خرافة أمية محمد |
||||||||||||
بعض آراء العلماء في أمية محمد قال الفخر الرازي ج3 ص138 ط. دار الكتب العلمية اعلم أن المراد بقوله (ومنهم أميون) اليهود ثمّ بيّن فرقة رابعة من اليهود المعاندين للحق ووصفهم بالأمية لأنهم كانوا يقلدون في المعارف ويمتنعون من قبول الحق. وجاء أيضاً في تفسير سورة آل عمران ج7 ص213 في بيان سبب كونهم أميين قال وصف مشركي العرب بأنهم أميون لوجهين الأول لما لم يدعوا الكتاب الإلهي وصفوا بأنهم أميون تشبيهاً بمن لا يقرأ ولا يكتب.. وجاء في ج8 ص12 في قوله (الأمي) منسوب إلى الأم وقيل منسوب إلى مكة وهي أم القرى ولم يرد على هذا القول أنه مخالف لقواعد النحو وتأمل في كلام الفخر الرازي كيف فسر الأمية وبه يقوي في نفسك المعنى المتقدم في الآية الشريفة في ضوء الكتاب الكريم. قال السيد المرتضى كما نقله العلامة المجلسي في البحار ج16 ص82 ما كان يحسن الكتابة قبل النبوة فأما بعدها فالذي نعتقده في ذلك التجويز لكونه عالماً بالقراءة والكتابة لأن الاتهام كان قبل البعثة فأما بعدها فلا والسيد رحمه الله ينظر إلى التفصيل قبل نزول الوحي عليه بالرسالة والبعثة وبعدها فقبلها يمكن أن يوجب الارتياب (ما كنت تقرأ من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون) يعني قبل البعثة كانت الأنظار متوجهة إليه وانه لم يكتب ولم يقرأ فإذا بعث فالتهمة بعيدة عنه بأنه تعلم من كتب اليهود والنصارى حيث لم يعرف الناس عنه ذلك ومعنى الآية أن لا يفتح مجال للشك. والشبهة والتهمة عليه وما بعد الرسالة فلا يوجد ذلك الريب. وجاء في تفسير المنار ج1 ص358 ط. دار المعرفة في تفسير (ومنهم أميون) الآية في كلام له منه قال: لا علم لهم بشيء من الكتاب ولا معرفة لهم بالأحكام وما عندهم من الدين فهو أماني إلى أن يقول وهذا محل الذم لا مجرد كونهم أميين (بمعنى عدم معرفة القراءة والكتابة) فإن الأمي قد يتلقى العلم عن العلماء الثقات ويعقله عنهم فيكون علمه صحيحاً وهؤلاء لم يكونوا كذلك. وجاء في ظلال القرآن ج1، ص110 قوله في تفسير الآية (ومنهم أميون) قال ثم يستطرد (القرآن الكريم) ويذكر للمسلمين من أحوال بني إسرائيل انهم فريقان فريق أمي جاهل لا يهتدي شيئاً من كتابهم الذي نزّل عليهم ولا يعرف منه إلا أوهاماً وظنوناً وإلا أماني في النجاة من العذاب بما أنهم شعب الله المختار وفريق يستغل هذا الجهل وهذه الأمية. وبالتأمل في كلام المفسرين عندما يفسرون الأمية يأكدون على جهلهم وعدم معرفتهم بكتابهم السماوي المنزل من الله تعالى. وجاء في تقريب القرآن ج9، ص60، الأمي نسبة إلى أم القرى وهي مكة وبمعنى الذي لم يتعلم عند معلم (لا الذي لا يعرف) وإن كان(ص) يعلم كل شيء بوحي الله وإرادته والعرب تسمي من لم يتعلم عند معلم الأمي نسبة إلى الأم كأنه بقى مثل ما ولدته أمه. وفي ج8 ص98 الأمي منسوب إلى الأم والمراد بهم العرب سموا بذلك أما لأنهم من أهل أم القرى أي مكة وأما لأن الغالب منهم لم يكونوا يعرفون القراءة والكتابة فهم في جهلهم كالذي خلق من الأم ولا يعرف شيئاً وقوله تعالى (منهم) من