اجابات أسئلة
الرد
ما هي الخطية ؟ تعال معي في هذه الجولة السريعة لنعرف ما هي
الخطية ؟ أيمكنك أن تتتبع نهر الدموع التي سالت من
المـآقي على مر العصور بسبب موت القريب والحبيب؟ أو يمكنك أن تلقي نظرة على المدافن في كل زمان
ومكان، وأن ترى النفوس التي تلوعت والقلوب التي تحطمت عندها؟! تحول الآن عن الموت ولونه الأسود ، لكي تتأمل
في الحروب وصبغتها الحمراء. تأمل القتلى والمشوهين، والأسرى والمجروحين. تأمل
الدمار والخراب لكل ما كان يوما ينبض بالحياة ! خذ جولة سريعة حول الأسِرَّة البيضاء. أدخل
المستشفيات وقابل المرضى. انظر وجوههم الشاحبة والموت يتسرب إلي أجسادهم ببطء لكن
بثبات. إستمع إلى أنين المطروحين وتأوهاتهم وصرخاتهم! هذه كلها ثمرات الخطية المُرة ! زر السجون والتق بمن فيها. استمع إلى ما عملوه
في المجتمع وما عمله المجتمع فيهم! وماذا عن الحانات والمراقص ودور الفجور ونوادي
القمار. بل ماذا عن بيوت مرتادي هذه الأماكن؛ البيوت المحطمة ومن فيها من نسوة
وبائسات وأولاد تعساْ وأزواج أو آباء محطمين. آه ما اكثر البؤساء والمعذبين في الأرض بل ما
أمر الخطية ونتائجها ! لكن هل أنت بعد كل هذا قد عرفت ما هي الخطية؟
كلا، فأنت لم ترَ إلا مظاهرها الخارجية. لقد شاهدت بعضاً من أعراض المرض لا المرض
ذاته. أيمكنك أن تدخل إلي القلوب لتري كيف أفسدتها الخطية تماما. نعم فإن الداء
غائر في القلب، والضربة أعمق من الجلد ! لكنك حتى لو دخلت إلى قلوب لترى ما فعلته
الخطية في بنى البشر, فليس هذا هو الجزء الأهم في المسألة. إن الخطية هي قبل كل شئ
واقعة ضد اعتبارات مجد الله. إن الخطية إهانة
لمجد الله.
فالله خلق الإِنسان لمجده إشعياء 43 : 7 .
كان ينبغي لنا إذ عرفنا الله أن نمجده رومية 1 : 21 . لكن هذا لم يحدث الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله
رومية 3 : 23 .
إنك إن لم تنظر إلى الخطية بهذه النظرة فلن يمكنك فهم الكفارة. ينبغي قبل أن تبحث عن حل للمشكلة أن تعرف أولاً حقيقة المشكلة. فالخطية هي ضد مجد الله كما قال داود النبي للرب إليك وحدك أخطأت، والشر قدام عينيك صنعت مزمور 51 : 4 . آه، ما أخطر أن تفعل الخطية أمام عيني الله، ذاك الذي عيناه أطهر من أن تنظر الشر ولاتستطيع النظر إلى الجور حبقوق 1 : 13 !
نعم إن الخطية بشعة بشعة بشعة فيما عملته معنا وفينا. لكنها أبشع بما لا يقاس في عيني الله وفى نور قداستة.
هذا يقودنا إلى الجزء الثانى من السؤال أعنى بها:
معنى الكفارة
الكلمة لغوياً تعنى الستر. يقال كَفَرَ الشيء أي ستره وغطاه. والأمر الذي يحتاج إلى ستر في مسألتنا هي خطايانا، وبتعبير أدق حالتنا الخاطئة, من أمام نظر الله.
لنعد إلى الخطية الأولى، خطية أبوينا الأولين في الجنة.
نقرأ في سفر التكوين والأصحاح 2 كيف خلق الله الإِنسان، وكيف اختصه دون باقي مخلوقاته بنسمة الحياة التي بها أصبح في توافق مع الله، بحيث يمكنه أن يعبده عبادة واعية. وكيف أعطاه الله السلطان والسيادة على كل الخليقة، ولقد تجلى سلطانه هذا على كل المخلوقات عندما أحضر الله إليه كل الحيوانات وكل الطيور ليدعوها باسمها.
