احكام أهل الذمة

 

واجبات اهل الذمة المالية

الجزية  الخراج  العشر

تنقسم واجبات اهل الذمة في الإسلام إلى قسمين: مالي: كالجزية، والخراج، والعشر.

 وحقوقي : كأحكام فكنائسهم  وأبنيتهم والغيار بأنواعه والمعاملات باختلافها .

 

معنى الجزية وتفسيراتها

الجزية هي الخراج -الإتاوة - المضروبة على رؤوس -اهل الكتاب- الكفار إذلالا وصغارا والمعنى: حتى يعطوا الجزية الخراج عن رقابهم .

ولقد اختلف المسلمون في اشتقاقها، فقال القاضي في الأحكام السلطانية: اسمها مشتق من الجزاء،اما جزاء على كفرهم لأخذها منهم صغاراً، - اي أذلاء - أو جزاء على أماتنا لهم ، لأخذها منهم رفقا.

قال صاحب ( المغني ) : هي فعلة من جزى يجزي : إذا قضى قال الله تعالى : واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا تقول العرب : جزيت ديني . إذا قضيته , .

والأصل فيها الكتاب , والسنة , والإجماع , أما الكتاب , فقول الله تعالى : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . وأما السنة , فما روى المغيرة بن شعبة , أنه قال لجند كسرى يوم نهاوند : أمرنا نبينا رسول ربنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية أخرجه البخاري .

وعن بريدة , أنه قال : كان رسول الله إذا بعث أميرا على سرية أو جيش , أوصاه بتقوى الله تعالى في خاصة نفسه , وبمن معه من المسلمين خيرا , وقال له : ( إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى خصال ثلاث , ادعهم إلى الإسلام , فإن أجابوك , فاقبل , وكف عنهم , فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية , فإن أجابوك , فاقبل منهم , وكف عنهم , فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. راجع المغنى لابن قدامة.

واما قوله (عن يد ) فهو في موضع النصب على الحال: اي يعطوها أذلاء  مقهورين: هذا هو الصحيح في الآية. وهذا ما اجمع عليه جمهور العلماء والمفسرين.

لقد اختلف المسلمين في معنى الصغار الذي يكون على الذميين في وقت أداء الجزية فقال عكرمة: ان يدفعها وهو قائم، ويكون الأخذ جالساً.

وقالت طائفة: ان يأتي بها بنفسه ماشياً  وليس راكباً.ويطال وقوفه عند إتيانه بها  ، ويجر إلى الموضع الذي تأخذ منه بالعنف، ثم يجر بيده  ويمتهن.

وقد قال الامام احمد في رواية حنبل: كانوا يجرون في أيديهم ،ويختمون في أعناقهم إذا لم يؤدوا الصغار الذي قال الله تعالى

( وهم صاغرون) - سورة التوبة 29 -  وهذا يدل على ان الذمي إذا بذل ما علية والتزم الصغار- الذل - لم يحتاج الى ان يجر بيده ويضرب.

قال ابو يوسف في الخراج :

ينبغي ان تختم رقابهم في وقت جباية الجزية حتى يفرغ من عرضهم، ثم تكسر الخواتيم . راجع الخراج لابو يوسف 127 وفقيه الملوك مفتاح الرتاج 2/125.

وقد قال في رواية مهنا بن يحيى  يستحب ان يتعبوا في الجزية: قال القاضي: ولم يرد تعذيبهم ولا تكليفهم فوق طاقتهم، وانما أراد الاستخفاف بهم وإذلالهم . ( فقط)!!!

 ولقد اجمع علماء المسلمين على ضرورة امتهان الذمي عند إعطائه للجزية لقوله ( وهم صاغرون) لكنهم اختلفوا على نوعية وكيفية الإذلال نفسه.

قلت - والقول هنا لابن القيم الجوزي: لما كانت يد المعطى العليا، ويد الأخذ السفلى، احترز الأئمة ان يكون الأمر كذلك في الجزية وأخذها على وجه تكون  يد المعطى هي السفلى، ويد الآخذ العليا.

قال القاضي ابو يعلى: في هذا دلالة على ان هؤلاء النصارى الذين يتولون أعمال السلطان، ويظهر منهم الظلم والاستعلاء على المسلمين، واخذ الضرائب، لا ذمة لهم، وان دمائهم مباحة، لان الله وصفهم بإعطاء الجزية على وجه الصغار والذل - الصغار هو الذل والضيم ،راجع قواميس اللغة في معنى الصغار-

وهذا الذي استنبطه القاضي من اصح الاستنباط، فان الله تعالى مد القتال إلى غاية.وهي إعطاء الجزية مع الصغار، فإذا كانت حالة النصراني وغيره من اهل الجزية منافية للذل والصغار فلا عصمة لدمه ولا ماله، وليست له ذمة  ومن من هنا اشترط عليهم عمر بن الخطاب تلك الشروط التي فيها صغارهم و-إذلالهم -، وانهم متى خرجوا عن شيئا منها فلا عهد لهم ولا ذمة، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل بأهل الشقاق والمعاندة. راجع أحكام اهل الذمة لابن القيم الجوزي 1/36.

 روى ابن الحاكم بإسناده إلى عبد الله بن عمر قال: كتب عمر بن الخطاب ان يختم في رقاب اهل الذمة بالرصاص.

الصفحة الرئيسية