الذكر المحفوظ
للتوراة والإنجيل والقران ، أسماء واحدة
فالثلاثة هي الكتاب المنزل : ( بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، وانزل معهم الكتاب بالحق) البقرة 213.
والقران نفسه وحي من هذا الكتاب الإمام ، بدون تبديل : (واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك : لا مبدل لكلماته ) الكهف 27.
لذلك فالقران: ( تفصيل الكتاب ) يونس 37 ،
وتصديق له يهيمن على حراسته :
(وأنزلنا إليك الكتاب ، مصدقا لما بين يديه (قبله) من الكتاب ، ومهيمنا عليه) المائدة 51 .
وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ).
وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ . البقرة 89.
لَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ . البقرة 101.
… جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ.ال عمران 81 .
وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ .الانعام 92 .
وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا.الاحقاف 12 .
الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ. البقرة 91.
مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ . البقرة 97 .
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ.ال عمران 3 .
وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ .ال عمران 50 .
نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ . النساء 47 .
فعلى المسلمين ان يؤمنوا بالكتاب والقران ايمانا واحدا : ( يا ايها الذين آمنوا ، آمنوا بالله ورسوله ، والكتاب الذي انزل على رسوله ، والكتاب الذي انزل من قبل ) النساء 136 . فالكتاب المنزل في الثلاثة واحد ، وله فيها جميعا قيمة واحدة .
والثلاثة جميعا هي الذكر الحكيم :
( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ) الأنبياء 23.
والذكر هو أصلا عند أهله : ( فاسألوا أهل الذكر ، لن كنتم لا تعلمون البينات والزبر) النحل 43-44.
فما القران سوى بيان للتنزيل في الكتاب : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما انزل اليهم ) النحل 44 . فالذكر واحد في الثلاثة.
والثلاثة هي الفرقان :
( نزل عليك الكتاب بالحق ، وانزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وانزل الفرقان ) ال عمران 4 : فالتوراة والإنجيل والقران هي كلها الفرقان
وما القران نفسه سوى ( بينات من الهدى والفرقان) البقرة 185.
لذلك : ( تبارك الذي انزل الفرقان على عبده ) الفرقان 1 .
كما ( آتينا موسى وهارون الفرقان ) الأنبياء 48 .
فالكتب الثلاثة هي الفرقان .
والثلاثة هي القران ، قبل أن يصير اسما خاصا بالكتاب العربي.
فمنذ مطلع الدعوة ، ولما ينزل من القران العربي سوى آيات معدودات ، يؤمر محمد ( قم الليل إلا قليلا ….. ورتل القران ترتيلا ( المزمل فمن الواضح انه قران الكتاب .
هذا ا يتضح من قوله : (وأمرت ان أكون من المسلمين ، وان أتلو القران) النمل 90-91.
أي قران الكتاب الذي يتلوه مع المسلمين من قبله الذي أمر بان ينضم إليهم ويكون ( من المسلمين ) . وفي مطلع السور يرادف بين ( تلك آيات الكتاب ) الشعراء 1 والقصص 1 يونس 1 لقمان 2 ، وبين تلك آيات القران) النمل 1 . فالقران اسم الكتاب كله مثل القران العربي : ( تلك آيات القران كتاب مبين) نمل 1 هذا الترادف يجعل للثلاثة قيمة واحدة .
2) فالكتاب المنزل واحد في التوراة والإنجيل والقران
( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ ) . البقرة 213.
فكل الأنبياء يبثون بالكتاب الواحد ، ولو تنوعت لغته . لذلك فالقران وحي من الكتاب نفسه ، دون تبديل : ( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا . الكهف 27.
فالتوراة والإنجيل والقران هي كلها الكتاب الواحد المنزل : فلها جميعا منزلة واحدة .
3) تنزيل الكتاب في التوراة والإنجيل والقران ، عقيدة واحدة.
(الم . اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ من قبل وهدى للناس وانزل الفرقان . ال عمران 1-3 .
فالتنزيل واحد في التوراة والإنجيل والقران ، من الحي القيوم نفسه .
والقران ( تنزيل رب العالمين …. وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) . الشعراء 193 – 197 .
فلا يميزه عنها سوى اللسان العربي وحده : ( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ . الأحقاف 12 .
4) اصل الكتاب المنزل في التوراة والإنجيل والقران واحد.
اصل الكتب المنزلة كلها هو : ( اللَوْحٍ المَحْفُوظٍ ) . البروج 22.
