الجود والقدرة والحكمة |
242-264 |
الخاتمة |
265 |
ملحق |
266-277 |
فهرس أغلب المفردات |
279-307 |
مخطوط المكتبة الوطنية بباريس عربي 169 (نسخ في مصر سنة 1654 م)
ص 2 ظ و 3
ﺠ
مخطوط طهران ، كتابخانه مجلس شوراي ملّي طباطبائي 1376
مخطوط طهران ، كتابخانه مركزي ، رقم 4901 دانشكاه (القرن 17)
تصــدير
1- يحيى بن عدي فيلسوف منسي
سألت مرة طلبة قسم الفلسفة واللاهوت ، في المعهد الإكليريكي بالمعادي : "ماذا تعلمون عن يحيى بن عدي؟" ، فالتقطت على أوجههم علامات الدهشة والاستغراب . ثم تجرأ أحدهم فقال : "هو مين يحيى ده؟"(1). وكررت التجربة في ما بعد عدة مرات ، في مصر ولبنان ، وفي عواصم أوروبا وجامعاتها ، فكان الجواب هو هو ، مع اختلاف اللهجات !
ثم فتحت "تاريخ الأدب العربي" للمستشرق كارل بروكلمن ، وهو "إنجيل" الباحثين في الآداب العربية ، وبحثت عما يقوله في يحيى بن عدي . فوجدت أربعة أسطر ، لا أكثر ... وفي باب المترجمين(2).
أما إذا أخذت "تاريخ الفلسفة الإسلامية" لمحمد شريف ، فلن تجد فيه سطرا واحدا عنه(3). وقد أعطاه الأستاذ ماجد فخري شيئا من حقه ، إذ درسه مع اثنين من تلامذته (أبي حيان التوحيدي ، وأبي علي أحمد مسكويه) في فصل عن الفلسفة في القرن العاشر الميلادي(4).
فهل يستحق يحيى هذا النسيان ؟ وهو الذي قال عنه معاصره أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي ، في كلامه عن الفارابي ("المعلم الثاني"!): "ولا أعلم في هذا الوقت
____________
1) أي : "من هو يحيى هذا ؟ " باللهجة المصرية .
2) راجع Carl BROCKELMANN, Geschichte der arabischen Litteratur, Bd.1 (Weimar, 1898)
ص 207. وفي الملحق الأول (ليدن 1937) ص 370 ذكر بعض مؤلفات يحيى (رغم ظهور كتابين لأغسطين PERIER وكتاب لجورج GRAF ، بين المترجمين ، لا مع الفلاسفة .
3) راجع A History of Muslim philosophy, edited and introduced by M.M. SHARIF
(Wiesbaden: Otto Harrassowitz, 1963 and 1966) ويلاحظ أن الكتاب يتألف من نحو 1800 صفحة كبيرة!
4) راجع Majid FAKHRY. A History of Islamic Philosophy (New York & London, 1970)
ص 28 – 29 – و31 (بصفته مترجما) ، وص 216 – 227 (بصفته فيلسوفا) .
أحدا يرجع إليه في ذلك(5) ، إلا رجلا واحدا ، من النصارى ، بمدينة السلام ، يعرف بأبي زكريا بن عدي"(6) !
وهو الذي قال أيضا عنه معاصر آخر ، محمد بن إسحق النديم ، صاحب "كتاب الفهرست": "وإليه انتهت رئاسة أصحابه(7) في زماننا"(8) ، ثم أضاف: "وكان أوحد دهره!" (9). ولم ينعت أحد بهذين النعتين ، في "فهرست" ابن النديم ، سوى بقراط HIPPOCRATE أبي الطب(10) ويحيى بن عدي . فتأمل !
2- إحياء ذكرى يحيى بن عدي
فلما رأيت الأمر على ما هو ، واسم يحيى قد اختفى من الكتب والمجلات ، والكليات والجامعات ، لا ذكر له في كليات الفلسفة ، ولا حتى في معاهد اللاهوت ، وهو مع ذلك على هذه المرتبة من السمو والعلو ، فكرت في إحياء ذكراه .
