المتعة في عهد الرسول

 

 

ذكر الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير وفي الجزء الثالث منه نقلاً عن عمران بن حصين الصحابي المشهور قال : أنزل الله في المتعة آية وما نسخها بآية اُخرى وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بالمتعة وما نهانا عنها ثم قال رجل برأيه ما شاء .
وأخرج البخاري عن عمران بن حصين أيضاً قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات صلى الله عليه وآله . 
وأخرج الامام أحمد في مسنده من طريق عمران القصير عن أبي رجاء عن عمران الحصين قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي حتى مات صلى الله عليه وآله . 
2 ـ روى جماعة من الصحابة الكرام منهم اُبي بن كعب وعبدالله بن عباس وعبدالله بن مسعود أنهم قرأوا ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن ) وفي هذه القراءة صراحة واضحة بأن المقصود هو عقد المتعة ، وقد ذكر الثعلبي في تفسيره عن حبيب أبي ثابت قال : أعطاني ابن عباس مصحفاً فقال هذا على قراءة ( أبي ) فرأيت في المصحف ( فما استمتعتم منهن إلى أجل مسمى إلخ ) وباسناده عن أبي نضرة قال سألت ابن عباس عن المتعة فقال أما تقرأ سورة النساء فقلت بلى فقال فما تقرأ استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى إلخ ، قلت لا أقرؤها هكذا قال ابن عباس رضي الله عنه والله هكذا أنزلها تعالى ثلاث مرات ، وباسناده عن سعيد بن جيير أنه قرأها كذلك

ـ ذكر الإمام ابن حزم الأندلسي إمام أهل الظاهر في الجزء التاسع صحيفة ( 519 ـ 520 ) من كتابه المحلى ما يأتي : 
إن نكاح المتعة كان حلالاً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسخ على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم فقوله كان حلالا على عهده صلى الله عليه وسلم يدل على وجود النص في القرآن الكريم بذلك . 
4 ـ جاء في كتاب معرفة الناسخ والمنسوخ لأبي عبدالله محمد بن حزم أن الآية العاشرة من سورة النساء وهي قوله تعالى ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) نسخت بقوله صلى الله عليه وسلم إني كنت أحللت هذه المتعة ألا وأن الله ورسوله قد حرماها ألا فليبلغ الشاهد الغائب ووقع ناسخها من القرآن بآية المواريث وبآية ( والذين هم لفروجهم حافظون ) . 
5 ـ نقل الإمام المعروف بأبي جعفر النحاس المتوفى عام 338 هـ في كتابه الموسوم بالناسخ والمنسوخ ما ملخصه : 
( وقال جماعة من العلماء كانت المتعة حلالا ثم نسخ الله جل شأنه ذلك بالقرآن ) ومما قال هذا سعيد بن المسيب وهو يروي عن ابن عباس وعائشة وهو قول القاسم وسالم وعروة . 
فقوله نسخ الله ذلك بالقرآن دليل على أن المتعة عمل بها بنص من القرآن . 
6 ـ أما الإمام الفقيه الفيلسوف الأصولي القاضي أبى الوليد محمد بن رشد الأندلسى المتوفى عام 595 هـ فقد ذكر في كتابه الشهير والمعروف ببداية المجتهد ونهاية المقتصد وهو من كتب الفقه القيمة المعتبرة ما يأتي : 
( ... واشتهر عن ابن عباس تحليلها وتبع ابن عباس على القول بها أصحابه من أهل مكة وأهل اليمن ورووا أن ابن عباس كان يحتج بقوله تعالى ( فما استمتعتم

 

 


به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم ) وفي حرف عنه إلى أجل مسمى أى بزيادة هذه الجملة في بعض القراآت كما تقدم إلخ . 
7 ـ وجاء في كتاب تنوير المقياس من تفسير ابن عباس لأبى طاهر محمد ابن يعقوب الفيروزبادي الشافعى صاحب القاموس ما يلي : 
( أن تبتغوا ) تتزوجوا ( بأموالكم ) إلى الأربع ويقال إن تشتروا بأموالكم أن تطلبوا بأموالكم فروجهن وهي المتعة وقد نسخت الآن ( محصنين ) يقول كونوا معهن متزوجين ( غير مسافحين ) غير زانين بلا نكاح ( فما استمتعتم ) استنفعتم ( به منهن ) بعد النكاح . 
ثم قال في قوله تعالى ( إن الله كان عليما ) فيما أحل لكم المتعة ( حكيما ) فيما حرم عليكم المتعة ويقال عليما باضطراركم إلى المتعة حكيما فيما حرم عليكم المتعة إلخ ... 
وهناك روايات تفوت الحصر كلها تثبت وتؤيد صحة الأقوال والأسانيد الآنفة الذكر بتحليل المتعة بالآية العاشرة من سورة النساء وهي قوله تعالى ( فما استمتعتم به منهن ... الاية ) ولكن اكتفينا بهذا القدر لحصول القطع بصدق الأخبار في هذا الباب

 

وأسباب إباحتها

: اخراج الإمام البخاري ومسلم في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود قال كنا نغزوا مع رسول الله ( ص ) وليس شيء (1) فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك

 

