التالي

بحث سادس

التكرار شبهة سادسة على البلاغة القرآنية

من التكرار فى الكلام ما هو من حسن البيان؛ ولكن من التكرار أيضاً ما هو لا بلاغة ولا إعجاز.

أوّلاً: اللازمة المردّدة فى بعض السور "حكمة بالغة"

يبلغ النظم فى بعض السور ذروة الروعة فى ترديد لازمة واحدة بعد كل مقطع ومشهد؛ كتكرار "فبأى آلاء ربكما تكذبان" احدى وثلاثين مرة فى سورة (الرحمان)؛ وتكرار "ويل يومئذٍ للمكذبين" عشر مرّات فى سورة (المراسلات)؛ وتكرار "فكيف كان

عذابي ونذر " أربع مرات في سورة (القمر)؛ وتكرار " ولقد يسرنا القرآن للذكر " أربع مرات أيضاً (القمر 17 و 22 و 32 و 40). وتكرار : " إن في ذلك لآية، وما كان أكثرهم مؤمنين، وان ربك ل ه و العزيز الرحيم " ، ثماني مرات في سورة الشعراء.

قد يظن من يجهل اساليب النظم والبيان في العربية انها من التكرار المتشابه المشبوه في القرآن. وما هي سوى ترديد رائع للازمة ترجع كالقرار في النظم الموسيقي. وفي هذه الامثال يصح القول : ان من التكرار للتقرير، والكلام إذا تكرر تقرّر، نظما ومعنى. وليس كلامنا في مثل هذا التكرار الجميل في النظم والبيان.

ثانياً : " في الآيات المتشابهات " (الاتقان 2: 114 – 116)

يقول : " والقصيد منه ايراد للقصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة؛ بل يأتي في موضع واحد مقدًّماً، وفي آخر م ؤ خراً، كقوله في (البقرة) : " وادخلوا الباب مسجداً، وقولوا : حِطّة )، وفي (الاعراف): " قولوا : حطة، وادخلوا الباب سجداً " . و ك قو له في (البقرة):

" ما أهل به لغير اللّه " ، وسائر القرآن : " ما أُهلّ لغير اللّه به " .

" أو في موضع بزيادة، وفي آخر بدونها نحو: " س و اءٌ عليهم أأنذرتهم " ؛ وفي(يونس)وفي البقرة): " ويكون الدين للّه )، وفي (الانفال): " كله للّه).

" أو في موضع معرّفاً، وفي آخر منكراً؛ أو مفرداً، وفي آخر جمعاً؛ أو بحرف، وفي آخر بحرف آخر؛ أو مدغماً، وفي آخر مفكوكاً).

تلك ستة أنواع من المفارقات في الآيات المتشابهات التي ترد بمعنى واحد وحرف شبه واحد في مواضع مختلفة من القرآن.

ثم يعطي السيوطي على ذلك هذه الأمثلة الأخرى :

1) " هدى للمتقين " (البقرة)؛ " هدى ورحمة للمحسنين " (لقمان)

2) " وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة، وكلا " (البقرة )؛ " …… فكلا " (الاعراف ).

_____________________________

(1) يظنون ان المتقين والمحسنين مترادف في لغة القرآن؛ وفاتهم ان التعبيرين كناية عن طائفتين في اصطلاح القرآن : فالمتقون كناية عن العرب الذين آمنوا؛ والمحسنون كناية عن أهل الكتاب الذين آمنوا

_____________________

3) " واتقوا يوما لا تجزي نفس عن شيئاً، ولا يقبل منها شفاعة، ولا يؤخذ منها عدل، وهم لا يُنصرون " (البقرة 48 )؛ – وهي في حق بني اسرائيل (47). " واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً، ولا يقبل منها عدل ، ولا تنفعها شفاعة، ولا هم ي ُن صرون " (البقرة 123) – وهي أيضاً في حق بني اسرائيل (122).

4 ) " واذا نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب، يذبحون أبناءَكم، ويستحيون نساءكم، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم " (البقرة 49) – على لسان اللّه تعالى. " إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب، ويذّبحون أبناءَكم، ويستحيون نساءَكم، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم " (ابراهيم 6) – على لسان موسى. " واذ أنجيناكم من آل فرعون، يسومونكم سوء العذاب، يقتّلون أبناءكم، ويستحيون نساءَكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم " (الاعراف 141) – على لسان اللّه تعالى.