وانتهزت فرصة مرور ألف سنة على وفاته (سنة 974م) ، لتقديم مشروع لدار "المشرق" ببيروت ، يترتب عليه نشر مجلد ضخم عن يحيى بن عدي ، يساهم فيه كبار أخصائيي الفلسفة العربية واللاهوت العربي . وكان ذلك سنة 1973.
فأخذت بمراسلة المستشرقين ومكالمة الشرقيين . فأجاب على دعوتي بعض الأساتذة ، أذكر منهم : جيرهارد أندرس ENDRESS من ألمانيا ، وشلومو بينس PINES من القدس
__________
5) أي في المنطق والفلسفة .
6) راجع "كتاب فنون المعارف ، وما جرى في الدهور السوالف" للمسعودي ، وهو كتاب مفقود . لكن المؤلف نفسه ذكره في "كتاب التنبيه والإشراف" ، طبعة ميخائيل دي خويه (Michael Jan de GOEJE) في مجموعة Bibliotheca Geographorum Arabicorum المجلد الثامن (ليدن 1894) ص 122/10-12 .
7) أي أصحابه الفلاسفة المنطقيين .
8) راجع ابن النديم ص 369/6-7. ولم يستعمل ابن النديم هذه العبرة إلا لثلاثة رجال: بقراط (ص 400/3 - 4) وجالينوس (ص 400/17- 18) وأبي بشر متى بن يونس ، أستاذ يحيى بن عدي (ص 368/19) .
9) راجع ابن النديم ص 369/7 . ولم يستعمل ابن النديم هذه العبارة (أو ما يشبهها في المعنى) إلا لثلاثة رجال أيضا ، هم : بقراط (ص 400/4- 5) وما شاء الله البصري ، المنجم (ص 382/9) وأبو بكر الرازي (ص 415/5 من أسفل) .
10) راجع ابن النديم ص 400/3- 5 .
الشريف ، وميخائيل شفارتس SCHWARZ من القدس أيضا ، والسيدة مباهات تركر TURKER من تركيا ، والأب إميليو بلاتي PLATTI من بلجيكا . أما في الشرق ، فقد لبى الدعوة كل من الأساتذة والآباء : فريد جبر ، ورشيد حداد ، وبولس خوري ، وبولس نويا (من لبنان) ، ومنصور مستريح (من القاهرة) . وأعددت أنا هذه "المقالة في التوحيد" .
ثم قدمت هذه الأبحاث كلها للمطبعة الكاثوليكية ، خلال سنة 1974 ، على أمل أن يظهر الكتاب في السنة التالية ، حسب الاتفاق . إلا أن حوادث لبنان حالت دون تحقيق هذا المشروع ، فكان من أمر الكتاب ما كان ...
فأعدت لكل مؤلف مساهمته ، واعتذرت لهم . وقد ظهرت فيما بعد بعض هذه المساهمات على صورة مقالات أو كتب . وبدأت حركة جديدة لدراسة يحيى بن عدي ، حتى إن أربعة من طلبة الجامعات ، على ما أعلم ، قد اختاروا يحيى موضوعا لرسالة الدكتوراه ، في السنتين الأخيرتين .
والكتاب الذي أقدمه اليوم ثمرة من ثمار هذا المشروع . أقدمه لك ، آملا أن يثير أبحاثا جديدة في المستقبل القريب .
3- أهمية المقالة في التوحيد
تجد في هذا الكتاب تحقيقا لنص "المقالة في التوحيد" ، وهي تنشر لأول مرة . وكان قد درسها دراسة عاجلة جورج جراف GRAF سنة 1910 ، ثم أغسطين بيرييه PERIER سنة 1920 . وأشارا إلى أهمية هذا النص ، وإلى صعوبته أيضا . ولم يكن في متناولهما عنذئذ إلا مخطوط واحد ، محفوظ في المكتبة الوطنية بباريس ، حافل بالأخطاء(11). ثم عرفت سنة 1934 مخطوطات القاهرة ، وأخيرا مخطوطات طهران . فالنص الذي أقدمه اليوم محقق على هذه المخطوطات جميعها ، ويكاد يكون واضحا .
