1(أ) كيف كُتب الكتاب المقدس؟
يتساءل الكثيرون عن خلفية الكتاب المقدس وأقسامه والمواد المستخدمة في كتابته. ويتناول هذا الفصل التعريف ببنية الكتاب المقدس وكيف تم جمعه.
1(ب) المواد المستخدمة في كتابة الكتاب المقدس:
1(ج) مواد الكتابة
1(د) ورق البردي
يعد السبب الرئيسي في عدم قدرتنا على الحصول على الكثير من المخطوطات القديمة (المخطوطة هي نسخة مكتوبة باليد للكتاب المقدس) استخدام مواد تبلى للكتابة. كتب ف.ف. بروس: كل المخطوطات الأصلية فقدت منذ زمن بعيد. ولم يكن بد من ذلك، إذ أنها كتبت على ورق البردي، ولأن ورق البردي لا يمكن أن يبقى لفترات طويلة إلا في ظل ظروف معينة. (Bruce, BP, 176)
ومن بين مواد الكتابة التي كانت متاحة في فترات كتابة الكتاب المقدس، يعد ورق البردي أشهرها، وكان يصنع من نبات البردي. كان هذا النبات ينمو في الأنهار والبحيرات الضحلة لمصر وسوريا. كانت ترسل شحنات كبيرة من ورق البردي عبر ميناء بيبلوس السوري. ويعتقد أن الكلمة اليونانية biblos التي تعني كتب قد أشتقت من اسم هذا الميناء. وجدير بالذكر أن الكلمة الإنجليزية Paper (التي تعني ورق) قد أشتقت من الكلمة اليونانية لورق البردي (Papyrus. Ewert, ATMT, 19-20)
ويقدم لنا تاريخ الكتاب المقدس الصادر عن جامعة كمبريدج شرحاً لطريقة إعداد ورق البردي للكتابة: كانت الأعواد تقشر وتقطع طولياً إلى شرائح رقيقة قبل أن تدق وتكبس معاً وتوضع كل طبقتين معاً بحيث تكون إحداهما طولية والأخرى مستعرضة فوقها. وبعد أن تجف ينعمون سطحها الأبيض بحجر أو غير ذلك من الأدوات. ويشير بليني إلى وجود نوعيات مختلفة ذات سُمك وأسطح متباينة من ورق البردي قبل عصر المملكة الجديدة عندما كان الورق رقيقاً جداً في أغلب الأحيان. (Greenlade, CHB, 30)
وترجع أقدم البرديات المعروفة لنا إلى عام 2400 ق.م. (Greenslee, INTTC, 19) كتبت أقدم المخطوطات على ورق البردي وكان من الصعب أن تعمر طويلاً إلا في الأماكن الجافة مثل صحاري مصر أو في الكهوف مثل كهوف قمران حيث اكتشفت مخطوطات البحر الميت.
ولقد كان ورق البردي شائع الاستخدام حتى القرن الثالث الميلادي تقريباً. (Greenlee, INTTC, 20)
2(د) الرقوق Parchment
وهذا الاسم يطلق على جلود الأغنام والماعز والغزلان وغيرها من الحيوانات. وهذه الجلود كان يتم إعدادها بنزع الشعر عنها وحكها حتى تصبح صالحة للكتابة عليها وتدوم طويلاً. ويضيف ف.ف. بروس أن كلمة Parchment اشتقت من اسم مدينة Pergamum برغامس في آسيا الصغرى لأن إنتاج هذه الرقوق المستخدمة في الكتابة كان في وقت ما يرتبط ارتباطاً خاصاً بهذا المكان. (Bruce, BP, 11)
3(د) الرق Vellum
وكان هذا الاسم يطلق على جلود العجول. وكانوا غالباً يصبغونه باللون الأرجواني. وبعض المخطوطات التي لدينا الآن عبارة عن رقوق أرجوانية من جلود العجول. وكانت الكتابة على هذه الرقوق تكون عادة باللون الذهبي أو الفضي.
ويقول ج. هارولد جرينلي أن أقدم المخطوطات الجلدية ترجع إلى حوالي 1500 ق.م. (Greenlee, INTTC, 21)
4(د) مواد الكتابة الأخرى
الفخار: وهو الفخار غير المصقول وكان شائعاً لدى العامة من الناس. والاسم الفني له هو الكسر الخزفية. ولـقد عـثر علـى الكثــير منـه فـي مصر وفلسطين. (أي 2 : 8)
الأحجار: وعثر علماء الآثار على أحجار عادية عليها كتابة منحوتة بأقلام من حديد.
الألواح الطينيـة: وينـقـش علـيهـا بـأداة حادة وتجفف لتصبح سجلاً باقياً (إر17:13، خر4:1). وكانت هذه الألواح من أرخص مواد الكتابة وأكثرها دواماً.
الألواح الشمعية: وهي عبارة عن ألواح خشبية مسطحة عليها طبقة من الشمع يكتب عليها بأقلام معدنية خاصة.
2(ج) أدوات الكتابة
الأزميل: وهو عبارة عن أداة من الحديد تستخدم للحفر على الأحجار.
القلم المعدنى: وهو أداة مثلثة الجوانب مسطحة الرأس. وكانت تستخدم للنقش على الألواح الطينية والشمعية. ((Geisler, GIB, 228
القلم: وهو عبارة عن عود مدبب الرأس كان يصنع من نبات الأسل وطوله 6-16 بوصة ونهايته مشطوفة كالإزميل حتى يمكن كتابة الخطوط الرفيعة والسميكة بأحد الجانبين العريض أو الضيق. وقد استعمل أهل ما بين النهرين هذا القلم في العصور القديمة جداً. أما فكرة القلم الريشة فربما تكون قد ظهرت أولاً عند اليونان في القرن الثالث ق.م. (إر8:8) (Greenslade, CHB, 31) وقد استخدم هذا القلم للكتابة على رقوق الحيوانات والعجول وعلى ورق البردي.
الحبر: وكان يصنع في العالم القديم عادة من الفحم والصمغ والماء. (Bruce, BP, 1.)
2(ب) أشكال الكتب القديمة
الدرج: وكان يصنع عن طريق لصق أوراق البردي معاً وطيها حول عصا. وكانت صعوبة الاستخدام تحد من طول الدرج. وكان يكتب على جانب واحد من الدرج عادة. وأحياناً كان يكتب على جانبي الدرج opisthograph (رؤ 5: 1) وبعض الأدراج وصل طولها إلى 144 قدماً. أما الدرج المتوسط الحجم فكان طوله يتراوح بين عشرين وخمسة وثلاثين قدماً. ولا عجب أن يقول كاليماخوس، أحد مصنِّفي الكتب المحترفين بمكتبة الإسكندرية قديماً: الكتاب الكبير مجلبة للتعب. (Metzger, TNT, 5)
الكتاب: لتسهيل القراءة كانت أوراق البردي تجمع معاً في كتاب ويكتب على جانبيها. ويقول جرينلي إن انتشار المسيحية كان السبب الرئيسي في ظهور هذا الشكل من الكتب.
