احكام أهل الذمة
فصل
مسائل في أحكام ذبائحهم
وههنا خمس مسائل
إحداها ما تركوا
التسمية عليه .
الثانية ما سموا عليه
غير الله
الثالثة ما ذبحوه غير
معتقدين حله وهو حلال عندنا .
الرابعة ما ذبحوه
معتقدين حله هل يحرم علينا منه الشحوم التي يعتقدون تحريمها?
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 513.
أحكام أهل الذمة
الخامسة ما ذبحوه
فخرج لاصق الرئة ويسمونه الطريفا هل يحرم علينا أم لا? ونحن نذكر هذه المسائل
واختلاف الناس فيها ومأخذها بعون الله وتوفيقه .
فأما المسألة الأولى
فمن أباح متروك التسمية إذا ذبحه المسلم اختلفوا هل يباح إذا ذبحه الكتابي? فقالت
طائفة يباح لأن التسمية إذا لم تكن شرطا في ذبيحة المسلم لم تكن شرطا في ذبيحة
الكتابي .
وقالت طائفةلا يباح
وإن أبيح من المسلم وفرقوا بينهما بأن اسم الله في قلب المسلم وإن ترك ذكره بلسانه
وهذا مقتضى المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو ظاهر نص أحمد فإن أحمد قال في
رواية حنبل لا بأس بذبيحة أهل الكتاب إذا أهلوا بها لله وسموا عليها قال تعالى ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) والمسلم في
قلبه اسم الله فقد خرج بالفرق كما ترى .
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 514.
ومن حرم متروك
التسمية من المسلم فلهم قولان في متروكها من الكتابي
أحدهما أنه يباح وهذا
مروي عن عطاء ومجاهد ومكحول
والثاني أنه يحرم كما
يحرم من المسلم وهذا قول إسحاق وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم .
103.
-
فصل
المسألة الثانية إذا
ذكروا اسم غير الله على ذبيحتهم كالزهرة والمسيح وغيرهما فهل يلحق بمتروك التسمية
فيكون حكمه حكمه أو يحرم قطعا وإن أبيح متروك التسمية? فيه روايتان منصوصتان عن
أحمد أصحهما تحريمه . 3قال الميموني سألت أبا عبدالله عمن يذبح من أهل الكتاب ولم
يسم ? فقال إن كان مما يذبحون لكنائسهم يدعون التسمية فيه على عمد إنما يذبح
للمسيح فقد كرهه ابن عمر إلا أن أبا الدرداء يتأول أن طعامهم حل وأكثر ما رأيت منه
الكراهية لأكل ما ذبح لكنائسهم .
وقال الميموني أيضا
سألت أبا عبدالله عن ذبيحة المرأة من أهل
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 515.
الكتاب
ولم تسم قال إن كانت ناسية فلا بأس وإن كان مما يذبحون لكنائسهم قد يدعون التسمية
على عمد
وقال في رواية ابنه
عبدالله ما ذبح للزهرة فلا يعجبني أكله قيل له أحرام أكله? قال لا أقول حرام ولكن
لا يعجبني .
وقال في رواية حنبل
يجتنب ما ذبح لكنائسهم وأعيادهم .
وقال أبو البركات في
محرره وإن ذكروا عليه اسم غير الله ففيه روايتان منصوصتان أصحهما عندي تحريمه .
وقال الشافعي ومالك
وأبو حنيفة وأصحابه لا تؤكل ذبائحهم التي
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 516.
سموا
عليها اسم المسيح .
قال القاضي إسماعيل
في أحكام القرآن وكأن أهل الكتاب خصوا بإباحة ذبيحتهم حتى كأنها قد أهل بها لله مع
الكفر الذي هم عليه فخرج ما أهل به لغير الله إذ كانوا قد أهلوا بها وأشركوا مع
الله تعالى .
