الرسالة الثالثة

 

أخي القارئ الكريم، أختي القارئة الكريمة

هذه رسالتنا الثالثة لك، ونأمل أن نستفيد معا مما فيها من معان مفيدة. وفى البداية نذكر لك الآية القرآنية التالية: "إذ قال الله يا عيسى ابن مريم، اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس، تكلم الناس في المهد وكهلاً. وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني، وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني، وإذ تخرج الموتى بإذني، وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات، فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين" (المائدة 110).

في هذه الآية يُثبت القرآن أن الله علّم المسيح الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، والروح القدس  الذي أيّـد المسيح في حياته على الأرض بشهادة القرآن قد حفظ لنا هذه الذخيرة الحية من الحكمة والعلم في الإنجيل المقدس وقد حافظ عليه من التحريف والتزوير والضياع بحيث يكون هدى للناس أجمعين في كل زمان ومكان. واليوم نود أن نحدثك عن أحد الأمثلة التي قصّها المسيح يسوع. قال المسيح:-

"إنسان كان له ابنان، فقال أصغرهما لأبيه: يا أبى اعطني القسم الذي يصيبني من المال، فقسم لهما معيشته. وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شئ وسافر إلى كورة بعيدة وهناك بذّر ماله في عيش مسرف، فلما أنفق كل شئ حدث جوع شديد في تلك الكورة فابتدأ يحتاج، فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازير، وكان يشتهى أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله، فلم يعطه أحد. فرجع إلى نفسه وقال كم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعاً. أقوم وأذهب إلى أبى وأقول له: يا أبى أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقاً أن أُدعى لك ابنا. اجعلني كأحد أجراك. فقام وجاء إلى أبيه وإذ كان لم يزل بعيداً رآه أبوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبّله. فقال له الابن: يا أبى أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً بعد أن أُدعى لك ابنا. فقال الأب لعبيده أخرجوا الحُله الأولى والبسوه واجعلوا خاتماً في يده وحذاء في رجليه، وقدموا العجل المسمن واذبحوه فنأكل ونفرح، لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوُجِد. فابتدءوا يفرحون. وكان ابنه الأكبر في الحقل فلما جاء وقرب من البيت سمع صوت آلات طرب ورقصاً، فدعى واحداً من الغلمان وسأله ما عسى أن يكون هذا، فقال له: أخوك جاء فذبح أبوك العجل المسمن لأنه قبله سالماً، فغضب ولم يرد أن يدخل، فخرج أبوه يطلب إليه، فأجاب وقال لأبيه: ها أنا أخدمك سنين هذا عددها وقط لم أتجاوز وصيتك، وجدياً لم تعطني قط لأفرح مع أصدقائي، ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني ذبحت له العجل المسمن. فقال له: يا بنى أنت معي في كل حين وكل ما لي فهو لك، ولكن كان ينبغي أن نفرح ونُسرَّ لأن أخاك هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوُجِد." (إنجيل لوقا الإصحاح 15 والعدد 11- 32).

من خلال هذه الحكاية البسيطة في مظهرها والعميقة في مضمونها يكشف يسوع المسيح لنا بأسلوب بسيط عن محبة الله للبشر وسعيه لخلاصهم. والأب في هذا المثل يمثل الله الآب الرحوم، الذي أعطى الإنسان حرية الإرادة والتفكير، والابن الأصغر هو في الحقيقة يمثل كل واحد منا، فبسبب حرية الإرادة ذهب كل واحد منا في طريقه ليفعل الشر كما يريد، ويتمتع بصورة سيئة بهذه الحرية في الانغماس في الخطايا والشهوات وتبذير المال والصحة والنفسية في المتع المختلفة، وفى النهاية لا نحصد غير الجوع بكل أشكاله، فنشتهي أمور هذا العالم ولا نحصل على شئ يسد هذا الجوع. ولا يبقى أمامنا غير ما فعله هذا الابن الذي رجع إلى نفسه وعرف مدى الخسارة التي لحقته في بعده عن الله. والمسيح يكشف لنا في هذا المثال عن محبة الله لنا غير المحدودة، فالأب في هذا المثل كان يتطلع يومياً منتظراً عودة ابنه، والآب السماوي يتطلع إلى عودة كل منا عن طريق الشر الذي يسير فيه. وحينما رأى الأب ابنه من بعيد ركض إليه ووقع على عنقه وقبّله، وكان من المتوقع أن يؤنبه أبوه، ويتخذه كأحد أجرائه ولو لفترة من الزمن كعقاب للابن، ولكن ما حدث هو العكس، فالأب يأمر الخدام بإحضار حلة (لباس) جديد للابن، وخاتم وحذاء جديد، فالله يجدد الإنسان التائب إليه بقلب صادق تجديداً كاملاً. وليس هذا فقط بل يأمر أيضاً بذبح العجل المسمن احتفالا بالابن العائد إليه، فهل تتصور أن الله يفرح بكل تائب إليه كما فرح هذا الأب الطيب بابنه في هذا المثل. نعم نحن نثق في هذا ونؤمن به أن الله يحب البشر أجمعين وينتظر أن يعرفوا مدى تعاستهم وبؤسهم في البعد عن الله، وهو يفرح بكل خاطئ يتوب إليه وفى محبة أبوية فائقة يجدد الله الإنسان ويرفعه إلى مرتبة البنوة بحيث لا يكون للشر سلطان عليه.

