الرسول تحت الخطيئة كغيره من الرسل والانبياء
يتبين لنا من القرآن ان محمداً هو تحت الخطأ والخطيئة كغيره من البشر. وقد امره الله قائلا: "قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد"(سورة الكهف (110) , وفي سورة الزمر (30) يقول له: "انك ميت وانهم لمائتون ". ومن جهة الوجاهة والشفاعة في القرآن نرى انها غير منوطة بمحمدٍ البتة. فنرى الوحي يتكلم الى الرسول ويسأله قائلا: "افمن حق عليه كلمة العذاب افأنت تنقذه من النار" ؟ سورة الزمر(19). والجواب طبعاً هو كلاَّ. افلم يقل له ايضا في سورة الاعراف (188): "قل لا املك لنفسي نفعاً ولا ضراً الا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ما انا الا نذير وبشير لقوم يؤمنون".
فتلقىآدم من ربه كلمات فتاب عليه
قد جاء في سورة البقرة (37) عن آدم ابي البشر القول :"فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هوالتواب الرحيم".
هنا ايضا يبرز ايضا السؤال : فما هي هذه الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه يا ترى؟, سوىَّ ان تكون كلمات الرب عينها بعد الخطيئة في جنة عدن التي قالها لابليس الممثل بالحية : وهي وعد الرب لآدم وحواء بالكفارة عن خطيئتهم والفداء بتقديم الذبائح., وكانت تشير الى الرب نفسه الذي سيأتي من نسل المرأة الذي سيسحق رأس ابليس , الحية القديمة (راجع تكوين 15:3واشعيا 27 :1 )الخ. بدفع الثمن كاملاً عن آدم ونسله بكفارته على الصليب .
ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد"
ان الانبياء والرسل وكل المؤمنين بالله, هم بشر تحت الآلام نظيرنا. مهما عظم امرهم وعلا شأنهم. فهم بحاجة مثلنا الى غفران الله وخلاصه بواسطة فداءه وكفارته التي صنعها لاجلنا في جسد ابنه. اذ قدمه ,كما قرأنا سابقا, ذبحاً عظيماً على جبل الجلجثة. الذي رُفِعَ عليه المسيح مصلوباً. وقد كان يدعى في زمن ابراهيم جبل المرَّيا.
لهذا نرى الله يطلب من جميع بني آدم ان يتوبوا ,متغاضياً عن أزمنة الجهل. ولهذا ايضاً نسمع الانبياء والمرسلين جميعاً ممن وردت اسمائهم في الكتاب المقدس والقرآن الكريم,يعترفون بخطاياهم ويطلبون غفران الله وكفارته. بما فيهم آدم أبي البشر. ونوح وايوب ودانيال .وهم من المتقدمين بين انبياء العهد القديم (راجع سفر النبي حزقيال ( 12:14-20). وابراهيم ويعقوب وموسى وهارون ويوسف وداود ومحمد. كلهم يطلبون خلاص الله في كفارته لغفران خطاياهم,. ما عدا المسيح عيسى ابن مريم كلمة الله. فهو وحده بلا عيب ولا نجد له اسما بين هؤلاء جميعا. كما جاء في سورة الاعراف (23) عن لسان آدم وحواء ونسلهم قولهم: "ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين".
وقال نوح: "ربي اغفر لي ولوالديَّ ان لم تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين". سورة هود (47). وموسى كليم الله يقول: "فعلتها وانا من الضالين" سورة الشعراء (20 ).
وقال ايضا: "اني ظلمت نفسي فاغفر لي". سورة القصص (16).
وعن داود يقول: انه "استغفر ربه وخر راكعا واناب فغفرنا له" (سورة ص (24 ).
وعن سليمان الحكيم قال: "ربي اغفر لي وهب لي ملكا "سورة ص (35).
وعن يوسف : "فهمت به وهم بها لولا ان رأى برهان ربه" سورة يوسف (24).
ويقول ايضا لمحمدٍ "استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم منقلبكم"سورة محمد (19)
وفي سورة النصر (3), يقول له ايضاً: "سبح بحمد ربك واستغفر انه كان تواباً".
ان ما مر بنا عن الرسل والانبياء اعلاه يبين لنا, ان الانسان, وهو مولود المرأة ,يبقى انساناً تحت الخطيئة مهما طال الزمان. وقد عبرَّ عن هذا الامر ايوب العربي في سفره بكتاب الانبياء فقال :"كيف يتبرر الانسان عند الله وكيف يزكوا مولود المرأة.هوذا نفس القمر لا يضيء والكواكب غير نقية في عينيه.فكم بالحري الانسان الرمَّة وابن آدم الدود"(ايوب 4:25) وداود النبي بدوره يقول نيابة عن كل البشر:"هائنذا بالاثم صوِّرت وبالخطيئة حبلت بي امي"(مزمور5:51).
وعندما رأى اشعيا قداسة المسيَّا في الهيكل صرخ : "ويل لي اني هلكت لاني انسان نجس الشفتين وانا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأن عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود" ( راجع اشعيا 5:6 بالمقابلة مع انجيل يوحنا 41:12) .