ويسميه ( أُمِّ الْكِتَابِ ) . الزخرف 4 ؛ ( الرعد 39) أي اصله الذي لا يتغير منه شيء ؛ وهو ما كتبه بالأزل) ( الجلالان) ؛ ( اصل الكتب ، وهو اللوح المحفوظ) البيضاوي .
فبما ان اصل التوراة والإنجيل والقران واحد ؛ فهي كلها واحدة، ولها قيمة واحدة، في نظر القران نفسه .
5) التوراة والإنجيل والقران تعلم جميعا دينا واحدا .
هذا ما وصى به الله زعماء الأنبياء والرسل ، نوح وابراهيم وعيسى وموسى ومحمد:
( شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) الشورى 13 . لذلك : ( لا نفرق بين أحد منهم ، ونحن له مسلمون ).
6) وهذا الدين الواحد في الثلاثة هو التوحيد الكتابي
فالتوحيد المنزل هو الايمان بالله واليوم الآخر ، وهذا ما تنادي به الكتب الثلاثة . لذلك: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . البقرة 62 .؛ قابل الحج 17 و 67 ؛ المائدة 69.
وبوحدة التوحيد والدين في الكتب الثلاثة ، يتحدى المشركين : (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ . القصص 49 .
وهذا التوحيد الكتابي المنزل هو واحد في الكتب الثلاثة : ( هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِي . الأنبياء 24 –25 . فسره (الجلالان) ( ذكر من معي أي أمتي ، وهو القران ؛ وذكر من قبلي أي من الأمم ، وهو التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله ؛ فليس في واحد منها أن مع الله آلها آخر .
فالتوحيد الكتابي واحد في الثلاثة ؛ فلهما جميعا منزلة واحدة .
7) وهذا التوحيد الكتابي المنزل هو الإسلام
ان (الإسلام) موجود اسما ودينا قبل محمد والقران ، وذلك بنص القران القاطع:
( هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ) الحج 78 : ( من قبل) في الكتاب كله؛
( وفي هذا) القران ، كما اجمع على تفسيره الطبري والزمخشري والبيضاوي والجلالان .
لذلك يؤمر محمد في بعثته ان ينضم الى ( المسلمين) الموجودين من قبله : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وان أتلو القران) معهم . النمل 90-91 .
وجميع الأنبياء علموا إسلام الكتاب ، فلا دين غيره ، لانه دين الفطرة ، ودين الكتاب :
(أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ . ال عمران 83 –85 .
ان إسلام القران هو إسلام الكتاب نفسه . والإسلام الذي لا دين غيره هو إسلام الكتاب ، من إبراهيم إلى موسى إلى عيسى ، قبل إسلام القران ؛ وما إسلام القران الا إسلام الكاب الذي شرعه الله للعرب ( الشورى 12 ) .
لكن هذا الإسلام هو على التخصيص إسلام النصارى ( أُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) الذين يشهدون مع الله وملائكته ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) . ال عمران 18 – 19.
فالإسلام حصرا هو الإسلام (النصراني ) قبل ان يكون الإسلام القرآني .
هذا ما أعلنه الحواريون ، صحابة المسيح ، مرارا : ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . ال عمران 52 الصف 14 ؛ وهذا ما أعلنه النصارى لمحمد حين تلا عليهم إسلام القران : ( إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ). القصص 53 .
وكما شهد الحواريون للمسيح بالإسلام : ( رَبَّنَا آمَنَّا …. فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. ال عمران 53 ؛ يشهد القران بالحرف الواحد للنصارى بالإسلام : (رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) المائدة 86.
وميزة هذا الإسلام (النصراني ) القرآني هو التوحيد بين الرسل والكتب المنزلة (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . البقرة 136 وال عمران 84.
وبما ان الإسلام واحد في الكتب المنزلة كلها ، فالايمان( بكتب الله ورسله ) واحد، وهو ركن من أركان دين الله : ( ليْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ….. البقرة 177 .
فآمنوا بالله ( وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ) ال عمران 179. النساء 152 و171 والحديد 19 و21.
فقد ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ . البقرة 285 .
هذا هو أساس الحوار الذي يفرضه القران على أمته : فلا ينس أهل القران هذا التلقين في حوارهم مع أهل الإنجيل .
8) الإنجيل هو كلام الله على لسان كلمة الله
ان الله يستجمع الحي كله في السيد المسيح : ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ . ال عمران 48
في الترادف تظهر ( الحكمة) مرادفا للإنجيل ؛ والمسيح نفسه يعلن ، ( قال : قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ ) . الزخرف 63.
