ان مثلَ عيسى عند الله كَمَثَلِ آدم
ولقد رُفع المسيح على غيره من الانبياء والمرسلين درجات اولاً: بسبب ما نسميه جنسيته. فهو لم يكن من هذا العالم , وكما نقرأ في الانجيل, فهو آدم الثاني الرب من السماء (راجع الانجيل 1كورنثس 45:15-50). وفي هذا المعنى يكتب القرآن الكريم في سورة ال عمران (59) "ان مَثَل عيسى عند الله كَمَثَلِ آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون". ولكن ان فَصَلنا القرآن عن آياته وجزوره في التوراة والانجيل , فان ذلك يؤدي بالضرورة الى التناقض وسوء فهمه وتفسيره. لاننا عندما ناتي الى بقية النص القرآني لهذه الآية , سوف لا نراه يتناسب مع ما كُتب فيه وفي امكنة أخرى عن المسيح , وكيفية مجيئه الى هذا العالم . فان المسيح عندما اتخذ جسداً من العذراء المباركة واصبح رسولاً لبني اسرائيل قال لهم : "اني قد جئتكم بآية من ربكم "-اي بعجيبة-(راجع سورة ال عمران 48) وعبارة قد جئتكم تعني انه كان له وجود سابق . فان كان المسيح قد خلق من تراب الارض كنظيره آدم الاول كما يظن البعض. وكما هو المفهوم السطحي للآية اعلاه, فاين هي الآية اذاً ؟ او العجيبة في مجيئه. ومن اين اتى المسيح ليقول قد جئتكم ؟ ( ال عمران 48). واين هو ايضا قول جبرائيل الملاك : "فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آيةً للعالمين"؟سورة الانبياء (91 )
فان القرآن عندما يشير الى المسيح كآدم , فهو لا يعني بالضرورة انه قدخلق من تراب الارض نظيره ويناقض نفسه. بل ان القصد من وراء هذه العبارة , هوالتوضيح للعرب ما قد جاء في التوراة والانجيل وهما سنَّة الله التي خلت (سورة الفتح (22) . وهو ان هناك آدمان . فاننا كما دخلنا هذا العالم المادي من خلال ولادتنا الطبيعية من آدم الاول, وقد اصبحنا اولاده . هكذا علينا ايضا لدخول الجنة , ان نولد من المسيح روحيًّا كآدمٍ ثانٍ فنصبح اولاده ايضا. اذ نؤمن به ونقبل كفارته, التي صنعها بنفسه عل الصليب.(راجع الانجيل 1كورنثس 45:15-50 ومزمور22 واش53). وذلك للكفارة عن آدم الاول وذريته.هذه هي طريق الله لخلاص البشر وليس سواها .
ثانياً : رفع المسيح فوق غيرد من الرسل والانبياء بدرجات بسبب قداسته. فهو لم يأتي الى هذا العالم ليشاركه في شهواته وميوله الحسية والجنسية, ولا حتى ليقدم له حلولا جاهزة بالنسبة لمشاكله الاجتماعية والسياسية. فقد جاء المسيح الى هذا العالم لكي يحمل خطاياه وهو الذي لم يكن فيه خطية.
ثالثاً : لقد رفع المسيح على غيره من الرسل والانبياء درجات بسبب طبيعة عمله, الذي لا يستطيع احد من البشر ان يقومَ به. أأنبياءَ كانوا ام مرسلين ام ملائكة. وهو المثل الاعلى. يقول القرآن :"ولنجعله آية للناس ورحمة منَّا وكان أمرا مقضيًّا"(سورة مريم 21).ويكتب الرسول بطرس:"لانكم لهذا دعيتم .فان المسيح ايضا تألم لاجلنا تاركاً لنا مثالاً لكي نتبع خطواته"(الانجيل 1بط 2: 21) . والرسول بولس بدوره يكتب بهذا الخصوص : "كونوا متمثلين بالله كاولاد احباء . واسلكو في المحبة كما احبنا المسيح ايضا واسلم نفسه لاجلنا قربانا وذبيحة لله رائحة طيبة" .( الانجيل افس 5: 1).قالوا هذا لان حياة الابن في الجسد على الارض , كانت مدرسة للبشرية جمعاء وخصوصًا للذين قد اتبعوه فاديا ومخلِّصاً .