5 ) " واذ قلنا : ادخلوا هذه القرية، فكلوا منها حيث شئتم رغداً ، وادخلوا الباب سجداً، وقولوا : حِطّة؛ نغفر لكم خطاياكم، وسنزيد المحسنين " (البقرة 58) – عل لسان اللّه تعالى بلغة الخطاب. " وإذ قيل لهم : اسكنوا هذه القرية، وكلوا منها حيث شئتم، وقولوا : حِطّة، وادخلوا الباب سجداً، نغفر لكم خطيئاتكم، سنزيد المحسنين " (الاعراف 161) – على لسان اللّه تعالى بلغة الغيبة.

6 ) " واذ استسقى موسى لقومه، فقلنا : اضرب بعصاك الحجر! فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، قد علم كل أناس مشربهم " (البقرة 60). " وأوحينا الى موسى، أذ استسقاه قومه : أن ِ اضرب بعصاك الحجر، فانبجست منه اثنتا عشرة عينا، قد علم كل أناس مشربهم " (الاعراف 160).

7 ) " وقالوا : لن نمسنا النار إلاّ أياما ً معدودة " (البقرة 80). " ذلك بأنهم قالوا : لن تمسنا النار إلاّ أياماً معدودات " (آل عمران 24).

8 ) " قل : إن هدى اللّه هو الهدى " (البقرة 120؛ الأنعام 71). " قل : ان الهدى هدى اللّه " (آل عمران 73).

9 ) " واذ قال ابراهيم : ربّ اجعل هذا بلداً آمناً " (البقرة 126) – الدعاء للبلد. " واذ قال ابراهيم : رب اجعل هذا البلد آمناً " (ابراهيم 35) – الدعاء للأمن ف ي ه.

10 ) " قولوا : آمنا باللّه وما أُنزل الينا وما أنزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط؛ وما أوتي موسى وعيسى؛ وما أوتي النبيون من ربهم ، لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون " (البقرة 136). " قلْ : آمنا باللّه وما أُنزِل علينا ، وما أنزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط! وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم ، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون " (آل عمران 84).

11 ) " تلك حدود اللّه فلا تقربوها " (البقرة 187 ). " تلك حدود اللّه فلا تعتدّ وها " (البقرة 229) – والأصل أيضاً تتعدوها، فعدل عنه.

12 ) " نزَّل عليك الكتاب … . وأنزل التوراة والانجيل من قبل " (آل عمران 3).

13 ) " ولا تقتلوا أولاد كم من املاق، نحن نرزقكم واياهم " (الأنعام 151). " ولا تقتلوا أولاد كم خشية املاق، نحن نرزقهم واياكم " (الاسراء 31).

14 ) وامّا ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ باللّه، إته سميع عليم " ( الا عراف 200). " وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ باللّه، إنه هو السميع العليم " (فصلت 36).

15 ) " المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض " (التوبة 67).وقال في المؤمنين : " بعضهم أولياء بعض " . وقال في الكفار : " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " (5: 51، 8: 72 و 73؛ 9 : 71؛ 45: 19).

ويختم بقوله : " فهذه، أمثلة يُستضاء بها. وقد تقدم منها كثير في نوع التقديم والتأخير، وفي نوع الفواصل، وفي أنواع أخرى " .

فهذا هو الواقع القرآني ، ترد فيه الآيات متشابهات لفظاً ومعنى. إلاّ ما ندر. وأحياناً قد يخل التغي ي ر الحرفي بالمعنى كما في قوله : وما أوتي موسى وعيسى، وما أوتي النبيون من ربهم " البقرة 136) حيث يميّز موسى وعيسى عن سائر النبيين؛ وكما في قوله " وما أوتي

موسى وعيسى والنبيّون من ربهم " حيث لا يميّز موسى وعيسى عن سائر النبيين. فقد خلق التمييز في التعبير اختلافاً في العقيدة والتفكير.

____________________________

(1) آية البقرة تميّز موسى وعيسى عن سائر النبيين، بينما آية آل عمران لا تميزهم.

(2) آية البقرة تمييز موسى وعيسى عن سائر النبيين، بينما آية آل عمران لا تميزهم.

(3) أي يصرفك صا رف (الجلالان) .