أنفسهم ومن أهل بلدهم. وذكر في مجمع البيان في الأمي احتمالات، الأول لا يقرأ ولا يكتب، الثاني منسوب إلى الأمة أمي الجبلة ولعله يقصد الفطرة السليمة، الثالث منسوب إلى الأم، الرابع منسوب إلى أم القرى. وجاء في تفسير من هدى القرآن ج3، ص463 وكلمة الأمي كما يبدو لي نسبة إلى الأمة التي يقول عنها ربنا في آية أخرى (وإن هذه أمتكم أمة واحدة أنا ربكم فاعبدون). ملاحظة: ذكر أكثر المفسرين احتمال كون الأمي منسوباً إلى أم القرى دون رد على ذلك ويفهم منه صحة النسبة وإلا لردوا عليه بالبطلان ولا بأس بنقل كلام بعض النحاة كشاهد لذلك. جاء في شرح الألفية للسيوطي وابن عقيل فقال ابن عقيل في باب النسبة: إن كان العلم مركباً تركيب إضافة فإن كان ابناً أو كان معرفاً بعجزه حذف صدره ثم يقول: فيه نظر.. إلى أن يقول فإن لم يخف لبس عند حذف عجزه حذف عجزه ونسب إلى صدره فتقول في امرئ القيس امرئيو أن خيف اللبس حذف صدره ونسب إلى عجزه. وقال السيوطي في نفس البحث واحذف الثاني ما لم يخف لبس فقل في امرئ القيس امرئي وأن خيف لبس حذف الأول وأنسب للثاني. وقال في النحو الوافي ج4 ص739 المسألة 79. إن كان المركب إضافياً علماً بالوضع أو بالغلبة فالأصل فيه أن ينسب إلى صدره فيقال من خادم الدين فوز الحق وعابد الإله (الثلاثة أعلام) خادمي وفوزي وعابدي. فسكوت أدباء المفسرين في احتمالهم أنه منسوب إلى أم القرى مع ورودها في الروايات مما تصح النسبة وأهل البيت أدرى بما فيه. وهذه بعض كلمات المفسرين ومنه تعرف عدم وجود إجماع على تلك النسبة المعروفة عندهم. إنارة ذوقية: قال بعض أهل المعرفة إن الأمية التي ذكرها المفسرون والمشهور منهم بمعنى عدم القراءة والكتابة فهذا المعنى لا يختص بالنبي فمن علم آدم الكتابة والقراءة وعند من تعلم نعم علمه الله تعالى الأسماء وتعليمه تعليم معرفة لا تعليم قراءة وكتابة فتجري هذه الأمية في الأنبياء إذ لا دليل على انهم تعلموا من أحد بل لعل الأصلح في قبول الأمم من أنبيائها أن لا يتعلم الأنبياء عند أهل القرى ثم يدعون النبوة عندهم ومثل هذا موجب للشك ولكن عدم المعرفة أمر وعدم إظهار ذلك أمر آخر فلا يلزم من عدم الإظهار أنه لا يعرف. نعم الإظهار ليس فيه مصلحة بل موجب للشك والارتياب (... ولا تخطه بيمنك إذن لارتاب المبطلون) فمن الإظهار يحصل الريب لا من معرفتهم النفسية بل واضح أن بعض أنبياء أولوا العزم حين النبوة لم يكن يظهر ذلك بل لم يكن قد مضى من عمره مقدار التعليم حتى يقال أنه تعلم من أحد فإذا كان عدم التعلم من الناس يسمى أمياً فاحق الأنبياء بذلك عيسى بن مريم إذ أنه بعث في أول يوم من ميلاده (قال إني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبياً) فأين تعلم عيسى وعند من وهل كان أمياً حتى تجرى في نبينا(ص) وهكذا يقال في يحيى (وآتيناه الحكم صبيا). نعم نبينا لم يظهر ذلك ولم يعرف عنه أنه قرأ كتاباً (ولا تخطه بيمنك إذن لارتاب المبطلون) لئلا يكون ذريعة للمغرضين وتشويهاً على سيد المرسلين فكون النبي(ص) منهم وقد عاشروه وعرفوه بالصدق والأمانة والأخلاق الفاضلة