المرأة في المسيحية
مهما يكن من أمر فهذه هي مفاهيم الإسلام التي تفرض على المرأة أن تكون خادمة مطيعة لسيدها الذي هو زوجها ، مع قبولها بكافة الشروط والأحكام التي لم تتساوى فيها مع الرجل إطلاقا ، مما ألغى شخصيتها ونزع منها صفة نصف المجتمع .
بعد هذا كله يتبجح المتبجحون، ويكتب الكاذبون المنافقون ، ويصرخون بأعلى أصواتهم أن الإسلام هو الأمين على مصالح المرة وهو الذي منحها الاعتبار والاحترام، أما غير الإسلام فهو منبع الذل والهوان للمرأة، الذي عمل على انحطاطها وسلبها شرفها .
الإسلام ، وكما يدعون رافع راية المساواة والعدل والحب والاحترام .
هذا هو دينهم الذي به يتباهون ، وهم إنما يفعلون ذلك في غياب الحقيقة التي حجبوها عن العامة من المسلمين ، والتي لا بد من وضعها أمامهم ، عندها ما عليهم إلا أن يضعوا رؤوسهم في الرمال كما النعامة حياءا وخزيا مما أوصلوا المرأة المسلمة إليه من ظلم وقهر وتعسف .
لقد حاولنا من خلال صفحاتنا القليلة هذه، أن ننقل بعضا من صور الحقيقة والقاتمة للمرأة في الإسلام، التي جعل منها الإسلام عنصرا ثانويا وقزما محتقرا، يؤدي بعض المهمات وفي طليعتها التنفيس الجنسي عن المسلم الورع، والانقياد له في كل صغيرة وكبيرة، والانصياع لأوامره دونما نقاش أو اعتراض أو احتجاج، فهذا غير مسموح به على الإطلاق لأنه مخالف لكتاب الله ولسنة نبيه.
لقد ألبس الإسلام المرأة اللباس الذي يريده وحدد لها الدور الذي يرتئيه ، وفرض عليها عزلة ما بعدها عزلة كل ذلك حاولنا تبيانه من خلال صفحاتنا هذه .
وبعد هذا قام القائمون وغرد المغردون وهلل المهللون بأن مكانة المرأة في الإسلام ما بعدها مكانة ، وأن الإسلام هو المدافع الأول والمشرع العادل لحقوق وواجبات المرأة، وأن هذا الدين الحنيف والنظيف والكامل والشامل كرسوله الكريم استسقى كل ذلك من الله عز وجل بواسطة جبريل الذي رأيناه مستشارا طبيا لمحمد ، وقاضيا شرعيا ما بعده قضاة، يطلق من يريد ويزوج من يريد.هذا هو محمد وهذا هو قرآنه وهذه هي سنته وصحبته أصحاب السيوف الحادة والسهام والرماح المسنونة الذي حرموا المرأة من حقوقها الأساسية والبسيطة وجعلونا مستودع إفراغ للشهوة الجنسية يتلذذون بها كيف ووقت ما يشاءون وهم بعد هذا يدعون بآلاف الإداعاءات التي ولا أسهل من كشف زيفها وكذبها من مصادرهم نفسها، القرآن والحديث والسيرة والفقه ومن واقع حالهم التعيس والردئ. لقد جعلوا من المرأة محراب نكاح وقبلة هوى، ثم بدأ علماؤهم وفقهاؤهم يتحدثون عن حقوق المرأة التي أعطاها ومنحها الإسلام لها.ألا كفاكم متاجرة بعقول الناس لابسطاء، ألم تقارنوا وضع المرأة عندكم، أعني المسلمة بمثيلتها المسيحية التي وصفتموها بالذليلة والمحتقرة والزانية؟؟ .
