احكام أهل الذمة
لأدلة من كتاب الله على وجوب قتل الساب
وانتقاض عهده
الدليل الثاني قلت
واحتج غيره من الأصحاب بوجوه أخر سوى ما ذكره منها قوله تعالى ( قاتلوا الذين لا
يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق
من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فلا يجوز الإمساك عن قتالهم إلا إذا كانوا صاغرين
حال إعطاء الجزية .
والمراد بإعطاء
الجزية من حين بذلها أو التزامها إلى حين تسليمها وإقباضها فإنهم إذا بذلوا الجزية
شرعوا في الإعطاء ووجب الكف عنهم إلى أن نقبضها منهم فمتى لم يلتزموها أو التزموها
وامتنعوا من تسليمها لم يكونوا معطين لها فليس المراد أن يكونوا صاغرين حال تناول
الجزية منهم فقط ويفارقهم الصغار فيما عدا هذا الوقت هذا باطل قطعا .
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1377.
وإذا علم هذا فمن
جاهرنا بسب الله ورسوله وإكراه حريمنا على الزنى وتحريق جوامعنا ودورنا ورفع
الصليب فوق رؤوسنا فليس معه من الصغار شيء فيجب قتاله بنص الآية حتى يصير صاغرا .
فإن قيل فالمأمور به
القتال إلى هذه الغاية فمن أين لكم القتل المقدور عليه? فالجواب من وجوه
أحدها أن كل من أمرنا
بقتاله من الكفار فإنه يقتل إذا قدرنا عليه .
الثاني أنا إذا كنا
مأمورين أن نقاتلهم إلى هذه الغاية لم يجز أن نعقد لهم عهد الذمة بدونها ولو عقد
لهم كان عقدا فاسدا .
الثالث أن الأصل
إباحة دمائهم يمسك عصمتها الحبلان حبل من الله بالأمر بالكف عنهم وحبل من الناس
بالعهد والعقد ولم يوجد واحد من الحبلين .
أما حبل الله سبحانه
فإنه إنما اقتضى الأمر بالكف عنهم إذا كانوا صاغرين فمتى لم يوجد وصف الصغار
المقتضي للكف منهم وعنهم فالقتل المقدور عليه منهم والقتال للطائفة الممتنعة واجب
.
وأما حبل الناس فلم
يعاهدهم الإمام والمسلمون إلا على الكف عما فيه إدخال ضرر على المسلمين وغضاضة في
الإسلام فإذا لم يوجد فلا عهد لهم من الإمام ولا من الله وهذا ظاهر لا خفاء به .
كتاب
أحكام أهل الذمة، الجزء 3، صفحة 1378.
267.
-