قلت "يكاد" ، لأني لم أفهم بعد كل فقراته . وأعترف للقارئ أن هذه المقالة أصعب نص واجهته خلال تحقيقي للنصوص العربية . فقد نشرت عشرات من النصوص ، وحققت أكثر من مائة لم أنشرها بعد ، لكنني لم أجد أبدا نصا أصعب منه ، أو يشابهه في الصعوبة . ذلك لأن معانيه دقيقة جدا ، وفكر يحيى في غاية اللطف . ثم إنه يتطلب معرفة تامة
____________
11) راجع PERIER ص 123: "Tel est l'objet du Trait de l'unité. Les pages suivantes en donnent de
larges extraits que nous avons dû tirer, non sans quelque peine, d'un manuscript abominableme fautif".
لفلسفة أرسطو ولفلسفة العصور الوسطى ، ولست متمكنا منهما(21) . فاجتهدت ما استطعت ، وأشرت إلى أصل بعض المعاني عند أرسطو ، وعنيت كل العناية باستخلاص منطق المقالة وتوضيحه . فمن وجد غلطا وأصلحه ، كان له أجر عند ربه ، ومن استطاع أن يوضح غوامض معانيه ونشر ذلك في مقالة أو بحث ، كان أجره مضاعفا .
و "المقالة في التوحيد" من أهم مقالات يحيى الفلسفية واللاهوتية . وهي تشغل مكانا أساسيا بين الفلسفة واللاهوت ، إذ التوحيد عند النصارى مدخل إلى علم التثليث . وهذه المقالة أو مقالة مؤرخة ليحيى ، أنشأها سنة 328ﻫ/940م . وسيعتمد عليها فيما بعد ، ويرجع إليها باستمرار ، كما أبينه في الفصل الأخير من البحث .
4- كلمة شكر
وأخيرا ، أريد أن أوجه شكري إلى كل من ساعدني في إنجاز هذا العمل ، خلال هذه السنين . أذكر أولا أمناء المكتبات ، لا سيما مكتبة الدار البطريركية بالقاهرة ، والمكتبة الشرقية ببيروت ، والمكتبة الرسولية بالفاتيكان VATICAN ، والمكتبة الوطنية بباريس PARIS ، والمكتبة الإقليمية في ميونيخ MUNCHEN ، والمكتبة المركزية بطهران .
وأشكر أيضا أخواتي ، راهبات القلب الأقدس الألمانيات (Missions schwestern vom heiligsten Herzen Jesu, vom Hiltrup) ، اللواتي استضفنني خلال ثلاثة أشهر في ARICCIA بالقرب من روما ، وهيأن لي المناخ المناسب لمتابعة عملي بهدوء وسكون ، في جو من الصلاة .
ثم أوجه شكري لسيادة المطران ناوفيطوس إدلبي الذي سعى ، ويسعى ، لتحقيق هذا المشروع الكبير ، مشروع نشر "التراث العربي المسيحي" . أطال الله بقاءه ، لخدمة العلم والعروبة والدين .
وأخيرا ، شكرا من أعماق قلبي إلى آبائي وأخوتي في الرهبانية ، الذين قدروا هذا العمل وفهموا قيمة هذه الأبحاث ، حتى ارتضوا أن أكرس حياتي لنشر "التراث العربي المسيحي" ، وبذلوا لي الوسائل كي أقوم بهذه المهمة . فإني أعلم كم ضحوا ويضحون ، يوما بعد يوم ، مؤمنين أن هذه الرسالة التي أقوم بها هي لمجد الله الأعظم . آمين . يكن !
____________
12) راجع PERIER ص 133: "Le texte est encombré de divisions et de subdivisions, enchaînées d'ailleurs avec la rigueur (mais quelquefois aussi la sécheresse) d'une demonstration mathématique. Si la pensée est subtile, nous n'en attribuerons pas exclusivement à Ben 'Adi la louange ou le blà me. Il faut remonteer jusqu'à son maître Aristote, car il serait sans doute possible d'opposer à chaque phrase du Traité de l'unité une phrase correspondante tirée de la Métaphysique ou de l'Ausculation naturelle".