التالي

القول الفصل فى الاعجاز القرآنى كله

إنه يتحدى " بمثله". وهذا " المثل " موجود قبله . يتحدى " بمثل هذا القرآن" (الاسراء 88). يتحدى " بعشر سور مثله مفتريات" (هود 13). يتحدى " بسورة مثله" (يونس 38). يتحدى " بحديث مثله" (الطور 34). يتحدى أخيراً " بسورة من مثله" (البقرة 23). والباقلانى، شيخ المتكلمين " باعجاز القرآن" يقول فيه: " احتجّ عليهم بنفس هذا التنزيل، ولم يذكر حجة غيره ". والقرآن نفسه يعلن بنصه القاطع أن هذا " المثل" موجود قبله: و " شهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله " (الاحقاف 10). لاحظ حرف التعبير عينه: التحدى " بمثله" ووجود " مثله" من قبله. وهذا الشاهد ليس من اليهود، " أول كافر به" ، بل من النصارى من بنى اسرائيل الذين آمنوا بالمسيح، ويؤمنون بمحمد، وكانت الدعوة القرآنية تأييداً " لنصرانيتهم" (الصف 14). وهؤلاء النصارى من بنى اسرائيل يشهد علماؤهم ان " تنزيل رب العالمين" هو " فى زبر الأولين" : " أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنى اسرائيل" (الشعراء 193 – 197). وهذا التنزيل من زبر الأولين قد جمع فى " مثل" القرآن الذى يشهد بوجوده أولو العلم، النصارى من بنى اسرائيل؛ لذلك فالقرآن نفسه " هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم" (العنكبوت 49)، لان " مثل" القرآن بين أيديهم، ومنه يعرفون القرآن " كما يعرفون أبناءهم" (الانعام 20 ؛ البقرة 146).

فالشهادة الناصعة القاطعة، والجامعة المانعة، ان " مثل" القرآن موجود قبله. وهذه الشهادة بوجود " مثل" القرآن، تُسقط تحديه " بمثله". ولا ندرى كيف فاتت القوم، تلك الشهادة القرآنية حتى اليوم! فالقول الفصل فى الاعجاز القرآنى كله، أن القرآن نفسه ينسخ التحدى كله " بمثله" ، فى قوله: " وشهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله" . فالقرآن لا يعتبر اعجازه معجزة له. ولا يصح الاعجاز معجزة على الاطلاق. واذا كان القرآن " لم يذكر حجة غيره" فأين هى معجزة القرآن؟

التالي