التالي

الفصل السابع

إعجاز القرآن فى اسلوب نظمه

" هذا ذكر مَن معى وذكر مَن قبلى" (الأنبياء 24)

" ومن قبله كتاب موسى إماماً" (الأحقاف 12 ؛ هود 17)

توطئة

من شروط الأعجاز فى نظم القرآن خرق العادة

عرفوا المعجزة بأنها " أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدى، سالم عن المعارضة"

فإعجاز القرآن فى اسلوبه ونظمه يقوم على خرق العادة عند العرب فى نظم كلامهم، وكان النظم عندهم شعر الشعراء، وسجع الكهان، ونثر الخطباء. فجاء القرآن شعراً ولكن

على غير اسلوب الشعراء، وسجعاً ولكن على غير اسلوب الكهان، ونثراً ولكن على غير اسلوب الخطباء.

__________________________

(1) الاتقان 2 : 116

__________________________

إنه اسلوب قائم بنفسه: إنه قرآن!

وبذلك كان اعجازه فى خرق عادة العرب فى نظمهم. وهذا النظم الفريد هو ما استهواهم فظلت اعناقهم له خاشعة. ولكن اذا كان فى نظم القرآن خرق لأساليب العرب فى نظمهم، فهل كان خرقاً للعادة فى كل نظم؟

يصف القرآن نفسه بقوله: " هذا ذكر من معى، وذكر من قبلى" (الأنبياء 24)، " فاسألوا أهل الذكر، إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر" (النحل 44 ؛ الأنبياء 7).

ونحن نقول بأن نظم القرآن جاء على اسلوب نظم الذكر عند النبيين وفى الزبور وفى الانجيل، فليس هو اذن خرقاً للعادة على الاطلاق. والقرآن يصرح بأن النبى درس الكتاب : "وليقولوا: درست! - ولنبينه لقوم يعلمون" (الأنعام 105). ففى جوابه يعدل عن الرد عليهم الى بيان غاية الدرس، وهذا توكيد ثابت لدرس الكتاب. فهو قد درسه، كما أهله "درسوا فيه" (الأعراف 169)، وعليه يتحداهم "بما كنتم تدرسون" (آل عمران 79). ويتحدى المشركين بهذه الدراسة، فهم ليس عندهم "كتاب فيه يدرسون" (القلم 37) أو "من كتب يدرسونها" (سبأ 44). ونظم القرآن بهر العرب لأنهم كانوا "عن دراستهم لغافلين" (الأنعام 156).

فالقرآن كما هو ذكر من ذكر الكتاب، فهو نظم من نظم الكتاب

_____________________________

(1) فى كتابنا الأول: (الإعجاز القرآن) فعلنا واقع النظم فيه (ص 157 ). وهنا نرى هل نظم معجزة.

التالي