وهذا الجمع المعجز للوحي في المسيح عقيدة راسخة في القران ، فهو يردد : ( إِذْ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ). المائدة 110 .
وميزة محمد والقران إيمانهما بالمسيح انه (كلمة الله: إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ). ال عمران 45 . وهذه هي البشرى نفسها للمعمدان (ال عمران 39 ).
فتعريف القران بالمسيح ، عيسى ، ابن مريم ، رسول الله ، انه (كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) . النساء 171 .
وهذا التعريف ، مهما اختلف التأويل ، فانه يرفع المسيح من عالم البشر ، الى عالم الروح ، عالم الملاك والله .
فكلام الله على لسان (كلمة الله) هو ختام الوحي والنبوة ؛ لأنه ليس من رسول عند الله مثل الذي هو (كلمته وروح منه ) . قال الرازي : سمي كلمة الله كأنه صار عين كلمة الله … أو لأنه أبان كلمة الله افضل بيان ) آل عمران 45.
وميزة محمد في دعوته انه : ( النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يؤمن بالله وكلمته . الأعراف 158 .
قرأنا ( كلمته) بدلا (كلماته) على قراءة اصح تفرضها القرائن.
لذلك جاء القران ( تصديقا للكتاب ) البقرة 41 و 77 و 89 91 و 101 ؛ آل عمران 3 ؛ النساء 47 مائدة 46 ؛ الأنعام 92 ؛ يونس 37 ؛ يوسف 111 ؛ فاطر 31 ؛ الأحقاف 30 . الصف 6 .
(وتفصيل الكتاب) : يونس 37 ؛ يوسف 111 ؛ الأنعام 114.
( بل تعريب الكتاب ) : فهو ( تنزيل من الرحمن الرحيم : كتاب فصلت آياته فرانا عربيا ) فصلت 1 ؛ (كتاب أحكمت آياته ، ثم فصلت من لدن خبير حكيم ) هود 1 .
لذلك ( والكتاب المبين : إنا أنزلناه قرانا عربيا ) يوسف 1 .
فتفصيل الكتاب هو في لغته القران تعريبه مفصلا: ( ولولا جعلناه قرانا أعجميا لقالوا: لولا فصلت آياته ) فصلت 44.
فالقران ينتسب جملة وتفصيلا إلى الكتاب الإمام : ( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ) هود 17 ؛ الأحقاف 12 ؛ خصوصا إلى الكتاب المنير : ( فان كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير ) آل عمران 184.
فلا ينتسب إلى كتاب سماوي عند الله ، بل إلى كتاب الله على الأرض: ( قل : فآتوا بالتوراة فأتلوها ان كنتم صادقين ) آل عمران 933 ؛ والقران ( تنزيل رب العالمين ) لأنه ( في زبر الأولين ) الشعراء 193 –195.
وهو يفخر انه (يؤمن بالله وكلمته ) الأعراف 158 لان الإنجيل كلام الله على لسان كلمة الله : ففي المسيح توحد كلام الله وكلمة الله ؛ فصار كلمة الله كلام الله عينه الذاتي المنزل .
9) الإنجيل هدى وموعظة للمسلمين ، كما هو للمسيحيين
هذا هو موجز النبوة والكتاب : ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ. المائدة 46 .
( المتقون ) في اصطلاح الكتاب والقران ، هم المؤمنون من الأميين بالكتاب المنزل ، كما في قوله : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين … وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) . البقرة 1 – 4 ؛ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. ال عمران 138 .
فالقران (هدي وموعظة للمتقين) من العرب ، كما أن الإنجيل (هدى وموعظة للمتقين) منهم . المائدة 46 .
والقران هو تعليم ( الكتاب والحكمة) اللذين استجمعهما المسيح، للعرب : ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ. البقرة 151 . كما طلب إبراهيم وإسماعيل لهم من ربهم ( البقرة 129).
وبتعليم القران العرب الكتاب والحكمة ، التوراة والإنجيل ، أنقذهم من ضلال مبين : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . ال عمران 164 . قابل الجمة 2
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) الجمعة 2 .
فالقران هو تعليم (الكتاب والحكمة ، التوراة والإنجيل) كما نزلت على المسيح ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ). ال عمران 48 .
10) فالمسيح في عرف القران نفسه ، خاتمة النبوة والكتاب
أولا: لان المسيح وحدة ( كلمة الله) كأنه كلام الله تجسد فيه ، فصار (كلمة الله) عين كلام الله . فالمسيح هو ( كلمة الله) الذاتية والمنزلة جميعا.
ثانيا : لان القران في تعاقب الأنبياء يجعل المسيح خاتمة الرسل : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) . البقرة 87 .
