التالي

الجزء الرابع

الإعجاز في التاريخ

القصص القرآني

"نحن نقصّ عليك أحسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن"

(يوسف 3)

"فاقصص القصص ، لعلّهم يتفكّرون" (الأعراف 176)

"لقد كان في قصصهم (الرسل) عبرة لأُولي الألباب .

ما كان حديثا يُفترى ، ولكن تصديق الذي بين يديه ، وتفصيل كل شئ"

(يوسف 111)

توطئة

خطورة موضوع التاريخ في الإعجاز القرآني

إن القصص هواية عربية فطرية .

"كان للعرب قصص . وهو باب كبير من أبواب أدبهم . وفيه دلالة كبيرة على عقليتهم . وهذا القصص في الجاهلية أنواع ... وهناك نوع من قصص العرب أخذوه من أمم أخرى وصاغوه في قالب يتّفق وذوقهم"(1) .

ــــــــــــــــــــــــ

(1) أحمد أمين : فجر الاسلام – طبعة سادسة ص 66 – 68

فلم يخلق القرآن فنّ القصص ، لكنه جعله ناحية من نواحي الدعوة فيه . ومتى عرفنا أن القصص القرآني يشمل نحو ثلثي القرآن ، أدركنا خطورة موضوعه في الإعجاز القرآني . وإذا أضفنا الى القصص الأمثال ، وهي نوع آخر منه ، وأخبار اليوم الأول في الخلق ، وأخبار اليوم الآخر في السعة ويوم الدين ووصف الجنة والنار ، كان موضوع التاريخ القرآن كله تقريبا .

والقرآن نفسه يقرّ بذلك : "نحن نقصّ عليك أحسن القصص ، بما أوحينا اليك هذا القرآن" (يوسف 3) . والشعب لا يرى في القرآن سوى قصص : "واذا قيل لهم : ماذا أنزل ربكم ؟ – قالوا : أساطير الأولين" (النحل 24) . وظلوا على هذا الموقف العنيد منذ السورة الأولى (القلم 15) ، حتى حكم السيف فيهم في بدر ، أول نصر (الأنفال 31) . ويرى القرآن في نفسه "أحسن القصص" (يوسف 3) ؛ وكانوا هم يرون فيه "أساطير الأولين" : "ما هذا إلاَ أساطير الأولين" (الاحقاف 17) في موضوعه وأسلوبه ، "حتى إذا جاؤوك يجادلونك ، يقول الذين كفروا : إنْ هذا إلاّ أساطير الأولين" (الأنعام 25)

لذلك ، إذا كان في إعجاز القرآن معجزة له ، يجب أن تكون أولا في قصصه . فهل في القصص القرآني اعجاز ومعجزة ؟

التالي