فهل ذقت أخي الحبيب هذه المحبة الإلهية العجيبة. إنه اليوم يوم خلاص لك لتعود عن طريق الشر، وترتمي في أحضان الله وتعبر له في كلمات بسيطة عن ندمك على حياتك السابقة ورغبتك في العودة إليه والحياة معه.

والآن إليك قصة قصيرة بعنوان "طريقي إلى النور" والتي نأمل آن تحوز إعجابك.

 

طريقى إلى النور

شهادة مسلم عرف المسيح

الجزء الأول

القصة

ليس هذا دفاعاً عن نفسي؛ ولكن هذا ما حدث بكل أمانة. وهذه الكلمات ليس المقصود بها هجوماً  أو تشكيكاً من نوع ما. وللمسيحيين المؤمنين لا يوجد شيئاً عندي معجزة لأرويها. الحقيقة أن الله قد أنار قلبي وعيني حتى أعرف الحقيقة الإلهية وحقيقة المسيح والإيمان به. وأقول لمن يهتم فقط بسماع المعجزات؛ اسمع ما قد كُتب في إنجيل البشير متّى الإصحاح 27 والعدد 41-43: " كذلك رؤساء الكهنة أيضا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا خلّص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها. إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به. قد اتكل على الله فلينقذه الآن إ ن أراده لأنه قال أنا ابن الله".

أقول هؤلاء شاهدوا المسيح صانع المعجزات ولم يؤمنوا به لأن المعجزات ليست شرطاً للإيمان بالمسيح. الإيمان بالمسيح نور يعطيه الله لمن يشاء فلقد أنار قلبي بنوره.

الاخوة المسلمين... ليس بجديد أن يترك مسلم الإسلام ...

مثال: عن ابن عباس في قوله لا إكراه في الدين، قال: "نزلت في رجل من الأنصار من بنى سالم يقال له الحصين، كان له ابنان نصرانيان وكان هو مسلماً، فقال للنبي ألا أستكرهما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية، فقال له "لا إكراه في الدين" (ابن كثير الجزء الأول صفحة 310 - 313).

مثال آخر: عرض رسول الله نفسه على بنى كلب وقال لهم "يا بنى عبد الله  إن الله عز وجل قد أحسن اسم أبيكم" فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.

مثال ثالث: عرض رسول الله نفسه على بنى حنيفة فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه رداً منهم  (السيرة النبوية لابن هشام المجلد الأول صفحة 383-384).

في عام 1985 كنت بائعاً للجرائد في أحد البلاد الأوروبية وتقابلت مع داعية للديانة المسيحية ، وكانت نشيطة في ذلك لأنها لم تترك أحداً من زملائي إلا وتتكلم معه عن المسيح وتدعوه إلى اجتماعاتهم الدينية. وقد سألتها إن كانت من شهود يهوه، فأجابتني بالنفي وأعطتني كتاب ضد هذه البدعة.

بعد ذلك حضرت في اجتماعات الصلاة الخاصة بهم، ورأيت فيهم روح الإسلام ، ولاحظت أن ليس لهم غير الكتاب المقدس والمسيح، وشعرت أن استمراري في حضور اجتماعاتهم يُبعدني عن الانحراف في أوروبا.

وقد سألني المسؤول عن الاجتماعات عن سبب مواظبتي على الحضور عندهم، فقلت له "لأنكم مؤمنين بالله". وكان رده "إن هناك جماعات مختلفة في أنحاء كثيرة من العالم تعبد آلهة مختلفة كل واحدة على هواها، وهم بالطبع كفرة بالله". وسألني إن كنت أؤمن بما هم يؤمنون به وكان ردي بالنفي. فقال إن الكتاب المقدس يشبه صورة جميلة رسمها فنان ثم وضعها بعد ذلك في برواز ولا يمكن أن يأتي أحد بعد ذلك ليضع ملامح أخرى عليها. ولذلك طلبت من الأخت الداعية أن تحضر لي نسخة من الكتاب المقدس باللغة العربية. ولقد سخرت من أسلوبه آنذاك مُقارناً بينه وبين أسلوب القرآن الكريم. وبعد أيام قلائل ندمت على هذه السخرية، وقلت لنفسي إن هذا الكتاب ليس مُحرفاً أو مُزوراً ولكن ربما من الترجمة لم يذكروا الإسلاميات. أما فيما يختص بقصة خلق الله للسموات والأرض وأخبار الأنبياء فرأيت أنها موضحة ومرتبة أكثر مما هي عليه في القرآن الكريم. وعرفت أيضا أن ختان الأطفال "الطهور" وذبح خروف الأضحى أو الضحية وطبع الأيادي المُلطخة بدم الذبيحة على حوائط المنازل وأشياء أخر كثيرة هي عادات وتقاليد يهودية أوحى بها الله للشعب اليهودي وهى ليست إسلامية الأصل كما كنت أعتقد. كذلك عرفت سر ظهور قوس قزح في السماء وسبب تعدد اللغات على وجه الأرض... وأشياء كثيرة يطول ذكرها.

