معجزة انهيار برجي
التجارة العالمي التي تنبأ بها القرآن
يقولون أن انهيار برجي
التجارة العالمية بنيويورك، قد سبق التنبؤ عنه في القرآن
الكريم، في (سورة التوبة آية 109) التي تقول: "أفمن أُسس
بنايتُه على تقوى من الله ورضوانٍ خيرُ، أم من أُسس
بنايتُه على شفا جُرُفٍ هارٍ، فانهار به في نار جهنم،
والله لا يهدي القوم الظالمين"، وتفاصيل النبوة كالآتي:
(1) أن رقم سورة التوبة في القرآن هي رقم 9 من سور القرآن
---> ويقولون أن هذا يشير إلى الشهر الذي حدث فيه الانهيار
وهو شهر سبتمبر.
(2) أن هذه الآية تقع في الجزء 11 من أجزاء القرآن --->
ويقولون أن هذا يشير إلى يوم الانهيار.
(3) أن عدد كلمات هذه السورة هو 2001 كلمة ---> ويقولون أن
هذا يشير إلى سنة الانهيار.
(4) أن من كلمات الآية 109 توجد كلمتي: "جُرُفٍ هارٍ" --->
و ويقولون أن تلك تشير إلى إسم الشارع الذي كان فيه
البرجان.
الـــرد:
أولا: هل القرآن به نبوات عن المستقبل؟
يقول الدكتور زغلول النجار [كما ذكرت سابقا] في كتابه "من
آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم" (الجزء الأول ص 33)
وهو عبارة عن حوار مع أحمد فراج، وقد عرض بالتليفزيون
المصري سنة 2000و 2001م:
[ كل نبي وكل رسول قد أوتي من الكرامات ومن المعجزات ما
يشهد له بالنبوة أو بالرسالة، وكانت تلك المعجزات مما تميز
فيه أهل عصره.
1ـ فسيدنا موسى عليه السلام جاء في زمن كان السحر قد بلغ
فيه شأواً عظيما، فأعطاه الله تعالى من العلم ما أبطل به
سحر السحرة.
2ـ وسيدنا عيسى عليه السلام جاء في زمن كان الطب قد بلغ
فيه مبلغا عظيما، فأعطاه الله تعالى من العلم ما تفوق به
على طب أطباء عصره.
3ـ وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جاء في زمن كانت المزية
الرئيسية لأهل الجزيزة العربية فيه هي الفصاحة والبلاغة
وحسن البيان. فجاء القرآن يتحدى العرب ـ وهم في هذه القمة
من الفصاحة والبلاغة وحسن البيان ـ أن يأتوا بقرآن مثله
....]
فكما نرى من ذلك أن أحدا لم يذكر من قبل أن للقرآن إعجاز
للتنبؤ بالمستقبل، فمعجزة القرآن هي اللغة كما رأينا. فكيف
يظهر الآن من يدعى بوجود هذه النبوة في القرآن؟
والواقع أن أسلوبَ ليِّ الحقائق، واضح جدا في هذا الهراء
الذي يدَّعيه من يقول أن آية 109 من سورة التوبة هي إعجاز
قرآني نبوي، إنها محاولة فاشلة لإلباس القرآن ثوبَ إعجاز
لم يألفْه، ولم يتحدث عنه إنسان من قبل، ولا رسول الإسلام
نفسُه.
ثانيا: ما هي القصة
الحقيقية لهذا الجزء من سورة التوبة؟
لقد جاء في كتاب (سيرة الرسول الجزء الثاني ص 205) [استأذن
أهل قباء ببناء مسجد لهم. وكان هناك راهب عربي اسمه أبو
عامر قد تنازع مع النبي ص وأقسم أن يحاربه أينما وجد ...
فتآمر مع المنافقين على أن يبنوا مسجدا في قباء ليكون مركز
اجتماعهم ... فاستأذنوا النبي ص ببناء مسجد مثل رفقائهم،
فأذن لهم، ورجوه أن يصلي فيه فوعدهم بذلك بعد عودته من
غزوة تبوك. وقد أرسل فور عودته إلى المدينة من هدمه وحرقه]
هذه هي قصة هذه الآية، وإني أعتقد أن استخدام أتباع "بن
لادن" لهذه الآية ـ ليس هو دليلا على نبوة القرآن على
انهيار البرجين ـ بل هو دليل إدانة آخر، يضاف إلى شريط
قناة [الـ إم بي سي MBC] وشريط قناة الجزيرة، اللذين أذيعا
أمس واليوم عن اعترافات قادة تنظيم القاعدة: بن لادن
والظواهري و..... و..... أحد المتهمين بتفجير البرجين.
