القــــرآن
القرآن
و ترتيبه
ورد
برواية عبد الله بن عباس أن ما نزل من
القرآن بمكة هو " ثلاث وثمانون سورة ([1])"
وأشار إلى أن أول ما نزل منه كان سورة "
اقرأ باسم ربك ([2])"
، وهناك من أشار ، في أولوية النزول ، إلى
سورة " يا أيها المدثر ([3])
" وآخر سورة نزلت بمكة كانت سورة
العنكبوت([4])
، وفي رواية أخرى كانت سورة " المطففين ([5])
" وأول ما نزل بالمدينة ( يثرب ) سورة "
المطففين ([6])"
، وفي رواية أخرى كانت سورة " البقرة "()
وآخر سورة نزلت بالمدينة كانت سورة "
التوبة " التي تسمى أيضاً بسورة "
براءة " وهي آخر القرآن ([7])
، وهي الوحيدة التي كانت وما زالت خالية من
البسملة . وقد ورد أن على بن أبي طالب علل
شذوذها عن سور القرآن الأخرى بقوله :"
لأنها أمان ( بسم الله الرحمن الرحيم )
وبراءة نزلت بالسيف ([8])
".
أما
بشأن سورة " الفاتحة " ، فقال الشيخ أبو
سهل الأنماري :" هذه الروايات كما ترى قد
اتفقت على أن جميع سور القرآن مائة وثلاث
عشرة سورة ، ولم يذكر شئ منها فاتحة الكتاب
في العدد ، ولا في أنها مكية أو مدنية ، ولا
متى نزلت([9])
". إلا أنه يستدرك مصححاً :" وقع عندي
حديث هو أوجب من هذه الأحاديث كلها ، وأقرب
إلى المعنى المحتمل ، أن أول ما نزل من
القرآن فاتحة الكتاب ، ثم اقرأ باسم ربك ([10])
" . وورد في المصدر المذكور اختلاف
الروايات حول ترتيب نزول السور القرآنية ،
مثلاً : ورد ترتيب سورة " المزمل "
الثالثة ، وفي رواية أخرى وردت الرابعة بعد
سورة " اقرأ " و " ن والقلم " و "
الضحى " . وأن تكون سورة " الضحى "
العاشرة بعد أن كانت الثالثة كما هو مبين
أعلاه . ووردت سورة " العنكبوت " آخر
السور المكيات ، وفي رواية أخرى حلت محلها
" المطففين " التي أصبحت مكية بعد أن
كانت مدنية !
ومن
كل ما سبق يمكننا أن نخلص إنه لا يوجد أي
ضوابط نبوية ، أي كان ترتيبها اجتهادي لا
توقيفي ، وسبب ذلك " الرسول لم يلزمهم
باتباع ترتيب مخصوص في السور ، ولم يجمعهم
على قراءة واحدة ، سور القرآن كل منها كتاب
مستقل قائم بذاته ، كما قال تعالى :" رسول
من الله يتلو صحفاً مطهرة فيها قيمة "(
البينة : 2 ) فليس ثم فائدة في التزام ترتيب
مخصوص ، ولفظ ( سورة ) مأخوذ من سورة المدينة
سميت به القطعة المخصوصة من القرآن ، لأنها
طائفة مستقلة بذاتها . فكأنه صلى الله عليه
وسلم ترك للمسلمين ( 114) كتاباً ، كل محفوظ
مكتوب مرتبة آياته وجمعها بالطريقة
الحاضرة لم يكن معروفاً في عهده . وإنما حدث
بعده بقليل ([11])".
وأما
في معرفة المكي والمدني منه ، قال السيوطي
:" إن للناس اصطلاحات ثلاثة ([12])
: الأول ؛ المكي وهو ما نزل قبل الهجرة ،
والمدني مانزل بعدها ، سواء نزل بمكة أم
المدينة عام الفتح ، أو عام حجة الوداع ، أم
بسفر من الأسفار . والثاني ؛ المكي ما نزل
بمكة ولو بعد الهجرة ، والمدني ما نزل
بالمدينة ، وما نزل بالأسفار لا يصنف مكياً
ولا مدنياً ، ودليل أصحاب هذا الرأي الحديث
النبوي التالي :" أنزل القرآن في ثلاثة
أمكنة : مكة والمدينة والشام([13])
" ، وعلى حد قول أحدهم يعني بالشام بيت
المقدس . الثالث ؛ المكي ما وقع خطاباً لأهل
مكة ، والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة .
وقال عبد الله بن عباس في تداخل آيات السور
بين المكية والمدنية :" أول ما نزل بمكة
وما أنزل منه بالمدينة الأول فالأول . وكانت
إذا نزلت سورة فاتحة الكتاب بمكة كتبت بمكة
، ثم يزيد الله فيها ما يشاء بالمدينة ،
فكان أول ما نزل بالقرآن ( هكذا وردت ([14])
) ، والسور المكية في المصحف الذي بين أيدي
الناس ( العثماني ) ست وثمانون سورة ، والسور
المدنية ثمان وعشرون سورة. وعلى كثرة
المؤلفات لا نجد اتفاق على رأي واحد ، حتى
أولئك الذين حاولوا تحديد سمات الآيات
المكية من المدنية ([15])
إلا أن هذا لم يساعد أيضاً في تحديد أيهم
مكي وأيهم مدني .. ولا تعليق!
[1]
-
أرثر جفري ، مقدمتان في علوم القرآن ، ص 9
[2]
-
المرجع السابق ، ص 16
[3]
-
المرجع السابق ، ص 9
[4]
-
المرجع السابق ، ص 12
[5]
-
المرجع السابق ، ص 10
[6]
-
المرجع السابق ، ص 12
[7]
-
المرجع السابق ، ص 10
[8]
-
الاتقان في علوم القرآن ، 1 ، ص 142.
[9]
-
مقدمتان في علوم القرآن ، مرجع سابق ، ص 12
[10]
-
المرجع السابق ، ص 14
[11]
-
الاتقان في علوم القرآن ، 1 ، ص 126.
[12]
-
الاتقان في علوم القرآن ، 1 ، ص 16.
[13]
-
المرجع السابق ، ص 16 و كنز العمال ، 3066/2
[14]
-
مقدمتان في علوم القرآن ، ص 10 - 11
[15]
-
راجع في ذلك : محمد عزة دروزة ، القرآن
المجيد ، ص 124، بيروت