وفى رمضان من عام 1987 وجدت آيات قرآنية في سور مختلفة تتهم بعض اليهود بتحوير معنى من بعض معاني التوراة لا نصوصها :"أفتطمعون أن يُؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون" (سورة البقرة 75). "إن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم لتحسبوه من الكتاب" (آل عمران 78). وأُتيحت لي الفرصة هنا أن أرى الكتاب المقدس بأكثر من لغة: العربية والألمانية والإنجليزية، ووجدتهم لا يختلفون كما كنا نتصور نحن المسلمون. وهنا بدأت تظهر لي حقيقة الكتاب المقدس وأنه لم يُحرف أو يُزور. والقرآن الكريم نفسه أكد لي هذه الحقيقة: "إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون" (الحجر 9)، " وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس" (آل عمران 3)، "وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون" (المائدة 47).

وهذا لم يجعلني أشك في الإسلام واقتنعت تماماً أن الكتاب المقدس كتاب الله منزل من عنده وهو حافظ له والله خير حافظ لكلامه. وقرأت كتاباً صغيراً اسمه "الطريق الوحيد إلى السماء" وهو يتكلم عن سيدنا محمد وسيرته معتمداً على آيات قرآنية وتفاسير لبعض كبار علماء الإسلام والسيرة النبوية لابن هشام، وملخص الكتاب أنه ينكر النبوة عن الرسول ويصفه بأنه رجل لا هم له إلا النساء والحروب والغزوات. وقلت لنفسي هؤلاء لا يعرفون الحكمة الإلهية لتعدد زوجات النبي ولكن لاحظت أن كل الآيات والتفسيرات التي اعتمدوا عليها فعلاً مكتوبة في القرآن وكتب التفاسير. ثم طالعت كتيبات تتحدث عن موت المسيح مستندة على آيات قرآنية وقمت بنفسي بمراجعة هذه الآيات وتفسيراتها فوجدت الآتي:

1- اختلاف آراء العلماء عن موت المسيح.

2- قول رسول الله أن المسيح لم يمت.

3- آيات قرآنية تشير إلى موت المسيح فعلا وآية قرآنية واحدة تنكر هذا الموت.

وفى تفسير ابن كثير الجزء الأول صفحة 366 بالحرف الواحد: اختلف المفسرون في قوله تعالى "أني متوفيك ورافعك إلىّ" عن ابن عباس متوفيك أي مميتك. عن وهب قال توفاه الله ثلاث ساعات من أول النهار، وعن ابن إسحاق قال توفاه الله سبع ساعات ثم أحياه، وعن وهب أماته الله ثلاثة أيام ثم بعثه ثم رفعه، وعن الحسن قال يعنى وفاه المنام ورفعه في منامه.

ولقد لاحظت أن وهب نفسه مرة ذكر ثلاث ساعات ومرة ثلاثة أيام ووجدت أن العلماء اختلفوا على آية لا يختلف عليها اثنين من ذوى الألباب. والآية حسب نص القرآن "إذ قال الله يا عيسى أنى متوفيك ورافعك إلىّ ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون" (آل عمران 55).

قال رسول الله لليهود إن عيسى لم يمت وانه راجع إليكم قبل يوم القيامة. (ابن كثير الجزء الأول  صفحة 366)، وكأن رسول الله لم يعترف بالآيات التي تدل على موت عيسى. وهناك الآية "ما قلت لهم إلا ما أمرتني به...وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم" (المائدة 117). هذه الآية تثبت بلا خلاف أن المسيح توفى فعلا وليس كما قال الرسول، فآمنت أن المسيح فعلا قد مات...ولم يخطر على بالى حينذاك أن هذا ما هو إلا تناقضا بين قول القرآن وقول الرسول . ولم تكن هذه هي النتيجة التي كنت آملها حينما بدأت في بحثي عن الحقيقة، ولم يكن يخطر على بالى أبدا أن أشك في الدين الإسلامي... وتركت قراءة الكتاب المقدس. وبدأت أبحث عن من يكون المسيح في القرآن ومن القرآن، وكان هذا صعب جداً نظرا لعدم وجود سورة في القرآن تروى قصة السيد المسيح من بدايتها إلى نهايتها كما هو الحال في الكتاب المقدس، فكل نبي أو رسول له قصة مذكورة مرتبة وكاملة. وبدأت فعلا في مطالعة القرآن الكريم من أول سورة البقرة وبكل تأنى وبعين فاحصة ولفت نظري في هذا البحث هذه الآيات "قال لأهله امكثوا أني أنست نارا... فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين" (القصص 30)، " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً" (النساء 164)، وحيث أن الله كلم موسى بدون وسيط شخصياً فليس بالصعب عليه أن يتمثل بشراً سوياً "فتمثل لها بشراً سوياً" (مريم 17)، ونص الآية صريح أن الذي تمثل لها بشراً سوياً هو الروح الذي أرسله الله وهو روح الله، ونص الآية "فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً" (مريم 17).

