يتبين لنا ان هذا الايمان في احدية الله عز وجل وجامعيته,هو ايمانٌ كتابيّ واضحٌ في التوراةِ والانجيل. وها اننا نقرأه الآن في القرآن ايضاً. واننا لم نقرأ مرة واحدة ان الرسول الكريم قد حذَّرَ الناس من الاخذِ بتعاليم المسيحيين اللاهوتية والحياتية. وقد عاش رسول العرب ردحاً من الزمن قبل دعوته مسيحيا كغيره من المسيحيين المعمدين باسم الآب والابن والروح القدس. ذلك, بسبب زواجه من السيدة خديجةَ المسيحية.
وتأتي هذه المعمودية لزاماَ على كلِ انسانٍ من خارج المسيحية يريد الزواج من امرأة مسيحية. وقد اطَّلع الرسول الكريم على المسيحية وتعاليمها من الداخل, وعن ذاتية الله جيدا. ويأتي هذا بنوع خاص, ان زوجته السيدة خديجةَ كانت ذات قرابة حميمة لورقة ابن نوفل الذي كان مشهورا في مسيحيته في مكةَ والبلاد العربية المجاورة. وقد ترجم الى العربية بعضا من اسفار كتاب العهد الجديد,المسيحي.
ومع كل هذا التعرف من الرسول محمدعلى المسيحية وتعاليمها, التي تحتاج الى ايمان قويللقيام بها والعمل بموجبها, نسمعه يطلب من اتباعه المسلمين الجدد, ان يؤمنوا بايمان المسيحيين من اهل الكتاب, ويهتدوا بهديهم ويتخلَّقوا باخلاقهم. يقول: "يريد الله ليبينَ لكم ويهديَكًم سُنَنَ الذين من قبلكم ويتوبَ عليكم والله عليم حكيم"(سورة النساء 26). وهي ان ارادة الله سبحانه من الجدد, هي ان يهتدوا الى سنَّة ما قبل القرآن, التي هي دون شك, سنَّة المسيح عيسى ابن مريم قول الحق (راجع سورة مريم 34).
وقد رأينا ايضا ان القرآن يتكلم عن ذاتية الله في صيغة الجمع, وهو الواحد الاحد, وفي صيغة الفرد وهو الاله الجامع. بذلك نرى القرآن الكريم ينادي بكل اعتزازٍ, بما جاء في التوراة والانجيل, وحقائقهما اللآهوتية والحياتية. من ثم يأمر تابعيه الاقتداء بهم والسير في خطاهم كما تبيَّن .