نقترح عليكم ذلك، لعل هذا يكون لكم عونا في بلوغكم الرشد ، حتى تصلوا إلى الحقيقة التي نعلم أنها مرة المذاق بالنسبة إليكم، لكن ما العمل؟ حاولوا تذوقها ولو مؤقتا ونحن من جانبنا لن نبخل عليكم ، فها نحن نورد بعض النصوص الإنجيلية التي نظهر ومن خلالها
ولحضراتكم وضع المرأة ومكانتها وحقوقها ودورها وواجباتها في المسيحية، وكلنا أمل بأن تصل اختنا المسلمة إلى هذا المستوى من المساواة والحرية حتى تشارك في بناء مجتمع الغد .
لا يمكن الحديث عن تحرير المرأة بدون وحدة الزواج الثابت والدائم الذي يقوم على المساواة في الحقوق والواجبات، والمسيح تطرق إلى ذلك وإلى أهمية وقدسية العلاقة الزوجية ، وانجيل متى 3:19-9 يعطينا الفكرة الكاملة والنظرة المسيحية المقدسة تجاه الزواج والمرأة (فدنى إليه بعض الفريسيين وقالوا له ليحرجوه: أيحل لأحد أن يطلق امرأته لآية علة كانت ؟ فأجاب : أما قرأتم أن الخالق منذ البدء جعلهما ذكر وأنثى وقال: لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصير الاثنان جسدا واحدا، فما جمعه الله لا يفرقه إنسان). هذه هي نظرة المسيحية للمرأة ، لا قوامة ولا تفضيل ، بل مساواة تامة في الحقوق والواجبات ، وهذا الرباط هو رباط الله المقدس الذي لا يملك إنسان حق فسخه ، والمرأة في نظر الانجيل في مساواة تامة مع الرجل، أما وبنتا وزوجة ، فالمسيح لا ينسب إلا إلى أمه، فقيمة المرأة من قيمة أبيها وزوجها وابنها، وفي المسيحية المرأة بالنسبة إلى الرجل كالكنيسة بالنسبة إلى المسيح، إنها جسده ، وما الفوارق الطبيعة بينهما بفوارق تقديرية ، بل إنها للتكامل المتبادل جسدا وعقلا وقلبا، فالمرأة المسيحية مكلفة كالرجل بأداء الشعائر الدينية منذ ولادتها، فليست هي في المسيحية كما في الإسلام نجسا لمسها ينقض الوضوء للصلاة وليست هي سجينة دار الحريم لا تنال من الثقافة ومتاع الحياة إلا ما يقدمه لها بيتها الأبوي والزوجي، فالسيد المسيح نراه محاطا بالتلميذات كما يحاط بالتلاميذ ، ولا يسكت الانجيل عن فضل المرأة (الحق أقول لكم أنه حيثما دعي بهذا الانجيل في العالم كله يخبر أيضا بما فعلت هذه المرأة تذكارا لها) متى 13:26 .
قيل: الاجتماع البشري فطرة مبنية على الزواج، فالزواج والعائلة ظاهرتان طبيعيتان اجتماعيتان ، أقرتهما المسيحية ورفعتهما إلى مرتبة سر مقدس، ومن ثم فالزواج المسيحي ليس عقدا بشريا اجتماعيا فحسب، كما في الإسلام، بل هو عقد مقدس يقدس الزوجين في عقده وممارسته. لقد رفعت المسيحية فكرة الزواج إلى فكرة الله في مشاركة المخلوق للخالق في خلق الإنسان، لذلك جعلته سرا مقدسا يقدس الزوجين في حياتهما الزوجية، ويرفعهما من الحيوانية إلى الإنسانية الكاملة (المسيحية) على مثال المسيح والكنيسة ، لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران كلاهما جسدا واحدا (إن هذا السر لعظيم أقول هذا بالنسبة للمسيح والكنيسة) افسس 31:5-33 وقد أرجع السيد المسيح الزواج إلى قدسيته الأولى بفرض الوحدة الزوجية وتحريم الطلاق وتعدد الزوجات، مع أنه أدرى منا بالمآسي الزوجية، تلك المآسي التي في نظر الناس قد تقتضي الطلاق أو التعدد ، فعند الحاجة يضحى