وجاء في تفسيرات القرآن أن الروح هو جبرائيل، وتابعت الآيات في نفس السورة أن الروح الذي تمثل لها بشرا سويا يفعل الآتي:

1- لأهب لك غلاماً ذكياً (مريم 19)

2- ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً (مريم 21)

وجبرائيل لا يستطيع القيام بهذه المهمة  بل هو الروح القدس لأن الفرق شاسع بين الروح القدس وجبرائيل وحاشا لله أن يُشرك معه أحداً في الوهب والجعل. وفى سورة أخرى يفسر العلماء أن النافخ في مريم بنت عمران هو جبرائيل، وهذا يعتبر شركاً بالله إذا وجد من يقوم بالنفخ أو الخلق غير الله. أما جبرائيل فنحن نعرف أنه سجد لآدم مع الملائكة وهو فانٍ وميت وهالك حسب آيات القرآن. كل من عليها فان، كل نفس ذائقة الموت، كل شئ هالك إلا وجه ذو الجلال والإكرام. إذن لا يصح تفسير العلماء بأن الروح القدس هو جبرائيل لأن الروح لا يهلك. ووجدت أن روح الله الذي أرسله الله فتمثل بشراً سوياً في سورة مريم هو إثبات لصحة الكلام المكتوب في الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد حيث نقرأ: "ها العذراء تحبل وتلد ابنا اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا، والكلمة صار بشراً ونحن رأيناه، لأنه يُولد لنا ولد ونُعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفيه ويُدعى اسمه عجيباً مشيراً إلها قديراً أباً أبدياً رئيس السلام" (أشعياء الصحاح 9 الآية 5). ومن هنا عرفت أن الله تجسد لأن القرآن عندما يقول أن الله أرسل روحه لا يوجد فرق بين الله وروحه ومن هنا آمنت أن الله تجسد في البشر في شخص يسوع كلمة الله وروح الله، وعرفت حقيقة الإيمان بالمسيح فوجدت نفسي مؤمناً بأن الكتاب المقدس الذي يروى رواية واحدة كاملة غير مكررة واضحة مرتبة هو طريق واضح لا التواء فيه ولا حيرة، وذلك عكس ما وجدته في القرآن حيث لا يبدأ كما بدأ الكتاب المقدس ولا ينتهي كما ينتهي الكتاب المقدس. فالكتاب المقدس يبدأ بخلق الله للكون والبشر ثم قصص الأنبياء وينتهي بوعود للمسيح عن عودته مرة ثانية والحياة الأبدية مع الله القدوس. وذلك على عكس القرآن الذي يضم الكثير من الآيات المتناقضة التي لم يستطع العلماء أن يجدوا لهل حلاً رغم هذا الكم الكبير من كتب التفسير.

وكثر إطلاعي على القرآن وتفسيراته والسيرة النبوية وأيضاً على الكتاب المقدس، واندهشت جدا للاختلاف الكبير بين الكتابين، فكلاً منهما يرى الله بصورة مختلفة عن الآخر، واتضح لي أن الكتاب المقدس يصور لنا الله وكيف خلق الكون والإنسان وأنزل بشريعته على موسى ثم وعوده للأنبياء بمجيء المسيح المخلص ... وهى رواية واحدة عن الخلق كتبها موسى وشريعة واحدة نزلت عليه، لم نسمع عن قصة أخرى للخلق أو شريعة أخرى لأي نبي بعد موسى، فهم 24 نبيا على مدار 4000 سنة من بدء الخليقة إلى مجيء المسيح، الذي قال في إنجيل البشير متّى الإصحاح الخامس العدد 17-19": لا تظنوا أنى أتيت لأنقض الناموس (الشريعة) أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يُدعى أصغر في ملكوت السموات، وأما من عمل وعلّم فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السموات".

وإني لأندهش أن النبي العربي الوحيد هو نبي الإسلام لأن من أول موسى إلى المسيح كلهم أنبياء من اليهود فجاء النبي الوحيد العربي بما يختلف عن هؤلاء الأنبياء وقلت لنفسي لو كان محمداً يقصد الإله الذي خلق السموات والأرض وأنزل الشريعة على موسى، لماذا يأتي بكتاب آخر ولماذا يأتي بشريعة أخرى غير التي أنزلها الله على موسى؟ وإذا راجعنا قول المسيح نجد أنه لا ينقض الشريعة ولا الأنبياء السابقين، أما محمداً فقد بدأ بتصديق التوراة والإنجيل ثم سرعان ما تغير ولعن اليهود وقال عليهم كفرة ومُشركين وكذلك النصارى أتباع المسيح رماهم بالكفر والشرك.