_____________________________

وقد ينقل السيوطي تبريرات لتلك الفروق اللفظية كقوله : " أياماً معدودة " جمع كثرة لأنه قول فرقة؛ " أياماً معدودات " جمع قلة لأنه قول فرقة اخرى؛ ولا أثر لذلك في نصوص القرآن؛ و ك ق و له " فاستعذ باللّه إنه سميع عليم " (وفي فصلت) " انه هو السميع العليم " . قال ابن جماعة : لأن آية (الاعراف)نزلت أولاً، وآية (فصلت) نزلت ثانياً فحسن التعريف الذي تقدم ذكره " . أو كقوله : " نزّل عليك الكتاب … وأنزل التوراة والانجيل – لأن الكتاب (القرآن) أُنزل منجماً فناسب الاتيان بنَزّل الدال على التكرير، بخلافهما فإنهما أنزلا دفعة " – وفاتهم قوله في القرآن : " وأنزلنا اليك الكتاب (4: 105؛ 5: 48؛ 39 : 2) " وأنزل اللّه عليك الكتاب " (4: 113)، " أنزل على عبده الكتاب " (18: 1). والقول الحق في مثل هذا التكرار لفظاً ومعنى في الآيات المتشابهات الكثيرة، ان بعض الفوارق اللفظية، هي كما يقول السيوطي : " من تنويع الألفاظ المسّمى بالتفنّن " ، " وقال ابو عبد اللّه الرازي : إنه من باب التفنن " .

وهنا يمكن أن نتساءَ ل : هل هذا التفنّن في تغيير بعض الحروف المتشابهة هو من أصل التنزيل، أم من أهل التدوين للاشعار بالتمييز بين الآيات أو الكلمات المتشابهات ؟ قد يكون من أصل التنزيل، وقد يكون من أهل التدوين كما جاءَ عن ابن اشته : " فهذا الخبر يدل على ان القوم كانوا يتخيّرون أجمع الحروف للمعاني وأسلسها على الألسنة وأقربها الى المأخذ وأشهرها عند العرب للكتاب في المصحف " (الاتقان 1: 186).

وهل هذا التفنن بتبديل بعض الحروف يرفع عنها التكرار الحرفي والمعنوي ؟ وهل هذا التكرار في آيات متشابهات من الاعجاز في ال ب لاغة والبيان ؟

ثالثاً : التكرار في التعليم الواحد

إنّ التكرار من العليم الحكيم في التنزيل المعجز بلفظه قبل معناه، هذا ما يجد فيه المؤمن وغير المؤمن حرجاً وضيقاً.

نقبل ان يعيد النبي التعليم الواحد، بلفظ واحد، أو متقارب، للمشركين الأميين في دعوتهم كل يوم الى الايمان باللّه واليوم الآخر؛ امّا ان بكون هذا التكرار في التعليم الواحد من التنزيل نفسه للاعجاز في التنزيل والتعليم، فهذا ما يشك فيه المؤمن وغير المؤمن.

يأتي الاعلان عن التوحيد مرة واحدة في الانجيل (مرقس 12: 29)ينص الشهادة التوراتية والفاتحة الاسرائيلية؛ ويأتي التصريح عن التثليث في التوحيد مرة واحدة في خاتمة الانجيل (متي 28: 19). وما بينهما في سائر الانجيل يجمع ما بين التوحيد والتثليث بتصاريح متنوعة، ومشاهد مختلفة، وأقوال وأعمال وأحوال متنوعة : فلا تكرار، ولا ترديد.

أما القرآن وهو تعليم التوحيد الخالص، للايمان باللّه واليوم الآخر، فهو تعليم واحد : " قلْ : إنما أعظكم بواحدة : أن تقوموا للّه مثنى وفرادى " (سبأ 46)؛ " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ ن وحي اليه أنه لا إله الاّ أنا فاعبدون " (الأنبياء 25)؛ " قلْ : إنما أنا بشر مثلكم، يُ و حى إليَّ أنما الهكم إله واحد " (الكهف 110)؛ " قلْ: انما أنا بشر مثلكم، يوحى اليَّ أنما الهكم إله واحد " (فصلت 6). وهذا التعليم الواحد في التوحيد تصريح واحد، ببعض فروق لفظية في التعبير. فهل تكرار ذلك مراراً في السورة الواحدة، وعلى الدوام في سورة كلها، من الاعجاز في التنزيل والتعليم، والاعجاز في البلاغة والبيان ؟

والتكرار المكشوف هو في براهين التوحيد : فقد جمعها في قوله " والهكم إله واحد، لا أله إلأّ هو، الرحمن الرحيم. إن في 1) خلق السماوات والأرض 2) واختلاف الليل والنهار 3) والفلك تجري في البحر بما ينفع الناس 4) وما أنزل اللّه من السماء من ماء، فاحيا به الأرض بعد موتها 5) وبثّ فيها من كل دابة 6) وتصريف الرياح 7) والسحاب المسخّر بين السماء والأرض – لآيات لقوم يعقلون " (البقرة 163: 164).