ولم يعهدوا أنه التقى بالعلماء وعاشرهم أو قرأ كتبهم فيكون اقرب للقبول وليس كما زعم البعض أن الأمية بمعنى عدم معرفة القراءة والكتابة كمال للنبي(ص) فعلى أي مقياس قيس الكمال وقلنا أن الحكمة تقتضي عدم الإظهار لا عدم المعرفة فالجهل بالشيء نقص لا كمال. نعم قد تكون بعض الأمور نسبية كما قيل في حسنات الأبرار سيئات المقربين. ورد في لسان الأدلة أنه يعرف كل لسان لئلا يحتاج إلى مترجم بل لابد أن تنفى حاجته إلى غيره فلو كان يحكم بالظواهر واتفق اثنان من أهل لسان ظاهرا الصلاح على شخص ثالث وجاءا به إلى النبي الذي لا يعرف لغته وقالا أنه ينكر النبوة أو التوحيد أو يصر على شركه ويحكم بالظواهر ولابد أن يقتله أو قالا أنه يقر أربع مرات على نفسه بالزنا أو غير ذلك فيجري عليه الحكم ظلماً فيوجب الفساد والظلم على أنه جاء لدفع الفساد والظلم فقد قيل أن نفس الدليل يجري في القراءة والكتابة لأية لغة كانت. انتهى. ولتوضيح الأقوال المذكورة حيث فصل بين حاله(ص) قبل البعثة وبعدها: قال ابن منظور في لسان العرب في مادة (قرء) والأصل في هذه اللفظة الجمع وكل شيء جمعته فقد قرأته وسمي القرآن لأنه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور انتهى. ومنه تعرف القراءة حيث يجمع القارئ الحروف ويتلفظ بها جمعاً لا مفرداً حتى تتكون الكلمة والكلام. وفي الذكر الحكيم (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم). فقد كرر القراءة مرتين ثم تعرض للتعليم بالقلم إشارة إلى أهمية ذلك واهتمام الشريعة بها حيث قال في أوائل ما نزل أيضاً (ن والقلم). وثبت في علم الأصول أن التكليف لابد أن يكون مقدوراً فلما كلفه الله تعالى بالقراءة لابد أن تكون مقدورة له وليست القراءة صرف المتابعة لجبرئيل كما فهمه جمع من المفسرين بل الظاهر أن الصحيح أمر بالقراءة لا المتابعة كما ذكر ذلك جمع من المفسرين. جاء في تفسير المراغي في تفسير هذه السورة قال (اقرأ باسم ربك الذي خلق) أي صِْر قارئاً بقدرة الله الذي خلقك وقد جاء الأمر الإلهي بأن يكون قارئاً وإن لم يكن كاتباً وسينزل عليه كتاباً يقرأه وإن كان لا يكتبه ثم قال بعد ذلك والخلاصة: أن من كان قادراً على أن يخلق من الدم الجامد انساناً حيّاً ناطقاً يسود المخلوقات الأرضية جميعها هو قادر على أن يجعل محمداً(ص) قارئاً وإن لم يتعلم القراءة والكتابة. وقال الآلوسي في روح البيان في تفسير هذه السورة أن جبرئيل قال للنبي(ص) اقرأ قال وما اقرأ؟ كرر عليه ثلاثاً ثم قال اقرأ باسم ربك الذي خلق. ثم قال بعد ذلك رداً على الآمدي: وأما بناء الاستدلال على ما جاء في بعض الآثار من أن جبرئيل جاء إليه(ص) وقال اقرأ قال ما أنا بقارئ ثم قال بعد ذلك فلا يخفى حاله فتأمل. ثم قال بعد ذلك في قوله تعالى (الذي خلق) لتذكيره(ص) أول النعماء الفائضة من سبحانه مع ما في ذلك من التنبيه على قدرته تعالى على تعليم القراءة بالطف وجه. وقال في قوله تعالى (الذي علّم بالقلم) أي بواسطة القلم لا غيره فكما علم سبحانه القارئ بواسطة الكتابة والقلم يعلمك بدونها. انتهى. وقال في ظلال القرآن في تفسير هذه السورة: روى الطبري بإسناده عن عبد الله بن الزبير قال قال رسول الله(ص) فجائني (وأنا نائم) بنمط من ديباج في كتاب فقال اقرأ فقلت ما اقرأ؟ ثم كررها ثلاثاً... إلى قوله وهببت من فرحي وكأنما كتب في قلبي كتاباً. وهذه الرواية تؤيد ما نقله الآلوسي وهذه الرواية واردة عن الإمام الباقر عليه السلام وفهم البعض أن الأمر الإلهي (اقرأ) على نسق كن فيكون أي أوجد فيه القدرة على القراءة وهذا يصح إن لم يكن قبل الأمر عارفاً بها فيكون الأمر تكوينياً ولكن الظاهر من الاستفهام أنه تشريعي فيكون عارفاً بها قبل مجيء الأمر ولو على نحو التعليم ثم الأمر كما فهمه هؤلاء المفسرون وقال في تفسير الميزان في هذه السورة في قوله تعالى (علم بالقلم) فهو قادر على أن يعلمك قراءة وكتابة وأنت أمي وقد آمرك بالقراءة ولو لم يقدرك عليها لم يأمرك بها. أن مسألة أمية نبي الإسلام ، لا تتماشى ونظرية التفضيل المطلق المنسوب له . أن الأمية نقصٌ يتنَزه عنه عوام الناس. فكيف ينسبونها إلى افضل خلق الله بحسب التعبير الإسلامي ؟. د. محمد شحرور النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان أمياً وكان يقرأ ويكتب
نريد في هذا البحث أن نضع النقاط
على الحروف حول معنى لفظة "الأمي". لقد وردت هذه اللفظة في الكتاب في ستة
مواقع وهي: ـ (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُم يَتْلُوا عَلَيْهَم آيَاتهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (سورة جمعة/ 2). ـ (وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكِتابَ إِلاَّ أَمَانيَّ وَأَنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) (سورة البقرة/ 78). أولاً ـ لنعرف ما معنى كلمة الأمي التي وردت في الآيات السابقة. لقد أطلق اليهود والنصارى على الناس الذين لا يدينون بدينهم أي ليسوا يهوداً ولا نصارى لفظ الأمي (وجاءت من كلمة غوييم العبرية
"الأمم"). وهو ما نعبر عنه اليوم
بالدهماء أو الغوغاء أو العامة. لأن هؤلاء الناس كانوا جاهلين ولا يعلمون ما
هي الأحكام في كتاب اليهود والنصارى، والنبوات التي جاءت لهم. ومن هنا جاء
لفظ الأمي التي تعني: 2_ الجاهل بكتب اليهود والنصارى. وهذا واضح في الآية رقم 20 من آل عمران (وَقُل للَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ وَالأُمِّيِّينَ) فالذين أوتوا الكتاب هم اليهود والنصارى والباقي من الناس هم الأميون. وهذا المعنى واضح أيضاً في الآية رقم 75 من آل عمران عندما ذكر أهل الكتاب اليهود والنصارى فمنهم أي اليهود (مَّنْ إِن تَأمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِليكَ) ومنهم أي النصارى (مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطارٍ يُؤَدِّهِ إِليكَ). فلماذا لا يؤدي اليهود الأمانات لغيرهم؟ لأنهم يعتبرون "الغوييم" الأمم خدماً لهم وأنهم الدهماء وهؤلاء الأُمِّيُّونَ لا تنطبق عليهم وصايا الرب حيث قال (ذَلكَ بِأَنَّهُم قَالُوا لَيْسَ عَليْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ).
