التالي

بحث عاشر

" في عامه وخاصه " (الإتقان2 : 16)

يقول السيوطي : " العام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر :

" والعام على ثلاثة أقسام : الأول الباقي على عمومه. قال البلقيني : ومثاله عزيز، اذ ما من عام إلا ويتخيل فيه التخصيص" – والمقصود الاحكام الشرعية.

"الثاني العام المراد به الخصوص .

" الثالث العام المخصوص

أولاً : ومن أمثلة العام المراد به الخصوص

"الذين قال لهم الناس : ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم " – والقائل واحد، والجماعة المجموعة واحدة. " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " – والمقصود رسول الله وحده. " ثم أف ي ضوا من حيث أفاض الناس " – والمقصود قريش، من حيث

أفاض ابراهيم." فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب " اي جبريل كما في قراءة ابن مسعود.

وهذا العام المراد به الخصوص ا س لوب بياني قرآني يفسر كثيراً من التع ا بير المتشابهة في القرآن كقوله : ان القرآن " ذكر للعالمين " اي المخاطبين العرب. فلا يدل بحرفه على عالمية الدعوة .

" وأما العام المخصوص فأمثلته في القرآن كثيرة جداً. وهي أكثر من المنسوخ. اذ ما من عام الا وقد خ ُ ص ّ .

" ثم المخصص له، إما متصل وإما منفصل .

" فالمتصل خمسة وقعت في القرآن : الاستثناء، الوصف، الشرط، الغ ا ية، بدل البعض من الكل.

" والمنفصل آية اخرى في محل آخر- أو حديث – أو اجماع – أو قياس".

ويعطي امثلة على 1) ما خص بالقرآن 2) وعلى ما خص بالحديث والسنة 3 ) وعلى ما خص با لإ جماع 4 ) وعلى ما خص بالقياس (الاتقان2 : 17) .

ونحن نقول : إن البيان الذي يحتاج الى تخصيص وتبيين بالسنة أو الاجماع أو القياس، أيكون من الاعجاز في البيان والتبيين؟

ثانيا : ومن غرائب القرآن، ما كان مخصصاً لعموم السنة

وهو عزيز. ومن أمثلته، قوله تعالى : " حتى يعطوا الجزية" خص عموم قوله "ص" : أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله. وقوله : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" خص عموم نهيه "ص" عن الصلاة في الأوقات المكروهة، بإخراج الفرائض. وقوله : " ومن أصوافها وأوبارها " خص عموم قوله"ص" : ما أبين من حي فهو ميت. وقوله : "والع ا م ل ين عليها "؛ " والمؤلفة قلوبهم" خص عموم قولة"ص" : لاتحل الصدقة لغني ولا لذي م ِ ر َّ ة سوى. وقوله : " فقاتلوا التي تبغي " خص عموم قوله "ص" : اذا التقى المسلمان بسيفهما ، فالقاتل والمقتول في النار ".

ونحن نقول : ان البيان الذي يتعارض ما بين القرآن والسنة، حتى يبينه تخصيص القرآن أو تخصيص السنة، هل هو من محكم البيان؟

ثالثاً: فروع منثورة تتعلق بالعموم والخصوص

" الأول : اذا سبق العام للمدح أو الذم فهل هو باق على عمومه ؟ - فيه مذاهب...

" ال ثاني : اختلف في الخطاب الخاص به "ص" نحو (يا أيها النبي)؛ (يا أيها الرسول ) هل يشمل الأمة؟ - فقيل نعم لأن أمر القدرة أمر لأتباعه معه عر ْ فاً . والأصح في الأصول المنع لاختصاص الصيغة به.

" الثالث : اختلف في الخطاب " بيا أيها الناس " هل يشمل الرسول "ص" ؟ - على مذاهب .

" الرابع : الأصح في الأصول ان الخطاب " بيا أيها الناس " يشمل الكافر والعبد لعموم اللفظ. وقيل : لا يعم الكافر بناءً على عدم تكليفه بالفروع ؛ ولا العبد، لصرف منافعه الى سيده شرعاً.

"الخامس : اختلف في (م َ ن) هل ي تناول الانثى؟ - فالأصح نعم... واختلف في جمع المذكر السالم : هل يتناولها ؟- فالأصح لا، وإنما يدخلن بقرينة. أما المكس ّ ر، فلا خلاف في دخولهن فيه.

"السادس : اختلف في الخطاب " بيا أهل الكتاب " هل يشمل المؤمنين؟ - فالأصح لا، لأن اللفظ قاصر على من ذكر... واختلف في الخطاب " بيا أيها الذين آمنوا " هل يشمل أهل الكتاب؟ - فقيل : لا، بناءً على أنهم غير مخاطبين بالفر و ع؛ وقيل : نعم لأنه خطاب تشريف، لا تخصيص".

ونحن نقول؛ تلك الابواب الستة التي يختلفون فيها ما بين العموم والخصوص في بيان القرآن، هل تدل على اعجاز في البيان والتبيين؟

وهكذا ففي عام ّ القرآن وخاصه قد يكون محكم؛ لكن أكثره متشابه لا يقوم بيانه على نفسه، بل على غيره؛ وما كان هكذا فهل هو من الاعجاز في البيان؟

التالي