نلاحظ أنها براهين الحس والوجدان الديني، لا براهين العقل والمنطق : فالعقل والعلم يفسّران هذه المشاهد الكونية بدون لجوء الى اللّه سبحانه تعالى، وان كان العلة الأولى وراءَ ها جميعا. لكنها بحدّ ذاتها لا برهان فيها على وجود اللّه أو على توحيده. وليس في القرآن من براهين العقل والمنطق سوى قوله : " لو كان فيهما آلهة الأّ اللّه لفسدتا " (الانبياء 22) ويسمى برهان التمانع؛ وقوله : " ما اتخذ اللّه من ولد، وما كان معه من إله : إذن لذهب كل اله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض " (المؤمنون 91). ويسمى برهان التسليم والامتناع وقوله أيضاً : " قل لو كان معه آلهة، كما يقولون، أذاً لا بتغوا الى ذي العرش سبيلاً " (الأسراء 42). لذلك " زعم الجاحظ ان المذهب الكلامي لا يوجد منه شيء في القرآن " .

_____________________________________

(1) الاتقان 2: 135. وأحمد الرازي في كتاب (حجج القرآن) لا يحفظ من حجج أهل التوحيد على

_____________________________________

وتلك البراهين الوجدانية القائمة على مشاهد الكون، في آي القرآن، هي البراهين السبعة التي يكررها في كل سورة، وفي سور القرآن كله :

1) خلق السماوات والأرض، هذا برهان متواتر تقريباً في كل سورة وبلفظ واحد : " وهو الذي خلق السماوات والأرض " (6: 73؛ 11: 7؛ 57: 4) ؛ " واللّه الذي خلق السماوات والأرض " (7: 54؛ 10: 3؛ 14: 32؛ 32: 4)؛ " خلق اللّه السماوات والأرض بالحق " (14: 19؛ 16: 3؛ 39: 5؛ 64: 3)؛ " خلق اللّه السماوات والأرض بالحق " (29: 44 ؛ 45 : 22 )؛ "من خلق السماوات والأرض"؟ (29 : 61 ؛ 31: 25 ؛ 39: 38 ؛ 43 : 9 ) " وما خلقنا السماوات والأرض … .. " (15: 85؛ 44: 38؛ 46: 3)؛ " خلقنا السماء والأرض " (21: 16؛ 38: 27). إنه اعلان متواتر بلفظ واحد ومعنى واحد، ولكن لا يستغله جدلاً. فهل هذا التكرار من الاعجاز ؟

2) اختلاف الليل والنهار (2: 164؛ 3: 190؛ 45: 5)؛ " وله اختلاف الليل والنهار (23: 80)؛ (إن في اختلاف الليل والنهار " (10: 6). وهذا برهان أيضاً متواتر بحرفه الواحد، فما النكتة البيانية في تكراره بالحرف الواحد ؟

3 ) والفلك تجري في البحر " هو أيضاً برهان متواتر : " ولتجري الفلك بأمره " (30: 46)؛ " لتجري الفلك فيه " (45: 12)؛ " وعلى الفلك تُحملون " (23: 22؛ 40: 80)؛ " حملنا ذريتهم في الفلك " (36: 41) "وجعل لكم من الفلك" (43: 12) "وسخر لكم الفلك" (14: 32)؛ " وترى الفلك مواخر فيه " (16: 14)؛ " الذي يُزجي لكم الفلك " (17: 66)؛ " والفلك تجري في البحر " (22؛ 65) "إن الفلك تجرى فى البحر" (31: 31) "وترى الفلك فيه مواخر" (35: 12). هذا برهان بدائي لقوم بدائيين، يدهشون من جري الخشب على الماء. فكيف بهم اذ يرون الطائرات تمشي في الهواء، والصواريخ تغزو الفضاء ؟ لكن كيف يصح أن يكون برهانا على التوحيد لقوم يعقلون ؟

4 ) أنزل من السماء ماء (2: 22؛ 41: 11؛ 6: 99؛ 13: 17؛ 14: 32؛ 16: 10 و 65 ؛ 20 : 53؛ 22: 63؛ 35: 27؛ 39: 21؛ 10: 24؛ 18: 45؛