3(ب) أنواع الكتابة
1(ج) كتابة الحروف البوصية
طبقاً لبروس ميتسجر، أحد علماء العهد الجديد فإن: الأعمال الأدبية ... كانت تكتب بشكل معين من أشكال الكتابة اليدوية يطلق عليها الحروف البوصية uncials. وتتميز هذه الكتابة بالتزام التأني والحرص عند نقش الحروف، حيث تتباعد الحروف عن بعضها البعض ويشبه ذلك كتابة الحروف الإنجليزية الكبيرة المنفصلة إلى حد ما. (Metzger, TNT, 9)
ويشير جايسلر ونيكس إلى أنه: تعتبر المخطوطات البوصية الرائعة التي ترجع إلى القرن الرابع الميلادي وما بعده من أهم مخطوطات العهد الجديد بوجه عام. وظهرت هذه المخطوطات في أعقاب اعتناق قسطنطين للمسيحية والسماح بنسخ الكتاب المقدس في مجمع نيقية (عام 325). (Geisler/Nix, GIB, 391)
ولعلَّ أقدم وأهم المخطوطات البوصية المخطوطة الفاتيكانية (حوالي 325-350م) والمخطوطة السينائية (حوالي 340م).
2(ج) كتابة الحروف الصغيرة
وهي كتابة بحروف أصغر وبخط متصل (مشبك) وقد استخدمت لإنتاج الكتب في بداية القرن التاسع الميلادي تقريباً.(Metzger, TNT, 9)
3(ج) المسافات وحروف العلة
كانت المخطوطات اليونانية تكتب بدون فواصل بين الكلمات، بينما كانت النصوص العبرية تكتب بدون حروف علة حتى أضافها المازوريون بين القرن الخامس والقرن العاشر الميلادي.
وقد يبدو هذا مستغرباً بالنسبة للقارئ الحديث، ولكن بالنسبة للقدماء ممن كانوا يتحدثون اليونانية أو العبرية كان هذا أمراً عادياً وكانت الكتابات مفهومة وواضحة. ولم يكن اليهود بحاجة إلى كتابة حروف العلَّة إذ أنهم تعلموا لغتهم وتعملوا كيف ينطقونها ويفسرونها.
كذلك لم يكن لدى الشعوب المتحدثة باليونانية أي مشكلة في قراءة لغتها بدون مسافات فاصلة بين الكلمات. ويوضح ميتسجر قائلاً: كانت هناك قاعدة في تلك اللغة، باستثناء بعض الحالات القليلة جداً، أن تنتهي الكلمات اليونانية بحرف علة (أو أكثر من حرف مركبة معاً) أو أحد الحروف الساكنة الثلاثة: V,P,S. ولا يجب الاعتقاد بأن الكتابة المتصلة كان بها صعوبات خاصة في القراءة، لأنه كان من المعتاد قديماً أن يقرأ المرء بصوت مرتفع، حتى ولو كان بمفرده. ومن ثم فإنه على الرغم من عدم وجود مسافات فاصلة بين الكلمات، كان المرء سرعان ما يعتاد على قراءة الكتابة المتصلة من خلال قراءة المرء على نفسه ما هو مكتوب مقطعاً بمقطع بصوت مرتفع. (Metzger, TNT, 13)
4(ب) أقسام الكتاب المقدس
1(ج) الأسفار
انظر الجزئيات الخاصة بالأسفار القانونية لاحقاً في هذا الفصل.
2(ج) الأصحاحات
1(د) العهد القديم
جرى أول تقسيم قبل السبي البابلي الذي بدأ عام 586 ق.م، إذ قسمت الأسفار الخمسة الأولى إلى 154 مجموعة تسمي سيداريم sedarim وكانت تهدف إلى تقسيم هذه الأسفار إلى أجزاء تقرأ دورياً على مدى ثلاث سنوات. (Geisler, GIB, 339)
وفي أثناء السبي البابلي وقبل عام 536 ق.م، قسمت الأسفار الخمسة الأولى إلي أربعة وخمسين قسماً تسمي «باراشيوثparashiyyoth ... » وهذه بدورها قسمت فيما بعد إلى 669 قسماً لتسهيل الرجوع إليها. وقد كانت تلك الأقسام تستخدم في القراءة على مدى عام واحد. (Geisler, GIB, 339)
وحوالي عام 165 ق.م. قسمت أسفار العهد القديم التي تسمى الأنبياء .
وأخيراً، بعد الإصلاح البروتستانتي، اتبع الكتاب المقدس العبري في معظمه نفس تقسيم الأصحاحات للعهد القديم البروتستانتي. ودونت هذه التقسيمات على هامش الكتاب لأول مرة في عام 1330. (Geisler, GIB, 339)
2(ب) العهد الجديد
قسَّم اليونانيون العهد الجديد إلى فقرات لأول مرة قبل انعقاد مجمع نيقية (325م)، وربما يرجع ذلك إلى عام 250م.
أما أقدم نظام لتقسيم الأسفار إلى أصحاحات فيرجع إلى عام 350م تقريباً، ويظهر على هامش المخطوطة الفاتيكانية. إلا أن هذه التقسيمات أقل حجماً بكثير من التقسيم الحالي للأصحاحات. فعلى سبيل المثال في التقسيم الحالي للكتاب المقدس يقسم إنجيل متّى إلى ثمانية وعشرين أصحاحاً ولكن في المخطوطة الفاتيكانية يقسم إنجيل متّى إلى 170 قسماً.
ويقول جايسلر ونيكس: لم يتغير هذا التقسيم حتى القرن الثالث عشر حيث تغير التقسيم تدريجياً. قام ستيفن لانجتون، الذي كان أستاذاً بجامعة باريس ولاحقاً رئيساً لأساقفة كانتربرى، بتقسيم الكتاب المقدس إلى أصحاحات كما نعرفه الآن (حوالي عام 1227). وكان ذلك قبل استحداث الطباعة المتحركة. ومنذ استحداث هذه الطريقة في الطباعة في مؤسسة وايكليف للكتاب المقدس (عام 1382) أصبح هذا التقسيم هو التقسيم المتبع عند طباعة الكتاب المقدس إلى هذا اليوم. (Geisler, GIB, 340)
3(ج) الأعداد
1(د) العهد القديم
كان أول ما يشير إلى الأعداد في العهد القديم المسافات الفاصلة بين الكلمات إذ كانت الكلمات تكتب تباعاً بشكل متصل في سفر معين... فبعد السبي البابلي، ولأغراض القراءة والتفسير العامة، استخدمت المسافات الفاصلة كمواضع للوقف،كما أضيفت فيما بعد علامات أخرى. إلا أن هذه العلامات لم يتم وضعها بشكل منظم، فاختلفت من موضع لآخر. ولم يوضع لذلك نظاماً ثابتاً حتى عام 900م. (Geisler, GIB, 339)
2(د) العهد الجديد
لم يظهر التقسيم الحالي لآيات العهد الجديد حتى منتصف القرن السادس عشر. وقد تلا هذا تقسيم الأصحاحات، بهدف تسهيل القراءة والرجوع إلى الآيات. وظهر هذا التقسيم أولاً في الطبعة الرابعة للعهد الجديد اليوناني الذي نشره روبرت ستيفانوس الفرنسي عام 1551، ولقد أدخل وليم ويتنجهام في أكسفورد هذا التقسيم على النسخة الإنجليزية للعهد الجديد في عام 1557 . وفي عام 1555 أدخل ستيفانوس هذا التقسيم على نسخة الفولجاتا اللاتينية، ومن ذلك الوقت استمر هذا التقسيم إلى يومنا هذا. (Geisler, GIB, 341)
2(أ) من الذي حدد أسفار الكتاب المقدس؟
إن مسألة تحديد أسفار الكتاب المقدس هي مسألة قانونية الأسفار. وقد يتساءل المرء لماذا أدرجت بعض الأسفار في قائمة الأسفار القانونية بينما استبعدت أسفار أخرى.
