تفسير العهد الجديد

يهوذا

1. التحية الافتتاحية

عودة للصفحة الرئيسية

من تفسير وتأملات

الآباء الأولين

رسالة يهوذا

"ابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس,

مصلين في الروح القدس¡

واحفظوا أنفسكم في محبة اللّه¡

منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية" [20].

القمص تادرس يعقوب ملطي

كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج

مواجهة الارتداد

إذ نقترب من سفر الرؤيا حيث يُعلن مجيء يوم الرب العظيم، فنشترك مع مسيحنا القدوس في مجده الإلهي، كما تحذرنا رسالة يهوذا من الارتداد.

عدو الخير لا يعرف الراحة، بل يبذل كل جهده ليحطم مملكة اللّه في داخلنا، وكلما اقترب زمن الدينونة ضاعف جهده ليبث روح الارتداد. وقد جاءت الرسالة تبرز شراسة العدو مع إمكانيات المؤمن الجبارة في مواجهة هذه المعركة.

هذه الرسالة هي دعوة إلهية مقدمة إليك لتكتشف أيها العزيز الطريق، وتتعرف على إمكانيات الخلاص، وتحذر حيل العدو، حتى تتهيأ لمجيء مخلصك الذي يحملك إلى أمجاده.

 

القمص تادرس يعقوب ملطي

مقدمة

كاتب الرسالة

ورد في العهد الجديد إثنان باسم يهوذا:

1. يهوذا أخو يعقوب, وهو أحد الإثني عشر رسولاً, ويرجح البعض أنه لباوس الملقب تداوس، وقد ذكر في (لو 16:6؛ يو 22:14؛ أع 13:1).

2. يهوذا، كاتب الرسالة، خو الرب (أي ابن خالته مت 55:13؛ مر 3:6)، وكان له أخ يدعى يعقوب، هذا الذي كان له مركز سامٍ في الكنيسة بأورشليم، وقد رأس المجمع الأول المذكور في أعمال الرسل (ص 15).

متى كتبت؟ ولمن؟

v كتبت قبل خراب أورشليم، وإلا كان قد ذكر هذا الأمر مع ذكره خراب سدوم وعمورة كمثال لدينونة اللّه بالنسبة للفجار.

v كتبت إلى المؤمنين الذين كانوا قبلا يهودًا أو أممًا.

v هناك شبه قوي بينها وبين رسالة بطرس الثانية، إذ يتحدث كلاهما عن نفس المعلمين الكذبة الذين عناهم الرسول بطرس، لذلك يرى بعض الدارسين أنها كتبت ما بين 68م و70م.

أهمية الرسالة

مع صغر حجمها لكنها رسالة ممتعة لها أهميتها:

1. تكشف عن الإيمان الثالوثي، فقد تحدث الكاتب عن الآب والابن والروح القدس، لا بلغة الفلسفة النظرية، وإنما بلغة الحياة العملية، حيث يختبر المؤمن عمل الثالوث القدوس، ويدرك إمكانياته فيه.

أ. في اللّه الآب ندعى قديسين [1]... فهو القدوس الذي يحتضن أولاده، ليختبروا قداسته فيهم.

ب. في المسيح يسوع نصير محفوظين [1]... فإن كانت الحرب شرسة للغاية، لكننا لسنا طرفًا فيها، هي حرب بين مسيحنا وعدو الخير، إن اختفينا في المسيح مخلصنا نبقى محفوظين.

جـ. مصلين في الروح القدس [20]... إن كنا عاجزين حتى عن الصلاة، فالروح القدس الناري يلهب قلوبنا بالحب، ويرفعها إلى عرش النعمة لتقف أمام السماوي تتحدث معه بلا حاجز!

هذا هو إيماننا بالثالوث القدوس الذي يبني النفس؛ "فابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس" [20].

2. الحياة الكنسية:

مادامت الرسالة تقدم معركة خطيرة بين اللّه وإبليس، فليدرك المؤمن أنه غالب باللّه مخلصه الذي يحفظه فيه [1]، لكن ليس في سلبية أو تراخٍ أو إهمال، وإنما ببناء نفسه متكئًا على الإيمان الأقدس [20]، عاملاً لا بمفرده، بل مع اخوته بكونه عضوًا حيًا في الكنيسة الجامعة.

لقد أكد الكاتب الحياة الكنسية كسندٍ قويٍ في جهادنا الروحي:

"أكتب إليكم عن الخلاص المشترك" [3].

"الإيمان المسلم مرة للقديسين" [3].

في توبتك تسند اخوتك، وفي توبة أخيك معك يسندك، وكل انحراف في حياتك يحطم حياة إخوتك.

حياتنا مع الثالوث القدوس هي حياة شخصية داخلية خفية، وفي نفس الوقت حياة كنسية مشتركة، وليست فردية مبتورة عن بقية أعضاء الجسد الواحد.

3. الحياة الكتابية (الإنجيلية)

في هذا الأصحاح الواحد أشار الكاتب إلى العهد القديم، إذ يقوم خلاصنا على فكر كتابي دون عزل للعهد القديم عن الجديد.

أشار هنا إلى أحداث وردت في العهد القديم لتعليمنا:

أ. انتهار الرب للشيطان (ع 9؛ زك 2:3).