وفي سورة الأعراف الآية 157 (الَّذينَ يَتَّبعُونَ الرَّسُولَ النَّبيَّ
الأُمِّيَّ). أمي لأنه ليس منهم لأنه قال: الَّذِي يَجدُونَهُ مَكْتُوباً
عِندَهُمْ فِي التَّوراةِ والإِنجِيلِ). قد يقول البعض ـ وهذه هي الحجة التي يوردها كثير من الناس ـ إنه عندما جاء الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم قال له: اقرأ، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ، واستنتجوا أنه لا يقرأ. وأقول إنه إذا أمر سعيد زيداً أن يذهب، فقال زيد "ما أنا بذاهب" فهل هذا يعني بالضرورة أن زيداً مشلول أو بلا أقدام. هل هذا يعني أن زيداً لا يستطيع الذهاب أو أنه لا يريد الذهاب. ثم هل يعني أن جبريل قدم للنبي صلى الله عليه وسلم مادة مخطوطة لكي يقرأها خطأ. فهنا خلطنا بي إرادة النبي صلى الله عليه وسلم للقراءة وبين عدم استطاعته، وظننا أن جبريل قدم له مخطوطة على قرطاس ليقرأها لأنه عندما قال له في المرة الثالثة: أقرأ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ. فقال جبريل: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق/1). فسكت النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآيات ولم يقل ما أنا بقارئ.
قد يقول البعض: ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أمياً بمفهومنا الخاطئ
للقراءة والكتابة؟ أقول: نعم لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أول حياته
إلى وفاته أمياً بالخط أي كان لا يخط ولا يقرأ المخطوط وجاء هذا المعنى في
قوله تعالى (وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ
بِيَميِنكَ إِذاً لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ) (العنكبوت48). (بَلْ هُوَ
آيَاتٌ بَيَّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَمَا يَجْحدُ
بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالمُونَ) (العنكبوت/49). أن السر الأكبر في أمية النبي صلى الله عليه وسلم من ناحية الخط وقراءة المخطوط هي أن أساس الكلام الإنساني هو الأصوات وليس الخطوط، أي أن اللغة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم كانت لساناً وأذناً "كلام وسمع". لأنَّ أي قوم إذا غيروا أبجديتهم فلا يتأثرون أبداً في كلامهم بين بعضهم وفهمهم للغتهم بل يتأثرون بقراءة المخطوط. علماً بأن الكتاب جاء إلى النبي وحياً، أي جاءه بصيغة صوتية غير مخطوطة وسماه الكتاب. فإذا سألني سائل: ما معنى قوله تعالى (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ). (الأعراف145)؟ الألواح هنا قرطاسية أي ما يخط عليه. فأقول: لو قال "وخططنا له في الألواح" فيأتي السؤال: بأي خط؟ أي بأية أبجدية؟ ولكن قال: (وَكَتَبْنَا لَهُ) فالسؤال هنا: ماذا كتب؟ ويأتي الجواب مباشرة (مِن كُلِّ شَيءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيءٍ) (الأعراف 145) فهنا بعد فعل كتبنا ذكر الموضوع مباشرة. وإذا سأل سائل: ما معنى فعل كتب في آية المداينة في سورة البقرة وهي آية حدودية. (يَا أَيُّهَا الَّذينَ أمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَينٍ إلَى أَجلٍ مُّسمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالعدْلِ.. الآية) (البقرة/ 282) هنا "فاكتبوه" بمعنى تسجيل العقود حسب الموضوع كأن نقول فريق أول وفريق ثانٍ وموضوع العقد هل هو مال أو بيت أو تنفيذ أعمال.. مع الأجل.. الخ حيث أن بنود العقد تشمل كل صغيرة وكبيرة لذا قال. "فاكتبوه" وهنا ليس بالضرورة أن يكون الكتاب بالعدل خطياً أو العقد خطياً فيمكن أن يكون العقد شفهياً أي أن هذه الآية تشمل العقود الخطية أو الاتفاقات الشفهية. لذا قال عن الشهادة (فَرَجُلٌ وَامرأتَانِ مِمَّن تَرْضَونَ مِنَ الشُّهدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) (البقرة 282). فكيف نفهم هذا الشرط في حالة توثيق العقد في كاتب العدل كما نفعل الآن لأنه في حالة العقد الخطي بوجود الكاتب بالعدل لا داعي أصلاً أن تضل إحداهما لتذكرها الأخرى لأن محتويات العقد الخطية الموثقة في كاتب العدل لا تحتاج بعد مدة من الزمن إلى أي مراجعة، وهذا الشرط صحيح للكتابة الشفهية للعقد "شروط العقد" لأن أساس التعامل بين الناس والدول هو الاتفاقات الشفهية أولاً ثم تنسخ أو لا تنسخ "توثق أو لا توثق".
---------------------------------- |
|