1(ب) معني كلمة الأسفار القانونية Canon
أ- اشتقت كلمة الأسفار القانونية Canon من كلمة قصبة في الإنجليزية Cane وفي العبرية ganeh وفي اليونانية Kanon. وكانت القصبة تستخدم كقضيب للقياس ثم أصبحت تعني معيار .
وقد استخدم أوريجانوس، أحد آباء الكنيسة في القرن الثالث، هذه الكلمة للإشارة إلى ما نسميه «قانون الإيمان»، أي المعيار الذي نقيِّم به. وأصبح هذا المصطلح لاحقاً يعني قائمة أو فهرس (Bruce, BP, 95). وبالنسبة للكتاب المقدس يعني هذا المصطلح قائمة بالكتب المقبولة رسمياً. (Earle, HWGOB, 31)
ومن الجدير بالملاحظة أن الكنيسة لم تقرر قانونية الأسفار فهي لم تحدد أي الأسفار هي الأسفار المقدسة والموحي بها من الله. ولكنها أدركت أو اكتشفت ما هي الأسفار الموحي بها من البداية. وبعبارة أخرى لا يعد أي سفر كلمة الله لأن شعب الله قبله. ولكن شعب الله قبله لأنه كلمة الله. أي أن الله هو الذي يعطي السفر سلطانه الإلهى، وليس شعب الله. فهم يكتشفون السلطان الإلهي الذي يعطيه الله للسفر ليس إلا ويبين الجدول التالي هذا المبدأ الهام (Geisler, GIB, 221)
2(ب) معايير الحكم على قانونية الأسفار
من خلال قراءتنا للكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة يمكننا ملاحظة خمسة مبادئ على الأقل حكمت عملية التعرف على الأسفار الإلهية الصادقة الموحى بها، وجمعها. ويقدم جايسلر ونيكس هذه المبادئ على النحو التالي (Geisler / Nix, GIB, 223-231) :
1- هل كتب السفر بواسطة أحد أنبياء الله؟ فإذا كان كاتبه يتحدث باسم الله حقاً، إذا فهو كلمة الله.
2- هل كان الكاتب مؤيداً بأعمال الله؟ كثيراً ما كانت المعجزات تفصل بين الأنبياء الحقيقيين والأنبياء الكذبة. فأعطي موسي قوات عظيمة ليثبت دعوته الإلهية (خر4: 1-9). كما انتصر إيليا على أنبياء البعل الكذبة بمعجزة خارقة للطبيعة (1مل 18). أما يسوع فقد تبرهن... من قِبَل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده (أع 2: 22) ... والمعجزة هي عمل الله الذي يؤيد كلمة الله التي يقدمها نبي الله لشعب الله. إنها العلامة التي تثبت بشارته والآية التي تؤيد رسالته.
3- هل تعلَّم رسالة السفر بالحق عن الله؟ لا يمكن أن يناقض الله نفسه (2كو1: 17-18). ولا يمكن أن يتكلم بالكذب (عب6: 18). ومن ثم لا يمكن للسفر الذي يتكلم بالأكاذيب أن يكون كلمة الله. ولهذه الأسباب اتَّبع آباء الكنيسة المبدأ القائل: إذا خامرك الشك في سفر فألقه جانباً. وقد دعم هذا صحة تمييزهم للأسفار القانونية.
4- هل تظهر قوة الله في السفر؟ كان آباء الكنيسة يؤمنون أن كلمة الله «حية وفعالة» (عب 4:12)، ومن ثم فلابد أن يكون لها قوة مؤثرة للتعليم (2تي3: 17) والتبشير (1بط1:23). فإن لم تحقق رسالة السفر هدفها المنشود، ولم يكن لها سلطان على تغيير الحياة، لم يكن الله هو مصدرها. إن وجود السلطان الإلهي الفعال كان يشير بقوة إلى أن السفر مختوم بالختم الإلهي.
5- هل قبل رجال الله السفر؟ قال بولس في الرسالة إلى أهل تسالونيكي: نحن أيضاً نشكر الله بلا انقطاع، لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس، بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله. (1تس2: 13). وأي خلاف ينشأ بعد ذلك بشأن قانونية سفر معين، فإن أفضل من يحكم على صدق وحيه هم الذين عرفوا كاتب السفر حق المعرفة. ومن ثم فإنه على الرغم من الخلافات اللاحقة التي نشأت بشأن قانونية بعض الأسفار، فإن الدليل القاطع على صحتها هو قبول المؤمنين المعاصرين لها. فإن كان أناس الله قد قبلوا السفر وقرأوه واستخدموه ككلمة الله، فإنه كان يعتبر سفراً قانونياً. وهذا الأمر نراه في الكتاب المقدس نفسه. ومن أمثلة ذلك اعتراف الرسول بطرس بكتابات بولس كأسفار مقدسة تماماً مثل الأسفار المقدسة للعهد القديم. (2بط3: 16).
3(ب) الأسفار القانونية المسيحية (العهد الجديد)
1(ج) اختبار قانونية العهد الجديد
كان العامل الأول في اكتشاف قانونية أي سفر من أسفار العهد الجديد هو الوحي الإلهي، والمعيار الرئيسي لذلك هو الرسولية. ويقول جايسلر ونيكس: بلغة العهد الجديد كانت الكنيسة مبنية «على أساس الرسل والأنبياء» (أف2: 20) الذين وعدهم المسيح بأن يرشدهم إلى «جميع الحق» (يو16: 13) بالروح القدس. وكانت الكنيسة في أورشليم تواظب على تعليم الرسل (أع 2: 42). أما مصطلح رسولي الذي يستخدم لاختبار قانونية السفر لا يعني بالضرورة «الكتابة الرسولية» أو «أن يكون السفر معداً تحت إشراف الرسل» (Geisler/Nix, GIB, 283)
ويواصل جايسلر ونيكس قولهما: نتفق مع لويس جوسن، وب.ب. وارفيلد، وتشارلز هودج، وج.ن.د. كيلي ومعظم البروتستانت على أن السلطان الرسولي أو القبول الرسولي هو المعيار الرئيسي لقانونية أي سفر وليست مجرد الكتابة الرسولية. (Geisler/Nix, GIB, 283)
ويشير ن.ب. ستونهاوس إلى أن السلطان الرسولي الذي يظهر في العهد الجديد لا ينفصل أبداً عن سلطان الرب. وهناك إقرار ثابت في رسائل العهد الجديد أن هناك سلطان مطلق وحيد، وهو سلطان الرب نفسه. فحيثما كان الرسل يتحدثون بسلطان، كانوا يستخدمون سلطان الرب. فعلى سبيل المثال عندما كان الرسول بولس يدافع عن سلطانه كرسول، كان يسند دفاعه مباشرة إلى إرسالية الرب له فقط (عل 1و2)، وعندما يستخدم حقه في تنظيم الحياة بالكنيسة، فإنه يستند في ذلك إلى سلطان الرب، حتي لو لم يتسلم الكلمة مباشرة من قِبَل الرب (1كو14: 37 وقارن ذلك مع 1كو7: 10). (Stonehouse, ANT, 117-118)
ويعلق جون موراي قائلاً: إن الشخص الوحيد الذي يتحدث في العهد الجديد بسلطان ذاتي غير مستمد من أحد هو الرب.