ولهذا الوضع فيما
أحسب اختلف الناس فيما ذبح النصارى لأعيادهم أو ذبحوا باسم المسيح فكرهه قوم لأنهم
أخلصوا الكفر عند تلك الذبيحة فصارت مما أهل به لغير الله ورخص في ذلك قوم على
الأصل الذي أبيح من ذبائحهم .
فأما من بلغنا عنه
الرخصة في ذلك فحدثنا علي بن عبدالله ثنا عبدالرحمن بن مهدي ثنا معاوية بن صالح عن
أبي الزاهرية عن عمير بن الأسود السكوني قال أتيت أهلي فإذا كتف شاة مطبوخة قلت من
أين هذا? قالوا جيراننا من النصارى ذبحوا كبشا لكنيسة جرجس قلدوه عمامة وتلقوا دمه
في طست ثم طبخوا وأهدوا إلينا وإلى جيراننا قال قلت ارفعوا هذا ثم هبطت إلى أبي
الدرداء فسألته وذكرت ذلك له فقال اللهم غفرا هم أهل الكتاب طعامهم لنا حل وطعامنا
لهم حل
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 517.
ومن حرم متروك
التسمية من المسلم فلهم قولان في متروكها من الكتابي
أحدهما أنه يباح وهذا
مروي عن عطاء ومجاهد ومكحول
والثاني أنه يحرم كما
يحرم من المسلم وهذا قول إسحاق وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم .
103.
-
فصل
المسألة الثانية إذا
ذكروا اسم غير الله على ذبيحتهم كالزهرة والمسيح وغيرهما فهل يلحق بمتروك التسمية
فيكون حكمه حكمه أو يحرم قطعا وإن أبيح متروك التسمية? فيه روايتان منصوصتان عن
أحمد أصحهما تحريمه . 3قال الميموني سألت أبا عبدالله عمن يذبح من أهل الكتاب ولم
يسم ? فقال إن كان مما يذبحون لكنائسهم يدعون التسمية فيه على عمد إنما يذبح
للمسيح فقد كرهه ابن عمر إلا أن أبا الدرداء يتأول أن طعامهم حل وأكثر ما رأيت منه
الكراهية لأكل ما ذبح لكنائسهم .
وقال الميموني أيضا
سألت أبا عبدالله عن ذبيحة المرأة من أهل
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 515.
الكتاب
ولم تسم قال إن كانت ناسية فلا بأس وإن كان مما يذبحون لكنائسهم قد يدعون التسمية
على عمد
وقال في رواية ابنه
عبدالله ما ذبح للزهرة فلا يعجبني أكله قيل له أحرام أكله? قال لا أقول حرام ولكن
لا يعجبني .
وقال في رواية حنبل
يجتنب ما ذبح لكنائسهم وأعيادهم .
وقال أبو البركات في
محرره وإن ذكروا عليه اسم غير الله ففيه روايتان منصوصتان أصحهما عندي تحريمه .
وقال الشافعي ومالك
وأبو حنيفة وأصحابه لا تؤكل ذبائحهم التي
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 516.
سموا
عليها اسم المسيح .
قال القاضي إسماعيل
في أحكام القرآن وكأن أهل الكتاب خصوا بإباحة ذبيحتهم حتى كأنها قد أهل بها لله مع
الكفر الذي هم عليه فخرج ما أهل به لغير الله إذ كانوا قد أهلوا بها وأشركوا مع
الله تعالى .
ولهذا الوضع فيما
أحسب اختلف الناس فيما ذبح النصارى لأعيادهم أو ذبحوا باسم المسيح فكرهه قوم لأنهم
أخلصوا الكفر عند تلك الذبيحة فصارت مما أهل به لغير الله ورخص في ذلك قوم على
الأصل الذي أبيح من ذبائحهم .
