ضرورة تعليم الكفارة والفداء
ان تعليم الكفارة في
الكتب السماوية يجب ان يلفت انظارنا لضرورته. فهو جواز سفرنا الى الشركة الحقيقية مع الله. لانه دون كفارة الله لسترخطايانا يظهرعرينا الروحي,وتنقطع الشركة معه. كما حدث لابوينا الاولين في جنة عدن. الى ان غطى الرب خطيتهما بغطاءه الكفاري, وهو دم الذبيحة الاولى التي ذبحت بيد الرب في جنة عدن رمزا للآتي. وقد أخاط الرب لهما من جلدها ثوبان, ومما لا شك فيه ان الله قد أوصى آدم ان يعلِّمها لاولاده الى ان يتم ملء الزمان ويأتي المخلص نسل المرأة الذي وعد ان يسحق الشيطان الممثل بالحية . لذا نرى قايين وهابيل اولاد آدم ,يقدمان تقدمة وذبيحة خارج الجنة ( طراجع تكوين 1:3-21).ونرى ان تقدمة قايين قد رفضت من اساسها, لانها لم تكن ذبيحة دموية.بالمقابل نرى ان تقدمة هابيل قد قبلت لانها ذبيحة من ابكار غنمه (راجع كتاب موسى سفر تك4:4 ) . ونرى القرآن بدوره يذكر هذه الحادثة فيقول: واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فَتُقُبِّلَ من احدهما ولم يُتَقَبَّل من الآخر قال لاقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين"(سورة المائدة 27). قال القرآن هذا بطريقته الخاصة والمختصرة . آملاً من قارئه الكريم, المهتم في خلاص نفسه وخلاص عائلته والآخرين
ايضا, إذا اراد مزيدا من الوضوح في هذا الامر, وان يرى قيمة الدم في عملية الكفارة,الرجوع اولا الى أم الكتاب"التوراة". أو الى الذين يقرأون الكتاب من قبل. ويكتب القرآن هاديا الرسول ومنذرا من خلاله العرب بآنٍ : "ان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق
من ربك فلا تكوننَّ من الممترين. ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين", سورة يونس (94و95).
هذا البعض من تعليم الله في كتبه السماوية من جهة الكفارة. وقد رأينا فيه ان التكفير عن الذنوب والخطايا, قد جاء في معظمه كما قرأتم , بعد الايمان وبعد الغفران. والكفارة هنا هي ليست كما يدعي البعض انها الغفران,كما ذكرنا اعلاه. فهؤلاء يعتقدون ان غفران الخطايا هوبمثابة التكفير عنها. لكن, هذه الافكار لا تتفق مطلقا مع الواقع, ومع كلمات الله في كتبه. لان الغفران هو المسامحة والصفح, اما التكفير من الله فهو تغطية الدين الى عدالته سبحانه, الذي يعجز عن دفعه الانسان.
وقد حاء في سورة الانفال (29) :"يا ايها الذين آمنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويغفرلكم ويكفر عنكم سيئاتكم".
ويكتب عن اليهود الذين لم يؤمنوا بالمسيح وكفارته وهم من اهل الكتاب ايضاً يقول: "لو ان اهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفَّرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم. المائدة (64و65) .
والملاحظ هنا ان القرآن,لم يذكر حاجة اليهود سوى الى كفارة الله فقط. إذ ان مغفرة خطاياهم كانت تحصل بالذبيحة الحيوانية التي كانت تقدم في خيمة الاجتماع, من ثم باتت تقدم في الهيكل الذي بناه سليمان الحكيم على جبل المريا وهو المكان الذي ُفديَ عليه ابن ابراهيم بذلك الذبح العظيم. (راجع الحاشية السفلية وجه11) من هذا الكتاب.وكان اليهود لا يحتاجون معها سوى الى كفارة المسيح في مجيئه الاول, وقبولهم ذبيجة الصليب, فيقول "لو ان اهل الكتاب"-أي اليهود هنا- "آمنوا"-أي قبلوا المسيح فاديا ومخلصا- "واتقوا لكفَّرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم".
ان المعنى الاعمق في هذا يكمن في انه دون كفارة الله لاجل خطايا البشر,كان لا يمكن لله ان يعمل بمحبته وصفاته الحسنى لهذا الانسان المخلوق على صورته ومثاله, وقد سقط من كماله الروحي بسبب او بآخر. وفي رأس هذه القائمة الحرية والقداسة. التي دونهما لا يمكن ان يكون لنا عبادة صحيحة وشركة في حياة ابدية مع الله.يقول المسيح:"فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا (الانجيل يو 36:8). ويكتب رسول العبرانيين : اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب (الانجيل عب 1412).
هذا هو تعليم الله في كتبه السماوية . واذ ناتي الى القرآن واعلاناته, نجد ايضا ان التكفير عن الذنوب والخطايا قد تكرر بين سوره وآياته مرارا, ربما اكثر من أي موضوع آخر . وقد جاء في معظمه بعد الايمان بالله,كما قرأتم, وبعد التوبة والغفران ايضا. لان النعمة التي يؤتى بها الينا من الله بالمسيح يسوع, هي نتيجة لايماننا في كفارته اولا, وهي اللمسة الاخيرة في عملية خلاص الله المجاني لنا.
والكفارة, هي ليست كما يدعي قومٌ انها غفران الله,(كما ذكرنا اعلاه). فهؤلاء يعتقدون ان غفران الخطايا هوبمثابة التكفير عنها. لكن هذه الافكار لا تتفق مطلقا مع كلمات الله في كتبه,حتى ولا بالنسبة الى العلوم الانسانية والمنطق البشري. والفرق عظيم. لان الغفران هو المسامحة والصفح, اما التكفير فهو تغطية الدين ,الذي يعجز الانسان عن دفعه فيصبح وكأنه لم يكن . وهذا ما حدث في عمل المسيح الكفاري. فقد بررنا وارجعنا الى تلك الصورة عينها التي كان عليها ابونا آدم الاول "قبل ان عصى ربه وغوى" هذا هو الامتياز العظيم, الذي صار لنا من كفارة المسيح بشرائه الانفس الثمينة التي كان ابليس قد اقتنصها لارادته (راجع (سورة طه121) والانجيل رومية ص 5-). وقد حاء ايضا في سورة الانفال (29) :"يا ايها الذين آمنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويغفرلكم ويكفر عنكم سيئاتكم". ونقرأ في سورة الفتح (4) :"ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم