الفاروق


عقد السيوطي في الاتقان (1: 35) فصلا: " فيما نزل من القرآن على لسان بعض الصحابه". قال: " والاصل فيه موافقات عمر. وقد أفردها بالتصنيف جماعة.

1- "
أخرج الترمذي عن ابن عباس ان رسول الله ص. قال: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. قال ابن عمرو: وما نزل بالناس أمر قط، فقالوا وقال، الاٌ نزل القرآن على نحو ما قال عمر! وأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال: كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن

2-
وأخرج سنيد في تفسيره عن سعيد بن جبر، أن سعيد بن معادذة قال: لما سمع ما قيل في أمر عائشة قال (سبحانك هذا بهتان عظيم) فنزلت كذلك.


3- "
وأخرج ابن أخي ميمي في (فوائده) عن سعيد بن المسيب قال: كان رجلان من اصحاب النبي ص. اذا سمعا شيئا من ذلك قالا (سبحانك هذا بهتان عظيم) – وهما زيد بن حارثه وأبو أيوب – فنزلت كذلك.

4- "
وأخرج بن ابي حاتم عن عكرمة قال: لما أبطأ على النساء الخبر في (أُحد) خرجن يستخبرن، فإذا رجلان مقبلان عل بعير فقالت امرأة: ما فعل رسول الله ص؟ قال: حي! قالت: فلا أبالي (يتخذ الله من عباده الشهداء) فنزل القرآن على ما قالت (ويتخذ منكم شهداء).

5- "
وقال ابن سعد في (الطبقات): أخبرنا الواقدي: حدثني ابراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري عن ابيه قال: حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فقطعت يده اليمنى، فأخذ اللواء بيده اليسرى، وهو يقول: ( وما محمد الاٌ رسول قد خلت من قبله الرسل، أفأن مات، أو قُتل انقلبتم على اعقابكم) ثم قُطعت يده اليسرى فحنى اللواء وضمه بعضديه الى صدره، وهو يقول (ما محمد الا رسول...) ثم قتل، ثم سقط اللواء. قال محمد بن شرحبيل: وما نزلت هذه الآية يومئذٍ حتى نزلت بعد ذلك".

في هذا الفصل الوجيز واقع مضاهاة الصحابه للقرآن، وأمثلة من ذلك على لسان بعضهم، خصوصا على لسان عمر الذي ينقلون عنه خمس آيات، والذي كان يرى الرأي فينزل به القرآن. وهذا شاهد من القرآن والحديث على ان الإنس ايضا يأتون بمثل القرآن، والقرآن يتمثل بهم، على حد قول عمر " وافقت ربي! أو وافقني ربي"!!!!!

6- "
ويضيف السيوطي: " يقرب من هذا ما ورد في القرآن على لسان غير الله كالنبي ص. وجبريل والملائكه، غير مصرّح بإضافته اليهم، ولا محكي بالقول، كقوله (قد جائكم بصائر من ربكم...) فإن هذا وارد على لسانه ص. لقوله في آخرها ( وما أنا عليكم بحفيظ). وقوله (أفغير الله ابتغي حكما) فإنه وارد أيضا على لسانه.

"
وقوله (وما تتنزّل إلا بأمر ربك) وارد على لسان جبريل. وقوله ( وما منا الا له مقام معلوم. وإنا لنحن الصافون، وإنا لنحن المسبحون!) وارد على لسان الملائكه.

"
وكذا (إياك نعبد، وإياك نستعين) وارد على ألســـنة العباد.

"
إلا انه يمكن هنا تقدير القول اي (قولوا)؛ وكذا الايتان الاوليان يصح ان يقدر فيهما (قل) بخلاف الثالثة والرابعة".

وهذا كثير في القرآن. ومنه يظهر ان محمدا، وصحابته "والعباد" قد ضاهوا القرآن في أقوالهم التي نقلها القرآن عنهم. فليس هو بمعجز للثقيلين، الجن والانس.

تلك الامثلة على مضاهاة الانس والجن للقرآن تجعل قول بعض المشركين في ردّه على تحدي القرآن العابر " أن يأتوا بمثله " أو " بحديث مثله " سائغا، حيث قال: " سأنزل مثل ما أنزل الله " (الانفال) فقد نزل القرآن مرارا على ما قال عمر باللفظ والمعنى.

ولهذا فإيحاء الارواح، وإيحاء البشر واقع في القرآن. وهذا الواقع دليل على انه ليس بمعجز على الاطلاق للعالمين. فيصح قولهم (المعتزلــــــــة): " إن الله لم يجعل القرآن دليل النبوة "!!!

الصفحة الرئيسية