بالفرد لمصلحة الجماعة، فالوحدة الزوجية تحفظ كرامة الرجل والمرأة ، وتحفظ كيان العائلة، خلية المجتمع البشري ، والطلاق والتعدد أيا كانت أسبابهما، يهدران كرامة الإنسان في الرجل والمرأة ، ويهدمان كيان العائلة والمجتمع. فالطلاق انتهاك للرباط الزوجي المقدس، وإهانة للمرأة التي كرامتها من كرامة زوجها، وامتهان لحقوق الأمومة، وحقوق البنوة الصحيحة. وتعدد الزوجات ابتذال للحب الإنسان ، وتبذل لكرامة الزوجين ، وسبيل إلى فقدان الثقة الزوجية التي هي ركن العائلة، أما وحدة الزواج فهي صون لحرمة وكرامة الأبوة والأمومة والزوجية والبنوة، فالأبوة ليست عملا شهوانيا، بل هي قيمة معنية إنسانية تفقد معناها في الطلاق وتعدد الزوجات، والأمومة ليست حاجة بشرية لا غير عند المرأة ، بل هي قيمة إنسانية ترفع المرأة إلى سمو الأم ، وتفقد معناها بالطلاق وتعدد الزوجات، والزوجية ليست معاشرة عابرة، وإنما هي وحدة الجسدين التي هي سبيل ودليل على وحدة القلبين والنفسين ، وتفقد هذه الوحدة الجسدية والروحية كل معناها في الطلاق وتعدد الزوجات والبنوة حرمة مقدسة يطعنها الطلاق وتعدد الزوجات تضييع لكل هذه الحرمات والكرامات والقيم الإنسانية التي أرادها الله في كتاب الخلق وكتاب الوحي الصادق (الإنجيل) .
ونظام العائلة له قدسية لا تمس (افسس 41:3) فمن مسها مس النظام الطبيعي والاجتماعي المسيحي ، فالتفريق بين الولد وأهله يطبعه بطابع غير طبيعي ، والتفريق بين الزوجين لسبب من الأسباب، خيانة لسنة الطبيعة والإنجيل، كما نرى ذلك في بعض الأنظمة الجماعية، ثم إن الزوجين متساويان في الحقوق والواجبات، وإن ميزت بينهما الطبيعة للقيام ببعض الأعمال الخاصة والمتكاملة، فالرجل هو رب العائلة في الشريعة الانجيلية ، لكنه ليس دكتاتورها أو جلادها ، إنه رأس المرأة لا سيدها (1كو 4:11) إنه أب للأبناء وليس ربهم فالأبوة الحقة والصحيحة تحترم شخصية الأم والأبناء، لأن الاحترام من الحب الصحيح الصادق، والزوجة هي زوجة، والزوجان، لغة فردان من نوع واحد، لها ما له وعليها ما عليه في كل ما يسمح به تميز الطبيعة: فليس الهجر في المضاجع والضرب للزوجة حملا لها على من كرامة الزوج أو الزوجة. وليست عقدة النكاح بيد الرجل يتصرف فيها على هواه ، بل بيد الله الذي وحد بينهما بالزواج، وليس حظ الذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث ، بل لها ما له، لأنها إنسان مثله. وليست رئاسة الأب للعائلة قوامة الرجل على المرأة كأنها قاصر ، فليست المرأة والزوجة في كل هذه الأحوال بقاصر بالنسبة إلى الرجل، لو أتيح لها من التنشئة ما أتيح للرجل ، ولا تعتبرها الشريعة الإنجيلية شيئا تابعا للرجل ، وفي بعض الأحوال شيئا نجسا، بل كرامة الزوجة من كرامة الرجل في الدين والدنيا، مهما طرأ من هنا وهناك عبر التاريخ على هذه المبادئ المسيحية من انحراف. ثم إن الزوجة هي أيضا أم ، فهي ربة البيت مع الرجل ، تشاركه العمل والإنفاق والتمتع بالحياة العائلية، وهي أم البنين لها ما للأب من محبة واحترام وطاعة، والدنيا أم، والعائلة أم، إذا ضعف معنى الأم (المرأة) ضعفت معنى الحياة العائلية، وهانت القيم الإنسانية .