وأريد أن أختم هذا الجزء بقصتي مع الإسلام في مصر، فقد كنت مواظباً على الصلاة والصيام وقراءة القرآن وتفسيراته. ولقد لاحظ أحد الشيوخ والمسؤول عن المسجد مواظبتي هذه وعرض علىّ في البداية أن أصبح عضواً في الجمعية الشرعية الإسلامية ثم أن أصبح مؤذناً للمسجد بالتناوب ثم القيام بزيارة المساجد التابعة للجمعية في القاهرة. وبعد مرور ثلاث سنوات بدأت في إعطاء دروس بعد الصلاة بالتناوب. وقد عُرض علىّ بعدها أن أكون واعظاً في المساجد التابعة للجمعية ولكنني رفضت، وفضلت أن أدعو للإسلام الذي لا يعرفه المسلمون، فكنت أتكلم في العمل وفى المسجد وفى كل مكان مع المسلمين حتى يعرفوا كتاب الله وسنة رسوله وأحذرهم من البدع والضلال، وهذا مما تعلمته من مطالعتي لكتب التفسير ومن مواظبتي على حضور الدروس الخاصة والعظات لشيوخ وأساتذة الجمعية الشرعية. وكنت فخوراً بشعارنا المكتوب على مساجدنا "مسجد العاملين بكتاب الله وسنة رسوله". وخلال عشر سنوات قضيتها في الإطلاع على التفاسير ومواظبتي على الصلاة في مساجد الجمعية الشرعية، وكانت هناك أسئلة لا أجد لها تفسيراً. وكان الرد على تساؤلاتي دائماً، أن الإنسان لا يجب أن "يشطح" بأفكاره وان "الله أعلم". وكنت في هذا المناخ مقتنع جداً الإسلام وداعٍ له حتى بين المسلمين. وعندما قرأت الكتاب المقدس هنا عرفت سبب الحيرة وعدم الحصول على أجوبة للتساؤلات الكثيرة، وذلك بسبب كثرة الروايات واختلافها  ولعدم وجود مصدر موثوق به للرجوع إليه.

في المناخ الإسلامي الذي كنت فيه سابقاً، كنت أدّعى العلم وأما الآن فقد ظهر الحق وأنار الله قلبي وقرأت الكتاب المقدس وعرفت حقيقة الله القدوس، كما عرفت أيضاً أنني إنسان خاطئ ومحتاج إلى الله لكي أحصل على غفران ذنبي وذلك ليس بالصلاة والصوم أو بأعمالي ولكن بنعمة الله علىّ.

الجزء الثاني

المقارنة

في هذا الجزء أود أن أعرض على القارئ العزيز نتيجة إطلاعي على كل من الإنجيل والقرآن، وأطلب من الله أن يجعلها لفائدة القارئ، كما أطلب من القارئ العزيز أن يترك الانفعال جانباً، ويحاول الحصول على الكتب المذكورة في هذه الدراسة المتواضعة ويقوم هو شخصياً بالدراسة والمقارنة والاستنتاج، وإله الكل الذي لا يرضى أن يبقى أحد في الظلام سوف ينير لكل إنسان يبحث بإخلاص عن الحقيقة.

1- عدم ذِكر محمد في الإنجيل:

قال ابن إسحق عن صفة رسول الله "عما أثبت يحنس الحواري لهم حين نسخ لهم الإنجيل أنه قال: فلو قد جاء المنحميا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب وروح القدس، هذا الذي من عند الرب خرج فهو شهيداً علىّ وأنتم أيضاً لأنكم قديماً كنتم معي في هذا. والمنحميا في السريانية يعنى محمد، وهو بالرومية يعنى البرقليطس صلى الله عليه وسلّم" (السيرة النبوية لابن هشام الجزء الأول صفحة 232). هذه هي المرة الوحيدة التي إدُعيَ فيها ذكر النبي في الإنجيل. وقال ابن عباس في شرحه للآية "ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون" أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة بالرسول وأنكم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم (ابن كثير الجزء الأول صفحة 84). وفى شرح الآية "وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه" قال قتاده هم اليهود الذين كانوا يسمعون كلام الله ثم يُحرفونه وقال أبو العالية :عمدوا إلى ما أُنزل في كتابهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم (ابن كثير الجزء الأول صفحة 115).

وإذا راجعنا ما هو مكتوب في إنجيل يوحنا نجد الآتي: "قال المسيح قبل ارتفاعه إلى السماء، أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم، لا أترككم يتامى وإني آتى إليكم" (الإنجيل حسب البشير يوحنا الإصحاح 14 والعدد من 16 إلى 18). إذاً الصفة التي كتبها يحنس في إنجيله (حسب السيرة النبوية) أو الصفة التي كتبها يوحنا في إنجيله (حسب الكتاب المقدس) لا صلة لها بالنبي محمد (ص) لأنه لا يجوز القول بأن محمد هو الروح القدس الذي يخرج من عند الرب، كما لا يجوز القول بأن محمد ماكث مع المسيحيين المؤمنين إلى الأبد، لأن موت النبي حقيقة يُقر بها الجميع.

2-  عدم تحريف التوراة والإنجيل:

قال "وهب بن منبه" أن التوراة والإنجيل كما أنزلها الله تعالى لم يُغّير منها حرف، ولكنهم يضلون بالتحريف وبالتأويل بكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم (ابن كثير المجلد الأول صفحة 376). وكذلك قال ابن عباس " ليس أحد من خلق الله يُزيل لفظ من كتاب من كتب الله، ولكنهم يُحرفونه على غير تأويله" (ابن كثير المجلد الأول صفحة 376). وهكذا نجد أنه لا تحريف في التوراة والإنجيل، أو إنكار لنعت أو صفات محمد بل أقاويل تناقلت عن فلان وعن فلان وعن فلان.... أما الحقيقة فهي كما قال المسيح "إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس (الشريعة)"

 

3- اختلاف اليهود على من يكون المسيح:

تنبأ أنبياء اليهود عن مجيء مسيح يُخلص شعبه من خطاياهم، وانتظر اليهود سنين عديدة، بل آلاف من السنين، وهنا أذكر بعض تنبؤات أشعياء النبي عن المسيح وصفاته "ولكن لا يكون ظلام للتي عليها ضيق كما أهان الزمان الأول أرض زبولون وأرض نفتالى يُكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم. يفرحون كالفرح في  الحصاد ويبتهجون لأنه يُولد لنا ولد ونُعطَى أبنا، وتكون الرياسة على كتفيه  ويُدعى اسمه عجيباً مُشيراً إلهاً قديراً رئيس السلام، لا نهاية على مملكته  ويعضدها بالحق والبر من الآن وإلى الأبد، غيرة رب الجنود تصنع هذا" (أشعياء 9). ومكتوب في إنجيل متّى، الإصحاح الأول والعدد 21 "اسمه يسوع لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم". فبمجيء المسيح المُنتظر تتم نبوءات أنبياء اليهود الذين أرسلهم الله للشعب اليهودي. ولقد اختلف اليهود فيما يختص بالمسيح "ولما جاء إلى وطنه كان يُعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا من أين لهذا هذه الحكمة والقوات، أليس هذا ابن النجار، أليست أمه تُدعى مريم" (متّى الإصحاح 13 والعدد 54-55). "سأل تلاميذه قائلاً من يقول الناس إني ابن الإنسان، فقالوا قوم يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون واحد من الأنبياء. قال لهم وأنتم من تقولون إني أنا، فأجاب سمعان بطرس وقال أنت المسيح ابن الله الحي" (متّى الإصحاح 61 والعدد 13-16). ‌"وفيما هو يمشى في الهيكل أقبل رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ وقالوا له بأي سلطان تفعل هذا ومن أعطاك هذا السلطان حتى تفعل هذا" (مرقس الإصحاح 11 والعدد 27-28). "فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه وأرسل إلى يسوع قائلاً أأنت هو الآتي أم ننتظر آخر فأجاب يسوع وقال لهما اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما، إن العمى يُبصرون والعرج  يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون، وطوبى لمن لا يعثر في" (لوقا الإصحاح 7 والعدد 19-23). فسأله رئيس الكهنة أيضاً وقال أأنت المسيح ابن المبارك، فقال له يسوع أنا هو" (مرقس الإصحاح 14 والعدد 62-63). "فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت" (مرقس الإصحاح 14 والعدد 64). "فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح" (مرقس الإصحاح 15 والعدد 37). "ولما رأى قائد المئه الواقف مقابله أنه صرخ هكذا وأسلم الروح قال حقاً كان هذا الإنسان ابن الله" (مرقس الإصحاح 15 والعدد 39). فلقد انتظر اليهود المسيح المُخلص وعندما جاء اختلفوا فيه  وصلبوه ، ومازالوا ينتظرون المسيح حتى الآن. أما الذين آمنوا به أنه هو المسيح ابن الله فقد صاروا مسيحيين وينتظرون عودة المسيح مرة أخرى كما وعد، وكل من يأتي بعد المسيح يكون من الأنبياء الكذبة.

4- نشر الدعوة الإسلامية:

لقد بدأ النبي بعرض الدين الجديد بطريق اللين في الكلام إلى حد النفاق، فقد قال لبنى كلب - كما ذكرنا سابقاً - أن الله عزّ وجل أحسن اسم أبيكم، كما أنه تحايل على المشركين وتكلم معهم بطريقة لا تليق ودعوته. وكذلك لليهود والنصارى بأن كتابهم من عند الله وفيه أحكام الله ... حتى يُمكنه ضم بعض منهم إليه، "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أُمروا ألا يعبدوا إلها واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يُشركون" (سورة التوبة العدد 30)، فأراد أن يقول للنصارى أن الله والمسيح واحد، ولا يصح أن يأخذوا الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم. "وأنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" (سورة السبأ العدد 24)، قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم" (سورة الأحقاف العدد 9)، "ولقد آتينا بني إسرائيل الكتب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين" (سورة الجاثية العدد 16).