_____________________

وحدانية اللّه سوى تلك الآيات الثلاث (ص 4).
_______________________

15: 22؛ 23: 18؛ 25: 48؛ 31 : 10؛ 29: 63؛ 30: 24؛ 15: 22؛ 23: 18) – هذا غيض من فيض. وهل تنزيل المطر من السماء معجزة الهية تدل على وجود اللّه وعلى توحيده ؟

5 ) " وبث فيها من كل دابة " (2: 164؛ 31: 10) ؛ " وما بث فيهما من دابة " (42: 29 )؛ " و ما يبث من دابة " (45: 4). برهان متواتر بالحرف الواحد والمعنى الواحد. وهل في خلق الدواب والشجر من برهان على توحيد اللّه ؟

6 ) " وتصريف الرياح " : " اللّه الذي يرسل الرياح " (30: 48)؛ " واللّه الذي ارسل الرياح " (35: 9)؛ " ومن آياته ان يرسل الرياح " ( 30: 46)؛ " ومَن يرسل الرياح " (27: 63)؛ " وهو الذي أرسل الرياح " ( 25: 48)؛ " وهو الذي يرسل الرياح " (7: 56)؛ " وتصريف الرياح آيات " (45: 40). هذا أيضاً برهان متواتر بالحرف الواحد على توحيد اللّه. وهل فيه برهان لقوم يعلمون ؟

7 ) " والسحاب المسّخر بين السماء والأرض " (2: 164) ؛ " وينشىء السحاب " (13: 12)؛ " ارسل الرياح فتثير سحاباً " (35: 9)؛ (يرسل الرياح فتثير سحاباً " (30: 48)؛ " إن اللّه يُزجي سحاباً " (24: 43). هذا أيضاً برهان متواتر على توحيد اللّه. فهل اللّه هو الذي يخلق السحاب بمعجزة ؟ وهل في ذلك برهان لقوم يعقلون ؟

تلك هي براهين التوحيد في القرآن. إنها أقرب الى الشعر منه الى البرهنة. وهي تملأ سور القرآن. فهل في تكرارها بالحرف الواحد والمعنى الواحد، تقريباً، اعجاز في البلاغة والبيان ؟

رابعاً : التكرار في القصص القرآني

جاءَ في (الاتقان 2: 68 ): " قال بعضهم : ذكر اللّه موسى في مائة وعشرين موضعاً من كتابه؛ وقال ابن العربي : ذكر اللّه قصة نوح في خمس وعشرين آية؛ وقصة موسى في تسعين آية " .

وفي كتاب (تفصيل موضوعات القرآن، في الآيات المتوافقة) للسيد محمد عبد اللّه الجزار، باب قيم يذكر فيه " آ ي ات النظائر " في القصص القرآني :

1 ) " آدم – ذكر في عشر سور. وذكر في ثلاث سور منها بآيات ليست لها نظائر … . أما آ ي ات النظائر فهي : البقرة 34 – 39؛ الاعراف 11- 24؛ الحجر 28- 44؛ الاسراء 61- 65؛ الكهف 50؛ طه 116 – 124؛ ص 71 – 85 " – فتلك آيات النظائر في سبع سور.

2 ) " آيات النظائر في نوح : باب دعوته ومجادلته لقومه : الاعراف 59 – 64؛ هود 25 – 34؛ ثم آيات صنع الفلك والطوفان : المؤمنون 27 الى آخره؛ الشعراء 105 – 120 – ثم ذكرت قصة نوح مع قومه باختصار وايجاز في سورتي الصافات (75 – 82)والقمر (9- 16) وغيرهما . وبعد ذلك سورة نوح كلها.

3 ) " آيات النظائر في هود مع قومه عاد : الاعراف 65 – 72؛ هود 50 – 60؛ الشعراء 123 – 140؛ الاحقاف 21 – 25 " – فتلك آيات النظائر في أربع سور.

4 ) " آيات النظائر في صالح وقومه ثمود : الاعراف 73 – 79؛ هود 61 – 68؛ الحجر 80 – 84؛ الشعراء 141 – 159؛ النمل 45 – 53 " – فتلك آيات النظائر في خمس سور.

5 ) " ابراهيم – آيات النظائر فيه. باب دعوته ومجادلته لأبيه و ل قومه : الانعام 74 – 81؛ الأنبياء 51 – 70؛ مريم 41 – 48؛ العنكبوت 16 – 25؛ الصافات 83 – 98؛ الزخرف 26 - 28؛ الممتحنة 4- 5؛ البقرة 258 – باب ابراهيم و ضيوفه : هود 69 – 76 ؛ الحجر 51 – 60 ؛ الذاريات 24 – 37 – باب ابراهيم والبيت: البقرة 125 و 127 ؛ ابراهيم 37؛ الحج 26 – 29 " . فتلك آيات النظائر في ابراهيم في ثماني سور، ثم في ثلاث، ثم في ثلاث.

