بحث ثالث "في التذكير والتأنيث" (الإتقان1: 190)ويقول السيوطي : " التأنيث ضربان حقيقي وغير ه . فالحقيقي لا تحذف تاء التأنيث من فعله غالباً إلا إن وقع فصل، وكلما كثر الفصل حسن الحذف؛ والاثبات مع الحقيقي أولى ،ما لم يكن جمعاً. أما غير الحقيقي، فالحذف فيه مع الفصل أحسن ". لكن هل يكون الفصل المذكور بضمير فقط، كقوله : " فمن جاء ه موعظة من ربه ". " قد كان لكم آية ". وجاء الاثبات في قوله : " فأخذتهم الصيحة " (الحجر 73و 83؛ المؤمنون41) . وقد جمع الاثبات والحذف مع الفصل كقوله في سورة (هود) : " وأخذ الذين ظلموا الصيح ة " (67)، " وأخذت الذين ظلموا الصيح ة " (94) . وقد يقع التذكير والتأنيث معاً في الضمير والاشاره متى وقعا بين مبتدإ وخبر أحدهما مذكر والآخر مؤنث، كقوله : " قال : هذا رحمة من ربي " فذكر والخبر مؤنث؛ وكقوله : " فذانك (اليد والعصا) برهانان من ربك " فذكر المبتدأ والمشار اليه اليد والعصا وهما مؤنثان لتذكير الخبر وهو (برهانان). فليس من اضطراد في التذكير والتأنيث. وتجاه الواقع القرآني في " غرائبه" قالوا : كل اسماء الاجناس يجوز فيها التذكير حملاً على الجنس، والتأنيث حملاً على الجماعة. لكن ما الحكم ة في قوله : " أعجاز نخل خاوية " و" أعجاز نخل منقعر "، حيث تعود الصفة في الأول الى المضاف، وفي الثاني الى المضاف اليه ؟ وما الداعي الى التمييز في قوله : " السماء منفطر به"، وفي قوله : "إذا السماء انفطرت"؟ وما وجه الحق اللغوي في قوله : " منهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة "، وفي قوله : " فريقاً هدى وفريقا حق عليهم الضلالة "؟. قد يجدون لتلك الغرائب مبررات تتسع لها اللغة العربية، بعد أن ضاق بها القرآن فاتسعت له. لكن المبرر الوحيد، في نظرنا، هو تمييزهم، عند الجمع، بين التعابير الواحدة في آي القرآن لتسهيل معرفتها، وإن أتت " بالغرائب ". فصارت "غرائب" القرآن قواعد في البيان. |