فأما من بلغنا عنه
الرخصة في ذلك فحدثنا علي بن عبدالله ثنا عبدالرحمن بن مهدي ثنا معاوية بن صالح عن
أبي الزاهرية عن عمير بن الأسود السكوني قال أتيت أهلي فإذا كتف شاة مطبوخة قلت من
أين هذا? قالوا جيراننا من النصارى ذبحوا كبشا لكنيسة جرجس قلدوه عمامة وتلقوا دمه
في طست ثم طبخوا وأهدوا إلينا وإلى جيراننا قال قلت ارفعوا هذا ثم هبطت إلى أبي
الدرداء فسألته وذكرت ذلك له فقال اللهم غفرا هم أهل الكتاب طعامهم لنا حل وطعامنا
لهم حل
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 517.
قدر
تعارض دليلي الحظر والإباحة لكان العمل بدليل الحظر أولى لثلاثة أوجه
أحدها تأيده بالأصل
الحاظر .
الثاني أنه أحوط .
الثالث أن الدليلين
إذا تعارضا تساقطا ورجع إلى أصل التحريم .
104.
-
فصل
المسألة الثالثة إذا
ذبحوا ما يعتقدون تحريمه كالإبل والنعام والبط وكل ما ليس بمشقوق الأصابع هل يحرم
على المسلم
اختلف فيه فأباحه
الشافعي وأبو حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه وهو قول جمهور أصحابه .
وحكى ابن أبي موسى في
الإرشاد أنه لا يباح ما ذكاه اليهود من الإبل .
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 529.
ووجه هذا أنه ليس من
طعام المذكي ولأنه ذبح لا يعتقد الذابح حله فهو كذبيحة المحرم ولأن لاعتقاد الذابح
أثرا في حل الذبيحة وتحريمها .
ولهذا لو ذبح المسلم
ما يعتقد أنه لا يحل له ذبحه كالمغصوب كان حراما فالقصد يؤثر في التذكية كما يؤثر
في العبادة وهذا مذهب مالك واحتج أصحابه على ذلك بقوله تعالى ( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ) ولما كانت
حراما عليهم لم تكن تذكيتهم لها ذكاة كما لا يكون ذبح الخنزير لنا ذكاة .
وهذا الدليل مبني على
ثلاث مقدمات
إحداها أن ذلك حرام
عليهم وهذه المقدمة ثابتة بنص القرآن .
الثانية أن ذلك
التحريم باق لم يزل .
الثالثة أنهم إذا
ذبحوا ما يعتقدون تحريمه لم تؤثر الذكاة في حله .
فأما الأولى فهي
ثابتة بالنص .
وأما الثانية فالدليل
عليها سبب التحريم باق وهو العدوان قال تعالى ( ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ) وبغيهم لم
يزل بمبعث النبي بل زاد البغي منهم فالتحريم تغلظ بتغلظ البغي يوضحه أن رفع ذلك
التحريم إنما هو رحمة في حق من اتبع الرسول فإن الله وضع عن أتباعه الآصار
والأغلال التي كانت عليهم قبل مبعثه ولم
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 530.
يضعها
عمن كفر به قال تعالى ( الذين
يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم
بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم
والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل
معه أولئك هم المفلحون ) .
وأما المقدمة الثالثة
وهي أنهم إذا ذبحوا ما يعتقدون تحريمه لم يؤثر ذلك في الحل فقد تقدم تقريرها .
105.
-
فصل
المسألة الرابعة إذا
ذبحوا ما يعتقدون حله فهل تحرم علينا الشحوم المحرمة عليهم هذا مما اختلف فيه .
قال عبدالله بن أحمد
سألت أبي عن الشحوم تحرم على اليهود فقال ( وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا
عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم
وإنا لصادقون ) قال والقرآن يقول ( حرمنا ) وقال في آية أخرى بعد سورة المائدة (
وعلى الذين هادوا حرمنا ) يعني نزل بعد
( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام
الذين
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 531.
أوتوا
الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) قلت فيحل لمسلم أن يطعم يهوديا شحما قال لا لأنه
محرم عليه .
وقال مهنا حدثني أحمد
عن الزبيري عن مالك في اليهودي يذبح الشاة قال لا يأكل من شحمها قال أحمد هذا مذهب
دقيق .