لكن الله أعطاه أيضاً وصية واحدة امتحاناً له، ليثبت بها تقديره لفضله عليه وامتنانه على نعمته. فما الذي حدث؟
لقد جاء الشيطان مستخدماً الحية تكوين 3 ، وهمس في أذن حواء بكلام سام مضمونه:
أولاً إن الله كاذب. ألم يقل لكما إنكما إذا أكلتما من الشجرة ستموتا. الحقيقة أنكما لن تموتا. ثم إنه ليس عادلاً، وإلا فلماذا يسلبكما حرية التصرف ويمنعكما من التسلط على هذه الشجرة مع أنكما رأسا الخليقة؟! ثم هو أيضاً لا يحبكما. لو كان يحبكما حقاً أكان يحرمكما من التمتع بشيء بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه أي ثمر هذه الشجرة تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر والله لا يريدكما نظيره، بل أن تظلا أقل منه!هذه هي كلمات الحية للمرأة. وبكل أسف صدقت المرأة هذا كله، وأكلت وأعطت رجلها أيضاً فأكل. وحدثت الكارثة فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان.
ماذا كانت أولى محاولات الإنسان في الجنة بعد أن سقط في الخطية وتعرى؟ يقول الكتاب فخاطا أي آدم وحواء أوراق تين، وصنعا لأنفسهما مآزر لتغطية عريهما. بكلمات أخرى هما حاولا إصلاح ما أفسداه، وعلاج ما اقترفته أيديهما، لكن هيهات!
صحيح إنهما نجحا إلى حد ما في مداراة نتائج الخطية أحدهما عن الآخر، لكنهما ما أن سمعا صوت الرب ماشياً في الجنة فانهما اختبئا خلف أشجارها. ولما نادى الربُّ آدم قائلاً له أين أنت؟ كانت إجابته الأسيفة سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت.
أين إذاً مآزر ورق التين التي كان قد عملها آدم وحواء؟ بالأسف إنها لم تُجدِ نفعاً أمام الله.
إن أوراق التين وأشجار الجنة دلت على شعور أبوينا بالخزي، وحاجتهما للستر. لكنهما أثبتا فشل محاولة علاج الخطية وسترها من أمام نظر الله. فهل تقدر الخليقة أن تستر المخلوق عن نظر خالقه؟!
الكفارة في الذبيحة
لم تنته حادثة السقوط بالإنسان عارياً، فلقد تداخل الله بنفسه لعلاج الأمر. ليس آدم هو الذي قدر أن يستر نفسه، لكن الله هو الذي فعل ذلك؛ إذ لا تُختتم قصة السقوط قبل أن نقرأ: صنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما.
من أين أتى الله بالجلد؟ من حيوان ذُبح وسُلخ جلده. ما أجمل القول صنع الرب.. أقمصة ثم تقدم الرب بنفسه من الإنسان الخاطئ العاري لكي يستره ويكسوه. ويا للنعمة التي تشع من هذه الكلمة الصغيرة البسيطة وألبسهما !!
حقاً كم هو عجيب أنه في مشهد الخطية الأولى في الجنة، تلك الخطية التي كانت تقضي عدلاً بموت أبوينا. فإنه لم يكن موتهما هو أول حادث يحدث بعد خطيتهما. كلا، ليس آدم وحواء هما أول من ماتا، بل كان حيوان برئ لم يخطئ هو الذي ذبح ومات بدلهما. وتم ستر آدم وحواء بجلد الذبيحة، ونجا آدم وحواء بجلدهما.
وسوف نوضح فيما بعد أن هذه الذبيحة لم تكن إلا رمزاً بسيطاً لعلاج الله العظيم، وفدائه الذي كان عتيداً أن يجريه بذبح عظيم. لكننا الآن نلخص الدروس التي تعلمناها من خطية الإنسان الأول حسبما ورد في تكوين 3.
أولاً : حاجة الإنسان إلي الكفارة.
ثانياً : عدم استطاعة الإنسان التكفير عن نفسه.