فعلى ما يبدو أن "بن لادن" اتخذ من هذه الآية وملابساتها،
دافعا قويا على تنفيذ مخططه الشرير، بتفجير وحرق مركز
التجارة بنيويورك، تشبها بما فعله النبي ص مع مسجد قباء.
وأشاعوا أن ما فعلوه هو إتمام للنبوة القرآنية!! يا للعجب
ويا للاستهتار بعقول الناس!! ثم أن:
ثالثا: لنبحث في عناصر
هذه الادعاءات:
(1) رقم سورة التوبة في القرآن:
هل هو رقم (9) كما يقولون؟ الذي يشير إلى الشهر الذي حدث
فيه الانهيار وهو شهر سبتمبر؟. نقول:
1ـ كيف يجهل هؤلاء الجهابزة أن ترتيب القرآن الحالى الذي
تحتل فيه هذه الآية الرقم (9) ليس هو ترتيبا إلهيا بحسب
تاريخ ما يسمونه نزول الوحي على النبي (ص).
2ـ وأعجب أن تحسب رقم السور ضمن إعجاز القرآن، ألا يعلمون
أن ترتيب نزول السور يختلف عن وجودها الحالي بالقرآن:
فالترتيب الحالي هو من وضع عثمان ابن عفان،
3ـ أو لا يعلمون أن ترتيب القرآن الحالي هو بحسب طول
الآيات وقصرها وليس بحسب ترتيب نزولها.
4ـ وأن هناك اختلافا على ترتيب السور كما جاء في (كتاب
الإتقان في علوم القرآن للسيوطي الجزء الأول ص 8ـ12) إذ
يقول: "أن ترتيب السور وتسميتها هو من فعل الصحابة" وأضاف
قائلا: "أنه مما يدل على أن ترتيب السور ليس بأمر الرسول
وليس بحسب نزولها هو اختلاف مصاحفهم في الترتيب"
(5) نورد بعض هذه الاختلافات بخصوص سورة التوبة هذه:
1ـ بحسب مصحف عثمان رقمها (9)
2ـ بحسب ترتيب السيوطي رقمها (28)
3ـ بحسب ترتيب ابن عباس رقمها (109)
4ـ بحسب ترتيب جعفر رقمها (112)
5ـ بحسب ترتيب الخازن رقمها (113)
6ـ بحسب مصحف فؤاد رقمها (113)
7ـ بحسب ترتيب عكرمة رقمها (114)
8ـ بحسب ترتيب مجمع البيان (114)
(6) وقال الإمام النسفي في (تفسيره الجزء الثاني ص 165)
[عن عثمان رضي الله عنه: أن رسول الله (ص) كان إذا نزلت
عليه سورة أو آية قال: اجعلوها في الموضع الذي يذكر فيه
كذا وكذا. وتوفى رسول الله ص ولم يبين لنا أين نضع سورة
التوبة]
أفبعد كل هذا يحسبون هذا الترتيب البشري إعجازا في
القرآن؟؟؟!!!
فأين الشهر التاسع؟ أهو التاسع حقا أم الشهر الثامن
والعشرين أم 109 أم 112 أم 113 أم 114 ؟؟!!
ولكن بالرغم من كل هذا، إن أرادوا إثبات إعجاز القرآن من
إشارة ترتيب هذه الآية للشهر التاسع أي شهر سبتمبر، فيكون
الإعجاز ليس للقرآن بل لعثمان ابن عفان لأنه هو الذي وضع
الآية في هذا الترتيب وليس النبي محمد. فهل هذا هو الإعجاز
الذي يتباهون به لرفعة عثمان عن محمد؟؟؟!!!