فاختلف أصحابه في ذلك
فذهب ابن حامد وأبو الخطاب وجماعة إلى الإباحة وهو قول الشافعي وأبي حنيفة .
وذهب القاضي وأبو
الحسن التميمي إلى التحريم وصنف فيه التميمي مصنفا رد فيه على من قال بالإباحة
واختاره أبو بكر أيضا .
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 532.
وذهب مالك إلى
الكراهة وهي عنده مرتبة بين الحظر والإباحة .
قال المبيحون القول
بالتحريم خلاف القرآن والسنن والمعقول .
أما القرآن فإن الله
يقول ( وطعام
الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) .
قالوا وقد اتفقنا على
أن المراد بذلك ما ذبحوه لا ما أكلوه لأنهم يأكلون الخنزير والميتة والدم .
قالوا وقد جاء القرآن
وصح الإجماع بأن دين الإسلام نسخ كل دين كان قبله وأن من التزم ما جاءت به التوراة
والإنجيل ولم يتبع القرآن فإنه كافر وقد أبطل الله كل شريعة كانت في التوراة
والإنجيل وسائر الملل وافترض على الجن والإنس شرائع الإسلام فلا حرام إلا ما حرمه
الإسلام ولا فرض إلا ما أوجبه الإسلام .
وأما السنة فحديث
عبدالله بن مغفل الذي رواه البخاري في صحيحه أن جرابا من شحم يوم خيبر دلي من
الحصن فأخذه عبدالله بن مغفل وقال والله لا أعطي أحدا منه شيئا فضحك رسول الله
وأقره على ذلك .
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 533.
وثبت في الصحيح أن
يهودية أهدت لرسول الله شاة فأكل منها ولم يحرم شحم بطنها ولا غيره .
قالوا وأما المعقول
فمن المحال الباطل أن تقع الذكاة على بعض شحم الشاة دون بعضها .
قالوا وقد قال تعالى
( وطعامكم
حل لهم ) وهذا محض طعامنا .
قالوا وقد قال لهم
المسيح ( ولأحل
لكم بعض الذي حرم عليكم ) وقد أحل سبحانه لهم الطيبات على لسان رسوله وهذا
من الطيبات .
قال ابن حزم ويسألون
عن الشحم والجمل أحلال هما اليوم لليهود أم حرام إلى اليوم فإن قالوا بل هما حرام
عليهم إلى اليوم كفروا بلا مرية إذ قالوا إن ذلك لم ينسخه الله تعالى وإن قالوا بل
هما حلال
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 534.
لهم
صدقوا ولزمهم ترك قولهم الفاسد .
قال ونسألهم عن يهودي
مستخف بدينه يأكل الشحم ذبح شاة يعتقد حل شحمها هل يحرم علينا الشحم أم لا فإن
قلتم يحرم علينا كان محالا فإنه ذكى ما يعتقد حله ونحن نعتقد حله فمن أين جاء
التحريم وإن قلتم لا يحرم علينا كانت ذبيحة هذا المستخف بدينه أحسن حالا من ذبيحة
المتمسك بدينه وهذا محال .
قال ويلزمهم ألا
يستحلوا كل ما ذبحه يهودي يوم سبت ولا أكل حيتان صادها يهودي يوم سبت وهذا مما
تناقضوا فيه .
قال وقد روينا عن عمر
بن الخطاب وعلي وابن مسعود وعائشة أم المؤمنين وأبي الدرداء وعبدالله بن يزيد وابن
عباس والعرباض بن سارية وأبي أمامة وعبادة بن الصامت وابن عمر رضي الله عنهم إباحة
ما ذبحه أهل الكتاب دون اشتراط لما يستحلونه وكذلك عن جمهور التابعين كإبراهيم
النخعي وجبير بن نفير وأبي مسلم الخولاني وضمرة بن حبيب والقاسم بن مخيمرة ومكحول
وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبدالرحمن بن أبي ليلى والحسن وابن سيرين والحارث العكلي
وعطاء والشعبي ومحمد
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 535.