وميزة الختام معه تأييد الروح القدس له على الدوام في سيرته ودعوته ، لا في حال الوحي فقط كما عند سائر الأنبياء والرسل .
فهو (لم يفارقه ساعة) (يسير معه حيث سار ) . وفي المفاضلة بين الرسل يجعل تأييد المسيح بالمعجزات وبروح القدس : (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ). البقرة 253 سبب فضله على غيره ( وجعل معجزاته سبب تفضيله لأنها آيات واضحات ، ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره ) البيضاوي . فهذان التفضيل بالمعجزات ، والتخصيص بتأييد روح القدس برهان الختام في المسيح .
ولا نص في القران يقول ( بتقفية) رسول على المسيح .
يقولون: ان القران يصف محمد بانه (خاتم النبيين) ( رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب 40.
لكن نلاحظ دقة التعبير : فهو يقول ( خاَتم ) لا (ختامة) . وخاَتم هو ختم الصدق والتصديق.
وهذا هو المعنى المتواتر في القران بأنه ( تصديق الكتاب) ، وفي محمد بانه يصدق الكتاب في تفصيله للعرب () البقرة 41 و 77 و 89 91 و 101 ؛ آل عمران 3 ؛ النساء 47 مائدة 46 ؛ الأنعام 92 ؛ يونس 37 ؛ يوسف 111 ؛ فاطر 31 ؛ الأحقاف 30 . الصف 6 .
وعلى كل حال ، فالمسيح هو خاتم الأنبياء والأولياء في اليوم الآخر : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) . الزخرف 61 . فهو (علم) يشير إلى دنوها ؛ وهو (علم) لها تعرف به . ومن يكون كذلك حين الساعة الأخيرة من تاريخ البشرية فهو بالحقيقة خاتمة النبوة والكتاب .
تلك هي قيمة الكتاب عامة ، والإنجيل خاصة ،في نظر القران.
وفي آخر سورة ، وفي آخر آية تقريبا ، يضع الكتب الثلاثة في منزلة واحدة ، ( وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ ) . التوبة 111 .
لتلك الاعتبارات كلها ، والمتشابهات جميعها ، في تعبير (التنزيل) فعندما يذكر القران العربي تنزيله من الله ، لا نستبين طريقة تنزيل يقينا كقوله : ( الله الذي انزل الكتاب بالحق ، والميزان ) الشورى 17 . فالكتاب والميزان كلاهما تنزيل الله .
والقران نفسه ، الذي يؤكد مرارا وتكرارا تنزيله ، يجهل هو نفسه الطريقة : ( إنما انزل بعلم الله ) هود 14 ؛ فقد ( أنزله بعلمه ) النساء 156 .
اجل ان القران : ( تنزيل العزيز الرحيم ) يس 5 ، ( تنزيل من الرحمن الرحيم ) فصلت 2 ؛
( تنزيل من حكيم حميد ) فصلت 42 ؛ ( تنزيل من رب العالمين ) الواقعة 80 ؛ الحاقة 43 .
لكن طريقة التنزيل مجهولة او مطوية : ( إنما انزل بعلم الله ) الشعراء 192 ؛ النساء 156.
فالتشابه قائم في معنى التنزيل ، وفي طريقته : تلك هي النتيجة المحتومة الحاسمة لتلك القرائن القرآنية .
لذلك عندما يصرح : وانه لتنزيل رب العالمين …. وانه لفي زبر الأولين ) الشعراء 193-197
يصح ان نستنتج انه ان القران تنزيل من (زبر الأولين ) ، أي تفصيل الكتاب الذي قبله (يونس 37).
وعندما يؤكد : ( قل : نزله روح القدس من ربك بالحق ) النحل 102 لا يزل الإبهام في طريقة التنزيل ؛ ونتساءل ما سر قوله: (وانك لتلقي القران من لدن حكيم عليم) النمل 2 ؟ هل من جواب في تصريحه : ( فلا تكن في مرية من لقائه ، وجعلناه هدى لبني إسرائيل ، وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) السجدة 23-24 ؟ - وبنو إسرائيل الذين يقتدى بهداهم ويستشهد بهم هم ( النصارى) ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون ) الأعراف 158.
فهل ( الحكيم العليم) الذي يلقي القران على محمد هو الذي ينوه به في تصريحه: (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) الأحقاف 10 ؟.
ذاك التساؤل ، وذاك الاستنتاج ، هما حق ؛ لان معنى التنزيل وطريقة التنزيل في القران هما من المتشابه فيه .