وحق الابن على والديه المحبة والرعاية والتنشئة والتربية والاحترام : لا الاستعباد والتصرف به لمصلحة أهله وحدهم. فالتشرد جريمة الأهل والمجتمع والدولة، والجهل أيضا جريمة عائلية واجتماعية . وفساد الأبناء من فساد الآباء والمجتمعات .
والمسيحية تحرم الفساد على أنواعه في المجتمع: فالزنى هو الجريمة الكبرى بحق العائلة المسيحية.والسكر هو الجريمة الأخرى التي تشبهها. وحد السكر كحد الزنى، وهو أعظم في المسيحية منه في غيرها : (إن السكيرين والزناة لا يدخلون ملكوت الله) .
الشريعة المسيحية لا تعرف زواج المتعة ولا تحرم زواج الحر من المملوكة، ولا تعرف ملك اليمين، ولا السراري ولا وهب المرأة نفسها للرجل كما في الإسلام، ولا تفرض المسيحية على المرأة الحجاب والجلباب ولا عدم الاختلاط بين الجنسين بحجة المحافظة على الشرف كما في الإسلام ، وليس الاحتراز من المفاسد بسبيل صحيح إلى تعقيد القواعد الحياتية وتعكير مجرى الحياة العامة والخاصة .
إن نظام الخليقة الجديدة للمسيح في المسيحية، قد ألغى نظام الطبقات وفرض المساواة الأساسية والتامة بين جميع الناس. لهذا لا يوجد في المسيحية طبقة أحرار وعبيد، لأن الجميع واحد في المسيح وللمسيح .
ومن أجل توضيح الصورة أكثر أمام الجميع، أعني صورة حقيقة ومكانة المرأة في المسيحية والإسلام، أرى بأن نقوم بعمل مقارنة موجزة وسريعة ما بين الآيات القرآنية والإنجيلية اللتا ذكرتا المرأة وقضاياها .
القرآن : الرجال قوامون على النساء (نساء 34) .
الإنجيل: ليس عبد ولا حر ولا ذكر ولا أنثى، لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع (غل 28:3-29) .
القرآن : فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع (نساء 3) .
الإنجيل: من البدء خلقهما ذكر وأنثى… فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان (متى 3:19-10) .
القرآن : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن (نساء 34) .
الإنجيل: وكذلك أنتم أيها الرجال ساكنوهن على مقتضى العقل لكون الإناء النسوي هو الأضعف وأكرموهن كالوارثات معكم نعمة الحياة (1بط 8:3) .
أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة ، وأسلم نفسه لأجلها … كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه (افسس 22:5-23) .
القرآن : وقرن في بيوتكن (احزاب 33) .
الإنجيل: وعلى إثر ذلك كان يسير في كل مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله ومعه الاثنا عشر (تلميذا) وبعض النساء… (لو 1:8-3 ، متى 55:27-56)
وأخيرا ، فلقد حاولنا فيما سبق ومن خلال صفحاتنا هذه ، وضع النقاط على الحروف رادين الحوادث والأحكام إلى أصولها الشرعية المعتمدة .
إن كل ما أوردناه في هذا الكتاب، لا يعدو كونه نماذج فقط استشهدنا بها من بطون أمهات الكتب الإسلامية والمسيحية لإيضاح وتبيان الحقيقة ، لهذا لم يكن هدفنا هو تحقير المرأة المسلمة ، خصوصا وأننا نؤمن أن المرأة إن كانت مسلمة أو مسيحية تبقى إنسان لها ما للرجل من قيمة وكرامة ومكانة، وعليها ما عليه من مسئوليات وواجبات وحقوق . لقد كان هدفنا هو الرد على الشيخ صالح وعلى كتابه (يا فتاة الإسلام اقرئي حتى لا تخدعي) وعلى جميع الذين يحذون حذوه الذين يكذبون الكذبة ثم يصدقوها .