2(ج) الأسفار القانونية للعهد الجديد
1(د) أسباب جمعها
1(هـ) أسفار نبوية
إن أول أسباب جمع وحفظ أسفار الوحي هو كونها أسفار نبوية، أي أنها كتبت على يد أنبياء أو رسل الله، وبالتالي لابد أن تكون ذات قيمة ومن ثم ينبغي حفظها. وتظهر هذه الفكرة في العصور الرسولية إذ تم جمع وتداول رسائل الرسول بولس. (2بط 3: 15-16 وكو4: 16). (Geisler, GIB, 277)
2(هـ) احتياجات الكنيسة الأولى
كانت الكنائس بحاجة إلى معرفة أي الأسفار التي ينبغي لها أن تقرأها وتبجلها وتستخدمها في ظروفها المختلفة وغير المستقرة في أغلب الأحيان وسط مناخ ديني واجتماعي معاد بوجه عام. إذ واجهت هذه الكنائس الكثير من المشكلات وكانت بحاجة لأن تطمئن بشأن الأسفار التي تتخذ منها مصدراً للسلطان.
3(هـ) ظهور الهراطقة
في وقت مبكر جداً وتحديداً في عام 140م وضع مارسيون الهرطوقي قائمة خاصة به للأسفار القانونية وبدأ في الترويج لها. وكانت الكنيسة بحاجة إلى مواجهة تعاليمه عن طريق جمع كافة أسفار العهد الجديد.
4(هـ) انتشار الكتابات الموضوعة
استـخدمت الكثـير من الكنائس الشرقية أسفاراً زائفة في خدمتها. وقد استدعى هذا تحديد الأسفار القانونية.
5(هـ) البعثات التبشيرية
لقد انتشرت المسيحية بسرعة إلى البلاد الأخرى، وكانت هناك حاجة إلى ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغات الأخرى... وبحلول النصف الأول من القرن الثاني ترجم الكتاب المقدس إلى السريانية واللاتينية العتيقة. ولما كانت البعثات التبشيرية بحاجة إلى ترجمة الكتاب المقدس، فقد برزت مسألة أي الأسفـار تنتمـي حقاً إلـى الأسفـار الـقانونيـة الـمسيحيـة المعترف بها. (Geisler, GIB, 278)
6(هـ) الاضطهاد
أصدر دقليديانوس (303م) مرسوماً بالقضاء على الأسفار المقدسة للمسيحيين. ومن الذي يجرؤ على الموت من أجل كتاب ربما كان دينياً ولكنه غير مقدس؟ ومن ثم كان المسيحيون بحاجة إلى معرفة أي الأسفار مقدسة حقاً.
2(د) الأسفار القانونية المعترف بها
1(هـ) أثناسيوس الإسكندرى
قدم لنا أثناسيوس (367م) أول قائمة لأسفار العهد الجديد وهي تطابق تماماً أسفار العهد الجديد التي بين أيدينا اليوم. ووردت هذه القائمة في رسالة أرسلها إلى الكنائس في أحد الأعياد. ويقول فيها: ومرة أخري لا أكلّ عن أن أتحدث إليكم عن أسفار العهد الجديد، وهي الأناجيل الأربعة: متي ومرقس ولوقا ويوحنا. ثم سفر أعمال الرسل والرسائل (أو الأسفار الجامعة)، وهي سبعة: واحدة ليعقوب واثنتان لبطرس وثلاثة ليوحنا وواحدة ليهوذا. وهناك أيضاً أربع عشرة رسالة لبولس مرتبة على النحو التالي: الأولى إلى رومية واثنتان إلى كورنثوس وواحدة إلى غلاطية وواحدة إلى أفسس وواحدة إلى فيلبي وواحدة إلى كولوسي واثنتان إلى تسالونيكي وواحدة إلى العبرانيين واثنتان إلى تيموثاوس وواحدة إلى تيطس وأخيراً واحـدة إلى فليمـون. ويضـاف إلى ما سبق رؤيا يوحنا. (Athanasius, L, 552)
2(هـ) جيروم وأغسطينوس
وبعد أن أرسل أثناسيوس قائمة بالأسفار القانونية إلى الكنائس، سار جيروم (إيرونيموس) وأغسطينوس على نفس المنوال فحـددوا الأسـفار القانونية للعهد الجديد التي تضم سبعة وعشـرون سفـراً.(Bruce, BP, 112 )
3(هـ) بوليكاربوس ومعاصريه
ويشير بوليكاربوس (115م) وأكليمندس الإسكندري (حوالي 200م) وغيرهما من آباء الكنيسة الأولين إلى أسفار العهدين القديم والجديد بعبارة: كما قيل في الكتب المقدسة.
4(هـ) چاستن مارتر
كتب چاستن مارتر (100م - 165م) في دفاعه الأول مشيراً إلى عشاء الرب: وفي يوم الأحد يجتمع جميع سكان المدن والضياع إلى مكان واحد حيث تقرأ كتب الرسل والأنبياء كلما كان هناك متسع من الوقت. وعندما يتوقف القارئ عن القراءة، يقدم الرئيس كلمة الوعظ ويدعو الحاضرين إلى هذا التقليد الطيب.
وفي حواره مع تريفون صفحات 49، 103، 105، 107 نجده يستهل اقتباساته من الأناجيل بكلمة مكتوب. ولابد أنه هو وتريفون كانا يعرفان ماذا تعني هذه الكلمة وأنها تدل على وحي الكتاب المقدس.
5(هـ) إيريناوس
كتب ف.ف. بروس عن مكانة إيريناوس (180م) قـائـلاً:
وتكمن أهمية كتاباته في اتصاله بالعصر الرسولي وفي علاقاته المسكونية. نشأ في آسيا الصغرى متعلماً على يد بوليكاربوس تلميذ يوحنا، وأصبح أسقفاً على ليون في بلاد الغال عام 180م. وتشهد كتاباته بقانونية الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل ورسالة رومية والرسالتان إلى كورنثوس والرسالة إلى غلاطية والرسالة إلى أفسس والرسالة إلى فيلبي والرسالة إلى كولوسي والرسالتان إلى تسالونيكي والرسالتان إلى تيموثاوس والرسالة إلى تيطـس ورسالـة بطـرس الأولي ورسالة يوحنا الأولي وسفر الرؤيا. وفي بحثه ضد الهرطقات يتضح أنه بحلول عام 180م كانت الأناجيل الأربعة قد أصبحت من الحقائق المسلم بها في العالم المسيحي بأسره حتى أنه يمكن القول بأنها كانت حقيقة راسخة وطبيعية وواضحة وحتمية مثل الجهات الأصلية الأربع للبوصلة كما نسميها نحن (Bruce, BP, 109)
6(هـ) أغناطيوس
كتب أغناطيوس (50م - 115م): لا أريد أن آمركم كبطرس وبولس، فقد كانا رسولين. (Trall. 3.3)
7(هـ) المجامع الكنسية
يقول ف.ف. بروس: وعندما وضع أخيراً أحد المجامع الكنسية - سنودس إيبون عام 393م - قائمة بأسفار العهد الجديد السبعة والعشرين، لم يمنحها أي سلطان لم يكن لها من قبل، ولكنه فقط سجل قانونيتها المعهودة قبلاً. (أعُلن قرار سنودس إيبون مرة أخري بعد أربع سنوات في سنودس قرطاج الثالث) (Bruce, BP, 113)
ومنذ ذلك الوقت لم يقم خلاف بشأن الأسفار السبعة والعشرين المعترف بها في العهد الجديد من قبل الكنيسة الكاثوليكية أو البروتستانية أو الأرثوذكسية الشرقية.
3(د) استبعاد الأسفار غير القانونية
تم استبعاد الأسفار غير القانونية من العهد الجديد على النحو التالي:
3(ج) أبوكريفا العهد الجديد
1(د) قائمة بالأسفار الأبوكريفية في العهد الجديد
رسالة برنابا الزائفة (70-79م)
الرسالة إلى أهل كورنثوس (حوالي 96م)
العظة القديمة أو ما يعرف باسم رسالة أكليمندس الثانية (حوالي 120-140م)
راعي هرماس (حوالي 115-140م)
تعاليم الاثنى عشر (حوالي 100-120م)
رؤيا بطرس (حوالي 150م)
أعمال بولس وتكلا (170م)
الرسالة إلى أهل لاودكية (القرن الرابع الميلادى)
إنجيل العبرانيين (65-100م)
رسالة بوليكاربوس إلى أهل فيلبي (حوالي 108م)
رسائل أغناطيوس السبعة (حوالي 100م)
هذه بعض الكتابات الزائفة التي لم تقبلها الكنيسة. (Geisler, BP, 297-316)
2(د) لماذا رفضت الكنيسة هذه الأسفار
يلخص لنا جايسلر ونيكس الموقف القانوني لهذه الأسفار: (1) لم يلق أي منها القبول إلا لفترة وجيزة أو على نطاق محدود. (2) معظمها لا يتسم بالصفة القانونية الكاملة فلم توجد إلا ملحقة بالمخطوطات المختلفة أو ذكرت في بعض الفهارس. (3) لم يأتِ ذكرها في أي مجمع كنسي أو أي قائمة رئيسية للأسفار القانونية الموحي بها للعهد الجديد. (4) يستند القبول المحدود لمعظم هذه الأسفار إلى أنها تربط نفسها ببعض الإشارات التي وردت في الأسفار القانونية (مثل الإشارة إلى الرسالة إلى أهل لاودكية في كو4: 16) أو تنسب نفسها إلى الرسل (مثل أعمال بولس ). وعندما اتضحت هذه الأمور، لم يعد هناك شك في عدم قانونية هذه الأسفار. (Geisler, GIB, 317)
4(ب) الأسفار القانونية للعهد القديم
1(ج) نظرية جامنيا
ذهب كثير من الدارسين إلى أن اجتماع رجال الدين اليهود في جامنيا بالقرب من يافا، عام 90م أقر أخيراً أي الأسفار سيعد ضمن الأسفار القانونية العبرية وأيها سيرفض. والمشكلة في هذه النظرية أن مجمع جامنيا لم يصل إلى هذه النتائج. لم يحدد رجال الدين اليهود الأسفار القانونية، ولكنهم ناقشوا مسألة وجود أسفار معينة بين الأسفار القانونية. والأسفار التي رفض المجمع أن يضمها إلى الأسفار القانونية لم تكن بين هذه الأسفار فعلاً. فكان الهمّ الأول للمجمع هو بحث مسألة حق بعض الأسفار في أن تبقي ضمن الأسفار القانونية، وليس قبول أسفار جديدة.(Ewert, ATMT, 71) لقد ناقش رجال الدين اليهود مسائل تتعلق بالأسفار التالية: سفر أستير وسفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر نشيد الأنشاد وسفر حزقيال. ومع ذلك، يجب التأكيد على أنه بينما أثيرت التساؤلات حول هذه الأسفار، لم تكن هناك أية نية لاستبعادها من الأسفار القانونية، إذ لم تكن المناقشات في جامنيا تدور حول قبول بعض الكتابات ضمن الأسفار القانونية، ولكن حق هذه الكتابات في البقاء ضمن الأسفار القانونية.(Ewert, ATMT, 72)
كتب هـ.هـ. رولي يقول: إننا لا نعرف بالضبط إلى أي مدى يمكننا الحديث عن مجمع جامنيا. إننا نعرف أن مناقشات دارت بين رجال الدين اليهود ولكننا لم نسمع عن صدور أي قرار رسمي أو ملزم، وربما دارت المناقشات بشكل غير رسمي، ومع ذلك فقد عملت على بلورة وتثبيت التقليد اليهودي. (Rowley, GOT, 170)
والحقيقة هي أنه لم تجعل أي سلطة بشرية أو أي مجلس لرجال الدين اليهود من أي سفر (في العهد القديم) سفراً قانونياً. على حد قول دافيد أيورت أحد علماء الكتاب المقدس. لقد كانت هذه الأسفار موحى بها من الله وكان عليها الختم الإلهي من البداية. وباستعمالها لفترة طويلة من قِبَل المجتمع اليهودي ظهر سلطانها وأدرجت في الوقت المناسب ضمن الأسفار القانونية. (Ewert, ATMT, 72)
2(ج) الأسفار القانونية المعترف بها
تشير القرائن إلى أن الأسفار القانونية العبرية قد تم إقرارها قبل نهاية القرن الأول الميلادي وهناك احتمال قوي أن يرجع ذلك إلى القرن الرابع قبل الميلاد. ولكن الأمر المؤكد أن إقرارها لم يتعد عام 150م. والسبب الرئيسي لهذه النتيجة يرجع إلى اليهود أنفسهم الذين كانوا مقتنعين تماماً منذ القرن الرابع قبل الميلاد فصاعداً أن صوت الله انقطع عن التحدث مباشرة. (Ewert, ATMT, 69) وبعبارة أخرى سكتت الأصوات النبوية. إن عدم إعلان أي كلمة من قبل الله يعني عدم إعلان أي كلمة جديدة من قبل الله. وبدون الأنبياء، لا يكون هناك وحي كتابى.
وفيما يختص بفترة ما بين العهدين (حوالي أربعمائة سنة بين نهاية العهد القديم وبداية العهد الجديد) يقول إيورت: في سفر المكابين الأول 14: 41 نقرأ عن سمعان الذي عُين قائداً وكاهناً «حتي يقوم نبي أمين»، وقبل ذلك يتحدث عن الأسى في إسرائيل «الذي لم يكن مثله منذ أن توقف ظهور الأنبياء». ويشكو كاتب سفر باروخ من أن «الأنبياء وقع عليهم ثبات». إن الأسفار التي كُتبت بعد انتهاء عصر الأنبياء كانت تعتبر خارج نطاق الكتاب المقدس. (Ewert, ATMT, 69-70)
إن آخر الأسفار التي كتبت وكانت تعتبر ضمن الأسفار القانونية هي ملاخي (كتـب حوالي 450-430 ق.م.) وأخبار الأيام (كتب قبـل عـام 400 ق.م. (Walvoord, BKCOT, 589, 1573) وتظهر هذه الأسفار ضمن الأسفار القانونية العبرية في الترجمة اليونانية للأسفار القانونية العبرية وعرفت هذه الترجمة بالترجمة السبعينية وقام بها سبعون عالماً حوالي 250-150 ق.م.(Geisler, GIB, 24; see also Ewert, ATMT, 104-108 and wrthwein, TOT, 49-53)
ويؤكد ف.ف. بروس أن: أسفار الكتاب المقدس العبري عددها أربعة وعشرون مقسمة إلى ثلاثة أقسام. (Bruce, CS, 29)
وهذه الأقسام الثلاثة هي الشريعة والأنبياء والكتب. والجدول التالي يوضح تقسيم الأسفار القانونية العبرية كما ورد في الكثير من الكتب مثل الطبعات الحديثة للعهد القديم اليهودي.
راجع الكتب المقدسة المازورية، الموسوعة العبرية، رادولف كتيل، بولس كهل.
ورغم أن الكنيسة المسيحية لديها نفس الأسفار القانونية للعهد القديم، إلا أن عددها يختلف لأننا نقسّم كل من أسفار صموئيل، والملوك، وأخبار الأيام، وعزرا- نحميا إلى سفرين ونقسم أسفار الأنبياء الصغار بدلاً من جمعهم في سفر واحد كما يفعل اليهود ويطلقون عليها اسم الاثنا عشر. كما أعادت الكنيسة ترتيب الأسفار فرتبت الأسفار بحسب موضوعاتها بدلاً من الترتيب الرسمي لها. (Geisler, GIB, 23)
3(ج) شهادة المسيح للأسفار القانونية للعهد القديم
1(د) لوقا 24 : 44
قال يسوع لتلاميذه في العلية: إنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير. وبهذه الكلمات أشار إلى الأقسام الثلاثة للكتاب المقدس العبري وهي الشريعة (الناموس) والأنبياء والكتب (ويطلق عليها هنا المزامير ربما لأن سفر المزامير هو أول وأطول أسفار هذا القسم). (Bruce, BP, 96)
2(د) يوحنا 10: 31-36 ، لوقا 24: 44
لم يوافق يسوع على التقليد الشفهي للفريسيين (مرقس 7، متي 15)، ولكنه لم يبد أي اعتراض على الأسفار القانونية العبرية. (Bruce, BP, 104) ليس هناك ما يشير إلى وجود أي خلاف بين يسوع وبين اليهود فيما يتعلق بقانونية أي سفر من أسفار العهد القديم. (Young, AOT, 62)
3(د) لوقا 11: 51 (وأيضاً متي 23: 35):
«من دم هابيل إلى دم زكريا» بهذه الكلمات أكد يسوع شهادته لأسفار العهد القديم. كان هابيل أول شهيد يذكر في الكتاب المقدس (تكوين 4: 8)، وكان زكريا آخر شهيد يذكر في أسفار العهد القديم المرتبة على حسب الترتيب العبري، وكـان زكـريـا قد رجم بالحجارة في أثناء حديثه للشعب في دار بيت الرب (2 أخ 24: 21). وقد كان سفر التكوين هو أول سفر في الأسفار القانونية العبرية بينما كان أخبار الأيام هو آخر سفر فيها. وكأن يسوع كان يقول: من التكوين إلى أخبار الأيام. أو من التكوين إلى ملاخى وفقاً للترتيب الذي بين أيدينا. وهكذا أكد على سلطان الوحي الإلهي للأسفار القانونية العبرية كافة.
4(ج) شهادات المؤرخين
1(د) مقدمة سفر حكمة يشوع بن سيراخ
لعل أقدم الإشارات إلى التقسيم الثلاثي للعهد القديم يرد في مقدمة سفر حكمة يشوع بن سيراخ (حوالي 130 ق.م.) كتبت المقدمة على يد حفيد كاتب السفر ويقول فيها: الناموس والأنبياء وكتب الآباء الأخرى. وهو يشير بذلك إلى الأقسام الثلاثة للأسفار القانونية العبرية. (Young, AOT, 71)
2(د) فيلو
إبان زمن المسيح (حوالي 40م) شهد فيلو إلى التقسيم الثلاثي للعهد القديم مشيراً إلى الناموس والأنبياء (أو النبوات) والمزامير والكتب الأخرى التي تنشئ وتتمم المعرفة والتقوى. (Geisler, GIB, 246)
3(د) يوسيفوس
تحدث أيضاً المؤرخ اليهودي يوسيفوس (نهاية القرن الأول الميلادي) عن الأقسام الثلاثة للعهد القديم. كما تحدث عن جميع الأسفار المقدسة العبرية قائلاً:
أما إلى أي مدى نثق في أسفار أمتنا هذه فيتضح من خلال سلوكياتنا، إن أحداً لم يجرؤ على أن يزد عليها شيئاً أو يحذف منها شيئاً أو يغير فيها شيئاً، فيصبح أمراً طبيعياً بالنسبة لجميع اليهود منذ نعومة أظافرهم أن يعتبروا هذه الأسفار تضم بين دفتيها الشرائع الإلهية وأن يلهجوا فيها وأن يموتوا لأجلها عن طيب خاطر إذا ما اقتضت الضرورة ذلك. وليس جديداً على شهدائنا، الكثيرين على مر الزمن، أن يظهروا كل شجاعة في احتمال كافة ألوان التعذيب والموت في الساحات حتى لا يضطرون إلى التجديف على شريعتنا والأسفار التي تحويها (Josephus, FJAA, 609)
4(د) التلمود
التلمود هو كتاب قديم يضم مجموعة من الشرائع والأحكام والشروحات لناموس موسى كتبها رجال الدين اليهود وهي تحتفظ بالتقليد الشفهي للشعب اليهودي. تم جمع التلمود في أورشليم حوالي سنة 350-425م. وتم جمعه مرة أخرى على نطاق أوسع في بابل حوالي سنة 500م. وتعرف كل نسخة باسم المكان الذي جمعت فيه - فهناك التلمود الأورشليمي والتلمود البابلي.
1(هـ) يقول التلمود (Tosefta Yadaim 3:5) : «إن الإنجيل وكتب الهراطقة الأخري لا تنجس الأيدي، فكتب ابن سيراخ وغيرها من الكتب التي كتبت منذ عصره ليست كتباً قانونية».(Pfeiffer, IOT, 63) .
إن الإشارة إلى كتاب ينجس الأيدي تعني أن الكتاب كان موحي به من الله ومن ثم فهو مقدس. لقد كان من يتعاملون مع الكتب المقدسة بحاجة إلى غسل أيديهم بعد لمس صفاحاتها المقدسة. ومن خلال القول بأن الكتب المقدسة تنجس الأيدي، كان رجال الدين اليهودي يحمونها من التعامل غير الحذر وغير اللائق بقداستها، إذ أنه من الواضح أن أحداً لن يتعامل معها بغير احتراس إذا كان عليه أن يغسل يديه عقب كل مرة يفعل فيها ذلك. (Beckwith, OTC, 280) والكتاب الذي لا ينجس الأيدي ليس من الله. إن هذا النص يفترض أن الكتب التي توجد ضمن الأسفار القانونية هي وحدها التي يمكننا أن نقول عنها إنها كلمة الله.
2(هـ) (Seder Olam Rabba 30) وحتي ذلك الوقت (قدوم الإسكندر الأكبر وانقضاء الإمبراطورية الفارسية) تنبأ الأنبياء بالروح القدس. ومنذ ذلك الوقت أمل أذنك واستمع إلى كلام الحكماء. (Beckwith, OTC, 370)
3(هـ) Tos. Sotah 13:2: baraita in Bab.
«بموت الأنبياء المتأخرين حجي وزكريا وملاخي انقطع إعلان الروح القدس من إسرائيل». (Beckwith, OTC, 370)
5(د) مليتو أسقف ساردس
سجل مليتو أول قائمة لأسفار العهد القديم مستقياً إياها من الأوساط المسيحية (حوالي 170م) ويسجل لنا يوسابيوس (Ecclesiastical History IV. 26) أقواله: قال مليتو إنه حصل على هذه القائمة الموثوقة في أثناء سفره إلى سوريا. ويقول مليتو في رسالة بعث بها إلى أنسيميوس صديقه: 'وهذه أسماؤها ... خمسة أسفار لموسى: التكوين والخروج والعدد واللاويين والتثنية. يشوع بن نون والقضاة وراعوث. أربعة كتب للمملكة واثنان لأخبار الأيام ومزامير داود وأمثال سليمان (وتسمى أيضاً الحكمة) والجامعة ونشيد الأنشاد وأيوب. ومن الأنبياء: إشعياء وإرميا والاثنا عشر في سفر واحد ودانيال وحزقيال وعزرا.'