6) " لوط – آيات النظائر فيه : الاعراف 80 – 84؛ هود 77 – 83؛ الحجر 61 – 74؛ الشعراء 160 – 175؛ النمل 54 – 58؛ العنكبوت 28 – 34؛ القمر 33 – 39 " – تلك آيات النظائر في سبع سور.

7) " موسى – وفيه أبواب : باب القائه في اليم : طه 37 – 40؛ القصص 7 – 13؛ الشعراء 18 – 19. فتلك ثلاث نظائر – باب بعثته : مريم 52؛ طه 9 – 23؛ القصص

29 – 32؛ النمل 7 – 12؛ الشعراء 32 – 33؛ النازعات 15 – 16. فتلك ست نظائر – باب دعوته بمصر :الاعراف 103 – 126؛ يونس 75 – 82؛ الاسراء 101 – 102؛ طه 42 – 47 و 56 – 73؛ الشعراء 16 – 17 و 23 – 51؛ النمل 12 – 13؛ القصص 36 – 37؛ غافر 23 – 24؛ الدخان 17 – 21؛ النازعات 17 – 26. فتلك عشر نظائر – باب نجاته بقومه وغرق فرعون : البقرة 49 – 50، يونس 90 – 92؛ طه 77 – 79؛ الشعراء 52 – 66؛ القصص 39 - 40 ؛ الزخرف 55 – 56؛ الدخان 23 – 24 و 30 – 31؛ النازعات 25 – 26؛ الاسراء 103 – 104. فتلك تسع نظائر – باب ارسال موسى بالآيات : الاعراف 103؛ يونس 75؛ هود 96 – 97؛ ابراهيم 5؛ طه 42؛ المؤمنون 45 - 46؛ الفرقان 36؛ الشعراء 15؛ القصص 35؛ غافر 23 - 24. فتلك عشر نظائر - باب اتخاذ قومه العجل : البقرة 51؛ و 54 و 92؛ الاعراف 148 - 150؛ النساء 153؛ طه 85 - 94. فتلك اربع نظائر - باب الاستسقاء وانفجار الاعين: البقرة 60؛ الاعراف 160 - فذلكما موضعان من النظائر - باب ايذاء موسى : الاحزاب 69؛ الصف 5 " – فذلكما موضعان من النظائر " .

فإذا جمعت النظائر في قصة موسى، رأيت انها تشغل جزءاً كبيراً من القرآن بالمعنى الواحد، ويكاد يكون بالحرف الواحد مع بعض التفنن في التعبير والاسلوب.

8 ) " شعيب – آيات النظائر فيه : الأعراف 85 – 93؛ هود 84 – 95؛ الشعراء 176- 189؛ العنكبوت 36 – 37 " – فتلك آيات النظائر في شعيب في اربع سور.

9 ) " داود وسليمان – باب داود والزبور : البقرة 251؛ النساء 163؛ الاسراء 55؛ الأنبياء 105. فتلك اربع نظائر – باب داود وسليمان : الانعام 84؛ الانبياء 78 – 82؛ النمل 15 – 19 – تلك ثلاث – باب سليمان والهدهد : النمل 20 – 22 و 27 – 44.

10 ) " عيسى و يحيى. التبشير بيحيى آل عمران 38 – 41؛ مريم 2 – 15؛ الانبياء

89 – 90 – فتلك ثلاث نظائر في مولد يحيى. " باب تأييد عيسى بروح القدس : البقرة 87 و 253. باب تكليم عيسى الناس في المهد، والمجيء بالآيات : آل عمران 45 – 51؛ المائدة 110؛ مريم 29 – 33 – فتلك ثلاث نظائر في مولد عيسى. باب آخرة عيسى : مريم 32؛ آل عمران 55؛ النساء 157 – 158؛ المائدة 116 – 118. باب

قول عيسى : " إن اللّه ربي وربكم " :مريم 36؛ آل عمران 51؛ المائدة 72؛ الزخرف 64. فتلك أربع نظائر ترد بالحرف الواحد. باب قول الحواريين : " نحن انصار اللّه " : آل عمران 52؛ الصف 14 – موضعان من النظائر.

التالي