ب. جحد إسرائيل للإيمان (ع 5؛ عدد 12:14-29؛ 64:26،65)

ج. هلاك سدوم وعمورة (ع 7؛ تك 24:19؛ تث 23:29).

د. إخفاء جسد موسى (ع 9؛ تث 34؛ 5، 6).

ه. شر قايين (ع 11؛ تك 5:4)

و. ضلالة بلعام (ع 11؛ عدد 7:22-21).

ز. تمرد قورح (ع 11؛ عدد 1:16-3).

ح. أخنوخ السابع بعد آدم (ع 14؛ تك 18:5).

4. وجود الملائكة [6] ورؤساء الملائكة [9]؛ وأيضًا الشياطين [9,6].

5. أكد الدينونة النهائية [6- 7، 13-15، 24]. إنها مرعبة ومظلمة للأشرار، مجيدة ومبهجة لأولاد اللّه [24].

6. مجيء السيد المسيح الأخير وسط ربوات قديسيه [14].

7. السفر الوحيد الذي يسجل لنا الصراع بين رئيس الملائكة ميخائيل وإبليس بخصوص جسد موسى [9]، ونبوة أخنوخ [14، 15].

8. يشير إلى ثلاثة أمور أبدية: الحياة الأبدية [21]؛ القيود الأبدية [6]؛ والنار الأبدية [7].

أمثلة للارتداد

إن كان السيد المسيح قد سبق فأخبرنا عن الارتداد القادم الذي يسبق مجيئه الأخير كآخر محاولة يقدمها عدو الخير لكى يصطاد إن أمكن حتى المختارين، فإن الارتداد هو حرب مستمرة بدأت قبل مجىء الإنسان حين ارتد ملائكة عن الإيمان بتمردهم على اللّه وتتزايد الحركة عبر العصور حتى تبلغ ذروتها في أيام ضد المسيح.

يورد هنا الكاتب ست حركات ارتداد:

1. ملائكة [5] : عدم حفظ النعمة - كبرياء.

2. إسرائيل [5] : عدم إيمان.

3. سدوم [7] : نجاسة وفساد.

4. قايين [11] : تمرد (إرادة ذاتية).

5. بلعام [11] : محبة المال.

6. قورح [11] : شهوة السلطة، وتمرد على النظام الكنسي.

مقارنة بين المؤمنين والمرتدين

المؤمنون

المرتدون

يختبرون عمل الثالوث [20,1-21].

يرفضون شمس البرّ عمليًا [13، 14].

يختبرون الحياة الكنسية [3].

يختفون في الكنيسة 4, تائهون [13].

يترقبون مجيء المسيح [14، 15, 20].

خياليـون (محتملون) [8].

أناس صلاة [20].

مفترون [10].

محبون للإخوة [22].

محبون للمال [11].

يشتهون خلاص الغير 23].

بلا مياه نعمة ولا ثمر الروح [12].

طاهرون [23].

شهوانيون [15-19]

 

دائمو التذمر [16].

 

مفتاح السفر:

مفتاح السفر "محفوظ"، وقد تكررت الكلمة خمس مرات:

1. نحن محفوظون للمسيح يسوع [1]... نحن أعضاء جسده!

2. مسئوليتنا أن نحفظ الإيمان المسلم مرة للقديسين [3] لننال الخلاص المشترك.

3. لم يحفظ إبليس وجنوده نعمة الرئاسة، المعطاة لهم كنعمةٍ إلهيةٍ، لهذا هم محفوظون ليـوم الدينونة [6].

4. لا يحفظ المرتدون الإيمان الحي العملي [19,8]، لهذا فهم محفوظون للظلام ككواكب تائهة عن شمس البرّ [12].

5. يتحقق حفظ نفوسنا في محبة اللّه، وترقبنا لمجيء المخلص، لكي ننال الحياة الأبدية من قبل رحمته [20].

6. اللّه القدير هو الذي يحفظنا من عثرة المرتدين الهراطقة [24].

العمل الإلهي ودورنا الإيجابي

لا يفصل القديس يهوذا الإيمان الأقدس عن الجهاد الروحي. فاللّه هو الذي يقدسنا [1]، ويحفظنا [1]. أما من جانبنا فيقول:

"ابنوا أنفسكم" [20].

"مصلين في الروح القدس" [20].

"احفظوا أنفسكم في محبة اللّه" [21].

"منتظرين (ترقبوا) رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية" [21].

"ارحموا" [22].

"خلصوا البعض" [23]... جهاد لأجل خلاص كل نفس !!!

"مبغضين)ابغضوا (حتى الثوب المدنس من الجسد" [23].

أقسام الرسالة

1. التحية الافتتاحية [2,1].

2. تحذير للمحافظة على الإيمان المستقيم [4,3].

3. أمثلة عن المنحرفين:

أ. انحراف الشعب اليهودي [5].

ب. سقوط بعض الملائكة [6].

جـ. حرق سدوم وعمورة [7].

4. صفات المعلمين الكذبة [8-13].

5. نبوات عنهم:

أ- أخنوخ [ 14-16].

ب- الرسل [17-19].

6. الأسس التي تقوم عليها الحياة الروحية [20-23].

7. الختام [24- 25].