رابعا: هل هذه الآية تقع
في الجزء 11 من أجزاء القرآن حقا؟
إذ يزعمون أن الجزء 11 يشير إلى يوم الانهيار الحادي عشر
من سبتمبر؟
والواقع إن هذا الكلام غير صحيح بناء على ما عرفناه عن
ترتيب سورة التوبة بين بقية السور، فبالتالي هناك اختلافات
عديدة حول الجزء الذي تقع فيه، وإليك هذه الاختلافات:
1ـ بحسب ترتيب السيوطي حيث أن ترتيبها (28) فيكون موقعها
في الجزء ---> (20)
2ـ وبحسب ترتيب ابن العباس حيث ترتيبها (109) وابن جعفر
حيث ترتيبها (112) والخازن، ومصحف فؤاد، حيث ترتيبها فيها
(113) وترتيب عكرمة ومجمع البيان حيث ترتيبها (114)، فيكون
موقعها في الجزء ---> (30)
6ـ والواقع أن النبي محمد لم يذكر ترتيبها قبل أن يموت،
لهذا لا يمكن تحديد الجزء الذي تقع فيه.
ونعود ونكرر ما قلناه أنه إن أراد أصحاب فكرة التنبؤ
الإعجازي التي ينسبونها إلى القرآن بحساب يوم الحادي عشر
من سبتمبر نسبة لوقوع هذه الآية، فيكون الإعجاز ليس للقرآن
بل لعثمان ابن عفان لأنه هو الذي وضعها في هذا الترتيب
وليس النبي محمد.
خامسا: بخصوص عدد كلمات هذه
الآية:
يزعمون أن عدد كلمات هذه السورة هو 2001 كلمة ---> وهذا
يشير إلى سنة الانهيار.
والواقع أنه بكتابة هذه السورة على الكمبيوتر، ومن خلال
Tools ثم Word counting وجد أن عدد كلمات الآية هو 2655
كلمة!!! ونحن نقول للمدعين انتظرو إلى عام 2655 لعل وعسى
تصدق النبوة!!!!
سادساً: جُرُفٍ هار:
وشارع البرجين:
الآية 109 توجد كلمتي: "جُرُفٍ هارٍ" ---> وتلك تشير إلى
إسم الشارع الذي كان فيه البرجان.
ونعود إلى الآية ذاتها في سورة التوبة 109 لنعرف معنى [جرف
هار] إذ تقول الآية"...أم من أُسس بنايتُه على شفا جُرُفٍ
هارٍ..."
ويفسر ذلك الإمام النسفي قائلا: [أي من أسس بنيان دينه على
الباطل والنفاق الذي مثله مثل شفا جرف هار في قلة الثبات
والاستمساك. وشفا بمعنى الحرف، والجرف بمعنى الوادي، وهار
بمعنى المتصدع]
المهم أنهم يدعون أن موقع البرجين في شارع يدعى جرف هار!!!
وبالرجوع إلى موقع البرجين على الإنترنيت وجدنا أن الشوارع
الأربعة المحيطة بالبرجين ليس فيها هذا الإسم على الإطلاق
وإنما هي: من الشمال شارع Vesery Street ومن الجنوب شارع
Liberty Street ومن الشرق Church Street ومن الغرب West
Street وهذا ما تأكدت منه بالاتصال التليفوني ببعض الأحباء
ممن كانوا يشتغلون في برجي التجارة بنيويورك .فأين جروف
هار هذا؟
ملحوظة هامة: بعد كل هذا التحليل التفصيلي لعناصر هذا
الادعاء، اقول:
1ـ منذ متى يقوم الحساب العربي على التقيم الميلادي، وهو
الذي يستخدم التقويم الهجري.
2ـ ومن المعروف أن سورة التوبة هي سورة مدنية أي يعود
تاريخها بعد اعتماد التاريخ الهجري.
3ـ ولو جاءت نبوة قرآنية بالتاريخ الميلادي، لاعتبر ذلك
تجاهلا للتاريخ الهجري، الأمر الذي لا يرتضيه أي فقيه
مسلم.
4ـ لذلك فأغلب الظن أن هذا الكلام بخصوص محاولة ربط هذه
الآية بأحداث 11 سبتمبر 2001 هو عبث من شخص جاهل مدَّعٍ،
ولا يمكن أن يصدر من فقيه عالم.
ختاما: هذه هي
الحقيقة التي يزيفها بعض الأدعياء. فليس بهذا الأسلوب يكون
النقاش.
عموما ما يهمنا هو أن نقرأ ونبحث بإخلاص في كل الكتب،
لنتعرف على الحق والحقيقة والحق يحررنا