احكام أهل الذمة
كيف يرد عليهم إذا سلموا
عن أبو هريرة أن
رسول الله قال : " لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام , وإذا لقيتم أحدهم في
الطريق , فاضطروهم إلى أضيقها . أخرجه الترمذي , وقال : حديث حسن صحيح .
وروي عن النبي أنه قال : " إنا غادون غدا , فلا تبدءوهم
بالسلام , وإن سلموا عليكم , فقولوا : وعليكم " . أخرجه الإمام أحمد .
بإسناده وبإسناده عن أنس , أنه قال : نهينا , أو أمرنا , أن لا نزيد أهل الكتاب
على " وعليكم " . قال أبو داود : قلت لأبي عبد الله : تكره أن يقول
الرجل للذمي : كيف أصبحت ؟ أو كيف حالك ؟ أو كيف أنت ؟ أو نحو هذا ؟ قال : نعم ,
هذا عندي أكثر من السلام . وقال أبو عبد الله : إذا لقيته في الطريق , فلا توسع له
. وذلك لما تقدم من حديث أبي هريرة . وروي عن ابن عمر , أنه مر على رجل , فسلم
عليه , فقيل إنه كافر . فقال : رد على ما سلمت عليك . فرد عليه فقال : أكثر الله
مالك وولدك . ثم التفت إلى أصحابه , فقال : أكثر للجزية . وقال يعقوب بن بختان :
سألت أبا عبد الله , فقلت نعامل اليهود والنصارى , فنأتيهم في منازلهم , وعندهم
قوم مسلمون , أسلم عليهم ؟ قال : نعم , تنوي السلام على المسلمين . وسئل عن مصافحة
أهل الذمة , فكرهه . رواه مسلم.
ولهذا كانت كتب النبي إلى ملوك الكفار
( سلام على من اتبع الهدى) ولم يكتب لكافر ( سلام عليكم) أصلا، فلهذا قال في اهل
الكتاب:
( لا تبدؤوهم بالسلام) كما جاء في
الحديث الصحيح.
وعن انس بن مالك قال: ان رسول الله
قال: إذا سلم عليكم اهل الكتاب فقولوا (وعليكم) رواه احمد. راجع: أحكام اهل الذمة للجوزي 1/157.
وقد مذهب عامة
العلماء ألا يبدأ أهل الذمة بالسلام ولا يجوز بداءة أهل الذمة بالسلام هذا هو الذي
عليه عامة العلماء سلفا وخلفا لأنه نهى عن بداءتهم بالسلام وذلك في الصحيحين
وغيرهما قال أحمد في رواية أبي داود وسئل عمن يبتدئ الذمي بالسلام إذا كانت حاجة
إليه قال لا يعجبني وقال في رواية أبي الحارث وسأله قال : مررت بقوم جلوس وفيهم
نصراني أسلم عليهم ؟ قال سلم عليهم ولا تنوه .
وروى أحمد
والبخاري ومسلم والترمذي من حديث أسامة بن زيد أن النبي مر بمجلس فيه أخلاط من
اليهود فسلم عليهم وقال أحمد بن الحسين سئل أبو عبد الله عن رجل له قرابة ذمي
أيسلم عليه ؟ قال لا يبدأه بالسلام.
لقيتموهم في طريق
فاضطروهم إلى أضيقها " وهذا السياق يقتضي النهي وقد خالف ابن عبد البر مالكا
في هذه المسألة والله
وكذلك نهى الله
تعالى عن موالاتهم ومودتهم كما يأتي الكلام عليه في آخر الكتاب ومن ذلك مواكلتهم .
قال ابن عبد البر
وروى ابن المبارك عن شريك عن أبي إسحاق كان يقال : من الجفاء أن تواكل غير أهل
دينك , فأما من خاف من ذلك على نفس أو مال فإنه يجوز أن يستحب أو يجب نظرا إلى
ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما . راجع الآداب الشرعية لابن مفلح المقدسي.