2- بنية الشريعة ومحتواها

 

بالرغم من وجود عناصر دخيلة من مختلف أنظمة الحقوق? بإمكاننا أن نصف الشريعة كنظام حقوق إسلامي. إن ما يميز الفقه الإسلامي من الحقوق الرومانية والفكرة الأوربية للحقوق هو أن يحتوي الفقه الإسلامي وصايا دينية مفصلة مثل تعيين أوقات الصلاة وطريقة الوضوء وعواقب التقصير في تلك الواجبات? مما لا يمكن تصوُّره في الحقوق الرومانية. ولكن هنا نرى القرابة الوثيقة بين الشريعة والدستور اليهودي التقليدي. إن الشريعة تلزم المسلم بواجبات فقهية وعبادية وأخلاقية في نفس الوقت.

يتناول أبو حنيفة (767-699) قضايا الفقه في ثلاثة أصناف: الفقه العقائدي والفقه العملي (فقه المعاملات) والفقه المعنوي. هذا أول رسم لبناء الفقه الذي بناه الفقهاء فيما بعد أمثال الشافعي والإمام مالك إلى أن أخذ شكله النهائي. فهو يتكون حسب طوره الأخير من خمسة أقسام:

1- الاعتقادات

2- الأخلاق

3- العبادات

4- المعاملات

5- العقوبات

إن القسم الأول والثاني أي الاعتقادات والأخلاق صارا مع الوقت فرعين مستقلين. فنرى الاعتقادات ضمن الكلام? والأخلاق فرعاً للفلسفة الإسلامية. غير أنه من الصعب جداً تحديد حدود واضحة تفصل هذه الأقسام بعضها عن بعض. خلافاً لما نراه في المصادر الأولى. توصف الشريعة في القرون الثلاثة الأخيرة كقانون مكوَّن من ثلاثة أقسام: العبادات والمعاملات والعقوبات. أما العبادات فتتشكل مما يسمى بأعمدة الإسلام الخمسة: الصلاة والزكاة والصوم والحج والشهادة. عدد كبير من أهل السنة يعدون الجهاد أيضاً ضمن هذه الأعمدة .

أما القسم الثاني أي المعاملات فيحوي كتاب العقود وكتاب النكاح وكتاب الفرائض وكتاب الوصايا وكتاب السير وكتاب البيوع. وكتاب العبيد أيضاً كان موضوع الفقه الإسلامي سابقاً.

أما الحقل الأخير (العقوبات) فيتناول في كتاب الحدود وتقرير الأحكام المتعلقة بالجنايات والجرائم. إن القياس حد السرقة والزنا والقذف وأحكام المرتد هي أهم المواضيع التي تهم كتاب العقوبات.

الواجبات العبادية: نريد أن ندرس هذا القسم بشكل مفصَّل? لأن قبول الإسلام يتوقف عليه:

1- الشهادة: يتم الإقرار بالإسلام بتكرار الشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله .

2- الصلاة: هي الصلاة المفروضة التي تؤدَّى في أوقاتها الخمسة.

3- الزكاة: هي تبرع المسلم من ربحه السنوي الصافي وتشكل اثنين ونصف بالمائة يقول الفقهاء إن الزكاة تزيد ثروة المرء وتزكيه.

4- الصوم: هو إمساك المسلم طوال شهر رمضان (الشهر التاسع للعام الهلالي الإسلامي) من الشرب والطعام والعلاقة الجنسية وقت النهار (ما دامت الشمس تشرق).

5- الحج: كل مسلم مكلَّف بحج البيت مرة في حياته إذا مكّنه وضعُه الاقتصادي من ذلك. على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً (آل عمران 97).

إن مسلماً تخلى عن أداء الواجبات الأساسية الوارد ذكرها أعلاه يبقى مسلماً? ما لم ينكر ما أقر به في شهادته. فهو في هذه الحالة ليس بمؤمن. أما الذي ينكر وجود تلك الواجبات أو يستخف بها فيعتبر تارك الإسلام

الصفحة الرئيسية