الجن تستمع القرآن الذي أُنزل بعد موسى
ففي سورة الاحقاف (28-30) يقول الى الرسول"واذ صرفنا اليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلما قُضِيَ ولّوا الى قومهم منذرين , قالوا يا قومنا انا سمعنا كتاباً أُنزِلَ من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي الى الحق والى طريق مستقيم , يا قومنا اجيبوا داعي الله وآمنوا به, يغفر لكم من ذنوبكم ويَجِرْكُم من عذابٍ اليم".
ان نفراً من الجن , وهذا الصنف من الناس لم يُذكر الا في القرآن فقط, لان الجن كما جاء في التوراة هم الشياطين ذاتها وليسوا بشراً.وقد نهى الرب شعبه من التعامل معها (لاويين31:19و6:20) . فهذا الصنف من الجن قد سمع الرسول كعادته يقرأ الانجيل, وهو القرآن الذي أُنزل بعد كتاب موسى كما قرأنا اعلاه, وهو يهدي الى الحق والى طريق مستقيم.ففرحوا يه وولوا الى قومهم منذرين. وقالوا يا قومنا انا سمعنا كتاباً أُنزِلَ من بعد موسى يهدي الى الحق والى طريق مستقيم.ياقومنا آمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويَجِرْكُم من عذابٍ اليم".
فقد سمعوا الرسول على ما يبدو يتلو القرآن, الذذي نزل بعد موسى. فهو كان يقرأ الانجيل في كل مناسبة, وقد أمَرَ المسلمين الجدد ايضًا الذين آمنوا في رسالته, ان يقرأوه نظيره. اذ قال لهم: "يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم" . سورة النساء (26).
ان الآية هنا تبين لنا ان الله قد ارسل الى الرسول نفراً من الجنِ , ليستمعوا القرآن الذي نزل بعد موسى, وهوكما تقول الآية يهدي الى الحق والى طريق مستقيم.
ان الرسول محمد وصحابته,كان يوجد بين ايديهم التوراة والانجيل, ويقرؤنهما في كل مناسبة وقد دعوهما فرقاناً وقرآناً كما مر بنا. كما ان الكتاب المعروف اليوم بهذا الاسم, القرآن, لم يكن بعد قد ظهر بين كتب الله في زمان الرسول. وقدجُمِعَ مؤخراً واصبح كتاباً يعرف بالمصحف اولاً, ومن ثم بالقرآن. وهذا حدث بعد موت الرسول بزمنٍ ملحوظ. ولم نقرأ في القرآن آيةً واحدة تشيرُ الى ان الرسول, رغب يومًا في حياته,او طلب ان احدا يجمع له كتابا ما بعد موته.
ان الاستاذ الحداد في كتابٍ له, هو( القرآن والكتاب وجه 230) يكتب: "(روى البخاري عن زيد ابن تابت في جمع القرآن بعد وفاة النبي قال: " أرسَلَ اليَّ ابو بكر بعد مقتل اهل اليمامة, فإذا عمر بن الخطاب عنده. فقال ابو بكر: ان عمر أتاني وقال ان القتل استحَرَّ يوم اليمامة بقراء القرآن. واني اخشى ان يستحرَّ بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن. وارى ان تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ فاقسم عمر بالله العظيم وقال: هوخير!. فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري بذلك
…" وعندما كُلِّفَ زيد ابن تابت رسميًّا في جمع القرآن , من قبل ابو بكر وعمر, قال لهما ثانية بعد قَسَمٍ بالله العظيم : "كيف تفعلان شيئًا لم يفعله رسول الله" قالوا بعد قَسَمٍ بالعظيم ايضًا: هو خير. وكما نعلم من القرآن الكريم, ان الرسول لم يأمر احدا من الصحابة او من أنصاره, ان يكتبوا له قرآناً جديداَ او يجمعوا له آياتٍ من التي كان يرددها من كتاب الله بلسانٍ عربيٍ فصيح ( راجع سورة الشعراء 189-196) . وقد بقيت هذه آيات بينات في صدور الرجال الذين كانوا يحاربون مع الرسول محمد, وقد جُمِعَ بعضها واصبحت كتابًا بعد وفاته بوقت ملحوظ. والمعلوم ان زيدًا بن تابت عندما سأله الخلفاء عن حَفَظَة القرآن واين هم؟ قال لهم زيد, ان نصفهم قد ماتوا.وروى عمارة بن غزيَّة حديثاً جاء فيه ان زيدا بن تابت قال: أمَرَني ابو بكر فكتبته في قطع الاديم والعُسُب. فلما هلك ابو بكر, وكان عُمَر كَتَبتُ ذلك في صحيفة واحدة وطلبوا له اسمًا فأشار ابن مسعود انيسموه " بالمصحف " لأن الحبشة تسميه كذلك, فسمَّاه ابو بكر"المصحف"
الا ان الرسول والصحابة, كانوا يقرأون عادة من الكتاب المقدس في كل مناسبة, ويدعونه قرآناً او فرقاناً كما سبق وذكرنا. وان المسيحيين الذين كانوا مع الرسول, ويسمعونه احيانًا يردد آياتٍ روحيةٍ من كتابهم, وربما ملحنة على الطريقة السريانية الشرقية, بحسب عادة بعض النصارى الاسميين الى هذا اليوم, فكانت دموعهم تتساقط على خدودهم من شدة الفرح.