الشريعة الإسلامية

 

نشأتها? محتواها والمذاهب الأربعة

 

الذي يريد أن يدرس الشريعة الإسلامية عليه أن يكون مستعداً لفهم مفاهيم مثل الشريعة? والشرعي? والحلال والحرام كما تستعمل في العالم الإسلامي. إن الشريعة الإسلامية تغطي على جميع مجالات الحياة كمنهاج حقوقي? ولكنها لم تُطبَّق حتى الآن في العالم الإسلامي إلا بشكل جزئي. إذاً نعني بالشريعة نظاماً حقوقياً يعالج ما يمتّ للحياة الإنسانية بصلة? من تنظيف الأسنان إلى أحكام الصلاة. وهذا النظام القانوني هو الذي يحلم به كثيرون.

إن الشريعة تعني في اللغة الطريق إلى مورد الماء . وهي الطريق الواضح الذي يجب سلوكه? والذي يجب على المؤمنين أن يتبعوه. أما كمصطلح فالقانون المعترف به في الإسلام وهو جملة أحكام الله. إن الإسلام يختلف عن المسيحية اختلافاً كاملاً بكونه دين شريعة تريد أن تسيطر على حياة البشر وتراقبها. فهي قانون ودستور للدولة? والمرجع الوحيد في القضايا الدينية للفرد? وقاضٍ إلهي للأمة.

رغم أن الشريعة تتناول أيضاً المواضيع الأخلاقية? إلا أنها ليست نظاماً قانونياً يبحث عن الأسباب والدوافع الذاتية? بل تسجل وتملي العلاقات الظاهرية والواجبات تجاه الله والفرد. إن تقييم الأعمال فقط يعتبر من أهم مبادئ الشريعة الإسلامية. وأما النية التي تطلب في أغلب الواجبات الدينية? فهي لا تهم الشرع الإسلامي الذي يطالب الأمة بالقيام بالواجب والامتناع عن الحرام.

إن الإسلام دين يحيط بالحياة اليومية للمرء? سواء تعلق الأمر بالواجبات الدينية أو الأمور الدنيوية. فالشريعة إذاً هي العنصر الجوهري لدين كهذا! إنها دستور الله الذي \يُبنَى على الكتاب الموحى به من لدنه. أما الكتاب الذي أوحى به الله نفسه فليس بمقدور الذهن البشري تحليله أو التسرب في أعماقه.

إن قبول القرآن والاعتراف بالشريعة لا يتطلب تفكيراً جدلياً. بل يجب على المرء التسليم بها بدون تردد وتوقف? رغم ما يبدو هنالك من تناقضات. إن عجز العقل البشري عن فهم تلك التناقضات دليل على مصدرها الإلهي. فالشريعة باختصار هي المصطلح الأكثر إحاطة? الذي قُصد به منذ البداية أن يكون نظاماً يحكم حياة الفرد. وهنا تختلف الشريعة عن السنّة النبوية التي يجب أن تُتَّبع هي الأخرى. إلا أن العلماء يقولون إن للأحاديث مصدراً بشرياً بينما القرآن مصدره إلهي فقط. إن السنة تهدي المسلم إلى سلوك يُرضي الله وينال به شفاعة نبيّه. إلا أن النبي نفسه يبقى إنساناً عليه اتباع الشريعة مثل أي إنسان.

- اتبع ما يوحى إليك من ربك (الأحزاب 2).

- ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (الجاثية 18).

- اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون (الأعراف 30).

- أما الشارع فهو الله نفسه: شرع لكم من الدين ما وصَّى به نوحاً والذي أوحينا إليك .. (الشورى 13).

 

نريد أن ندرس موضوع الشريعة تحت الأبواب التالية:

1- مصادر الشريعة

2- بنية الشريعة ومحتواها

3- تقييم الأعمال وأهداف الشريعة أو المصالح

4- المذاهب الأربعة وحركات الإصلاح الحديثة في العالم الإسلامي

الصفحة الرئيسية