الفاروق
•
ولولا رسالة عمر ... لما كان النيل ... ولا مصر ولا هم يحزنون !!
» معجم البلدان
/ ج: 5 ص: 334 :
وقد روي عن عمرو بن
العاص أنه قال : إن نيل مصر سيد الأنهار سخر الله له كل نهر بين المشرق والمغرب أن
يمد له وذللـه فإذا أراد الله تعالى أن يجري نيل مصر أمر الله تعالى كل نهر أن يمده
بمائة وفجر الله تعالى له الأرض عيوناً وانتهى جريه إلى ما أراد الله تعالى ، فإذا
بلغ النيل نهايته أمر الله تعالى كل ماء أن يرجع إلى عنصره ولذلك جميع مياه الأرض تقل
أيام زيادته ، وذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبدالحكم قال : لما فتح المسلمون مصر
جاء أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من شهور القبط فقالوا : أيها الأمير إن
لبلدنا هذا سنة لا يجري النيل إلا بها وذلك أنه إذا كان لاثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا
الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب
أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل ، فقال لهم عمرو : إن هذا لا يكون في الإسلام
وإن الإسلام يهدم ما قبله ، فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى لا يجري النيل قليلاً ولا كثيراً
حتى هموا بالجلاء ، فلما رأى عمرو ذلك كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليه عمر :
قد أصبت ، إن الإسلام يهدم ما قبله ، وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها في داخل النيل إذا
أتاك كتابي هذا ، وإذا في كتابه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله عمر بن الخطاب
أمير المؤمنين إلى نيل مصر ، أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلاتجر ، وإن كان الواحد
القهار يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك ، قال : فألقى عمرو بن العاص البطاقة
في النيل وذلك قبل عيد الصليب بيوم وكان أهل مصر قد تأهبوا للخروج منها والجلاء لأنهم
لا تقوم مصلحتهم إلا بالنيل ، فأصبحوا يوم الصليب وقدجرى النيل بقدرة الله تعالى وزاد
ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة وانقطعت تلك السنة السيئة عن أهل مصر!