ويعلق ف. ف. بروس قائلاً: من المرجح أن يكون مليتو قد أدمج المراثي مع إرميا ونحميا مع عزرا (رغم غرابة وضعه سفر عزرا مع الأنبياء). وفي هذه الحالة تضم قائمته جميع الأسفار القانونية العبرية (مرتبة وفقاً لترتيب الترجمة السبعينية) فيما عدا سفر أستير. ولعله لم يكن موجوداً ضمن القائمة التي جمعها من مصادره في سوريا. (Bruce, BP, 100)
6(د) المشنا
إن التقسيم الثلاثي للعهد القديم اليهودي الحالي (الذي يضم إحدى عشر سفراً في 'الكتب') مأخوذ عن المشنا. (Baba Bathra tractate, fifth century A.D.) (Geisler, GIB, 24)
5(ج) شهادة العهد الجديد للعهد القديم ككتاب مقدس
متَّى 21: 42، 22:29، 26:54، 56
لوقا 24
يوحنا 5: 39 ، 10: 35
أعمال الرسل 17: 2 و11 ، 18: 28
رومية 1: 2 ، 4: 3 ، 9: 17 ، 10: 11 ، 11: 2 ، 15: 4 ، 16: 26
كورنثوس الأولى 15: 3 و 4
غلاطية 3: 8 ، 3: 22، 4: 30
تيموثاوس الأولى 5: 18
تيموثاوس الثانية 3: 16
بطرس الثانية 1: 20 و21، 3: 16
إن عبارة «كما قال الكتاب» (يوحنا 7: 38) عندما كانت تسبق أي نص كانت تشير إلى أن قولاً أو قصة أو سفراً معيناً هو كلمة الله المعلنة من قبل أنبياء الله.
6(ج) الكتابات الأبوكريفية العبرية
إن كلمة أبوكريفا أشتقت من الكلمة اليونانية apokruphos وتعني المخبأة أو المخفية.
وكان أول من أطلق على هذه الكتابات اسم أبوكريفا هو جيروم في القرن الرابع الميلادي. وتتكون الأبوكريفا من مجموعة أسفار أضافتها الكنيسة الكاثوليكية إلى العهد القديم. أما البروتستانت فلا يعدونها ضمن الأسفار القانونية.
1(د) لماذا هذه الأسفار ليست قانونية؟
ورغم أن قاموس أنجر للكتاب المقدس يخص الأسفار الأبوكريفية للعهد القديم بقيمة معينة إلا أنه يورد أربعة أسباب توجب استبعادها من الأسفار القانونية العبرية:
1- أن هذه الأسفار مليئة بالأخطاء التاريخية والجغرافية.
2- أن بها تعاليم خاطئة تتنافى مع تعاليم الكتاب المقدس الموحى به.
3- تعمَّد إلى استخدام الأساليب الأدبية ويظهر بها التكلف في المحتوى والأسلوب، وهذا يخالف أسلوب الأسفار المقدسة الموحى بها.
4- تعوزها الخصائص المميزة لأسفار الوحي المقدس الصادقة مثل السلطة النبوية والأحاسيس الشعرية والدينية. (Unger, NUBD, 85)
2(د) ملخص أسفار الأبوكريفا
في دليله الدراسي الرائع كيف وصل إلينا الكتاب المقدس ، يلخص لنا رالف إيرل محتويات كل سفر من أسفار الأبوكريفا. ولدقة هذا الملخص وإحكامه، أقدمه هنا للقارئ ليلمس قيمة هذه الأسفار مع كونها غير قانونية:
إسدراس الأول (حوالي 150 ق.م.) يحكي عن رجوع اليهود إلى فلسطين بعد السبي البابلى. ويقتبس كثيراً من أسفار أخبار الأيام وعزرا ونحميا، ولكن الكاتب يضيف الكثير من القصص الأسطورية.
وأهم ما ورد بهذا السفر هو قصة الحراس الثلاثة . كان الحراس الثلاثة يتجادلون عن أقوى شئ في العالم. فقال أحدهم: الخمر، وقال الآخر: الملك، وقال الثالث: المرأة والحق. ووضعوا هذه الآراء الثلاثة تحت وسادة الملك. وعندما استيقظ طلب من الرجال الثلاثة أن يدافعوا عن آرائهم. ووصل الجميع إلى أن: الحق هو أقوى شئ على الإطلاق. ولما كان زربابل هو صاحب هذا الرأي فقد منحه الملك تصريحاً بإعادة بناء الهيكل في أورشليم كمكافأة له.
إسدراس الثانى (حوالي 100م) وهو سفر رؤوي يحوي سبع رؤى. وقد تضايق مارتن لوثر من تشوش هذه الرؤي حتى قيل إنه ألقي بالسفر في نهر الألب.
طوبيا (بداية القرن الثاني ق.م.) وهو عبارة عن رواية قصيرة. وبنبرة فريسية متشددة، يؤكد على حفظ الناموس والأطعمة الطاهرة والغسلات الطقسية والصدقة والصوم والصلاة. أما تعليمه بأن الصدقة تكفر عن الخطية فهذا يتنافى مع تعاليم الكتاب المقدس.
يهوديت (حوالي منتصف القرن الثاني ق.م.) وهو عبارة عن قصة فريسية خيالية. وبطلة هذه القصة يهوديت الأرملة اليهودية الجميلة. وعندما حاصر الأعداء مدينتها أخذت جاريتها وبعض الأطعمة اليهودية الطاهرة وخرجت متجهة إلى خيمة قائد جيش الأعداء. فأعجب بجمالها وأدخلها إلى خيمته. ولحسن الحظ فقد أكثر من الشراب فسكر ووقع عليه سبات. فأخذت يهوديت سيفه وقطعت رأسه. ثم تركت هي وجاريتها معسكر العدو حاملة في حقيبة مؤنها رأس هذا القائد. وعُلقت الرأس على سور إحدى المدن القريبة فانهزم الجيش الأشوري.
تتمة أستير (حوالي 100 ق.م.) ينفرد سفر أستير دون أسفار العهد القديم كلها بأنه لا يورد اسم الله. فهو يحكي لنا أن أستير ومردخاي صاما ولكنه لا يذكر أنهما صليا. ولتعويض هذا النقص، تنسب هذه التتمة صلوات طويلة لهما، كما تورد رسالتان تنسبهما للملك أحشويروش.
حكمة سليمان (حوالي 40م) وكتب ليحفظ اليهود من السقوط في الشك والمادية والعبادة الوثنية. وهو يشخص الحكمة كما في سفر الأمثال. وفي السفر الكثير من الأخلاقيات النبيلة.
يشوع بن سيراخ (حوالي 180 ق.م.) ويبلغ هذا السفر مرتبة عالية من الحكمة الدينية شبيهة بعض الشئ بسفر الأمثال. وبه الكثير من النصائح العملية. فمثلاً في موضوع حديث ما بعد العشاء يقول (32: 8): تحدث بالاختصار وقال ما قلَّ ودلَّ. تصرف كإنسان يعرف أكثر مما يقول. ويقول أيضاً (33: 4): أعدد ما ستقوله، فيصغي إليك الناس. ويقتبس چون ويسلي مرات عديدة من هذا السفر. ولا يزال يستعمل على نطاق واسع في الأوساط الأنجيلكانية.
