احكام أهل الذمة
فصل منع أهل الذمة من لباس الأردية
وأما الأردية فهل
يمكنون من لباسها لكون ترك لباسها غير داخل في الشروط أو لا يمكنون منه لأنها زي
العرب وعادتهم فهي كالعمائم? فقال أبو القاسم الطبري الفقيه الشافعي ولا يلبسون
الأردية فإن الأردية من لباس العرب قديما وكان رسول الله يرتدي والصحابة من بعده
وهو زي المسلمين وفعل ََََ وأصحابه ثم ساق الأحاديث في لبس رسول الله الرداء ثم
قال فلا يمكن ذمي من هذه الأردية .
وعن أحمد بن حنبل
وأبي حنيفة أن أهل الذمة لا يمكنون من الأردية .
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1295.
قال وأما الطيلسان
فهو المغور الطرفين المكفوف الجانبين الملفف بعضه إلى بعض فإن العرب لم تكن تعرفه
ولا تلبسه وهو لباس اليهود والعجم والعرب تسميه ساجا .
ويقال أول من لبسه
جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف فيما ذكره الزبير بن بكار حدثني سعيد بن
هاشم البكري عن يحيى بن سعيد بن سالم القداح قال أول قرشي لبس ساجا جبير بن مطعم
اشتري له بألفي درهم وقال لا أحسبه إلا قال من حلوان أو حلولا .
وروي أن عبدالله بن
عباس رضي الله عنهما أحرم في ساجة فهو لباس محدث عند العرب وهو من لباس بني
إسرائيل .
ثم ذكر أنس عن رسول
الله أنه ذكر الدجال فقال يتبعه سبعون ألفا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة .
وقال أبو عمران
الجوبي نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة عليهم
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1296.
الطيالسة فقال كأنهم الساعة يهود خيبر
.
وكان ابن سيرين يكره
الطيلسان وقال هو من زي العجم .
قال وقد عاب أنس بن
مالك في الصدر الأول على من لبس الطيلسان من المسلمين وشبههم بأهل الكتاب .
وقد روي عن النبي
تشبه بقوم فهو منهم .
قال ولا يترك أهل
الذمة يلبسون طيالسهم فوق عمائمهم لأن هذا يفعله أشراف المسلمين وعلماؤهم للتمييز
عمن دونهم في العلم والشرف وليس أهل الذمة أهلا لذلك فيمنعون منه .
قال وفي كتاب عمر ولا
يلبسون النعلين .
قال فيمنع أهل الذمة
من لبس جميع الأجناس من النعال .
والنعلان هما من زي
العرب من آباد الدهر إلى يومنا هذا ثم رسول الله يلبسهما ويستعملهما وكذلك الصحابة
من بعده .
وقد روي عن أنس عن
النبي بالنعل والخاتم .
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1297.
ثم ساق من طريق موسى
بن عقبة عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله في غزوة غزاها استكثروا من
النعال فإن أحدكم لا يزال راكبا ما كان منتعلا .
وقال أنس كان رسول
الله يصلي في نعليه وكان لنعليه قبالان .
وقال عمر بن الخطاب
رضي الله عنه عليكم بالنعال فإنها خلاخيل الرجال .
ولم تكن النعال من زي
العجم وإنما كان لباسهم رأس الخف الذي يسمونه التمسك فيجب أن يحملوا على عادة
لباسهم .
قال ولأنها من زي
العلماء والأشراف والأكابر فلا يمكنون من لباسها انتهى .
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1298.
فإن قيل فقد كان
اليهود يلبسونها على عهد رسول الله في المدينة وحولها ويرتدون ويفرقون رؤوسهم
ويلبسون العمائم ولم يمنعهم من شيء من ذلك ولهذا قال إن اليهود لا يصلون في نعالهم
فخالفوهم وسنة رسول الله أحق ما اتبع ولم يلزمهم بالغيار ولا خليفته من بعده أبو
بكر الصديق رضي الله عنه .
قيل إنما اعتمد أمير
المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده في الغيار سنته فإنه أرشد إلى
مخالفتهم والنهي عنهم حيث لم يكن إلزامهم بالغيار إذ ذاك ممكنا لأن المسلمين لم
يكونوا قد استولوا على أهل الكتاب وقهروهم وأذلوهم وملكوا بلادهم بل كانت أكثر
بلادهم لهم وهم فيها أهل صلح وهدنة فكان المقدور عليه إذ ذاك أمر المسلمين
مخالفتهم بحسب الإمكان فلما فتح الله على المسلمين أمصار الكفار وملكهم ديارهم
وأموالهم وصاروا تحت القهر والذل وجرت عليهم أحكام الإسلام ألزمهم الخليفة الراشد
والإمام العدل الذي ضرب الله الحق على لسانه وقلبه وأمر رسول الله باتباع سنته عمر
بن الخطاب بالغيار ووافقه عليه جميع الصحابة واتبعه الأئمة والخلفاء بعده وإنما
قصر في هذا من الملوك من قلت رغبته في نصر الإسلام وإعزاز أهله وإذلال الكفر وأهله
.
وقد اتفق علماء
المسلمين على وجوب إلزامهم بالغيار وأنهم يمنعون من التشبه بالمسلمين في زيهم .
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1299.
244.
-