والآيات والسور في القرآن كثيرة جداً لمدح اليهود والنصارى ... ثم بعد ذلك رماهم بالكفر والشرك وأمر بقتلهم. ومن أشهر الأقوال في الإسلام "أسلم تسلم"، وقال محمد "أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا عُصموا من دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" (ابن كثير الجزء الرابع صفحة 405)، وهنا تناقض واضح لقوله تعالى "لست عليهم بمسيطر فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب". وهناك الآيات الكثيرة المتناقضة في أمر القتل والإكراه في الدين.

5- منهج النبي محمد في الحياة :

وهنا نذكر بعض النقاط التي لا تتوافق والدعوة والنبوة

ا- قال الرسول "إن من سنن المرسلين النكاح والعطر والسواك". وأنا لا أتصور أن النكاح من صفة المُرسَلين لأنهم يحملون صفات المُرسَلين منه وهو الله. وفى الكتاب المقدس نجد وصفاً لأحد الأنبياء الصادقين "ويوحنا (المعمدان) هذا كان لباسه من وبر الإبل وعلى حقويه منطقة من جلد وكان طعامه جراداً وعسلاً برياً" (متّى الإصحاح 3 والعدد 4). وفى حديث مشهور قال النبي محمد "حبب إلىّ النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة"  ، وقالت عائشة "لم يكن شيئاً أحب إلى رسول الله من النساء إلا الخيل، وفى رواية أخرى من الخيل إلا النساء" (ابن كثير الجزء الأول ص351).

ب- نساء النبي: لقد اختلف ابن هشام مع نفسه عندما تناول هذا الموضوع، فقال في البداية أنهن تسعة وعندما تناول كل واحدة على حده أصبحن إحدى عشر وعندما قسّمهن إلى قريشيات وعربيات وغير عربيات أصبحن أربعة عشر. والغريب أنه لا يحق لأحد غير النبي الجمع بين أكثر من أربع زوجات (ابن كثير الجزء الأول صفحة 450)، والأغرب أن تكون هذه السُنة والأوامر منزلة من عند الإله الذي لا يعرف المحاباة أو التغيير أو التناقض. أنه من الصعب تصديق ما قيل "أن أكمل الخلق إيماناً وأخلصهم لله عبودية وأعظمهم خُلقاً وخلقاً على الإطلاق هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ولا يبارى في ذلك ممن أعرف بسلامة الفطرة وحرية التفكير ونزاهة الحكم... ولقد أتم الله به النعمة وأكمل به الدين وختم به النبيين وتمم مكارم الأخلاق... في حين نقرأ عن زواجه من عائشة وهى بنت سبع سنوات ودخل بها وهى بنت تسع سنوات، أو زواجه من زينب بنت جحش المتزوجة من ابن النبي بالتبني "زيد بن حارثة" والتي رآها في منزلها في عدم وجود رجلها فوقع في قلبه حبها، إلى آخر القصة التي انتهت بطلاق زوجها لها وزواج الرسول منها (تفسير الجلالين صفحة 555). ولقد عاتبته عائشة في أحد المرات واستغربت له أقواله وأفعاله فقالت له "أرى ربك يُسارع في هواك" (الجلالين 649). كذلك التشريع بوجوب "المحلل" "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ... تلك حدود الله بينهما لقوم يعلمون" (سورة البقرة 230). وبالمقارنة بالكتاب المقدس نجد أن "الناموس (الشريعة) والأنبياء إلى يوحنا ومن ذلك الوقت يُبشرون بملكوت الله ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تزول نقطة واحدة من الناموس، وكل من يطلق امرأته ويتزوج بأخرى يزنى وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزنى" (لوقا الإصحاح 16 والعدد 16-18). "وجاء الفريسيون ليجربوه قائلين  له هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب، فأجاب وقال أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكر وأنثي وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته  ويكون الاثنان جسداً واحداً، إذن ليس بعد اثنين بل جسداً واحداً، فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان0 فقالوا له فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق0 قال لهم إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نسائكم0 وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى" (الإنجيل حسب البشير متّى الإصحاح 19 والعدد من 3-19).

6- الآخرة في الإسلام والمسيحية:

صوّر الإسلام الآخرة كما يلي:

ا- يُعطى الشهيد ست خصال منها.. يُوضع على رأسه تاج الوقار مرصع بالدر والياقوت. الياقوته منه خير من الدنيا وما فيها، ويُزَوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين. (عن الشهيد وخصاله في الجزء الرابع من ابن كثير صفحة 174).