ابن
علي بن الحسين وطاوس وعمرو بن الأسود وحماد بن أبي سليمان وغيرهم لم نجد عن أحد
منهم هذا القول إلا عن قتادة ثم عن مالك
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 536.
وعبيدالله
بن الحسن وهذا مما خالفوا فيه طائفة من الصحابة لا مخالف لهم وخالفوا فيه جمهور
العلماء .
قال المحرمون إنما
أباح الله سبحانه لنا طعام الذين أوتوا الكتاب والشحوم المحرمة عليهم ليست من
طعامهم فلا تكون لنا مباحة والمقدمتان ظاهرتان غنيتان عن التقرير .
قالوا ولأنه شحم محرم
على ذابحه فكان محرما على غيره بطريق الأولى فإن الذكاة إذا لم تعمل في حله
بالنسبة إلى المذكي لم تعمل في حله بالنسبة إلى غيره وهذا كذبح المحرم الصيد فإنه
لما كان حراما عليه ولم تفد الذكاة الحل بالنسبة إليه لم تفده بالنسبة إلى الحلال
.
قالوا وطرد هذا تحريم
الجمل إذا ذبحه اليهودي .
قالوا وأيضا فللقصد
تأثير في حل الذكاة كما تقدم فإذا كان الذابح غير قاصد للتذكية لم تحل ذكاته ولا
ريب أنه غير قاصد لتذكية الشحم فإنه يعتقد تحريمه وأنه بمنزلة الميتة .
قالوا ولا محذور في
تجزء الذكاة فيحل بها بعض المذكى دون بعض فيكون ذكاة بالنسبة إلى ما يعتقد المذكي
حله وليس ذكاة بالنسبة إلى ما يعتقد تحريمه فإن ما يأكله يعتقد ذكاته ويقصدها وما
لا يأكله لا يعتقد ذكاته ولا يقصدها فصار كالميتة .
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 537.
قالوا والمعتمد في
المسألة أن الله سبحانه حرم ذلك عليهم والتحريم باق لم ينسخ إلا عمن التزم الشريعة
الإسلامية ويدل على بقاء التحريم وجوه
أحدها أن الله سبحانه
أخبر أنه حرمه ولم يخبر بأنه نسخه بعد تحريمه وإنما يزول التحريم عمن التزم
الإسلام .
الثاني أنه علل
التحريم بالبغي وهو لم يزل بكفرهم بمحمد
الثالث ما في الصحيح
عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم
فجملوها فباعوها وأكلوا أثمانها .
وفي المسند عن ابن
عباس رضي الله عنهما عن النبي
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 538.
لعن
الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله لم يحرم على قوم
أكل شيء إلا حرم عليهم ثمنه .
فلو كان التحريم قد
زال عنهم لم يلعنهم على فعل المباح .
قالوا ولا يمتنع ورود
الشرع بإقرارهم على آصارهم وأغلالهم تغليظا عليهم وقد قال تعالى ( إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ) فأخبر أنه
جعل عليهم ولم يخبر بأنه رفعه عنهم وإنما يرفع عمن التزم أحكام الإسلام .
وفي بقاء تحريمه
عليهم قولان للفقهاء وهما وجهان في مذهب أحمد وعلى أحد القولين يلزمهم به ولا
يمكنهم من كسره .
وقد نص أحمد على بقاء
تحريم الشحوم عليهم فقال في رواية ابنه
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 539.
عبدالله
لا يحل لمسلم أن يطعم يهوديا شحما لأنه محرم عليه .
قال أبو بكر
عبدالعزيز ويدل على التحريم أن المسلم لما لم تعمل ذكاته فيما حرم عليه فاليهودي
أولى .
قال فذكاة اليهودي لا
تعمل في الشحم كما لا تعمل ذكاة المسلم في الغدة وأذن القلب لنهي النبي
كتاب أحكام أهل الذمة، الجزء 1، صفحة 540.