باروخ (حوالي 100م) ويقدم كاتب السفر ذاته على أنه باروخ كاتب النبي إرميا في عام 582 ق.م. ولعله يحاول تفسير خراب أورشليم عام 70م. والسفر يحث اليهود على عدم الثورة مرة أخرى وعلى الخضوع للإمبراطور. ورغم ذلك فقد قامت ثورة باركوكبا ضد الحكم الروماني بعد فترة وجيزة عام 132-135م. ويحوي الأصحاح السادس من سفر باروخ ما يسمى رسالة إرميا التي تحذر بشدة من العبادة الوثنية - ويرجح أنه موجه إلى يهود الإسكندرية في مصر.
إن سفر دانيال الذي نعرفه يحوي اثنا عشر أصحاحاً. وفي القرن الأول قبل الميلاد أضيف إليه أصحاح آخر يحكي قصة سوسنة. وكانت زوجة جميلة لأحد القادة اليهود في بابل، وكان يتردد على منزل هذا القائد شيوخ اليهود وقضاتهم. وقد شغف بها اثنان من هؤلاء الشيوخ وحاولوا الإيقاع بها. وعندما صرخت قال الشيخان إنهما وجداها في أحضان أحد الشبان. فأحضروها للمحاكمة، ولما كان هناك شاهدان قد اتفقا ضدها فقد أدينت وحكم عليها بالموت.
وهنا تدخل شاب اسمه دانيال وقاطع المحاكمة وبدأ يستجوب الشاهدين. فسأل كل منهما على حدة تحت أي شجرة في الحديقة وجد سوسنة مع الشاب. ولما لم تتفق شهادتهما فقد حكم عليهما بالموت ونجت سوسنة.
أما قصة بيل والتنين فقد أضيفت إلى السفر إبان الوقت نفسه وعرفت باسم الأصحاح الرابع عشر من سفر دانيال. والغرض الأساسي منها إظهار مدى حمق العبادة الوثنية وهي تحتوي على قصتين.
في القصة الأولى سأل الملك كورش دانيال لماذا لا يعبد بيل الإله الذي تظهر عظمته في التهامه يومياً لكباش كثيرة مع دقيق وزيت كثير. وفي المساء نثر دانيال رماداً على أرض الهيكل حيث كان يوضع الطعام. وفي صباح اليوم التالي اصطحب الملك دانيال ليريه كيف أكل بيل كل الطعام أثناء الليل. ولكن دانيال لفت أنظار الملك إلى آثار أقدام الكهنة وعائلاتهم الذين دخلوا سراً من تحت المائدة. وعندئذ قتل الكهنة وهدم الهيكل.
أما قصة التنين فواضح أنها قصة أسطورية أيضاً. وهاتان القصتان وقصص طوبيا ويهوديت وسوسنة يمكن تصنيفها كقصص يهودية خيالية ذات قيمة دينية ضئيلة أو بلا قيمة بالمرة.
نشيد الثلاثة فتية العبرانيين: وهو يلي دانيال 3: 23 في الترجمة السبعينية وفي الفولجاتا. وهو يأخذ كثيراً عن المزمور 148، وهو نشيد غنائي به عبارة تكرارية مثل مزمور 136 حيث يتكرر به القرار التالي اثنين وثلاثين مرة: سبحوه وزيدوه علواً إلى الأبد.
صلاة منسي: وقد كتبت في زمن المكابيين (القرن الثاني ق.م.) ونسبت إلى منسى الملك الشرير لمملكة يهوذا. ومن الواضح أنها مستوحاة من العبارة المذكورة في أخبار الأيام الثاني 33: 19، وصلاته والاستجابة له ... ها هي مكتوبة في أخبار الرائين. ولما لم تكن هذه الصلاة مذكورة في الكتاب المقدس، فقد ألَّفها أحد الكتبة لتعويض النقص!
المكابيين الأول (القرن الأول ق.م) ولعلَّ هذا السفر هو أكثر أسفار الأبوكريفا قيمة. وهو يصف مآثر المكابيين الثلاثة الإخوة: يهوذا ويوناثان وسمعان. ويعد هذا السفر مع كتابات يوسيفوس من أهم مصادرنا التاريخية لهذه الفترة الحاسمة والهامة من التاريخ اليهودي.
المكابيين الثانى (كتب في نفس الفترة) وهذا السفر ليس تكملة لسفر المكابيين الأول ولكنه موازياً له، يروي فقط انتصارات يهوذا المكابي. وبه أساطير أكثر من المكابيين الأول.(Earle, HWGOB, 37-41)
3(د) الشهادة التاريخية لاستبعاد أسفار الأبوكريفا
يقدم لنا جايسلر ونيكس عشر شهادات تاريخية لعدم الاعتراف بأسفار الأبوكريفا:
1- اقتبس الفيلسوف اليهودي الإسكندري فيلو (20ق.م.-40م) من العهد القديم بشكل واسع كما أشار إلى التصنيف الثلاثي، ولكنه لم يقتبس قط من أسفار الأبوكريفا كأسفار موحى بها.
2- يستبعد المؤرخ اليهودي يوسيفوس (30-100م) أسفار الأبوكريفا ويحسب أسفار العهد القديم اثنين وعشرين سفراً. كما أنه لا يقتبس منها باعتبارها أسفار قانونية.
3- لم يقتبس المسيح ولا الرسل كتَّاب العهد الجديد ولو مرة واحدة من أسفار الأبوكريفا، رغم أن هناك مئات الاقتباسات والإشارات لمعظم الأسفار القانونية للعهد القديم.
4- لم يعترف علماء اليهود في مجمع جامنيا (90م) بأسفار الأبوكريفا.
5- لم يعترف أي مجمع للكنيسة المسيحية بأسفار الأبوكريفا كأسفار موحى بها ولم تذكره أي قائمة للأسفار القانونية على مدى القرون الأربعة الأولى.
6- كتب الكثيرون من آباء الكنيسة الأولين ضد أسفار الأبوكريفا مثل أوريجانوس وكيرلس الأورشليمي وأثناسيوس.
7- رفض جيروم (340-420م) العالم الكبير ومترجم الفولجاتا اللاتينية، أسفار الأبوكريفا كأسفار قانونية. وقال إن الكنيسة تقرأها كمثال للسلوك في الحياة وتهذيب الأخلاق ولكن لا تستمد منها أي عقيدة. ولقد دارت بينه وبين أغسطينوس مساجلات حولها عبر البحر المتوسط. وفي بداية الأمر رفض جيروم أن يترجم أسفار الأبوكريفا إلى اللاتينية، ولكنه ترجم بعد ذلك القليل منها على عجل. وبعد موته ورغماً عنه أدخلت أسفار الأبوكريفا إلى فولجاتته اللاتينية من النسخة اللاتينية القديمة مباشرة.
8- رفض الكثيرون من علماء الكنيسة الكاثوليكية في عصر الإصلاح أسفار الأبوكريفا.
9- رفض لوثر وغيره من المصلحين الدينيين قانونية أسفار الأبوكريفا.
10- لم تأخذ أسفار الأبوكريفا صفتها القانونية الكاملة حتى عام 1546م عندما انعقد مجمع ترنت (1545-1563م) وهو مجمع عقدته الكنيسة الكاثوليكية كرد فعل لحركة الإصلاح الدينى. (Geisler/Nix, GIB, 272-273)
خاتمة
بعد استعراض البراهين المختلفة، توصَّل كل من دافيد دوكري وكينيث ماثيوس وروبرت سلون في كتابهم الحديث أسس التفسير الكتابي ، فيما يتعلق بالأسفار القانونية للكتاب المقدس: لا ينبغي لأي مسيحي يثق في عناية الله ويعرف حقيقة قانونية كلمته أن يقلق بشأن موثوقية الكتاب المقدس الذي بين أيدينا الآن. (Dockery, FBI, 77, 78)
|