ثالثاً : قيام الرب بنفسه بعمل الكفارة للإنسان.
ولعل واحداً يتساءل: أما توجد طريقة أخرى للاقتراب إلى الله بدون هذه الكفارة؟
أما يمكننا أن نستر خطايانا عن نظر الله
بأعمال التقشف والزهد، أو حتى إذلال الجسد؟ أتقدر الطقوس أو الممارسات الدينية
المتنوعة أن تكفر عنا؟ ماذا عن الأعمال الصالحة وأعمال الخير؟
الفادي . من هو ؟
يمكننا أن نستخلص من كلمة الله الشروط التالية للفادي.
1 ـ يجب أن يكون خالياً من الخطية. فهو لو كان خاطئاً لاحتاج هو نفسه لمن يكفر عنه وما صَلُح لكي يفدى غيره. ولهذا فكان في الرمز يلزم أن تكون الذبيحة بلا عيب.
2 ـ ألا تقل قيمته عن الإِنسان ليمكنه أن يكفر عنه، أي يغطيه ويستره. وعليه فلا تنفع ذبيحة حيوانية.
3 ـ لكن لأنه لا يفدى إنساناً واحداً بل كثيرين، فيجب أن تكون قيمته أكبر من هؤلاء الكثيرين. وعليه فلا ينفع أن يكون إنساناً عادياً.
4 ـ ثم يجب ألا يكون مخلوقاً. فهو لو كان مخلوقاً لا تكون نفسه ملكه هو بل ملك الله خالقها، وبالتالي فلا يحق له تقديم نفسه لله. وعليه فإن الملائكة ورؤساء الملائكة لا يصلحون، لأنهم مخلوقون من الله.
5 ـ ولكي يمكنه أن يُمثِّل الإِنسان أمام الله، يتحتم أن يكون إنساناً
وبهذا وحده يمكن أن يكون نائباً عنه، وأن يمثله أمام الله.
فيالها من معضلة! من أين لنا بمثل هذا الشخص العجيب الذي يجمع كل هذه المواصفات معاً؟! إنسان، خالي من الخطية، غير مخلوق، وقيمته أكبر من كل البشر مجتمعين!!
لكن إن لم يكن عندنا نحن البشر حل لتلك المعضلة، ألا يوجد عند الله حل؟ قال أليهو -وهو واحد من أصحاب أيوب- إن وجد عنده عند الله مرسل، وسيط، واحد من ألف ليعلن للإِنسان استقامتة أي استقامة الله أو بر الله ، يتراءف عليه ويقول أُطلقه عن الهبوط إلى الحفرة. قد وجدتُ فدية أيوب 33 : 23 ـ 28 . فهل وُجد مثل هذا الشخص عند الله؟ نعم، يقول الرسول: عالمين أنكم أفتديتم .. ثم يذكر لنا من هو الفادي المسيح معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم 1بطرس 1 : 19و 20 إذاً فحل تلك المعضلة، معضلة من هو الفادي ؟ ليس عند الناس بل عند الله. نعم، فمن عندِه أتى المرسل، الوسيط، الذي سبق أن تمناه أيوب عندما صرخ قائلاً ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا أيوب 9 : 33 !
وإذا كان هذا المُصالح يمكنه أن يضع يده على الله والناس في آن واحد، فهذا معناه أنه معادل لله ومعادل أيضاً للناس. فمن ياتُرى يكون هذا الشخص ؟
إنه شخص فريد ليس له في كل الكون نظير رؤيا 5 : 2ـ5 ،
إنه الرجل رفيق رب الجنود زكريا 13 : 7 . إنه الابن الأزلي الذي صار ابن الإِنسان !!
لو لم يكن هو الإِنسان لما أمكنه أن يكون نائباً عن الإِنسان؛ يحمل خطاياهم ويحتمل دينونتها بالنيابة عنهم.
ولو كان هو أقل، ولو قيد شعرة من الآب، لما أمكنه قط أن يفى الله كل حقوقه.
إذاً فالمسيح هو الفادي الوحيد.
اجابة هذا السؤال مقتبسة من صفحة فتشوا الكتب