ثم رخص لنا ان ننكح المرأة بالثوب ثم قرأ علينا ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) الآية .. 
لايخفى أن هذه الآية التي استشهد بها الرسول الكريم ( ص ) محكمة ومطلقة وأن النساء من جملة الطيبات في الحياة الدنيا ويتضمن استشهاده ( ص ) إنكاره لقول من يقول بالتحريم وهذا ما ذهب إليه أيضاً العلامة شرف الدين مؤلف كتاب : الفصول المهمة في تأليف الأمة . 
وأخرج الإمام البخاري أيضاً عن عمران بن حصين قال نزلت آية المتعة في كتاب ففعلناها مع رسول الله ( ص) ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات ( ص ) قال رجل برأيه ما شاء . قال الرازي في تفسيره يريد بقوله : ( قال رجل برأيه ما شاء ) عمر بن الخطاب . 
وأخرج الإمام أحمد (1) في مسنده نفس ما أخرجه الإمام البخاري عن عمران ابن حصين ولكن من طريق عمران القصير . 
« ثانياً » جاء في صحيح الترمذي أن رجلاً من أهل الشام سأل إبن عمر عن متعة النساء فقال هي حلال فقال إن أباك قد نهى عنها فقال ابن عمر : أرأيت إن كان أبى نهى عنها وصنعها رسول الله ( ص ) أنترك السنة ونتبع قول أبي . وقد نقل هذا الجزء أيضاً العلاّمة « 1 » الحلي في كتابه نهج الصدق والشهيد الثاني في نكاح المتعة من روضة البهية . 
« ثالثاً » ـ أ ـ أخرج مسلم في باب نكاح المتعة من صحيحه (2) عن عطاء قال قدم جابر بن عبدالله معتمراً فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال نعم استمتعنا على عهد رسول الله ( ص ) وأبى بكر وعمر الخ . 
( ب ) وأخرج مسلم أيضاً عن ابي نضرة قال : كنت عند جابر بن عبدالله
______فأتاه آت فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله ( ص ) ثم نهانا عنها عمر فلم نعدلهما . 
( ج ) وأخرج مسلم أيضاً : عن أبي الزبير قال : سمعت جابر بن عبدالله يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله ( ص ) وأبى بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث . 
« رابعاً » روى مالك ( رض ) في صحيفة 74 من الجزء الثاني من الموطاء عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب ( رض ) فقالت أن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه فخرج عمر بن الخطاب فزعا يجر رداءه فقال : هذه المتعة ولو كنت تقدمت لرجمت . 
ملاحظة : أن الظاهر من استمتاع ربيعة بن أمية ومن قول الإمام عمر أن المتعة كانت حلالاً حتى وقعة عمرو بن حريث لهذا لم يقم الإمام عمر باقامة الحد على ربيعة بن أمية كما يعرب كلام أبي حفصة بعدم وقوعه منه وقد ذكر عمر ( رض ) كلمة الرجم للتشديد في التهديد لأنه يعلم بعدم جواز ايقاعه بمن نكح بالعقد المنقطع . 
« خامساً » نقل الإمام الفيلسوف ابن رشد الأندلسي في الجزء الثاني صحيفة 47 ـ من كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد ما يأتي : 
روى عن ( أي ابن عباس ) أنه قال ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها امة محمد ( ص ) ولولا نهى عمر عنها ما اضطر إلى الزنا إلا شقى وهذا الذي روى عنه ابن عباس رواه عنه ابن جريح وعمرو بن دينار . ) 
وذكرا بن رشد رحمه الله أيضاً في نفس الصحيفة ( وعن عطاء قال : سمعت جابر بن عبدالله يقول : تمتعنا على عهد رسول الله ( ص ) وأبى بكر ونصفاً من خلافة عمر ثم نهى عنها عمر الناس .


« سادساً » ذكر امام أهل الظاهر ابن حزم الاندلسي في صحيفة 519 ـ 520 من الجزء التاسع من كتابه المحلي أسماء الأشخاص من السلف ( رض ) عنهم الذين أصروا على تحليل نكاح المتعة بعد وفاة رسول الله ( ص ) وهم من الصحابة أسماء بنت أبي بكر الصديق ( أم عبدالله بن الزبير ) وجابر بن عبدالله وابن منصور وابن عباس ومعاوية بن أبى سفيان وعمرو بن حريث وأبو سعيد الخدري وسلمة ومعبد إبنا أمية بن خلف ورواه جابر بن عبدالله عن جميع الصحابة مدة رسول الله ( ص ) ومدة أبى بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر واختلف في إباحتها عن ابن الزبير ، وعن علي بن أبي طالب ( ع ) فيها توقف وعن عمر بن الخطاب أنه إنما انكرها إذ لم يشهد عليها عدلان وأباحها بشهادة عدلين ومن التابعين طاوس وعطاء وسعيد بن جبير وسائر فقهاء مكة أعزها الله . 
ملاحظة : ان ابن حزم رحمه الله رغم ما ذكره في محلاه كما قرأت فانه يقول بعدم حليتها لإجماع المتأخرين على تحريمها حسب الظاهر ومثله ابن رشد رحمة الله فهما على الرغم مما خاطرهما من الشك في صحة روايات التحريم كما هو بارز فيما أورداه في كتابيهما فقد أخذا بالإجماع الذي أوجب الحرمة عند المانعين ولكن اعتقادنا الشخصي أنهما عملا بالتقية قهراً وان كانا لا يعتقدان بها وذلك مجاراة للرأي العام خشية من هياجه ضدهما وللرأي العام قوته وسلطانه في كل أدوار التاريخ .. 
« سابعاً » ومن الأخبار المقطوع بها أيضاً ما رواه الراغب الإصفهاني في كتابه الموسوم بالمحاضرات وهو من آثاره الجليلة والراغب كما يعرفه أهل العلم من كبار علماء الجمهور القائلين بتحريم المتعة بدليل الإجماع وهو من الثقاة الذين يعول على نقلهم وروايتهم فإنه ذكر في كتابه المذكور ج ( 2 ) منه بعبارته الآتية : أن عبد الله ابن الزبير عير ابن عباس بتحليله المتعة فقال له ابن عباس سل أمك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك ، فسألها فقالت والله ما ولدتك إلا بالمتعة انتهى

الصفحة الرئيسية