ب- "فيهن قاصرات الطرف" أي غضيضات عن غير أزواجهن فلا يرين في الجنة شيئاً أحسن من أزواجهن. وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها : والله ما أرى في الجنة شيئاً أحسن منك ولا في الجنة شيئاً أحب منك فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك.

جـ- "لم يطمثهن إنس ولا جن" ..سُئل المنذر بن حبيب هل يدخل الجن الجنة؟ قال نعم وينكحون للجن جنيات وللإنس إنسيات.

د- كأنهن الياقوت والمرجان" ..عن النبي قال إن المرأة من نساء أهل الجنة ليُرى بياض ساقها من وراء سبعين حُلة من حرير حتى يُرى مخها.

هـ- قال الرسول: والذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف من أزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة، فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين  زوجة مما ينشأ الله واثنتين من ولد آدم لهما، فضل لمن أنشأ الله بعبادتهما .يدخل على الأولى منهما في غرفة من ياقوت على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه سبعون زوجاً من سندس وأستبرق، وانه ليضع يده بين كتفيها ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها، وانه لا يملها ولا تمله ولا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء.

و- قال الحارث عن دراج، سأل رسول الله أنطأ في الجنة؟ قال رسول الله نعم والذي نفسي بيده دحما دحما، فإذا قام عنها رجعت مُطهرة بكراً.

ز- قال رسول الله إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكاراً.

حـ- قيل يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة؟ قال إن الرجل ليصل في اليوم مائة عذراء.

ط - قال الرسول أن في الجنة مجتمعاً للحور العين يرفعن أصواتاً لم تسمع الخلائق بمثلها، وقال يقلن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن كان لنا وكنا له0 وفى رواية أخرى أن الحور العين يغنين في الجنة نحن الحور الحسان خُلقنا لأزواج كرام0

ى - جاء أناس من اليهود إلى رسول الله فقالوا يا محمد أفي الجنة فاكهة؟ قال نعم فيها فاكهة ونخل ورمان وقال نظرت إلى الجنة فإذا الرمان من رمانها كالبعير ..0 أحلى من العسل  وألين من الزبد0

ك - سألت أم سلمه رسول الله: المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ثم تموت فتدخل الجنة فيدخلون معها من يكون زوجها؟ قال يا أم سلمه إنها تُخير فتختار أحسنهم خُلقاً فتقول يا رب إن هذا كان أحسن خُلقاً معي فزوجينه0 (مراجع من ا إلى ك: ابن كثير الجزء الرابع صفحة 278 - 293).

وهنا لا نجد ذكر للصلاة أو ذكر اسم الله ولم يتكلم محمد عن وجود الله في الجنة، فماذا يقول المسيح عن الحياة الأبدية0 "جاء البعض يسألون المسيح عن القيامة قائلين له يا معلم: قال موسى إن مات أحد وليس له أولاد يتزوج أخوه بامرأته ويقيم نسلاً لأخيه0 فكان عندنا سبعة أخوة وتزوج الأول ومات وإذ لم يكن له نسل ترك امرأته لأخيه وكذلك الثاني إلى السبعة وآخر الكل ماتت المرأة أيضاً ففي القيامة لمن تكون من السبعة زوجة لأنها كانت للجميع0 فأجاب يسوع وقال لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله، لأنهم في القيامة لا يُزوجون ولا يتزوجون بل يكونوا كملائكة الله في السماء (الإنجيل حسب البشير متّى الإصحاح 22 والعدد 24 -30). "هوذا مسكن الله مع الناس، والله نفسه يكون معهم إلهاً لهم والموت لا يكون فيما بعد ولا حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت (رؤيا يوحنا اللاهوتي الإصحاح 21). "لا نحتاج إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئا لأن مجد الله يكفى وينير" (رؤيا يوحنا اللاهوتي الإصحاح 21). "وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني" (رؤيا يوحنا اللاهوتي الإصحاح 21 والعدد 8).

وفي النهاية أكتب النداء الإلهي الذي قاله يسوع المسيح لكل الناس "هانذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه" (رؤيا يوحنا اللاهوتي الإصحاح 3 والعدد 20). "وليس بأحدٍ غيره الخلاص، لأنه ليس اسما آخر تحت السماء قد أُعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص" (أعمال الرسل لإصحاح 4 والعدد 10-12).

آمين يا رب أشكرك على محبتك وخلاصك ونعمتك لى0 أضع هذه السطور بين يديك وأسألك أن تفتح عيون كل من يُطالع هذه الكلمات حتى يعرفوك  أنك أنت الرب القدير والإله الحق وليس غيرك0آمين0

وإذا كانت لديك أسئلة أو استفسارات برجاء إرسالها على العنوان التالي:

 

 

 

النادي العربي

دعوة لمعرفة يسوع المسيح

A.S.

Postfach 66

A-6854 Dornbirn Messepark

Austria النمـســـا

 

www.arabic-club.de

info@arabic-club.de

 


Up الرسالة الأولى الرسالة الثانية الرسالة الثالثة الرسالة الرابعة

Back Up Next