احكام أهل الذمة
فصل قالوا ولا نتكلم بكلامهم
هذا الشرط في أهل
الكتاب الذي لغتهم غير لغة العرب كنصارى الشام والجزيرة إذ ذاك وغيرهما من البلاد
دون نصارى العرب الذين لم تكن لغتهم غير العربية فمنعهم عمر من التكلم بكلام العرب
لئلا يتشبهوا بهم في كلامهم كما منعوا من التشبه بهم في زيهم ولباسهم ومراكبهم
وهيئات شعورهم فألزمهم التكلم بلسانهم ليعرفوا حين التكلم أنهم كفار فيكون هذا من
كمال التميز مع ما في ذلك من تعظيم كلام العرب ولغتهم حيث لم يسلط عليها الأنجاس
والأخابث يتبذلونها ويتكلمون بها كيف وقد أنزل الله بها أشرف كتبه ومدحه بلسان
عربي?
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1313.
وقد روي عن النبي أن
لسان أهل الجنة عربي فصان أمير المؤمنين هذا اللسان عن أهل الجحيم وغار عليه أن
يتكلموا به وهذا من كمال تعظيمه للإسلام والقرآن والعرب الذين نزل القرآن بلغتهم
وبعث الله ورسوله من أنفسهم مع ما في تمكينهم من التكلم بها من المفاسد التي منها
جدلهم فيها واستطالتهم على المسلمين كما سبق أن وقع لابن البيّع لما حذق في العربية
وكان مجوسيا فطفق يغمص الإسلام وأهله ثم لما خالف المسلمين أظهر الإسلام كالصابىء
الكاتب الذي علا المسلمين في كتابته وترسله ثم هجا العرب في قصيدة له مشهورة ومدح
عباد الكواكب من الصابئة والمجوس .
ونظائرهما كثير فلو
لم يكن في تعلم الكفار العربية إلا هذه المفسدة وحدها لكان ينبغي أن يمنعوا منها
لأجلها .
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1314.
250. -